السفير- واشنطن تقيّد حركة دبلوماسيي سوريا وأردوغان يشبّه الأزمة بالوضع الليبي
الخميس 18-8-2011
واشنطن تقيّد حركة دبلوماسيي سوريا وأردوغان يشبّه الأزمة بالوضع الليبي
الأسد يربط الإصلاح بأولوية الأمن ... والحداثة بـ«الثوابت» حث الحزبيين على إشـراك القواعـد في التعديلات بما يشـمل المـادة 8
زياد حيدر
ربط الرئيس السوري بشار الأسد بين «إحلال الأمن والأمان في البلاد» وتعميق الإصلاحات بحيث «تصبح سوريا مثالا يحتذى به في المنطقة» وفق ما جاء خلال حديثه أمام 530 عضوا من قيادات وكوادر حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم أمس، وذلك في ما يشبه المؤتمر القطري المصغر وفق وصف مشاركين قالوا لـ«السفير» إن القيادة السورية استمعت إلى آرائهم بشأن موضوع التعديلات الدستورية ولا سيما المادة الثامنة من الدستور التي تمنح الحزب الحاكم السلطة المطلقة في الدولة.
وطالب الأسد المجتمعين بالعودة للقواعد الحزبية لاستمزاج آرائها بشأن هذه الإصلاحات، مؤكدا أن الإصلاح في سوريا «نابع من قناعة ونبض السوريين وليس استجابة لأي ضغوط خارجية». ورأى العديد من المشاركين أن اللقاء يهدف لـ«شرعنة أي قرارات أو تعديلات تجري حزبيا وضمن إطار المؤسسة الحزبية» وإن لم تشر المصادر إلى «الآلية التي يمكن أن يتم اتباعها لتعميق الإصلاحات الدستورية». كما أكد الأسد خلال اللقاء أن «سوريا ستبقى قوية مقاومة ولم ولن تتنازل عن كرامتها وسيادتها».
ورأى الأسد أن «استهداف» سوريا «اليوم مشابه تماماً لما حصل في العامين 2003 و2005 عبر طرق مختلفة في محاولة لإضعاف دورها العروبي المقاوم والمدافع عن الحقوق المشروعة».
في المقابل، واصلت تركيا نهجها التصعيدي في انتقادها لدمشق، وشبه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الموقف في سوريا بالوضع في ليبيا، فيما دعا وزير الخارجية التركي مجددا لوقف العمليات العسكرية والأمنية ضد المتظاهرين، مستبعدا في الوقت نفسه تدخلا أجنبيا في سوريا، ومجددا نفي اتجاه تركيا نحو إقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا.
أما ميدانيا، فقتل عشرة اشخاص برصاص الامن السوري بحسب ما قال ناشطون لوكالة «فرانس برس» فيما شنت قوات الامن حملة مداهمات واعتقالات في عدة مدن سورية. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان مواطنا قتل في قرية ابديتا في جبل الزاوية في ريف ادلب حيث كانت القوات السورية «تنفذ عمليات عسكرية وأمنية». وفي حمص، قال المصدر ان ثلاثة أشخاص قتلوا احدهم برصاص قناص في حي الارمن، وآخر في حي النازحين حيث اصيب ثلاثة اشخاص بجروح، وثالث في دير بعلبة. وأضاف عبد الرحمن ان 100 شخص اعتقلوا في حمص منهم 40 في حي الخالدية وحده. وفي اللاذقية، توفيت في حي القلعة سيدة متأثرة بجراح اصيبت بها الاثنين الماضي. ونقل عن ناشط قوله بوجود جثامين لثلاثة شهداء في مستشفى المدينة لم يتسن الحصول على أسمائهم. وقالت وكالة الأنباء السورية إن الأجهزة المختصة ضبطت «الليلة الماضية سيارتين محملتين بكميات كبيرة من الأسلحة من خارج سوريا في الشمال الغربي من محافظة حماة» وقالت إن السيارة كانت «متوجهة إلى المجموعات الارهابية المسلحة لاستكمال المخططات الإجرامية التي تقوم بها هذه المجموعات بحق أمن سوريا واستقرارها». وذلك من دون الإشارة إلى أية منطقة.
واحتوت السيارتان وأحداهما شاحنة من نوع «كيا» تحمل لوحة من محافظة إدلب والثانية سياحية نوع «كيا» أيضا تحمل لوحة من محافظة حماه على 160 بندقية آلية حديثة الصنع ومتطورة إضافة إلى قطع غيار أسلحة. وضبطت السيارتان على أحد الطرق المؤدية إلى سهل الغاب حيث تم إخفاء الأسلحة المهربة ببالات وأكياس بعد تغليفها ووضعها تحت غطاء من القصب العشبي. وتم إلقاء القبض على سائقي السيارتين ومرافقيهم والتحقيقات مستمرة لمعرفة خيوط هذه العملية. وأظهر التلفزيون السوري المعتقلين كما الأسلحة في وضعية المصادرة، وتبين أن معظمها من البنادق النصف آلية المعروفة بـ«البمب أكشن».
لقاء اللجنة المركزية
وكان الرئيس الأسد التقى ظهر أمس أعضاء اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي وعدداً من الكوادر الحزبية في المحافظات وممثلي المنظمات والنقابات الشعبية في البلاد.
وذكرت «سانا» أن اللقاء تناول «الخطوات والقرارات التي اتخذت في الفترة الأخيرة على طريق بناء سوريا الحديثة من جهة والقوية بحفاظها على ثوابتها الوطنية والقومية واستقلالية قرارها من جهة أخرى وجرى تبادل الآراء حول أفضل السبل لتفعيل دور المنظمات والنقابات الشعبية والكوادر الحزبية في استكمال تنفيذ هذه الخطوات والقرارات».
وأكد الرئيس الأسد «أن النهوض بدور المنظمات والنقابات الشعبية والكوادر الحزبية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تحمل الجميع مسؤولياتهم بما يمكنهم من العمل بفاعلية ومواصلة الحوار مع القواعد وجميع فئات المجتمع بشأن المراسيم والقوانين التي أقرت وخطواتها التنفيذية وإشراكهم مشاركة حقيقية في بناء مستقبل سوريا».
وجرى التأكيد على أهمية إشراك مختلف شرائح المجتمع على تنوعها وعلى جميع المستويات في ما يخص ما طرحه الرئيس الأسد في خطابه في جامعة دمشق في 20 حزيران الماضي «بخصوص النظر في الدستور وصولاً إلى تحقيق ما يهدف إليه المواطن السوري بجعل سوريا نموذجا يحتذى به في المنطقة وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون إعادة الأمن والأمان إلى المواطن السوري والقضاء على المظاهر المسلحة بكافة أشكالها».
ودار الحديث في اللقاء وفق معلومات «السفير» في أغلبه حول المادة الثامنة من الدستور التي تنص على قيادة الحزب للدولة والمجتمع. ولاحظت المصادر أن هنالك ما يشبه الإجماع على إجراء تعديلات دستورية في إطار تعديل المادة الثامنة، وأن اللقاء جرى بهدف إجراء استمزاج رأي مع الكوادر الحزبية بشأن التعديلات الدستورية المرتقبة. وحضر اللقاء 530 شخصا بينهم وزراء من حزب البعث وأمناء فروع وشُعب وأعضاء قيادة مركزية للحزب ورؤساء منظمات. ورأى بعض المشاركين أن اللقاء الذي لم يتجاوز الساعات الثلاث كان أشبه بمؤتمر قطري مصغر، وأنه يستطيع تأمين «شرعية لأي قرارات تصدر بشأن التعديلات الدستورية المرتقبة».
وقالت المصادر إن الكثير من المداخلين ركزوا على الأحداث الأخيرة وضرورة صيانة الوحدة والوطنية والتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد كأولوية، ولا سيما من تحدث من مناطق شهدت توترات طائفية كما في حمص. وتم خلال الاجتماع اقتراح موعد للموتمر القطري لحزب البعث خلال شهر أيلول المقبل يتم فيه إقرار موافقة الحزب على التعديلات الدستورية.
وقد نقلت «سانا» عن الرئيس الأسد إشارته إلى أن «الإصلاح في سوريا نابع من قناعة ونبض السوريين وليس استجابة لأي ضغوط خارجية» وأن «سوريا ستبقى قوية مقاومة ولم ولن تتنازل عن كرامتها وسيادتها.. واستهدافها اليوم مشابه تماماً لما حصل في العامين 2003 و2005 عبر طرق مختلفة في محاولة لإضعاف دورها العروبي المقاوم والمدافع عن الحقوق المشروعة مؤكداً أن الشعب السوري بثوابته القومية والوطنية تمكن عبر السنين من الحفاظ على موقع سوريا وتحصينها وحمايتها وسيبقى كذلك دائماً مهما تصاعدت الضغوط الخارجية».
الموقف التركي
وقال أردوغان للصحافيين في اسطنبول «فعلنا ما بوسعنا بشأن ليبيا لكننا لم نستطع تحقيق اي نتائج. لذا فقد اصبح الموضوع مسألة دولية الآن. لم يحقق القذافي آمالنا والنتيجة كانت واضحة». وأضاف «والآن يحدث الموقف نفسه في سوريا. لقد ارسلت وزير خارجيتي واتصلت شخصيا مرات عدة كان آخرها قبل نحو ثلاثة ايام عبر الهاتف. ورغم كل ذلك ما زال المدنيون يقتلون».
من جهته، قال داود اوغلو في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني ناصر جودة «يجب أن تتوقف اراقة الدماء أولا وقبل كل شيء. يجب أن تتوقف العمليات العسكرية». واستطرد «إذا استمرت العمليات في سوريا وأصبحت مشكلة إقليمية فمن الطبيعي ألا تبقى تركيا بلا حراك. لكنه استبعد تدخلا دوليا في سوريا. وأجاب ردا على تقرير اخباري يفيد بأن تركيا قد تقيم منطقة عازلة على طول حدودها مع سوريا قائلا «نتحدث عن حدود ممتدة لمسافة 900 كيلومتر. لا يمكننا الحديث عن مثل هذا التطور في الوقت الحالي». وأبدى جودة كذلك قلقه إزاء الوضع في سوريا قائلا إنه «سيواصل التشاور مع تركيا حتى تتوقف إراقة الدماء والعنف والقتل».
وذكرت وسائل إعلام تركية أن الحكومة التركية تعتزم مناقشة فرض عقوبات على النظام السوري وخفض الاتصالات الدبلوماسية بسبب استمرار دمشق في التصدي لمعارضي النظام من دون اكتراث للمناشدات التركية بوقف العنف ومحاولات الوساطة. وذكرت صحف تركية أن أنقرة تدرس عزل نظام الأسد دوليا وسحب السفير التركي من دمشق. وأضافت التقارير أن الحكومة التركية تدرس أيضا إمكانية تعليق التعاون العسكري مع سوريا وفرض قيود على النقل بين البلدين وتجميد ممتلكات عائلة الأسد في تركيا.
خطوات دولية وعربية
وتوجهت الدول الغربية بطلب إلى مجلس الأمن لعقد جلسة خاصة حول سوريا لمجلس حقوق الإنسان الإثنين المقبل. وقال دبلوماسي ان اكثر من 20 دولة وقعت على الطلب من بينها دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة، وهو ما يزيد على الثلث الضروري لعقد جلسة خاصة للمجلس الذي يضم 47 عضوا. وأضاف الدبلوماسي ان معظم الدول العربية الاعضاء في المجلس: الاردن، الكويت، السعودية، قطر، وقعت على الطلب. وقال الدبلوماسي ان الجلسة الخاصة ستهدف الى إدانة الاعمال التي تقوم بها سوريا وتدعو الى التحقيق في حملة القمع الدموية التي تشنها ضد المتظاهرين كما حدث في جلسة خاصة سابقة عقدت في 29 نيسان الماضي.
من جهته، يعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا خاصا اليوم لبحث حقوق الانسان والوضع الانساني الطارئ في سوريا، بمشاركة المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي. وقال دبلوماسي «علينا مواصلة الضغط بسبب تدهور الوضع» في سوريا مشيرا الى ان «جميع دول الاتحاد الاوروبي وبعض الدول العربية منها الكويت على توافق».
وفرضت الإدارة الأميركية على الدبلوماسيين السوريين طلب الحصول على إذن قبل مغادرة واشنطن إلى مناطق أخرى، وذلك ردا على إجراء مماثل فرضته السلطات السورية على الدبلوماسيين الأميركيين في دمشق. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قوله إن القيود على حركة الدبلوماسيين السوريين سترفع حين ترفع عن الدبلوماسيين الأميركيين في سوريا. وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة «تعارض وتحتج بشدة على فرض الحكومة السورية هذه القيود». وبموجب القرار الأميركي يتعين على الدبلوماسيين السوريين التقدم بطلب إذن مكتوب لمغادرة واشنطن قبل 7 أيام عمل من رحلتهم. ويعمل 16 دبلوماسياً معتمداً في السفارة السورية بواشنطن.
من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية في تونس انها استدعت سفيرها لدى دمشق للتشاور بسبب ما وصفته بأنه تطورات خطيرة بعد ان وسع الرئيس السوري الهجمات العسكرية على مدن فيها احتجاجات.
إلى ذلك، رفض البنك التجاري اللبناني السوري الاتهامات الاميركية له بعقد صفقات مع ايران وكوريا الشمالية، معتبرا انها «ادعاءات سياسية» و«لا اساس لها من الصحة». وأكد المصرف في بيان انه «منذ تأسيس مؤسستنا لم نتعامل مع اي كيان ايراني او كوري شمالي حتى في القطاعات التي لم تطبق عليها اي عقوبات». وأضاف «ندحض كافة الاتهامات بالتورط في اي نشاط غير شرعي قدم يوما خدمات مالية لكيانات كورية شمالية او ايرانية حتى قبل فرض العقوبات».
وأكد المصرف انه «كيان لبناني يخضع بالكامل لرقابة مصرف لبنان المركزي وسلطاته التنفيذية» ويتعامل مع المصرف التجاري السوري «المؤسسة الأم كأي مؤسسة مالية اجنبية اخرى». وتابع ان «هذه العلاقات الثنائية تخضع للمراقبة الدقيقة والواضحة من قبل الجهات الرقابية في الدولتين لذلك فإننا واثقون من ان احدا لا يمكنه توجيه اي ادعاء او دليل بوجود اعمال غير شرعية في مؤسستنا».
واستبعد السفير الاميركي لدى الجزائر هنري سي. انشر تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في سوريا. وقال انشر في حوار مع صحيفة «الشروق اليومي» الجزائرية «لا أرى أي إمكانية لتدخل قوات الناتو في سوريا في ظل الظروف الحالية». وأضاف «لا أتحدث كمتحدث رسمي باسم حلف الناتو، لكن كسفير أميركي، نحن نقرر بشأن كل قضية حسب الظروف المحيطة بها، وحتى إن كان لنا مصالح في العراق وأفغانستان أو حتى ليبيا، فليس لذلك علاقة، فالقرار قرار الرئيس وقرار ثان للبلد المعني فنحن نعتبر الظروف والأوضاع في أي بلد هي التي تقتضي التدخل قبل اتخاذ القرار، لكن عندما نتدخل في بلد معين، فهذا لا يعني أن هناك مانعا للتدخل الضروري في بلد آخر».
المصدر: السفير