كلمة المناضل - عدد - جولة أخرى ! فمتى يكون السلام قريباً ....؟؟
ءكلمة المناضل العدد 276 ك2 ـ شباط 1996
جولة أخرى !
فمتى يكون السلام قريباً ....؟؟
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
على الرغم من إعلان رئيس وزراء دولة إسرائيل عن إجراء انتخابات مبكرة وما يمكن أن يحمله هذا القرار من احتمالات خصوصاً فيما يتعلق بمسيرة المفاوضات على المسار السوري ، فقد أعلنت سورية بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة ولقائه مع الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية ، أعلنت قرارها المهم بالاستمرار في عملية المفاوضات بشأن السلام .
فالقرار السوري بما يحمله من أبعاد ينطلق أساساً من أن السلام العادل والدائم هو هدف استراتيجي تسعى له سورية لأنه يشكل قاعدة انطلاق نحو الأهداف النبيلة الكبرى التي تناضل من أجلها ، وسورية تدرك أن عملية السلام لا تتوقف على ما تفرزه الانتخابات الإسرائيلية .
لذا كان قرار استئناف المفاوضات في /28/ شباط في واشنطن ، يدل بصدق على جدية سورية وثباتها على الأهداف التي أعلنتها منذ مؤتمر مدريد ويدل على إيمانها بان السلام العادل هدف سام ، وعلى الأطراف الراغبة فيه الالتزام بمبادئه والإقرار بما تضمنته المبادرة الأميركية التي انطلقت منها عملية السلام .
ربما يكون من اللازم الآن أن نتذكر بعض المعطيات التي انطلق منها مؤتمر مدريد بعد موافقة سورية عليه وان مر زمن على هذه المعطيات لابد أن تكون دائماً في الحسبان ، وبدون ذلك ستتعثر مسيرة السلام وتعجز عن تحقيق هدفها في الوصول إلى السلام العادل والدائم الذي تقبل به جميع الأطراف المعنية ... وأبرزها :
أولاً : أن الولايات المتحدة الأميركية عندما قدمت مبادرتها بإعلان رئيسها السابق جورج بوش " الأرض مقابل السلام " رغبت بأن تكون طرفاً راعياً ومحايداً ، وتهدف بمبادرتها إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وخصوصاً قرارات مجلس الأمن 242 ـ 338 ـ 425 والتي بنيت عليها أسس عملية السلام ، وتعني فيما تعني " الانسحاب الشامل مقابل السلام الكامل " .
ثانياً : عندما تضع الولايات المتحدة الأميركية نفسها راعياً ووسيطاً فمن المفروض أن تكون على مسافة متساوية من طرفي النزاع وهذا ما فهمته سورية من خلال الاتصالات المسبقة والرسائل المتبادلة لكنه وخلال مسيرة التفاوض وتقديم الأفكار والمواقف المختلفة تشعر سورية أن ذاك الوسيط يكون على الأغلب في موقف أقرب إلى الجانب الإسرائيلي منه إلى الجانب العربي السوري .
ثالثاً : لقد قدمت سورية كافة الضمانات وأعلنت مرات عدة عن التزامها بالسلام وبقرارات الأمم المتحدة الصادرة عن مجلس الأمن والهيئات الدولية المتعددة المتعلقة بهذا الخصوص في الوقت الذي لم تقدم فيه إسرائيل تعهداً واحداً بتطبيق أي من تلك القرارات أو الالتزام بها أو الموافقة عليها .
رابعاً : خلال مسيرة التفاوض قدمت سورية إضافات عديدة لتيسير عملية التفاوض وتسهيل عمل الراعي الأميركي في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تضع العراقيل أمام تلك العملية ومتطلباتها ، ومع ذلك تشعر سورية بأن الولايات المتحدة الأميركية تقف مواقف يشوبها العداء ولا تتسم بالعدل والموضوعية وتحاول بين فترة وأخرى أن تزج باسمها في وثائق وبيانات تشير فيها إلى الإرهاب وغير ذلك مما يثير شكوكها في موضوعية ونزاهة الراعي الأميركي .
خامساً : أن مثل هذه المواقف وغيرها من الراعي الأميركي يزيد من تعنت الطرف الإسرائيلي ويشجعه على التنصل من التزامات السلام واستحقاقاته ويفتح شهيته أكثر لابتلاع الأرض والحقوق العربية ، ولا يجد من الوسيط والراعي وصاحب المبادرة أي موقف يشير إلى التمسك بمبادرته أو الدفاع عنها .
سادساً : في مثل هذه الظروف واختلاف المواقف وجدت بعض الأطراف العربية فرصتها في التحلل من التزاماتها القومية تجاه الصراع العربي الصهيوني وبتشجيع ودفع من أطراف متعددة بما فيها الراعي الأميركي ، سارت بحلول وطرق منفردة بحثاً عن الخلاص الشخصي أو السلام القطري إذا صح التعبير في الوقت الذي كان التضامن العربي والالتزام به هو الطريق الأسلم للوصول إلى الخلاص القومي الذي وحده يضمن السلامة الإقليمية لكل قطر عربي .
سابعاً : كان من المقرر أن تكون روسيا أحد الراعيين لعملية السلام لكن الأزمات المتعاقبة التي مرت بها دول الاتحاد السوفياتي وانهياره وما تمر به روسيا في الوقت الحاضر حيث تعيش أزمات لا حدود لها ، أفقدتها القدرة والفعالية على أن تكون أحد راعيي عملية ، السلام مما أتاح المجال أمام الولايات المتحدة الأميركية للتفرد بتلك العملية .
ذلك كله جعل عملية السلام ذات قطبية واحدة وهي بذلك مفتوحة على كل الاحتمالات إلا احتمال واحد : هو أن يكون السلام عادلاً ودائماً يراعي مصالح أطرافه .
ثامناً : نتيجة كل ما تقدم تجد سورية نفسها وحيدة في تعنت إسرائيل ومراوغتها وموقف الولايات الأميركية بعلاقاتها المتميزة مع إسرائيل وما يضمنه التحالف الاستراتيجي بينهما ، ومواقف روسيا المنهكة والضعيفة والمثقلة بمشكلات لا حصر لها، مما يحول بينها وبين ممارسة دورها كأحد راعيي السلام ، ومواقف الدول الأوربية المعزولة بقرار أميركي عن المساهمة أو المساعدة في عملية السلام في الشرق الأوسط.
في مواجهة ذلك كله ليس أمام حزبنا وثورته في القطر العربي السوري إلا الصمود والتأكيد على المبادئ الأساسية التي أعلنها دائماً والتي من دونها لا يمكن لسلام عادل أن يتحقق .
ونؤكد للرفاق وللعالم بأنه مهما طال الوقت وعظمت التضحيات وازدادت المصاعب فان الطريق الوحيد أمامنا ، هو الاستمرار في الوقوف بوجه تلك المخططات ومقاومتها ومن دون ذلك لا يمكن أن يكون لنا ولمبادئنا ورسالة أمتنا حياة في المستقبل .