صلاح الدين الأيوبي: والتُراث المُصادر- د. إبراهيم بيضون
التاريخ في 8 نيسان 1993
استضاف المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، أول من أمس، في قاعة محاضراته، الدكتور إبراهيم بيضون أستاذ التاريخ الوسيط في الجامعة اللبنانية، في محاضرة بعنوان "صلاح الدين الأيوبي: والتُراث المُصادر". وقد قدّم للمحاضرة وأدار الجلسة الدكتور فهمي سعد وعقّب عليها الدكتور محمد غندور، بحضور حشد كبير من الفاعليات والهيئات الثقافية والتربوية والطالبية وأساتذة الجامعة اللبنانية وأساتذة التاريخ في مدارس الجنوب.
وفي كلمة التقديم، أشار الدكتور فهمي سعد إلى أهمية صلاح الدين من الناحية التاريخية إلى، أولاً، ظهوره في مرحلة عصيبة، مرحلة المدّ الأوروبي باتجاه الشرق الإسلامي الذي كان يعاني من التمزق الداخلي. والأهمية الثانية تعود إلى أن معارف الغرب عن العرب والمسلمين تعمقت واتخذت منحى فيه القليل من العداء. وقال: "ومع أن الآلاف من الأوراق قد جدّت في سيرة صلاح الدين، لكن دراسته لا تزال تصب في قناتين: إحداهما ترسم له صورة أسطورية أحياناً، وأخرى تحاول النيل منه. وأصحاب الرأي الذي يميل إلى الفض من انجازاته، جهدوا في إضفاء الطابع العلمي على ملاحظاتهم. لكن الباحث والمؤرخ المحايد سرعان ما يكتشف أغراضاً ذاتية بعيدة المرامي.
واستهلّ المحاضر الدكتور بيضون كلمته برسم صورة وتحديد ملامح شخصية صلاح الدين، وقال: "إذا كانت السلطة بنظر بعض المؤرخين هي مشروع صلاح الدين، فإنه، وبدون التوقف عند حوافزه الخاصة وصدقية منطلقاته، كان رائد الوحدة السياسية الفعلية بين الشام ومصر… وصانعها الحقيقي. وبناء على هذه الوحدة أصبح صلاح الدين أمام ألوية أساسية وهي الجهاد ضد الصليبين وفتح باب الحرب على نطاق واسع". واستطرد الدكتور بيضون قائلاً: "وكان صلاح الدين، إضافة إلى بُعد نظره في السياسية وقدرته الفائقة على المناورة، قائداً عسكرياً ينطوي على موهبة فذّة وتجربة غنية. فقد أدرك أن ساحة الصراع مع الصليبيين ليست محصورة بالشام فقط، وإنما كان عليه أن يكون على يقظة إزاء "أطماعهم في مصر التي ما انفكت هدفاً حيوياً لهم لحماية مواقعهم في الشام؟
وفي تعقيبه، استعرض الدكتور محمد غندور إحداث فترة الاختراق الصليبي لبلاد الشام وتخاذل الخلافة العباسية وعدم تمكنها من أي دور جدي إزاء سقوط بيت المقدس تحت قبضة الصليبيين. والخلافة الإسلامية الفاطمية في مصر لم يعد لها من أهمية تذكر سوى اللقب… وهكذا آلت حتمية التحولات إلى قيام الدولة العسكرية المحاربة كبديل مناسب…