السفير- الضاحية المقاومة تطلق «خوش آمديد» عالية للضيف الإيراني... و«أبي هادي»
الضاحية المقاومة تطلق «خوش آمديد» عالية للضيف الإيراني... و«أبي هادي»
كلير شكر
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الضاحية الجنوبية. هنا الحدث. «خوش آمديد» مليونيّة. عاصمة المقاومة في حالة استنفار استنثنائية. ضيف «فوق العادة» يحلّ في ربوعها. رجال الانضباط يتوزعون الطرقات الرئيسية والفرعية في المنطقة. الأشرطة الصفراء تزنّر البقعة المرصودة، وتريح مساحاتها من «غول» السيارات.
الإجراءات الأمنية ثابتة في مناسبات «حزب الله»: إقفال كلّ الطرقات المؤدية إلى ملعب «الراية». الرجال «السود» ينتشرون كالفطر في أرجاء الملعب، يتولون التنظيم من «ألفه» إلى «يائه». مواكبة أمنية للإعلاميين عبر السيارات «السوداء». أما متغيّر حدث الأمس، فكانت مشاركة الجيش اللبناني في التغطية الأمنية للحدث، إن لجهة مرافقة الإعلاميين في السيارات، أو مساندة أمن الحزب في الإشراف على اللقاء الجماهيري. وقد رصد وجود عناصر من الجيش على سطوح الأبنية المحيطة بالملعب وأمام مداخله.
منذ الخامسة عصراً، راح الجزء المخصص للنسوة في الملعب، يفقد شيئاً من معالمه، ليلتحف بالسواد، فيما الجزء المخصص للرجال أقلّ حراكاً. حملة الأعلام وصور الإمامين الخميني والخامنئي، يتسلّلون بين الجمهور، لتوزيع «عدّة الشغل» على الحضور.
على وقع أناشيد المقاومة الحماسية، تمدّد البحر البشري بين الكراسي. جمهور «حزب الله» يلبّي النداء، لا يحتاج إلّا لتحديد الموعد والموقع، و«لبيّك نصر الله». حافز إضافي زاد من حماسته في تلك الليلة، ليحتلّ الملعب حبّياً: الرئيس الإيراني سيطّل قبالته بالعين المجرّدة، وهو الذي اعتاد إطلالات «سيّده» من وراء الشاشة. بدا على أهبّة الاستعداد لملاقاة ضيفه العزيز، الآتي من خلف البحار، والذي سبقه دعمه لاعادة بناء ما دمّره العدو الإسرائيلي في تموز 2006.
الأمل بلقاء «السيّد» وجهاً لوجه، لمع في أذهان وقلوب قاصدي الملعب. استنثنائية الحدث قد تسقط المحظورات عن «رجل العمامة»، فيلاقي جمهوره في أرضهم. لذا قد تكون فرصة لا تعوّض، ولا بدّ من استغلالها من دون تردّد... وفجأة، يستسلم الملعب وتسقط حدوده من دون أي مقاومة، أو فوضى لكثرة ما أدمنه قاصدوه والمنظمون.
إنها السادسة والنصف. يعلو الصراخ من الجهة الخلفية للمنصّة الرئيسية، ترتفع الأعلام تهويلاً وسلاماً. تنتقل العدوى إلى الصفوف الأمامية، فتزداد الحماسة وتلتهب الحناجر، ولكن لماذا؟ لا جواب. الضيف لم يطل. قد يكون للانتطار تأثيره الحماسيّ غير المبرّر.
السابعة وخمس دقائق. أحمدي نجاد يخترق الستارة، محاطاً برتل أمني. لم يتخلّف عن موعده. واجه الحضور بسلام هادئ، وألقى التحيّة على عشرات الآلاف من المرحبين بصوت واحد «خوش آمديد». تستوقفه نداءات الجمهور وصيحاتهم الداعية «الموت لإسرائيل»، في رحلته، يكرّر التحية مرفقة بابتسامة خجولة، لا تشبه مواقفه النارية. الشيخ نعيم قاسم أول المستقبلين، وتكرّ من بعده السبحة. يلتقط الجمهور أنفاسه، ليطالب من بعده بـ«أبي هادي». القلوب تخفق رجاء بلقاء «السيّد». الأمل لم ينقطع.
نشيد خاص من فرقة «الولاية» إلى أرض «الولاية». وجه نجاد المبتسم يحاكي كلمات النشيد التي توزّعت بين العربية والفارسية ترحيباً بالضيف. ثم درع تذكاري باسم الأحزاب والشخصيات الوطنية اللبنانية قدّمه كلّ من رئيس الحزب القومي أسعد حردان والوجه الصيداوي الناصري اسامة سعد.
ثم كانت كلمة ترحيبية «من القلب إلى القلب»، ألقاها «المضيف» من خلف الشاشة، على وقع «اجتياح صراخي» للمنطقة. وركزّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في كلمته المقتضبة، على نقطة أساسية مفادها، أن إيران لا تملك مشروعاً خاصاً في المنطقة، تريد من فلسطين ما يريده الشعب الفلسطيني، وتريد من لبنان ما يريده الشعب اللبناني. أما نجاد فبدا مشدودا الى خطاب المقاومة والممانعة في كل المنطقة وقال ان لبنان مدرسة المقاومة والصمود أمام جبابرة هذا العالم، والكيان الصهيوني يتدحرج وليس من قوة قادرة على إنقاذه
ومع انتهاء الاحتفال الجماهيري، كانت كلّ الضاحية قد صارت في ملعب الراية، أو في محيطه.