مفهوم السلطة: ومَن يمثلها
مفهوم السلطة: ومَن يمثلها
* * *
لا وجود لمجتمع بدون سلطة، لا يمكن أن تتكون جماعة وتتماسك إلاّ بعد أن تحلّ مسألة السلطة فيها، حتى الجماعات غير الرسمية تتوجَّه تلقائياً إلى توزيع الأدوار بين أعضائها بشكل تفوِّض فيه زمام أمرها إلى عضو ما يتولى زمام قيادة وتوجيه النشاطات. وقد يحدث صراع على هذا الدور، إلى أن يستقر رأي الجماعة في النهاية على قائد أو زعيم تعترف به، ولو بشكل غير رسمي أو لمهمة محدَّدة.
وكلما تكونت جماعة حدث توزيع تراتبي للسلطة والنفوذ. وما ينطبق على الجماعة، ينطبق على المجتمع الأكبر. وفي حال عدم وجود سلطة، تتفكك الجماعة ويجري البحث عن سلطة بديلة (لبنان والحرب الأهلية).(1)
لقد اختلف العلماء والمفكرون الاجتماعيون حول تحديد والإحاطة بهذا المفهوم: الزعامة والقيادة. وقد عالج كل من العلماء هذا المفهوم حسب دراسته للجماعة التي ينتمي إليها والتي درسها. وكان لكل عالم مفهوم، وكان غيره إما يسلم به أو يعارضه.
وحسب قول رينيه كاسيس: "تصطفي الجماعة مسؤولاً أو رئيساً ليكون منظِّماً لأحوالها وضابطاً لها ولقوتها المنتشرة العائمة. والارتياح الذي يجلبه القائد للجماعة، ينبع من إحساس الأعضاء في الحماية من الأخطار التي واجهها نيابة عنهم. البطل هو ضمانة ضد الأخطار الداخلية والخارجية التي تحيط بحياة الجماعة، فيما لو تركت بدون سلطة أو قيادة.
تصطفي الجماعة ممثلها كي يتجاوز أعضاءها في تمثيل توجهاتهم الأساسية، ويلعب دور المعلم في قيادتهم نحو الوعي بها والنهوض لتحقيقها. وهو زعيم، طالما تمكن من الحفاظ على موقعه المتقدِّم هذا لمصلحة الجماعة. وهو يحافظ عليه من خلال تجاوز ذاته ودوره في كل مرحلة تُحرز فيها الجماعة تقدماً كافياً ليطرح توجهات جديدة تتجاوز السابقة وتكون نتيجة لها. (2)
هذه السلطة المسؤولة سُمِّيت عدة أسماء، وحمل كل اسم معنى وخصائص معيَّنة. فهناك الرئيس، والقائد، والزعيم.
كيف فسَّر المحللون الاجتماعيون والمفكرون هذه المصطلحات؟
القائد: القيادة صفة تدل على هيئة نسبية بين شخص يقوم بعمل جماعي وأشخاص يتبعون ويسيرون على مثاله لتحقيق غاية مشتركة. فيكون أحد الطرفَين قائداً والآخر منقاداً. ولا يأتيَ الانقياد إلا عن اقتناع بالغاية العملية والنظرية التي يسعى إليها القائد، عن طريق التصرُّف إلى غاياته وقبولها، أو عن طريق الثقة فيه، والإعجاب بعمله حتى يُسلم له الناس قيادتهم.
ليست المنزلة الشخصية للقائد هي الكفيلة وحدها باتباعه، ولكن الكفيل بذلك الدور الذي يقوم به كلياً، ممّا يتحقق فيه معنى التناسب مع الغايات التي يسعى إليها جمهور المنقادين. فربّ شخص يثبت له مقام القيادة في حالات اجتماعية معيَّنة ولا يثبت له في حالات أخرى. على أنه ينبغي الفصل بين معنى القيادة والمعاني الأخرى للنفوذ الاجتماعي من غير طريق القيادة. على أنه لا بدَّ أن يتوافر في القائد بوجه عام صفات تمكِّنه من القيادة، إلى جانب كفايتَه الفنية وأخصها:
1 ـ تأثير وجداني في مَن يقوده. وعن طريق هذا التأثير، تصبح له منزلة في نفوسهم. فلا بدّ من أن يكون محبوباً منهم.
2 ـ حسن الاتصال بالجماعات والتعامل معها. فلا يصلح للقيادة الانعزاليون.
3 ـ بروز وتمييز بين مَن يتولى قيادتهم، يكاد يفرضه (البروز) عليهم، ويكون عضواً في الجماعة.
4 ـ حبُّه للعمل الجماعي وتعلقه به، فلا يصلح للقيادة مَن يؤثر العمل وحده. (معجم العلوم الاجتماعية).
الرئيس: في اللغة: رَأَسَ: يرأس القوم: كان رئيسهم، رأَسَه: جعله رئيساً، ترأَّس: أصبح رئيساً، الرأس: رأس القوم: سيده، من هنا الرئيس، والرئيس سيد القوم ومقدّمهم.(4)
الرئيس: يُستخدم هذا المصطلح للدلالة على الأفراد الذين يصلون إلى مراكز بارزة أو قيادية سواءٌ في الكادرات السياسية والإدارية أو الذين ترفعهم أوضاعهم الاجتماعية إلى هذه الدرجة. وفي التنظيم السياسي والإداري والبيروقراطي، تتعدَّد الرئاسات وتشكل هرماً وظيفياً وتتنوَّع مراكزها وواجباتها وعلاقاتها الوظيفية ومدى تبعية الرئيس لمن يعلوه في الكادر العام حتى تصل إلى قُمَّة الهرم (ترابية)، حيث يشغله الرئيس الذي لا يعلوه رئيس، والرئيس الأعلى (الوظيفة الإدارية). لذلك من الصعب أن نضع مواصفات عامة أو تعميمات لطبيعة الرئيس، لأن ذلك يختلف اختلافاً كبيراً باختلاف المجتمعات وباختلاف ظروفها ومنع تطورها وتقدمها في التنظيم الإداري والبيروقراطي.
في الدراسات الاجتماعية: استخدم هذا المصطلح في دلالة كثيرة ومتمَايزة، فأحياناً للدلالة على الأفراد الذين يحصلون على بعض المميِّزات الاجتماعية، أو تقدير المجتمع لنشاطهم (مادي ومعنوي)، أو مواقفهم في خدمة قضايا المجتمع، وأحياناً للدلالة على بعض الأفراد الذين يتحدَّرون من أنساق تتمتع بمركز ووضع اجتماعي مرموق، (رئاسة بالوراثة)، كما كان سائداً في كثير من المجتمعات البدائية والقبلية. وأحياناً أخرى يوصف به بعض الأفراد الذين يتمتعون بصفات دينية يُظنُّ أنها خارقة للعادة (رسالة، نبوة). وهم رؤساء العشائر (الطوطم) والقبائل. وكان المتَّبع أن تجري حيال هؤلاء الشيوخ والرؤساء طقوس دينية تضفي عليهم صفة التقديس، وتتحدَّر هذه الصفات إلى أولادهم. كذلك يُستخدم على مَن يحتل مراكز الإشراف الاجتماعي على الفئات والطبقات في المجتمع مثل رؤساء العمل والنقابات والروابط.
في الدراسات الأنتروبولوجية: لقد استخدم علماء الأنتروبولوجيا عبارة "الرئيس المتحدِّث" للدلالة على الشخص الذي يتحدث في الجماعة للجماعة. ويصل إلى درجة المستشار لها، ويقرب هذا من مدلول كلمة خطيب.(3)
الزعيم: في اللغة: أزعمتك الشيء أي جعلتك به زعيماً، والزعيم: الكفيل، زعيم به يزعم زعيماً وزعامة، أي كفل.
وفي الحديث، "الدَّيْنُ مقضيٌّ والزعيم غارم": الزعيم = الكفيل ـ الغارم = الضامن.
بسم
وفي القرآن الكريم: (وأنا به زعيم): قالوا جميعاً معناه، وأنا به كفيل.
ص
ومنه حديث علي: "ذمتي رهينة وأنا به زعيم".
رضم
زعيم القوم: رئيسهم، سيدهم. وقيل رئيسهم المتكلم عنهم، والجمع زعماء.
والزعامة: السيادة والرياسة. قال الشاعر:
حتـى إذا رفـع اللـواء رايتـه
تحت اللواء على الخميس زعيماً.(5)
والزعامة: السلاح، وقيل الدرع أو الدروع، وزعامة المال: أفضله وأكثره من الميراث وغيره، فالزعيم هو الرئيس. هوالمعلم وهو البوز (Pose) عند الأمريكيين.
والزعيم: سلطة نابعة من شخصه وعطاءاته وشخصيته ولمدة غير محدودةً، وقد تمتد سنين وتنتقل بالوراثة بالتفويض (عبر سلطة الرئيس) والأقارب (زلمة البك بك).
تختلف سمات وأهداف الزعيم بين الذي ينتمي إلى جماعة الجماهير الشعبية عمَّن ينتمي إلى الجماعة البرجوازية. فالسلطة السياسية انطلاقاً من الحفاظ على امتيازات النخبة المسيطرة، تحاول أن تجذب نحوها القيادات التي تدعم جهازها الأيديولوجي ويكون دورها مهيمن على الصعيد الاقتصادي، ومحاولة تحقيق أهدافها والحدِّ من استغلال الجماعات المميَّزة صاحبة الامتيازات.
أما على الصعيد الاجتماعي والثقافي، فالزعيم يتفاعل مع أعضاء جماعته على الصعيد العاطفي الوجداني والفكري، لذلك هو ينطلق من معتقدات الجماعة وقيمها، واستقلاليتها وتمايزها.
وحسب جاك برك. الزعيم أو القائد هو الذي يلخِّص في شخصه ويعبِّر عنه في أفعاله الواقعيـة، الأكثر وسطيَّة، ولكن الأكثر عمقـاً، الواقعيـة الاجتماعية التي تحيط داخل حدود بلاده. أما ماكس فيبـر، فقـد ذهب إلى أبعـد من ذلك، مانحاً طابع النعمة والموهبة للزعيم (السلطة الكاريزماتيـة).
هذه السلطة(6) هي درجة وخطوة أعلى من الزعامة، وفيها جوانب روحية تتجاوز الطبيعة والعادة، أي أنها قوة خارقة غير عادية، تستطيع أن تفرض سلطتها، وبمعنى أصح: أن تجذب الجماهير الواسعة إليها وترضى بسلطتها عليها.
وتختلف هذه السلطة عن السلطة المؤسَّسة على القانون والنظام العام والقواعد والتقاليد المتّبعة كأساس للسلطة في المجتمع. فالكاريزما هي مجموعة من الصفات والمواهب الخارقة للقادة أو للزعماء التي يمنحها الله لبعض الأفراد، فيصبحون أهلاً للقيادة والزعامة. وحظُّهم من الكاريزما متفاوت، منهم الخطباء والثوار ودعاة الإصلاح وقادة الأحزاب، بل ومنهم الأنبياء. وهي الأمر الخارق للعادة الذي يظهر على أيدي الأولياء وتتميَّز من المعجزة (Clarismatic Audoraty)، محدِّداً إياها على أنها إحدى نماذج السيطرة، مع القوى العقلانية التقليدية، تنطبق على شخص معيَّن منحه الله أو القوى الخفيَّة أو الطبيعية، موهبةً يفقدها الآخرون. وكل من يملك هذه الموهبة، يتمكن من الوصول إلى القمة ويمارس على الآخرين (جاذباً).
ولكن مفهوم الزعيم، عاد واستُغلَّ مع "نيتشه" ونظرية الرجل الخارق. وفي العصر الحديث، دار الكلام عن الرجل الذي ترعاه العناية الإلهية الذي ظهر وسط الأزمات والذي نرى فيه الزعيم المرسل من قبل الله والقادر على مجابهة الأخطار والنكبات. وهذه القدرة، تعتمد على شخصية الزعيم، وأكثر من هذا، على تقبل الشعب لذلك، دون أن يُعبِّر عنها بشكل واضح. ففي هذا التَّقَبُّل بحد ذاته، نرى أكثر من عملية ثقة ممنوحة من الشعب، وهي ظاهرة اعتقادات ذات طابع ديني وتماثل له طابع صوفي.(7)
ويرى عالم الاجتماع "دانيال ليف"، من خلال اضطرابات جامعة بركلي (Berkly) الأميركية في نيسان 1966، أنه توجد مواقف كاريزماتية، وليس سلطة كاريزماتية. وكذلك يرى المفكر الاشتراكي الهندي "ج. ناريان" أن الحِقبة الزمنية هي التي تصنع البطل أكثر مما يصنع البطل هذه الحِقبة. وهناك آراء كاربل وفريدريش ودراسات (موسكا) و (بوركهرت) كل هذه الدراسات والآراء نتائج لمجتمع ما زال يحمل الكثير من بقايا الإقطاعية (أوروبا في القرن 19)، وأن تلك المبادئ (حكم النخبة عند فريدريش) وغيرها مثلث محاولات مختلفة لبعث أفكار الهرمية الاجتماعية القديمة وإقامة العوائق في وجه انتشار الأفكار الديمقراطية.
أما البيئة الاجتماعية لتلك المبادئ، فقد جاءت محدَّدة بطريقة أكثر، طبعاً عند (لوكاش) الذي يرى أن القيادة السياسية قد أثارها علماء اجتماعيون هم على وجه التحديد في بلدان لم تنجح في إنشاء ديمقراطية برجوازية أصيلة. (يعني بذلك البلدان التي بقيت فيها العناصر الإقطاعية قوية بصورة واضحة). وهو يشير مجدداً إلى نظرية ماكس فيبر (الكاريزماتية) في ألمانيا وإلى نظرية باريتو (النخبات أو النُّخب) في إيطاليا، كمظهر من مظاهر هذا الانشغال الذي أصاب هؤلاء العلماء.
أما لابيار فيخوض في تحليله لهذا المفهوم في العمق وذلك من خلال فهم الشروط التاريخية والاجتماعية والنفسية للزعامة، فهو يقول "بالنفوذ الفردي"، أي استعداد بعض الناس لأن يصبحوا قادة محركين مناضلين وزعماء، هذا ما أسماه مورينو وأتباعه (الجاذبية التلفازية) أي أن الزعيم يمارس سلطة أو جاذبية أسماها التلفاز. هذه السلطة تمارسها شخصية بعض الناس على الآخرين مما يسمح لهم بأن يملوا إيراداتهم عليهم وأن يكون لهم الدور القيادي، ويقوم الشعب ببثِّ ما يريده على شاشة هؤلاء الزعماء وما يدور في نفوسهم من آمال ومشاعر. إن هذه العملية هي مجرَّد وصف للظاهرة، وليس التلفاز سوى شكل من أشكال النفوذ، قد يكون أكثر تلقائية، لكنه لا يظهر إلا في مُناخ اجتماعي وثقافي محدَّد، يختص بأفكار مضاربة معينة، لأن النفوذ بحد ذاته هو هذه الواقعية النفسية الاجتماعية التي تتجلى في ارتفاع بعض الأفراد فوق مستوى الآخرين واكتسب بهم قوة تأثيرية تسمح لهم بالاستفادة من الظروف الاجتماعية المواتية لتجسِّد السلطة والوصول إليها. (8)
هذه الآراء المختلفة أعطتنا صورة عن تطور مفهوم الزعامة والقيادة لدى العلماء والمفكرين الاجتماعيين، هذه الصورة بدورها مكنتنا من الإحاطة بهذا المفهوم من حيث الشروط العامة والشاملة وبالتحديد الشروط الاجتماعية، القاعدة الأساسية أو كركيزة أساسية لهذا المفهوم ولقيامه ووجوده.
لكل مجتمع عادات وتقاليد تختلف عن غيره. هذه العادات والتقاليد تحتل سلطة مباشرة في توجيه الفرد داخل الجماعة، بالعقاب إذا حاد عن معاييرها وقيمها، وبالشورى والمكانة إذا اتبعها. إلاَّ أن سلطة الأعراف هذه لا تشكل ضمانة لحماية الجماعة، لذلك لا بدَّ من وجود سلطة أعلى منها، فهذه السلطة، كانت بيد الشاعر في القديم، ورجل الدين في فترة تلتها والإقطاعي، ثمَّ الزعيم السياسي، هؤلاء جميعاً يمارسون سلطتهم من خلال اعتراف الناس بهم ويتمتَّعون بصلاحيات كبيرة بالعقاب والإصلاح، كما ويتمتَّعون بالقوة اللازمة لفرض أوامرهم وتنفيذ أحكامهم وتحقيق مقاصدهم.
هذه السلطة وتنفيذها داخل الجماعة، تميِّز كل مجتمع من غيره من خلال المقومات والخصائص التي يتمتع بها صاحب هذه السلطة في مجتمعات مختلفة وداخل المجتمع ذاته، حسب فئاته وطبقاته. في مجتمعنا، تختلف خصائص الزعامة عن خصائص الزعامة في المجتمعات الأوروبية أو غيرها من المجتمعات المتطورة. وبملاحظة المجتمعات التي تفتقر إلى القوانين التي تنظم وتحفظ حقوق المواطنين، تأخذ الزعامة من التسلط أو الإخضاع صفة أساسية يتبلور حولها شخصية الزعيم، ويستمد منها نفوذه ودوره خاصة في المجتمعات التي يسودها العنف.
هذا التسلط الذي يظهر من خلال ملاحظة: كيف أن الضعفاء ينحنون أمام الأقوياء أو يلجأون إليهم طالبين الحماية لقضاء خضوعهم لهم. فالخضوع النابع من الخوف هو الذي يُحدِّد طبيعة النفوذ والتسلط والسيطرة لدى الزعيم. غير أنه في المجتمعات المتقدِّمة، ثمة أساليب اجتماعية لممارسة السلطة، وتحديد الزعامة لا تعود لقوة المساعدين، إنما ترجع إلى النفوذ الذي يتوصل إليه الإنسان بفضل منصبه وعلاقاته الاجتماعية.
هناك عدة خصائص ومقوِّمات للزعامة في المجتمع اللبناني والجنوبي بشكل خاص.(9) الانتماء العائلي هو أول الأمور أو الخصائص. فيجب أن يكون الزعيم ابن عائلة معروفة جداً ومشهورة (زلمة البك بك). وإلى جانب الانتماء العائلي. هناك النفوذ الاقتصادي، فيجب أن يكون الزعيم مسيطراً أو يملك أراضٍ ومساحات شاسعة وفي الزراعة خاصة. ومن خلال سيطرته على الأرض، يسيطر أيضاً على الفلاحين الذين يعملون بها، إلى جانب مركزه كسياسي، متحدث باسمهم وممثل عنهم وعن منطقته. وليس فقط أن يكون يملك أراضٍ، بل يجب أن يكون له نسب أو ولاء لأحد الزعماء الكبار، أي أن يكون ممثلاً أو قائماً بسياسة بعض الزعماء أو أحد الزعماء الكبار المعروفين.
ويتوجب على الزعيم أشياء كثيرة، يجب أن يتحلى بها، كي يتمكن من الوصول إلى الزعامة، فسياسة "البيت المفتوح"، ليس فقط لتقديم الطعام والشراب، وأيضاً استقبال الضيوف في كل وقت، ليلاً نهاراً ويكون الضيف موضع حفاوة وتكريم. وكما قلنا، المركز الاجتماعي الخاص بالزعيم، قبل أن يصبح زعيماً، فيجب أن يكون ذو مكانة مرتفعة ومحل ثقة وشورة للشعب أو لأفراد الجماعة، وأن يكون المثال الأعلى لهم، ذو رأي سديد وحكمة متميِّزة، وهذا كي ينال اهتمامهم ويثير الدهشة بينهم وبمقدوره فرض شخصيته عليهم في أيِّ مجتمع يحضره بوجودهم أو وجود بعضهـم. وباختصار، على الزعيـم أولاً أن يكـون شخصاً مميَّزاً صادقـاً أميناً محطَّ ثقة ذا رأي سديد، وله مركزه الاجتماعـي وانتماؤه العائلي الذي يؤمِّن له خلفية للوصول للسلطة، وأن يكون من طبقة غنيـة.
كل هذه العوامل مجتمعة في شخص واحد، إضافة إلى عنصر مهم وهو قوة الشخصية وأسلوبه المميَّز في التعامل مع الجماعة والمواقف، هو الذي يجعله زعيماً وممثلاً لهذه الجماعة ومتحدثاً باسمها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ محاضـرات (للدكتـور مصطفـى حجـازي الجماهيـر والقائـد في ضوء التحليل النفسي)، سنة ثانية، علوم اجتماعية 1988 ـ 1989.
(2) ـ نفس المصدر السابق.
(3) ـ لسان العرب لابن منظور، دار بيروت للطباعة والنشر، باب ……، فصل ……، ص ……
(4) ـ القيادة والرئيس ، محاضرات في موضوعات في علم السياسة، سنة ثانية (1987 ـ 1988).
(5) ـ الزعيم، لسان العرب، ابن منظور، دار بيروت للطابعة والنشر باب الميم فصل الزاي، ص 266.
(6) ـ محاضرات، موضوعات في علم السياسة، سنة ثانية 1987 ـ 1988.
(7) ـ الزعامة السياسية في صيدا، نزيه مسنى.
(8) ـ الزعامة السياسية في صيدا، نزيه مسنى.
(9) ـ مقابلة مع د. نزيه البزري، زهير نقوزي.