مشاريع صيدا العمرانية ومؤثراتها في التراث المعماري والأثري والحضاري
"مشاريع صيدا العمرانية ومؤثراتها في التراث المعماري والأثري والحضاري"، كان هذا هو عنوان الندوة الرابعة من سلسلة الندوات الدراسية التي نظّمها المركز الثقافي للبحوث والتوثيق، وتحدث فيها، أول من أمس، كلّ من رئيس رابطة المعماريين المهندس سلامة حشيمي، ورئيس قسم الفنون والآثار في الجامعة اللبنانية، د. ناجي كرم، وذلك في قاعة محاضرات المركز، وبحضور عدد كبير من المهتمين بقضايا البيئة والتراث.
أدار الجلسة المهندس المعماري محمود دندشلي الذي أشار في كلمة التقديم إلى "أنّ تمرير الأوتوستراد عند الواجهة البحرية للمدينة القديمة، بُغية تخديم المرفأ الجديد، سوف يكون له انعكاسات مدمّرة، وسيقضم بالتالي شيئاً فشيئاً هذا الإرث المعماري المميّز للمدينة". ولفت إلى أن "الحفاظ على التراث لا يقف عند ترميم بعض الأبنية التاريخية أو الأثرية، بل الحفاظ على نسيج المدينة بشموليته الاجتماعية والثقافية والمعمارية…"
المهندس حشيمي، في مداخلته، أبرز مميّزات مدينة صيدا القديمة ومعالمها الأثرية والطبيعية وأهميتها التاريخية والمعمارية "في كلّ مقياس، محليّ أم عالميّ"، كما عَرَضَ لمختلف الحُقب المهمة التي مرّت بها المدينة: من دولة فينيقية مزدهرة، إلى غزو الإغريق، ومن الفتح الإسلامي إلى غزو الصليبي، ومن الحكم المملوكي ثمّ العثماني إلى عاصمة مزدهرة للإمارة المعنية، إلخ… وأوضح أنّ لكل مرحلة بصماتها على المدينة، بعضها واضح المعالم، والآخر مطمور تحت تراكم الأحداث: فالقلعة البحرية، وخان الإفرنج، والقلعة البريّة، والمساجد والأسواق القديمة وغيرها، شواهد على الدور الكبير الذي لعبته المدينة.
الدكتور كرم أشار في كلمة مُوحية وبالصُّوَر، وعنوانها "نظرية تفريغ المدن من الآثار، وتأثيرها على صيدا.."، إلى الأخطار الكبرى التي تهدّد الآثار والمعالم التراثية في المدينة القديمة… وأبدى خشيته وتخوّفه من أنّ ما جرى في بيروت: "التاريخ الذي اغتيل"، أن يجري مثيله في صيدا، ذلك أنّ مصدر القرار هو إياه والذي لا يهمه التراث ولا المعالم الأثرية. وتوقف طويلاً وعَرَض نظرية الفضل شلق الذي "لا يريد أن يجعل من بيروت متحفاً"، ونظرية الهولندي المسؤول عن الحفريات الأثرية في شركة سوليدير، الذي لا يقيم أي اعتبار للمعالم التراثية والأثرية، وإنما الاهتمام ينصبّ على إعادة تنظيم المدن على أسس حديثة معاصرة… فكان من نتائج هذه النظرية "كارثة عالمية"… ونبّه المحاضر في الختام إلى خطورة تدمير التراث في صيدا، نتيجة المشاريع العمرانية الكبرى التي يُخطط لها عشوائياً، وقطع المدينة عن البحر، وعدم معرفة تاريخها، وتدمير مصادر اقتصادياتها الحيوية…
ثم بعدها كانت مناقشة طويلة وحامية شارك فيها الحضور بمداخلات وطرح الأسئلة المقلقة والملحّة…