لبنان إلى أين بعد مؤتمر الطائف
"لبنان إلى أين بعد مؤتمر الطائف"، هذا هو موضوع الندوة الفكرية السياسية التي نظمها مساء السبت الماضي المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا في قاعة محاضرات دوحة المقاصد. وتحدث فيها وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور نزيه البزري ومستشار العلاقات الدولية في رئاسة الحكومة الدكتور جورج ديب وكان ذلك بحضور حشد كبير من هيئات صيدا وفاعلياتها الرسمية والإدارية والاقتصادية والسياسية والثقافية يأتي في مقدمهم محافظ الجنوب الأستاذ حليم فياض، رئس بلدية صيدا المهندس أحمد الكلش، قاضي الشرع الجعفري في صيدا السيد محمد حسن الأمين، نائب قائد المنطقة العسكرية للجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن عدنان الخطيب، نائب الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد، الارشمندريت سليم غزال، رئيس غرفة التجارة والصناعة في الجنوب محمد الزعتري، رئيس تجار صيدا السيد علي الشريـف، رئيس تجمع الصناعيين فـي الجنوب المهندس سامي البساط، مدير مؤسسة الحريري في لبنان الأستاذ مصطفى الزعتري، الدكتور غسان حمود، عضو مجلس الصناعيين في لبنان المهندس السيّد الحريري، مدير مؤسسة الحريري في صيدا الأستاذ محي الدين القطب، وممثلين عن منظمة الحزب الشيوعي في الجنوب والجماعة الإسلامية واتحاد الشباب الديمقراطي ومنظمة الاشتراكيين الثوريين ودار العناية ـ الصالحية، وتجمع اللجان والروابط الشعبية وأساتذة الجامعة اللبنانية في صيدا.
أدار الندوة وقدّم المحاضرين رئيس المركز الثقافي الدكتور مصطفى دندشلي الذي طرح في كلمته إشكالية الندوة في صيغة أسئلة: ما هو دور القوى الدولية والعربية في اتفاق البرلمانيين اللبنانيين توقيعهم على "وثيقة الوفاق الوطني" الاصلاحية وما مدى إمكانية تطبيقها في ظروفنا الراهنة نظراً لموازين القوى السياسية والعسكرية المحلية والإقليمية وهل هذه الوثيقة تلبي طموحات الشعب اللبناني في الإصلاح الاقتصادي والسياسي والإداري والاجتماعي، أم هي حل كان لا يمكن أن يتم الاتفاق على أكثر منه. وهناك تساؤلات أخرى الآن أهمها: وهل في ظروفنا الحالية لا تزال وثيقة الطائف صالحة للتطبيق والتنفيذ أم هناك معوقات داخلية إقليمية ودولية في وجه مباشرة تنفيذ هذه الاتفاقية.
الدكتور نزيه البزري ركز في كلمة مطولة على جانبين أساسيين الأول تطور الأحداث السياسية في لبنان والثاني التحليل التفصيلي لوثيقة الطائف. استهلّ الدكتورالبزري كلمته إلى أهمية الوفاق كحل لأزمة لبنان، كان ذلك دائماً ما يؤمن الاستقرار للبلد. فاستعرض بكثير من الاسهاب قيام دولة لبنان الكبير برعاية الانتداب الفرنسي عام 1920، دون استشارة أهله وأعطي شكلاً ونظاماً بقيت الأكثرية من السكان لا تعترف به حتى عام 1943، حيث استبقي دستور الانتداب كما كان مع حذف الدولة المنتدبة وانتقال صلاحيات المندوب السامي إلى رئيس الجمهورية والاتفاق تحت صيغة الميثاق الوطني بين التيارين الكبيرين المسيحي والإسلامي وتخلي الأول عن الحماية الفرنسية مقابل عدم مطالبة التيار الثاني بالوحدة السورية. والاتفاق على أن يكون لبنان بلداً مستقلاً، لا ممراً للاستعمار ولا مستقراً. وهو ذو وجه عربي تعبيراً عن عروبته وجعل اللغة العربية اللغة الرسمية، وانضمامه للجامعة العربية مؤسساً وعضواً. وقال الدكتور البزري غير أن تآكل النظام اللبناني قد ظهر منذ بدايته وذلك لسببين، أولاً سوء الممارسات العملية على مختلف الصعد لنظام الحكم وثانياً عدم مقدرة الحكم رؤية التطور العميق الذي أخذ يظهر في البلد رافضاً الإقرار في حينه بالتغيرات الواسعة، الحاصلة على الصعيد الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، إلخ…
ثم عرض الدكتور البزري لأهم المحطات السياسية والعربية وتأثيرها على الوضع اللبناني منذ إنشاء دولة إسرائيل ولجوء أعداد غفيرة من سكان شمال فلسطين إلى لبنان وأخذهم بالتحرك تدريجاً على الأرض سياسياً وعسكرياً والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، كل ذلك مع تطور العمل الحزبي والتنظيمات السياسية ومع وجود الأزمة في النظام الداخلي اللبناني، أدىّ إلى اهتزاز الأسس التي كانت تقوم عليها الدولة اللبنانية. الوحدة السورية ـ المصرية وتأثيرها الجماهيري، ثورة 1958 ومن ثم تدخل الولايات المتحدة الأميركية بإنزال قواتها العسكرية، الحكم العسكري المبطن وديكتاتورية النظام وفساده حتى حرب حزيران 1967، إلى أن ابتدأت الحرب الأهلية انطلاقاً من صيدا عام 1975 حتى الاحتلال الإسرائيلي للبنان ودخوله بيروت، أول عاصمة عربية تحتلها الدولة الصهيونية وتحت حماية الاحتلال الإسرائيلي تمّ انتخاب رئيسين للجمهورية وحصلت مذابح صبرا وشاتيلا، حرب القوات اللبنانية في الجبل والشوف، دخول القوات المتعددة الجنسيات وانسحابها مقهورة بعد تفجير مقر المعسكرين الأميركي والفرنسي واشتداد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي وانسحابها من قسم كبير من الجنوب قبل دخول الجيش اللبناني وقبل إلغاء اتفاق 17 أيار وعقد مؤتمري جنيف ولوزان وقيام حكومة الوفاق الوطني. أضاف الدكتور البزري: في الربع الساعة الأخيرة من انتهاء رئاسة الجمهورية عيّن قسراً العماد عون قائد الجيش اللبناني رئيساً لحكومة عسكرية استقال نصفها وهو بفتحه فجأة بعد مفاوضات سريّة مع سوريا حرباً عليها سماه محاربة الاحتلال السوري وهو في الحقيقة لا يريد استقلالاً ولا سيادة ولا إصلاح ولا غير ذلك، إنما يريد السلطة والسلطة وحدها وبكاملها.
ثم يأتي الدكتور نزيه البزري إلى القسم الثاني من حديثه، فيستعرض باسهاب مقدمات مؤتمر الطائف وبدايات الوثيقة الوفاقية التي صدرت عنه. فيقول: لقد أصبحت لدينا قناعة راسخة لها ثلاث جوانب متكاملة، الأول أن لبنان بحاجة إلى إصلاح داخلي، فيجب أن نتفق أولاً ونقرّ هذا الاصلاح. وثانياً أن لبنان وطن عربي الهُوية والانتماء وأنه أي تفكير بانتقاص لهذه الهُوية يؤدي به إلى سوء العلاقات العربية فالخراب فالاقتتال. الجانب الثالث، إن لبنان يجب أن يكون قوياً وقادراً ولا يمكنه ذلك إلاّ بأمرين. الأمر الأول أن يقوي مؤسساته، فيصبح دولة مؤسسات، ثانياً أن يمكّن العلاقة بينه وبين سوريا، حتى تساعده مرحلياً على بسط سيادته على كامل أرضه، ومستقبلياً على حفظ أمنه من كل طارئ أو خطر قد يعتريه.
ويشير الدكتور نزيه البزري بتفعيل إلى الاتصالات التي جرت بين النواب وبينهم وبين بعض الدول الإقليمية والدولية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد. فعطلت الانتخابات وعطلت جلسات المجلس وضع النواب من المجيء إلى المنطقة الغربية. وأعلنت حرب التحرير فجأة في 14 آذار، فقتل 32 طفلاً، كانوا في طريقهم إلى المدارس عدا من قتل في بيته أو دكانه وعدا الأضرار المادية الجسيمة.
ثم بعد مؤتمر الرباط، تمّ الاتفاق على سبع نقاط يأتي في مقدمها: وقف الاقتتال والعمليات العسكرية والحصار ودعوة النواب للاجتماع ودرس الاصلاحات وإعادة مؤسسات الدولة ودعوة النواب لانتخاب رئيس للمجلس ثم إقرار وثيقة الوفاق قبل انتخاب رئيس الجمهورية. وبعد أن استعرض تفصيلياً بنود اتفاقية الطائف وأوضح معانيها وخلفياتها وما تمّ الاتفاق عليه وما لم يتم، استخلص الدكتور البزري رأيه بالقول: إن هذه الوثيقة هي أقل ما يمكن الوصول إليه، فإذا فكرنا "باللعب بها" فإنها ستنهار كلياً وسيضطر اللبنانيون لإعادة النظر فيها كلها وستأتي وثيقة أخرى مستقبلاً أكثر تطرفاً وجذرية لصالح الفريق الوطني الإسلامي. ولو استعرضنا هذه الوثيقة بالوثائق السابقة عليها: بيان وزارة حكومة الوفاق الوطني، الاتفاق الثلاثي، بيان انتخاب المرشح الرئاسي مخايل الضاهر. فإننا نرى، أنها كلها هي أقل من هذه الوثيقة الوفاقية. وإذا لم تبث هذه الوثيقة رضائياً ووفاقياً، فإن لبنان سيبقى معرّضاً للأزمات الداخلية العميقة، لأن الشرعية الأساسية لكل كيان سياسي هي وفاق بنيه. فإذا كانت الأكثرية لا تقبل بأقل من هذا، فمن الصعب القبول بغيرها إلاّ إذا كانت أكثر تقدماً منها وتحمل إلغاء الطائفية إلغاء كلياً.
أما من ناحية كيفية تطبيق هذه الوثيقة، فوزير الاقتصاد يرى أن الأمر صعب، ذلك أن لبنان قد انعدمت مؤسساته، فيجب إعادة بنائها في المرتبة الأولى وخلق قوته الداخلية وبناء الجيش وتوحيده وإعادة تدريبه وتأهيله، ذلك أنه أصبح مرهّلاً ومعدل العمر فيه فوق الخامسة والثلاثين سنة. ويتابع الدكتور البزري يجب أن نكون صادقين مع سوريا ونوضح علاقاتنا بها حتى نأخذ منها عملاً بمقدار صدقنا معها. كل ذلك، من أجل الخلاص من الميليشيات المسلحة وبسط سيادتنا وسلطة الدولة على كامل الأراضي. إذ، بدون سوريا لا يمكننا الخلاص من الميليشيات ولا بسط السيادة.
ثم يختم الدكتور البزري حديثه فيقول: أنا ممن يعتقدون أن لإسرائيل مطامع في هذا البلد، مطامع في الأرض والمياه والتوطين. فهي لا تريد إعادة بناء لبنان قادراً وموحداً حتى تستطيع تنفيذ مخططها. القليل منكم من يعرف ماذا يحدث في الجنوب، إنما ما يحدث في الجنوب هو مؤلم جداً، هو مؤلم للغاية. هناك عمليات تطبيع، هناك عمليات "نتش" أراضٍ، هناك عمليات استغلال نفوس وهناك عمليات تهجير تتمّ على نطاق واسع. ويتابع الدكتور البزري قوله، مؤكداً أن اتفاق الطائف وتنفيذه لا يمكن أن يتمّ إلاّ بالعلاقة الصحيحة والصادقة مع سوريا وجامعة الدولة العربية بالدرجة الأولى. ذلك أن لا حلّ في لبنان، إلاّ حلاً عربياً. وثانياً يجب القبول بهذه الوثيقة من جميع الفئات والقوى السياسية وإلاّ فستسقط وإذا سقطت لا سمح الله فلن يكون البديل إلاّ الخراب في هذا البلد. وأخشى ما أخشى أنه إذا طال الزمن فإن إمكانية تطبيق هذه الوثيقة تضعف وهناك ستكون الكارثة للبنان.
الدكتور جورج ديب يبتدأ مداخلته مؤكداً على أننا الآن عتبة الدخول في عالم جديد، عالم سيقلب المقاييس التي عرفناها في هذا القرن… وهذا العالم الجديد، هو عالم الوفاق بين أكبر دولتين على وجه الأرض وهما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية.وهذا من شأنه أن يقلب المقاييس الدولية رأساً على عقب… ويضيف د. ديب: أن الوفاق الدولي ملعبه الأساسي هو المنظمات الدولية والإقليمية والمنظمات التابعة لها. في وجه هذا الموج الكبير من الوفاق الدولي أنشيء (مجلس التعاون العربي) و (مجلس دول المغرب العربي) وأن تقارب الدول هو شيء مهم جداً، وسيكون له أثر عميق وواسع على الأقل في المستقبل.
ويعتبر د. ديب أن الوفاق الدولي قد جاء مع شخص، إذا لم يكن الشخص الأهم وإنما هو أحد أهم الأشخاص الذين برزوا بعد الحرب العالمية الثانية، أعني به غورباتشوف الذي وصل إلى الحكم في الاتحاد السوفياتي في ربيع عام 1985 وبهدف بسيط جداً وهذا الهدف هو بكلمة واحدة: رفع المستوى المعيشي للمواطن السوفياتي….
يقابله من الجهة الأخرى،الولايات المتحدة الأميركية التي توصلت إلى درجة عالية جداً من التطور التكنولوجي لدرجة أنها باتت تفكر بخطة استراتيجية دفاعية عرفت (بحرب النجوم). هذا هو التحدي الذي واجه غوراتشوف. هل يصرف النظر عن إنتاج السكر والحليب وتعمير البيوت، إلخ… ويصرف جهده للتحدي الذي تفرضه عليه أميركا، كي يبقى دولة كبرى. أم أنه يتحول إلى دولة ثانوية. اختار غورباتشوف قرار القمة مع الولايات المتحدة وإقناعها بصرف النظر عن حرب النجوم.
وبعد أن عرض د. ديب بشيء من التفصيل ظروف ونتائج القمم الخمس التي عقدت بين الجبارين الكبيرين، يأتي إلى الحديث عن أهم ما حصل في الوفاق الدولي بالنسبة للقضية اللبنانية. ويعتبر أن القاعدة التي تسود منذ عام 1988 وستبقى إلى مدة طويلة هي (القاعدة الوفاقية الدولية) والتي تعني إدارة الصراعات الإقليمية بهدف إقناع من لم يقتنع بأن المفاوضة لا العنف هي السبيل لحل الصراعات.
وفي الأسبوع الأول من أيار، صدر البيان الخاص بلبنان عن وزراء خارجية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي متضمناً ثلاث نقاط بسيطة، أساسية وسهل فهمها، النقطة الأولى، وقف إطلاق النار وتثبيته. النقطة الثانية، دعوة الأفرقاء اللبنانيين إلى طاولة الحوار وصولاً إلى المصالحة الوطنية. النقطة الثالثة، استعداد الجبارين إعطاء مساعيهما الحميدة لمساعدة الأفرقاء اللبنانيين للوصول إلى الحوار والوفاق والمصالحة الوطنية.
فهناك اتفاق أميركي سوفياتي بحل الصراع العربي الإسرائيلي على مرحلتين، المرحلة الأولى يتمّ فيها التحضير لهذا المؤتمر الدولي والمرحلة الثانية تتويج هذا التحضير في عقد المؤتمر. وهناك أيضاً وضمن هذا الإطار العام اتفاق أميركي سوفياتي لحل القضية اللبنانية على مرحلتين. المرحلة الأولى: هي ما أسميها بترتيب البيت الداخلي اللبناني عن طريق إحياء المؤسسات الدستورية حتى إذا ما تمّ هذا الأمر ننتقل إلى المرحلة الثانية أي المؤتمر الدولي للشرق الأوسط وهو يتضمن البندين الأساسيين الذين يربطان لبنان مباشرة بالصراع العربي الإسرائيلي. ألا وهما: 1 ـ الانسحابات، كل الانسحابات، 2 ـ الوجود الفلسطيني على الأرض اللبنانية.
وهنا يرى د. ديب أن الصورة واضحة جداً وأن الإتفاق بين الجبارين واضح جداً أيضاً. فإذا كان هذا الكلام قد حصل في الأسبوع الأول من أيار فبعد سبعة عشرة يوماً عقدت القمة العربية في الدار البيضاء. وأنا متأكد أن الدول الكبرى هي التي أتت بها لدرس القضية اللبنانية، فقررت كيفية (ترتيب البيت الداخلي اللبناني) وذلك بوضع وثيقة إصلاح، أولاً من قِبَل النواب في لقاء في الخارج ثم العودة لإقرار هذه الوثيقة الاصلاحية في اجتماع دستوري رسمي ثم انتخاب رئيس للجمهورية ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية أي إحياء المؤسسات للدولة اللبنانية وهذا هو ترتيب البيت اللبناني. وذلك لسبب مهم جداً، وقد تمّ الاتفاق الدولي على هذه النقطة بالذات، وهو أنه إذا ابتدأنا بالتحضير في مصر لمحادثات إسرائيلية فلسطينية أميركية، فلا بدّ من أن يأتي دور لبنان بعد أشهر قليلة، إذن فيجب تحضير لبنان وتهيئته للمؤتمر الدولي وكذلك تحضير سوريا ومعها قضية الجولان، إلخ…. في لبنان مع من المؤتمر الدولي سوف يتحدث مع حكومة الرئيس الحص أم مع العماد ميشال عون.
ويتابع د. ديب أن (حرب التحرير) التي يرفع شعارها العماد عون هي في طريق مسدود، لأن بحسب مفهوم الوفاق الدولي، الانسحابات ليس الآن وقتها. فالمطالبة بانسحاب الجيوش الأجنبية وبإيجاد حل للوجود الفلسطيني في لبنان، الطريق إلى ذلك مسدود. إنما الطريق المفتوح، إنما هو إحياء مؤسسات الدولـة. ويعتبر د. ديـب، أن هناك خطوط دخلت على الساحة اللبنانية من جديد: ما يقوم به شامير وهو عرقلة الوصول إلى المؤتمر الدولي، فكذلك ميشال عون بموقفه أمام عرقلة تنفيذ مقررات مؤتمر الطائف وهو يعرقل بالتالي المؤتمر الدولي ويعرقل الانسحابات وترتيب الوضع الفلسطيني في لبنان. لقد وجد ميشال عون من يساعده في ذلك وهو العراق ورئيس وزراء إسرائيل. وكذلك من يصب في هذه الخانة هو فرنسا، ذلك أن فرنسا ليس لديها موطأ قدم في الشرق الأوسط إلاّ بعض المسيحيين في الشرقية، كما أن الوضع اللبناني من جهة ثانية أصبح مشكلة في السياسة الداخلية الفرنسية.
يخلص د. ديب إلى القول: أن ميزان القوى في الساحة اللبنانية كما يراه هو التالي: العماد عون وفرنسا إلى حد ما والعراق وإسرائيل من جهة ضد مؤتمر الطائف وهناك من الجهة الأخرى سوريا والعالم العربي والمجتمع الدولي والغلبية الساحقة من اللبنانيين مع السلطة الشرعية ومع ترتيب البيت اللبناني.
إن هذا الوضع القائم سيستمر ويمكن أن يستمر مدة طويلة أيضاً حتى أن هناك من يقول نحن أمام حالة تقسيمية بكل ما للكلمة من معنى. فأنا الذي أعرفه أن سوريا لا يمكن أن تقبل بحالة تقسيمية وكذلك الأكثرية الساحقة من اللبنانيين. فأي اتجاه من الاتجاهين سوف يتغلب على الآخر.
ثم يختم د. ديب حديثه بالتأكيد على أن (مسألة السيادة) في العالم المتطور اليوم والمتداخل بعضه ببعض هي قضية نسبية. فليس هناك من دولة تستطيع أن تقول أنا سيدة بإطلاق، ذلك أن كلمة سيادة أصبحت نظرية بالمطلق. إنما في الواقع فهي غير موجودة إطلاقاً.