تاريخ نشوء وتطور الحزب الشيوعي -الياس عبدالله الشما
مقابلة مع
السيد الياس عبدالله الشما
تاريخ المقابلة: 25 آذار 1994
المـوضـوع : تاريخ نشوء وتطور الحزب الشيوعي
في الجنوب اللبناني
قام بالمقابلـة : سكنـه حيـدر
* * *
بطاقـة هُويـة
الاسـم الكـامـل: الياس عبد الله الشما
الوضع الاجتماعي: متزوج وعندي ثلاث صبايا
المهـنــــة : متقاعد حالياً، كنت في السابق معلم بناء (الطوبارة) عندما كنت في البلدة، وإنماعندما انتقلت إلى صيدا وقتها كان عندي إلماماً بمهنة التمريض، فتوظفت في مستشفى الحكومي وأصبحت موظفاً إلى أن انتهيت حالياً وأصبحت متقاعداً.
أنا من ضيعة أو قرية دير ميماس.
* ماهي العوامل التي أدّت إلى انتسابك إلى منظمة الحزب في الجنوب؟
العوامل التي أدت إلى انتسابي لمنظمة الحزب هي:
الوضع الاقطاعي الذي كان سائداً في منطقة مرجعيون خاصة عندنا في القرية، اقطاعيين لهم تاريخ من آل عودة، كانوا مستبدين بالفلاحين والناس وأنا كنت من جماعة الفلاحين الموجودين عندهم، إلى أن كنت في عمر ما بين 12 و14 سنة ، أراد والدي أن يرسلني للتعلم في بيروت مهنة التجارة، وإثر تعلمي هناك درست أشياء عن الحزب الشيوعي اللبناني، إثر ذلك دخلت وانتسبت للحزب سنة 1942 و1943 وباشرت من هناك (بيروت)، انطلقت من ثم صعدت وعدت إلى البلدة وأصبحت أجمع الشباب حولي وصرت أعمل وأشتغل على أساس الانتقال من الحياة الإقطاعية للحياة الرأسمالية ومن ثم للحياة الاشتراكية، كنا على ضوء هذا البرنامج وضعنا خط لنا واشتغلنا عليه.
ومن الأشخاص الذين كانوا معي في تلك الفترة، كان هناك عدة أشخاص وسابقاً كان يوجد رجال كبار إنما يتحدثون أحاديث فقط غير مرتبطين بالحزب، إنما عندما أتينا نحن الشباب وارتبطنا وانتسبنا بمنظمة الحزب وقتها كانت المنظمة عمل علني، وكنا نطالب بالاستقلال. وفي حينها كنا (نروض) ونهتف للمير مجيد مع أننا شيوعيين.
تحديد تاريخ نشوء المنظمة؟
نشأت المنظمة سنة 1941
* ما هي أبرز النشاطات التي قمتم بها آنذاك؟
من أبرز ما قمنا به آنذاك المطالبة بشق الطرقات وبإنشاء مصانع بالأرياف حتى لا تهجر الناس القرية إلى المدينة، المطالبة بحياة اجتماعية يرتقي بها الإنسان، كتأمين المدارس، هناك حادثة طريفة بتلك الأوقات، حادثة مدرسة دير ميماس، نجمع الأولاد من المدارس الخاصة لنثبت أنه في مدرسة حكومية فيها طلاب حتى يقرّوا لنا، في حين كان أحمد الأسعد يقول للفقراء أنا أعلم كامل يكفي وليش بدكم تتعلموا وكأنكم أنتم تعلمتم. هذه الحادثة قديمة وفعلاً بالأساس بدير ميماس البلدة التي كان فيها ثقافة في منطقة مرجعيون أكثر من أي بلد آخر. لأنها كانت مبنية على الإرساليات الأميركية والروسية هذا قبل تشكل الاتحاد السوفياتي.
إذن دير ميماس البلدة الأكثر علماً وثقافةً من البلدان في منطقة مرجعيون المحيطة بها من عدة سنوات فيها الأطباء والمثقفين.
* ما هو العدد التقريبي لأعضاء منظمة دير ميماس؟
في بداية تأسيس المنظمة كان الحزب بالعهد العلني، في حينها وصل عدد أعضاء المنظمة أو حاولنا جمع أكثرية شباب وأبناء القريـة أي كنا القوة الضاربة فكان عدد أعضاء منظمتنا بحدود 40 و50 عضو.
* هل كان لكم علاقات واتصالات مع مناطق أخرى في الجنوب؟
نعم، كان لنا علاقات بمنطقة مرجعيون حتى علاقتنا امتدت إلى بيروت، وفي الجنوب انطلقت منظمة دير ميماس إلى حولا والطيبة واستطعنا وجود منظمة في حولا لأنه لم يكن موجود آنذاك منظمات إنما وجدت هذه المنظمة عن طريق شخص اسمه إبراهيم أيوب.
* ما هو الانتماء الاجتماعي لكوادر المنظمة؟
أكثرية أعضاء المنظمـة من العمال إنما استطعنا الاتصال مع الطلاب خاصة عندما فتحنا واتصلنا بالقرى الأخرى كان يتم اتصالنـا بهم عن طريق الطلاب والذين يتلقوا تعليمهم في النبطيـة.
* ما هي مشاكل الحزب التنظمية محلياً ومركزياً؟
بالنسبة للمشاكل لم نعاني كثيراً لأننا كنا كمنطقة تقريباً مستقلة عن المناطق الأخرى… القضايا المادية كانت مستقلة ومادية وتمويل المنظمة تبقى محصورة داخلها لم تنتقل إلى بيروت إذن لم نعتمد على الخارج إنما التمويل ذاتي.
* برأيك ما هي المناطق الأكثر انتشاراً في الجنوب؟
المناطق الأكثر انتشاراً هي: إبل، إبل السقي، منطقة مرجعيون، حاصبيا، راشيا الفخار، كفرشوبا. وقد تُمّ اتصالي بكفرشوبا عام 1958 وكان اتصالي بأحد أعضاء المنظمة الذين كانوا في كفرشوبا. كذلك في الحربة التي تسمى اليوم برج الملوك. البلدة التي لا توجد منظمة فيها هي القليعة بسبب انكبابهم على ذاتهم ولديهم تعصب طائفي ماروني متشدد. إنما استطعنا بالنهاية وجود شخص من آل ضاهر هذا كان بأبلح وأتى من أبلح وفتح دكان في القليعة وتمّ الاتصال به وشكلت منظمة بقلب القليعة كانت منظمة منضبطة كثيراً ونشيطة.
* هل نستطيع القول أن الحزب أقل انتشاراً بين الموارنة؟
نعم، كان انتشار الحزب أقل بين الموارنة والأكثر بين الأرثوذكس والكاثوليك، أذكر حادثة ينعتونا بالملحدين حتى أنه عندما نذهب إلى الكنيسة للصلاة لا يثقوا بنا وننعت بصفة الالحاد (الملحدين)، حتى صار بيننا نقاشات داخل الكنيسة ويطلع خوارنة وإرساليات بأبوية تهاجم الشيوعية.
كان يحدث ونعمل نقاشات بيننا والخوري مما أدّى إلى صدام بين جماعة الخوري ونحن واختلفنا داخل الكنيسة.
* هل كنتم تشهرون الحادكم (أنكم ملحدين)؟ ولماذا هذا العداء إذاً؟
النقاش ثم داخل الكنيسة على طريقة المسيح، هم يبشروا بالمسيح والمسيحية، والمسيح ليس كما يفكرون على طريقتهم الخاصة. طريقة المسيح إذا أرادوا تطبيقها يعني "بيكونوا" اشتراكية قبل غيرهم، لأن المسيحية عاشت مئتين سنة ضمن حياة اشتراكية أنا حسب اطلاعي على القصة، كانت المسيحية بجو اشتراكي اجتماعي. لأنه كما قال لهم لا تحملوا زيت، أينما وجدتم تلاقوا من يطعمكم، تلاقوا من يطعمكم ويعلمهم، ثم بعد ذلك قال لهم: دخول الجمل في ثقب الإبرة أهون من دخول الغني ملكوت الله. لأنه لا يستطيع الإنسان عبادة ربين ألله والمال، أشياء كثيرة يتم مناقشتها داخل الكنيسة ضمن الدين لكنهم استمروا في محاربتنا.
* هل تخلّى البعض من أعضاء الحزب عن أفكاره؟…
في الحزب لم يترك أحداً من أعضائه خاصة العضو الداخل عن قناعة فيه ـ خاصة القدامى في الحزب.. إنما الذين تخلوا وتركوا هم حديثي الانتساب والذين هم نفعيين انتسبوا للحزب وفق مصالح خاصة إنما الذي كان قبلاً قديماً في الحزب والذي انتسب للحزب وفق قناعاته يعمل ضمن قناعة كلية بالأفكار والمبادئ الماركسية ـ حسب الطرق الثقافية التي كان يتثقفها الشيوعي… لم يستطع ترك الحزب، خاصة الجيل الكبير مقتنع بالحزب كلياً.
أقول حتى الآن، لو تفكك الاتحاد السوفياتي الذي كان موجود لا بدّ منه في يوم من الأيام، حتى لو ذهب وولى الناس الذين كانوا يفكروا به، لا يوجد فلسفة غير الفلسفة الماركسية التي تحافظ على حق العامل المغبون في حياته.
* ما هو دور المرأة في منظمة الحزب في دير ميماس؟
قبل الخمسينات كان في دعوة للنساء لتعمل إنما في الخمسينات ثم تأسيس لجنة حقوق المرأة وكانت ماري باشا وماري الحلو وعندنا في دير ميماس مؤلفة من 5 أو 6 بنات وقتها حبست منهن ومنها أم لولا عبود واسمها جورجيت مرقص وجولييت مرقص إذاً كان عندنا عدة نساء مؤلفين لجنة وعاملين اتصالات بنساء جبل عامل خاصة ما أذكره وقت قرار ستوكهولم في سبيل سلم دائم، كنا نقوم بجولات لتوقع الناس على نداء ستوكهولم في سبيل سلم دائم، ونقوم ونذهب بلجنة شباب ولجنة نساء، لأن في جبل عامل لا يستطيع الرجل الدخول إلى المرأة أو النساء… لذلك نضطر أخذ نساء حتى يستطعن الدخول إلى النسوة… والرجال تدخل إلى الرجال… حتى في منطقة حاصبيا والكفير وعين عطا وعين حرش كان يتم الاتصال بهم…
* ما هو دوركم في الانتخابات العامة؟ النيابية ـ البلدية ـ المخاتير..
بانتخابات البلدية شددنا كثيراً على البلدية للدور الفعال الذي تلعبه في القرية، فاستطعنا وجود بلدية في القرية كذلك في القرى الأخرى والمحيطة، استطاع الشيوعيون.. وساعدوا على وجود البلدية، لأن البلدية تلعب دوراً مهماً في الاصلاح يتم عن طريقها ويجب أن يكون وجود لنا في البلدية، استطعنا الدخول بعدة مجالس بلدية ومنها حولا التي كانت بلديتها بأيدي الشيوعيين كذلك دير ميماس وبمرجعيون كان لنا أعضاء وفي بلدية إبل السقي كان الرئيس لنا، مما كان لنا دور فعّال في كل البلديات الموجودة.. وكان لنا دور في انتخابات المخترة التي نعمل المستحيلات حتى يكون لنا وجود مختار في القرية… ومن غير الضروري أن يكون شيوعي إنما متعاطف معنا غير محارب وعدو لنا. لأن المختار يلعب دور فعال في البلد…
في دير ميماس المختار لم يكن شيوعي إنما أولاده وزوجته لذلك فضلنا أن يكون المختار صديق نعطيه كل الأعضاء بالتفاوض بس يعطونا المختار، لهذا السبب رشحنا ما بين 1952 و1953… وأخذنا 8 أصوات من أصل البلد كلها ولم نتراجع حتى يكون المختار بالرغم من أنه كان لنا عضوية بالمجلس الاختياري، إنما المختار لم نستطع أن يكون لنا…
* لماذا التركيز على دور المختار؟
المختار يلعب دور كبير ومهم في الدولة، لذلك ركزنا عليه.. لأنه حتى نستطيع حماية أنفسنا: أي كبسة على البيت أي محاولة من قِبَل السلطة، كان ممنوع دخول أي عسكري إلاّ بوجود المختار، لذلك إذا كان المختار متعاطف يستطيع توقيف العسكرية أو يرسل خبر للإنسان المطلوب ليهيء نفسه قبل وصول العسكر له حتى يستطيع الخروج أو أن يحيد من الطريق هذا إذا كان المختار"آدمي" ومتعاطف معنا..
لذلك بعد الانتخابات فاز مختار متعاطف معنا.. وكان نتيجة تناحر العائلتين بالقرية على المخترة وهما عودة وحوراني كل عائلة رشحت مختار، فضلنا نحن الشيوعيون أن نكون على حياد ونرشح مختار إذاً ترشح للمخترة ثلاث مخاتير وكان لنا مرشح حتى لا نلتحق بأحد منهما بالرغم من أن كل منهما دخل لنا عضويته حتى يربحونا ولم نتراجع وفي النهاية فاز مختار جيد وسار بخط جيد، لا يعطي أي خبر للدولة بدون إعطاء علم لنا خاصة عند تلزيق بيان أو توزيع منشور أو كتابة على الحيطان خاصة في يوم عيد العمال وعيد ثورة أكتوبر، يعطينا علم بأنه سيعطي علم للدولة قبل إخباره، يخبرنا بذلك ويحذرنا لأنه إذا لم يخبر المختار الدولة بذلك هناك الكثير غيره سيخبر الدولة وتقع عليه الملامة مما يضطر لفعل ذلك لأن يبلغ الدولة أنه صار في كتابه بدير ميماس ومين وراء هذه القصة.
* هل كنتم ملاحقين من قِبَل الدولة؟
نعم، دائماً ملاحقين من الدولة دائماً في عيد الثورة وعيد العمال أول أيار ونفتخر بهذا العيد لأن العمال هم من أجبروا الدولة على الاعتراف والاحتفال به. لأنه العيد الوحيد الذي انتفضت به الطبقة العاملة وكان في أميركا ـ شيكاغو… عملت إثبات وجود بأن العمال قوة فاعلة ومؤثرة موجودة في كل العالم…
* دوركم في الانتخابات النيابية؟
بقينا فترة من الزمن لم نشارك في الانتخابات النيابية، وجدنا أن عدم مشاركتنا بالانتخابات خطأ كبير فباشرنا ذلك في الخمسينات وجدنا أنه علينا ترشيح إنسان شيوعي.. رشحنا نقولا شاوي وأنطون ثابت هؤلاء كانوا في بيروت.. صوتنا لهم في كل المناطق اللبنانية. معنا الحرية أن نضع الورقة التي نريدها، مع المطالبة أن يكون لبنان دائرة واحدة حتى يترشح إنسان عن كل لبنان ويكون هناك إمكانية للنجاح من هو المرشح في منطقة مرجعيون؟
رشحنا حبيب صادق عام 1968 ومرشح آخر في النبطية عادل الصباح وآخر اسمه أحمد جابر كنا ننوي ترشيحه عن النبطية وإبراهيم المعلم لم يستمر كثيراً بسبب الالتباسات التي جرت حوله… وأحمد مراد ترشح عن الحزب عام 1972…
حبيب صادق انتسب للحزب عام 1949 أو 1950 في الخمسينات وكان حبيب صادق من الأساتذة البارزين في منطقة النبطية ومن الملتزمين بالمعنى الصحيح بالحزب… ترك الحزب بسبـب، لأن أبيه شيخ وأخيه الشيخ محمد تقـي كذلك ابن الشيخ محمد تقي كان في الحزب ولعب دوراً فيـه…
* من الظاهر علاقتكم في النبطية كانت قوية؟
علاقتنا مع منطقة النبطية كانت قوية ومن ثم انفصلنا وصارت كل منطقة مستقلة، نستطيع القول بأن منظمة مرجعيون كانت الأقوى قديماً بالعهد العلني… وعندما انتقلت من العهد العلني للعهد السري قويت منظمة النبطية ومن ثم بالعهد العلني كان ينطلق حوالي عشر باصات عند أي مهرجان. أذكر مهرجان حدث في مرجعيون انطلق من النبطية حوالي 10 باصات.. في هذا المهرجان كان الخطباء هم المطران بولس الخوري والدكتور شكر الله كرم والمحامي ماير مسعد وسلام الراسي وهم من منطقة مرجعيون هم من المثقفين والمتعلمين.
* لمن هو الدور الأكبر في منطقة مرجعيون للمتعلمين أم للعمال؟
للمتعلمين والمثقفين دور كبير في منطقة مرجعيون إنما للعمال دورٌ.. مثلاً أنت لا تستطيع أن ترسل عامل ليفاوض مثقف، مثلاً ماير مسعد لا يستطيع عامل أن يفاوضه.. إلاّ ويكون مثقف يفاوض مثقف آخر، إنما كانت أسمين، اسم العمال واسم المثقفين.
إنما العمال مشتركين في كل القصص..وكان لهم دور في منطقة مرجعيون.
* هل نعتبر القيادة من المثقفين والأعضاء من العمال؟..
مثلاً، مجلى الشماس من العمال هو غير مثقف ثقافة عالية، إنما مثقف ثقافة حزبية ومن ثقافته الحزبية انطلق وأصبح في القيادة كذلك على العبد من حولا إنسان عامل كادح، وأبو إبراهيم (خليل قوصان) إنما متى أتوا إلى الحزب؟ هؤلاء بمرحلة لاحقة.
* علي العبد عيّن في الحزب، هل اتبعوا قواعد التنظيم الداخلي الصحيحة بذلك؟
كان بطبيعة الحال من المكتب السياسي يروا من هو أنشط إنسان في المنطقة حتى يستطيع الانتقال والعمل وتوجيهه وعندما جرت الانتخابات أذكر أن علي العبد أشرف مرة على سقوط جورج حاوي وما استطاع أن يكون أمين عام الحزب…
رأي: بالحزب حالياً أراهن أن هذه المرحلة قاسية حعتى نثبت من سيبقى مثابر على العمل ومن يهرب، في المرحلة الماضية كانت هناك دول داعمة لنا. أما الآن فالمرحلة صعبة ولكن أفضل لأنه أصبحنا متكلين على أنفسنا ولم نعد متكلين على الخارج، لنرى مصلحة بلدنا وشعبنا… كان سلام الراسي وقال لي مرة: كنا نعقد اجتماعات علنية عندما ننتقل للعهد السري، الغربال سيغربل الجيد وغير الجيد… عندما انتقلنا إلى العهد السري بعد عام 1948 عندما لوحقت قيادة الحزب واعتقلت في بعلبك من أجل موقف الاتحاد السوفياتي من القضية الفلسطينية…
* هل كان لموقف الاتحاد السوفياتي من القضية الفلسطينية من تأثير عليكم؟
بعد اتخاذ الاتحاد السوفياتي موقفه من القضية الفلسطينية اتخذ الحزب موقف مؤيد له ونحن في منظمتنا أيدنا موقف الاتحاد السوفياتي، وقد جرت نقاشات حول ذلك الموضوع والموقف، لكن هناك موقف كنا ننظر له بأن الشعب اليهودي شعب لم يكن مغتصب أرضنا وهو كأي شعب طموح ليكون له دولة ديمقراطية، اليهودي له حق العيش كذلك المسيحي والمسلم.. ولو بقي التقسيم كما وافق عليه الاتحاد السوفياتي لكان ذلك من صالح العرب…
التقسيم اطلعت على خريطة بريدوت عندما أتى وضع خريطة لتفسيم فلسطين، لكن اليهود قتلوه. كيف تُقسم فلسطين، منطقة الحولا عربية وطبريا يهودية والناصرة مسيحية وقسم المناطق إلى مناطق صغيرة وعمل دولة ديمقراطية مشتركة من كل الفئات… لأنه كما اليوم الفلسطينيين قد قبلوا بالقليل من الأرض غزة وأريحا…
أنا كنت في تلك الفترة في فلسطين كنت أعمل في مدرسة الصنايع لذلك كان يوجد عندنا سكرتير الحزب في فلسطين "إميل توما" فلسطيني من القدس وقتها قتلوا رئيس اتحاد النقابات في حيفا ليلقطوا إميل توما ويضعوه في الحبس لكن إميل توما عند قتل رئيس الاتحاد… لم يكن في حيفا إنما هرب إلى سوريا ومنها إلى تشيكوسلوفاكيا، نستطيع القول ونعتبر أن القرار مركزي على صعيد لبنان حتى على صعيد الدول الاشتراكية.
أشياء مركزية لا نستطيع التخلي ونخطيها، إنما الآن انتقلت الأشياء وما عادت كما هي في السابق صار في ديمقراطية. ولو بقي الاتحاد السوفياتي وصلنا إلى غيرنا، إنما ما طبقنا وبقينا تابعين إنما استطعنا التغيير عام 1968 ولم نطبق وبقينا تابعين… الآن أي دولة تساند لا نستطيع إلاّ وأن نكون تابعين. الآن سوريا ولبنان تابع لسوريا.. لأن التعاون لمم…
* ما هو دوركم في العمل النقابي؟
لقد كان الدور الأكبر في العمل النقابي لذلك يعتبر عملنا هو الركيزة الوحيدة والتي لم تتزعزع كباقي مجالات عمل الحزب. لذلك كانت قوة الحزب بالنقابات. وأحياناً يحدث مهرجان هم (الكتائب) في سينما روكسي ونحن أي الحزب الشيوعي في سينما على البدر وكذلك التياترو تقريباً الخطابات تكون متضاربة وبالوقت ذاته.
لذلك كان عملنا النقابي بعيد عن الحزب وكانت مستقلة، إنما ضمن خط حزبي ليس له دوراً مباشراً، إنما بعيد.
النقابة تعمل للنقابات، لم يكن للحزب من دور مباشر، دور مباشر عن طريق القيادات النقابية. ودور الحزب موجود، إنما ليس بالشكل العلني، مثلاً: كنا نقول الياس البواري، والياس الهبر حالياً هذا للاتحاد العمالي ليس له علاقة مع الشيوعيين كتنظيم عمل ولم نعرف الياس الهبر إلاّ في الانتخابات… كذلك عملنا على نطاق مزارعي التبغ كذلك على صعيد الخياطين ودور النجارين وعمال البحر في صور إنما مع عمال البحر لم يكن لنا قيادات إنما أكثر القيادات النقابية التي كانت لنا هم عمال الخياطة والنجارين والحدادين والميكانيكية هؤلاء كان لنا دور فعال داخل العمال…
لكن العمل الأكبر كان مع مزارعي التبغ، كنا نصعد إلى القرى ونعمل زيارات للعمال الذين يعملون والذين يشكون، استمرينا بجولاتنا على القُرى مدة طويلة إلا أن قويت حركتنا بينهم فساهمنا في نشوء نقابة مزارعي التبغ ونحن نرسل العمال حتى ينتسبوا للنقابة ولتوعية الناس ونشجعهم بأنه لا تستطيعوا تحصيل حقوقكم إلاّ بوجود نقابة. مثلاً في بلدة "قانا" بين المسيحيين كنا نطرح لهم ما الفرق بين المسيحي الذي يعمل في الدخان وبين المسلم الذي يعمل نفس العمل، نبين لهم أن مطالبهم واحدة لا فرق بينهم من هذا المنطلق كنا نجلب كل الطوائف لهذا العمل. وفي المدة الأخيرة كان محمد نجيب الجمال له الدور الفاعل وبقي في المدة الأخيرة…
* ما هي المنظمات الرديفة؟
المنظمات الرديفة كالمنظمات الطلابية لم تكن لمدة من الوقت وكانت في صور إنما عندنا في القرية لم يكن لدينا حركة طلابية.
* ما هي الطروحات الأولية للحزب؟…
في البداية كنا نطرح المطالبة بحقوق العامل وبتحسين وضع البلد مثلاً أذكر، إذا كان أحداً طريقه غير جيدة، تقول له الناس "روح اتصل بالشيوعيين ويعملوا لك عريضة وجُول في الحي لامضائها حتى تطالب الدولة بها" يعني كان الشيوعيون لولب حركة في ذلك الوقت قصة المطالب الاجتماعية، كذلك المدارس لعبوا دوراً، بتحسين دور المدرسة لأننا لا نؤمن بالجهل بل بالعلم والعلم لا يتطور بدون مدارس. من كان من الناس، وهؤلاء يتجمعوا حولنا لمطالبهم ويجدون بأن لا أحد يستطيع القيام بمهامهم وبمطالبهم إلاّ الشيوعيين…
يجب التركيز على القضايا الاجتماعية، مثلاً نحن نطالب، بمطالب الناس الأساسية وماذا يريدون لتأمين حاجاتهم الأساسية.
* ما هي المفاهيم الجديدة التي أدخلت بالواقع المحلي؟
مفاهيم غير بعيدة عن الفلسفة الماركسية ـ اللينينية، كان عندنا نظرة في ذلك الوقت أن الاشتراكية ليست دولة تحكم الدول كلها، وأن كل دولة تصبح مكثفية بذاتها وتستقل عن النظام الاشتراكي ككل. هذه المفاهيم ثم بعد ذلك تغير. وصار هناك نظرة أن الاتحاد السوفياتي والدول العظمى: ينادون بالأممية إنما الأممية مثل لبنان وهو دولة صغيرة وإذا كان في صراع لا تعود الدول الثانية إنما يصبح كل شىء من إنتاجه المحلي: هذا كذلك عندنا نظرة عامة أنه من الضروري أن تقوى الصناعة والزراعة والحياة الاجتماعية حتى يصير الإنسان عنده طموح للعمل…
* هل أدخلت بعض المفاهيم والمصطلحات في الواقع المحلي؟
اشتراكية، برولتياريا كانت حكم الطبقة العاملة وكنا نقول أن أكبر طبقة وهي الطبقة العاملة على البسيطة (الأرض). إذاً الديمقراطية لا تتم إلا عن طريق الطبقة العاملة أي الأكثرية لذلك تتم الاشتراكية عن طريق البرليتارية العمالية.
* كيف كانت علاقتكم مع الأحزاب والحركات السياسية آنذاك؟
في البداية كان الخلاف كبيراً مع القوميين السوريين، نعتبرهم نازيين، مصدرهم ألمانيا والحكم النازي ثم بعد ذلك ارتموا في في أحضان الإنكليز لمدة من الزمن. وأول شهيد سقط للحزب الشيوعي هو إدوار الشرتوني وقد قتل على أيدي القوميين السوريين.
وفي منطقتنا كنا دائماً على خلاف معهم إنما كانوا الأقلية ولم يكن لهم الدور الكبير. إذا الخلاف والصدام مستمر معهم. ولم نلتق معهم بأي خط… حتى بعهد شمعون كانوا يشنون على أعضاء الحزب أينما كنا موجودين ومهددين بالاعتقال دائماً… حتى مع البعثيين كانت الخلافات أخف نوعاً ما من القوميين ثم أتت مرحلة كانوا كما القوميين وبالقرى لا نشعر بهم كثيراً. إنما في صيدا كانوا يشهرون عدائهم الكبير لأعضاء الحزب الشيوعي، لأن منظمتهم قوية وقاموا بأفعال وأعمال ضدنا.. كأن ذلك، نتيجة بأن منظمة الحزب الشيوعي صغيرة وقليلة في صيدا وصلت إلى منعهم وإخراجهم من بيوتهم تحت الضغط والقوة.
في البداية كان حزب البعث واحد لمدة من الزمن ثم انقسموا إلى بعث عراقي وبعث سوري والعراقيين كانوا شرسيين أكثر من البعثيين السوريين: والسوريين في مرحلة من المراحل كان هناك تفاهم من القيادات رغم التهم التي وُجّهت بأنهم قتلوا فرج الله الحلو رغم الشراسة التي تصرفوا بها آنذاك.. إلاّ أنهم كانوا أخف من العراقيين… وكثير من الأشخاص كانوا في البداية في الحزب وجهت وقدمت لهم الإغراءات المادية وتأمين معاشات تخلوا وانضموا لهم خاصة البعثيين العراقيين وعندما أتوا إلى صيدا وزعوا التمر وغيره ورغم إغراءاتهم المادية والإعانات وغيرها التي أغروا الناس بها لم يستطيعوا التكاثر والإزدياد في البلد حتى في المنطقة عندنا لم يستطعيوا ذلك لأن الوعي الاشتراكي والشيوعي منتشر أكثر من أي بلد آخر…
* لماذا كانت البداية أو انتشار الحزب في المنطقة أكثر من المناطق الأخرى؟
في البداية الدور كان للأرثوذكس إنما في النهاية أصبح في قناعة بأن هؤلاء ملحدين غير أرثوذكسيين حتى الأرثوذكس صاروا يبررون القصة إنما الذي اقتنع بمبدأ وبفلسفة لم يعد يغيّر هذا…
* هل تخلى البعث وغيّر مبادئه الشيوعية؟
حتى الآن لا أجد إنسان تخلى عن الحزب حتى الناس الذين تضايقوا كثيراً لم يتخلوا عن مبادئهم بقيوا ضمن المبدأ… أذكر منهم سلام الراسي لم يغّير وبقي بمضن خطة الحزبي رغم مضايقة ومحاربة الدولة له بالرغم من أنه أستاذ كبير وله كتب بقي ضمن قناعته ومبادئه كشيوعي. كذلك ماير مسعد وهو محامي بقي ضمن قناعته وعندما يلتقي بأحد الشيوعيين يشعر هذا بعطف ماير مسعد ومن بعده سار أولاده على خطّه ولو لم يكن ماير مقتنع بالحزب كلياً لما كان أولاده هكذا واقتنعوا بالشيوعية ولكان أبعد أولاده عن الحزب…
* كيف كانت علاقتكم مع الاقطاع؟
في البداية كنا نحاربهم بشكل قوي وكنا نعمل على توعية الناس لكي نبعدهم عنهم، ومن جملة الأعمال التي نقوم بها… بعض الناس يريدون الشرب يذهبون إلى الإقطاعيين حتى يشربون.. هؤلاء يقولوا للناس إنزل إلى العين واملئ الماء منه. نحن نجلس قرب العين ونربط للناس التي ستملأ الماء: حتى نفهمهم ونثيرهم ضد الاقطاعية: وتوعيتهم ضد الإقطاع لعدم استغلالهم….
* ما هو موقف الحزب من القضايا القومية العربية (القضية الفلسطينية) والوحدة السورية ـ المصرية؟…
الموقف من الوحدة السورية ـ المصرية ـ كان لدينا وثيقة من 16 بند وضعها الحزب كشفت هذه بأن الوحدة لا تصدر بهذا الشكل وقد قال الحزب في ذلك الوقت بأنه لا يمكن أن يعيش السوري مع المصري وغير ممكن أنه تعيشه مع اللبناني لأن هذا لديه نمط حياة معين والآخر لديه نمط آخر… وباتحاد الدول يصبح هناك اتحاد ليعيشوا مع بعضهم كل دولة مستقلة بذاتها يجوز إنما أن يكون اتحاد وعيش اللبناني مع السوري والمصري لا يستطيعوا العيش لذلك الحزب كان ضد الوحدة…
أثناء الوحدة بعض الشيوعيين تركوا وارتموا في أحضان المصريين بعد أن كانوا في البرلمان وكان للشيوعيين دورٌ كبير ـ قل ذلك أثناء الوحدة…
* هل عارض أحد من أعضاء الحزب القرار الذي اتخذ ضد الوحدة؟
في المنطقة لم يكن أحد معارض له (كحزبيين) لأن أي قرار يتخذ كان يناقش… أي كان هناك قناعة بذلك… ولم يعارض قرار الحزب من قِبَل أعضائه إلاّ عندما حدثت حرب تشيكوسلوفاكيا…
إنما انتقد الحزب أخطائه وكان ذلك في السنوات الأخيرة بعد عام 1968… الجماهير كانت سائرة في القضايا القومية وبالعفوية.. وهذا القرار لم ندرسه عن قناعة كافية ولا عن قاعدة صحيحة، إنما الآن في أكثرية ولا أستطيع المعارضة هناك تيار جارف من الجماهير وآتي أنا (كشيوعي وكقرار) أرمي نفسي في هذا التيار وأسير ضده أقضي على نفسي… إذاً قرار المعارضة للوحدة كان خاطئ وكأنه يقول سأرمي نفسي في البحر…
أثناء البيان، كان في محاربة وقت حسني الزعيم كان هناك محاربة للشيوعيين بصورة عامة وانتقادات كثيرةً من الشيوعيين، شكلوا وثيقة من 16 بند كل بند يشرح قصة الوحدة، لم يعلن الحزب بأنه ضد الوحدة، إنما أعلن وثيقته وموقفه من الوحدة… عندما كانوا البعثيين.
عام 1956 كانت قصة قناة السويس: حصل ردة فعل من البعثيين جورج جمال رمى نفسه على البواخر وعلى الأسطول ممّا أدّى إلى انتحاره هم تبنوه ونحن كذلك المهم أنه ضد الأميركان… هذا يدل على أنّ التناحر كان كبيراًَ…
* مع من تحالفتم آنذاك؟
لم نتحالف مع أحداً من الأحزاب في الجنوب، إنما تحالفنا لفترة.. أسعد الأسعد ضد كامل الأسعد.. كذلك خالد شهاب كان أقرب الناس للوطنية.. إنما المير مجيد هو من الإقطاعيين المتشددين… دائماً يحمل خيزرانة والذي لا يُقَبّل يديه يرميه على الأرض، هذا الذي جعلني أعمل وأحقد كثيراً… مرة كنت ذاهب إلى الكفير قالوا قوتها أن الوزير المير مجيد سيصل إلى القرية، صممتُ أن أتفرج إليه أي إلى المير مجيد…
كان هناك شخص درزي شيوعي من آل بوغيدي من حاصبيا، اسمه محمد بوغيدي عنده محل… وقفت عند رفيقنا حتى أرى كيف سيجري استقبال المير مجيد وقفت بعيداً عن الأعين لكنه (رفيقنا) يعرف من جماعته الدروز: بأن كل الناس قدمت نحوه وقبلت يده، إلاّ أن شاب درزي عنده من عزة النفس وقـف بعيداً وأتى المير وقف وتطلع إلى الناس وشاهد هذا الشاب ولم ندرِ إلاّ والمير سحب الخيزرانة للوراء وشده وضربـه تساءلت لماذا يضربه قالوا لي لأنه لم يقترب منه ليُقبِّل يده…
رأي: الآن انتهينا من الإقطاع القديم وجاء الإقطاع الجديد.
مطالب المناطق والشعب يلزمها شىء ملموس على الأرض.. الحزب عمله قليلاً والمطلوب أن يقوى… الآن أصبح هناك مزايدات كل الأحزاب الحالية تتبع الطريقة نفسها التي اتبعها الشيوعيون من قبل حتى يجمعوا الناس حولهم.. إنما الآن يجب المثابرة على العمل حتى لا يزول دورنا…