لقاء ثقافي
في لقاء ثقافي موسّع وبدعوة من المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، أعلنت المؤسسات الثقافية والتربوية والاجتماعية عن:
ـ رفضها لتعطيل انتخابات الرئاسة والإسراع في إجرائها بالسرعة القصوى.
ـ رفضها لما يجري على الساحة اللبنانية من تقسيم وتفتيت وتحت أي صيغة كانت ...
ـ والدعوة إلى إعادة الوحدة بين اللبنانيين على أساسٍ من الديمقراطية والعدالة والحرية والمساواة
التامة في الحقوق والواجبات وعلى جميع المستويات..
في جوٍّ حاشد ومفعم بالحماس ومظاهر الاستنكار لما يجري في الساحة السياسية اللبنانية من استهتارٍ بالمبادئ والمواثيق السياسية والوطنية التي قام على أساسها لبنان، عقدت الجمعيات الثقافية والتربوية والاجتماعية اجتماعاً بتاريخ 14 من الشهر الجاري في مقر جمعية الأدب والثقافة وبرئاسة الدكتور مصطفى دندشلي، رئيس المركز الثقافي وحضور الهيئات التالية: جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا، مؤسسة الحريري في صيدا، المركز الثقافي للبحوث والتوثيق، جمعية دار رعاية اليتيم، جمعية الأرتيزانا في الجنوب، جمعية المواساة والخدمات الاجتماعية، جمعية جامع البحر، دار العناية،النجدة الشعبية، مؤسسة عامل، رابطة الأطباء في صيدا، رابطة أطباء الأسنان في الجنوب، جمعية رعاية الطفولة والأمومة، جمعية متخرجي المقاصد في صيدا، جمعية الأدب والثقافة، مركز صيدا الثقافي، التنسيقات الاجتماعيةـ الإنمائية ،الحركة الاجتماعية في صيدا، الجامعة اللبنانية في صيدا، مؤسسة الحريري، فرع المعاقين، التجمع النسائي الشعبي، نقابة معلمي المدارس الخاصة، رابطة أساتذة التعليم الثانوي في صيدا، جمعية الكشاف الجراح في صيدا، جمعية قدامى كشاف الجراح، نادي الفتيان، نادي الفداء.
قال الدكتور مصطفى دندشلي رئيس الجلسة في كلمة الافتتاح: إذا كانت الأحداث اللبنانية تفوق إمكانياتنا الذاتية، نحن كمؤسسات ثقافية واجتماعية، إلاّ أنه لا يجوز أبداً أن نقف منها مكتوفي الأيدي، موقف المتفرج اللامبالي. بل بالعكس، ينبغي علينا الآن أكثر من أي وقت مضى، أن نمارس ضغطاً أقله معنوياً، أن نعلن عن موقف تاريخي رافض يكون تعبيراً عن الرأي العام المثقف، عن جماهير الشعب اللبناني التي لا تُحترم آراؤها في المعادلات السياسية العسكرية الحاصلة على الأرض. وأضاف: على الأقل يجب أن نقول كلمة لا!
كلمة لا كبيرة ... أن نطلق صرخة مدوّية، صرخة احتجاج ورفض لما أفرزته الحرب اللبنانية من تكريس النظام الطائفي المذهبي والتسليم بالتقسيم الفعلي والنفسي. فإذا لم نستطع أن نغيّر بقوة السلاح ما هو حاصل على الأرض. فلنطلق أقله استنكارنا القويّ ورفضنا القاطع له.
و على أثر هذا اللقاء الذي أثار نقاشاً طويلاً أصدر المجتمعون البيان التالي:
إن الجمعيات الثقافية والتربوية والاجتماعية المجتمعة في صيدا، تعتبر أنّ انتخابات رئاسة الجمهورية ومعها انتخابات رئاسة مجلس النواب إنما هي فرصة الآن وقد تكون الأخيرة لإعادة اللحمة المفقودة بين فئات الشعب اللبناني الواسعة وتحقيق الوحدة المجتمعية بين اللبنانيين على أسس سليمة من العدالة والمساواة والديمقراطية. وهذه الانتخابات الرئاسية هي أيضاً مناسبة من أجل:
ـ تحقيق الوفاق الوطني اللبناني بعد حرب مديدة، دمويّة وطاحنة في آن معاً.
ـ وإنجاز الإصلاحات الاقتصادية الاجتماعية السياسية الضرورية لإرساء نظام سياسي حديث
ومتقدم.
ـ والانطلاق بطريقة جدّية وحقيقية لبناء مجتمع العدالة والحرية والديمقراطية، وذلك على أنقاض
النظام السياسي القديم القائم على أسس من الطائفية والمذهبية البالية.
ـ وإقامة مجتمع مساواة بين مواطنين أحرار، دون أي اعتبار سوى الكفاءة والأهلية والقيمة
الإنسانية.
وهذه الجمعيات المجتمعة الآن في هذا الظرف التاريخي العصيب، تعتبر أن فكرة إحياء أو "نبش" أي مشروع كيان سياسي إداري عسكري على أسس دينية طائفية أو مذهبية في أي بقعة من لبنان، إنما هو مشروع توأم للمشروع الصهيوني ومن إفرازاته ولا يمكن أن يكون إلاّ خدمة له. فهو لذلك يحمل في داخله ومكوّناته عوامل هدمه وعلى رؤوس أصحابه قبل غيرهم.
لهذا فإن الجمعيات الثقافية والتربوية والاجتماعية في صيدا تعلن:
1- تأكيدها على أهمية إجراء الانتخابات لرئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي: فلبنان يكون أو لا يكون نتيجةً لذلك. وإنَّ أي تأخير أو تسويق إنما هو وسيلة لتكريس التقسيم الفعلي على الأرض والقضاء بالتالي على أي عملية توحيدية وفاقية بين اللبنانين: وهذا ما نرفضه رفضاًَ حاسماً وواضحاً.
2- اعتبار أن الرئيس التوافقي هو الذي يكون تعبيراً عن وفاق وطني لبناني يقوم على مبادئ وثوابت سياسية أساسية:
ـ بناء لبنان الديمقراطي العربي السيّد الموحد أرضاً وشعباً ومؤسسات.
ـ التمسك بلبنان اللاطائفي القائم على أساس من العدل والمساواة ، دون أي اعتبار بين مواطن
وآخر على أساس من دين أو طائفة أو مذهب.
ـ لبنان الرافض لأي مشروع تقسيمي طائفي تحت أي صيغة كانت:
لا مركزية سياسية أو كانتونات أو فدرالية أو كنفدرالية...
3- تثبيت الوحدة المجتمعية بين اللبنانيين وترسيخ دعائم العيش المشترك بينهم، ذلك أنَّ هذه الوحدة الاندماجية هي علة وجود لبنان واستقلاله، فبدونها ينتفي مبرر هذا الوجود واستمراره.ٍ
4- وأخيراً وليس آخراً، العمل في هذا الظرف بالذات، وربما الآن أكثر من أي وقت مضى على توجيه جميع الجهود من أجل تحرير الوطن، تحرير أرض الجنوب، كلٌّ بطريقته ومن الموقع الذي يحتله: إذ لا حرية ولا ديمقراطية حقيقية، طالما أرض جنوبي لبنان تعاني من الاحتلال الإسرائيلي.
*ملاحظة: وقد وردت برقية تأييد للقاء الثقافي المنعقد في صيدا جاء فيها:
1) أن اتحاد الكتاب اللبنانيين يعبّر لكم عن تأييده المطلق لما يصدر عن هذا اللقاء الثقافي من قرارات ومواقف تدعو إلى الإسراع في إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وشجب جميع الخطوات التقسيمية الجارية على الساحة البنانية.
وبرقية أخرى من الحركة الثقافية في أنطلياس هذا نصها:
أيها الأخوة
إن تفاديكم لعقد هذا اللقاء الثقافي الوطني في هذه المرحلة يُعبِّر عن أعلى درجات المسؤولية الوطنية التي يقفها المثقفون المتنوّرون الملتزمون بقضايا وطنهم الكبرى. إننا نقف إلى جانبكم للتصدي لجميع مشاريع التفتيت والتقسيم ومؤكدين على التمسك بوحدة لبنان شعباً وأرضاً ومؤسسات، وبالقيم السياسية والوطنية الأساسية: الحرية والاستقلال والديمقراطية والعدالة والمساواة.
مع أطيب التمنيات
الحركة الثقافية، انطلياس
14/10/1988