صيداويات - المستقبل - أحمد الحريري: لا مجموعات مسلحة لدينا... ولا صقور وحمائم
أحمد الحريري: لا مجموعات مسلحة لدينا... ولا صقور وحمائم
صيداويات - الثلاثاء 28 أيلول 2010
كلير شكر - المستقبل:
اكتمل المولود الأزرق بعدما تشكّلت معظم مكوناته، وصار المشهد واضحاً للعيان: رأس سياسي يمسك سعد الحريري بمفاصله محاطاً بفريقه الاستشاري، وجسم حزبي يتحكّم به الأمين العام أحمد الحريري، بمساعدة «يدين تنفيذيتين» هما سمير ضومط وصالح فروخ. وعلى الرغم من الديكور التنظيمي الذي تمّ إلباسه لـ«تيار المستقبل»، بعد «نفضة» المؤتمر العام الأخير، فإن قلبين نابضين هما المتحكّمين بآلية العمل، قطاع المهن الحرّة الذي كان يديره ضومط نفسه، والذي يعتبر خزّاناً بشرياً رئيساً للتيار، و«جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية» التي اختبر فروخ العمل القيادي والشعبي فيها.
أما بقية التفاصيل، فقد تبدو للكثيرين ثانوية، وإن كانت تجرّ وراءها سيلاً من الملاحظات التي سجّلت على سلّة تعيينات «الصف الأول» التي أقرتها القيادة الزرقاء. ولا بدّ من المرور على بعض «المبادئ» العامة التي تمّ تجاوزها في خطوة القيادة في «أول دخولها»، والتي استدعت اعتراضات «على طولها»، أبرزها:
- الاشكالية التي طرحها تعيين نائب الرئيس سمير ضومط (الذي يفترض أنه يقوم مقامه في غيابه)، مساعداً للأمين العام، إذ أن الجمع بين موقعين غير متساويين في التراتبية التنظيمية، يثير تساؤلاً حول فاعلية النظام الداخلي، ومدى احترامه. كما الإشكالية التي فرضتها تعيين عضو المكتب السياسي فروخ مساعداً للأمين العام للهيئات التمثيلية، أسوة بالدور المزدوج للنائب السابق مصطفى علوش، بين عضويته للمكتب السياسي ورئاسته لمنسقية طرابلس.
- في البقاع الغربي، أثار تعيين محمد قدورة المدعوم من النائبة بهيّة الحريري، حفيظة قيادات المنطقة التي كانت تتسابق لاحتلال موقع المنسّق العام، علماً بأن الخلافات، في المرحلة السابقة، بين «الرؤوس الزرق» كانت قد استدعت تكليف لجنة لاستيعاب الحالة بعد تعيين جهاد الدسوقي الذي تمّ إسقاطه بـ«البراشوت»، منسّقاً، وقد اعتقد البعض أن التعيينات الأخيرة قد تردّ الاعتبار للمجموعات السابقة منها، أحمد رباح، حمادي جانم، رياض قرعاوي، بعدما انضمّ إلى قافلة الأسماء بلال الزغبي بدعم من الوزير محمد رحال. إلا ان «مراكز القوى» استخدمت سلاح التشطيب، لتحط بورصة التعيين على قدورة، الذي سبق له أن خاض تجربة فاشلة في انتحابات بلدية جب جنين.
- في البقاع الشمالي، نشأت إشكالية تنظيمية، حول هوية المدينة التي ستتزعّم المنسقية، بفعل الخلاف بين بعلبك وعرسال، فرسا الحلّ على استحداث منسقية جديدة لعرسال بعد تعيين حسين صلح (من بعلبك)، منسقاً للبقاع الشمالي.
- في الضنية، طغت إشكالية عدم احترام التراتبية على ما عداها، بعد تعيين المنسّق السابق نظيم الحايك عضواً في مكتب المنسقية الذي يرأسه هيثم السعد.
- في المنية، سادت سياسة توزيع «جوائز الترضية» التي حملت بسام رملاوي «المرشّح الدائم» للنيابة، إلى المنسقيّة العامة، في خطوة ضربت عرض الحائط كبريات العائلات الزرقاء ومنها علم الدين.
- في إقليم الخروب، يبقى السؤال حول مدى مراعاة الزرق لخواطر الحليف الجنبلاطي في تعيين محمد كجك منسقاً عاماً.
- في بيروت، كان لتعيين العميد المتقاعد محمود الجمل وقع متمايز عن بقية الصدمات الارتدادية. أولاً هي «العاصمة والقلب»، ثانياً، هو «مهرب إخراجيّ» لأزمة تخمة الأسماء التي طافت على القيادة، وكان لا بدّ من مخرج يجنّب صراعات أهل البيت، وثالثاً، تجربة الجمل في شركة secure plus التي كانت مولجة الأمن، وتمّ تصفيتها، علماً بأن الانطباعات عن شخصه إيجابية، إلا أن التساؤلات تلاحق مدى نجاح التجربة العسكرية في الحقل الحزبي وتحديدا التنظيمي وهل القدرة على تنظيم المجموعات العسكرية والأمنية تسحب نفسها على قيادة العمل الحزبي في مدينة متنوعة مثل بيروت؟
ولكن ماذا في جعبة القيادة من حيثيات دفاعية؟ لماذا تأخّرت تعيينات مكاتب المنسقيّات؟ ما هو الرابط بين وصول أصحاب خبرات عسكرية إلى رأس منسقيتي بيروت والبقاع الغربي، وبين التوتر السياسي القائم؟ هل هي محاولة مبطّنة لإحياء «الشركة الأمنية» ضمن قالب التنظيم؟
إعادة هيكلة تيار المستقبل مسيرة متكاملة، وطويلة، تتطلّب وقتاً كي تكون مبنية على أسس متينة تعتمد الكفاءة والخبرة، كما يقول الأمين العام أحمد الحريري. بدأت من تكليف اللجنة الخماسية بتقييم الوضع، ولم تنته بالمؤتمر العام التأسيسي، حجر أساس الورشة التنظيمية الفعلية، لبناء الهيئات الحزبية، تمهيداً لعقد المؤتمر الأول العادي.
بعد تعيين المنسـقين، تعقد الهيئة التنفيذية اجتماعاتها لوضع جدول زمني سيمتد على نحو أربعة أشهر، لتشـكيل الهيئات الوسيطة، وصولاً إلى مجالس الدوائر، ومجالس القطاعات، إلى جانب اسـتحداث الوحدات التي نصّ عليها النظام الداخلي، منها مكتب القدس، ووضع آلية عمل مساعدي الأمين العام.
يؤكد أحمد الحريري لـ«السـفير» أن تعيين منسقي المناطق حصل بعد التشاور مع القواعد، باستثناء ثلاثة منسّقين للوحدات المستحدثة، في حاصبيا - العرقوب، عرسال وزغرتا التي تحتاج مزيداً من النقاش مع الجمهور والكوادر.
الأصوات المعترضة، على بعض التعيينات، بدت فاقعة في بعض المواقع وباهتة في مواقع أخرى، ولكنها لم تغير من مسار القطار، ذلك لأنه «لا يمكن إرضاء كلّ الناس، وإن كان بعض الأهواء لا يتلاءم مع المنسق الذي تمّ اختياره، إلا أن النظام الجديد، يمنح الهيئات المحلية سلطة اتخاذ القرار في المناطق، وليس الفرد، وبالتالي فإن أي قرار تتخذه القيادة سيكون محور نقاش مع الهيئة المعنية» يقول الحريري.
أما للخلافات بين أهالي «البيت الأزرق» في طرابلس، فحكاية أخرى. «هناك كتلة نواب طرابلس، حيث عملنا على تظهير نوع من استقلالية لنائب «تيار المستقبل» الوزير السابق سمير الجسر. ولذا هو لا يغوص في التفاصيل التنظيمية، ولهذا حصلت الازدواجية في العيد (الفطر). ولكن المنسّق زار الوزير الجسر باعتباره نائباً عن طرابلس واحدى فاعلياتها الأساسية وقدّم التهاني بالعيد».
لم تقنع «الواجهة الصقورية» التي ألبست للتيار على يدّ مؤتمره العام، بأن «المولود الأزرق» يسلك درب المهادنة السياسية، الذي تريده القيادة لأدائها خلال المرحلة الراهنة، وبأن الترجمة العملية تتماهى مع الخطاب السياسي. «ثمة مسار سياسي متكامل، ونحن نرفض التوصيف الذي يوزّع القيادات بين صقور وحمائم، لأننا لا نبني سياستنا وفق هذه التصنيف، بل على أساس الاستراتيجية التي تضعها القيادة، قد تكون باتجاه تصعيدي وقد تكون باتجاه التهدئة، ولكن هذا لا يعني أن لكلّ اتجاه رجالاته، فهي ليست مسألة «عدّة». «المستقبل» تيار متكامل ومتجانس ويتميّز أنه يحق لأي عضو إبداء الرأي، على أن يلتزم بقرار الأغلبية، أو قرار القيادة العليا» يقول الحريري.
وبتقدير احمد الحريري، فإن «التعهّد بتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، صار على أساس عدم تدخّل الطرفين بشؤون بعضيهما البعض، ولذا لا أعتقد أن القيادة السورية تريد التدخّل في تركيبة أي تنظيم سياسي لبناني. نحن نقوم بما نراه مناسباً لشأننا التنظيمي». أما في السياسة، فتوجّه القيادة واضح، ويقضي بفتح صفحة جديدة مع سوريا الى أبعد الحدود، و«نلاحظ أن السواد الأعظم من قاعدتنا يتفاعل، مع هذا الخطاب، وإلّا كنا لمسنا حالات انفلاش كبرى بين الجمهور، والكوادر».
لا ترجمة لكلام الحريري في «الشرق الأوسط» في ملعب التنظيم الأزرق، «هو عبارة عن استراتيجية، وضعتها قيادة التيار مبنية وفق قواعد أربعة: حماية الدور العربي في لبنان، حماية الاستقرار الداخلي والهدوء والأمن، حماية العلاقات اللبنانية - السورية من التجاذبات الداخلية التي حكمها سيل الشائعات منذ الزيارة الأولى للرئيس الحريري إلى دمشق ومن الارتجاجات لمواجهة التحديات الإقليمية، وحماية المحكمة الدولية».
يضيف الحريري: «موقفي يثبت قناعة التيار، بكلام رئيس الحكومة. نحن أمام مرحلة حساسة، حبلى بالضغوط، وعلى قاب قوسين من إنشاء المحكمة الدولية، بحسب تأكيد المحقق الدولي دانييل بيلمار، وثمة فريق لن يعجبه هذا الأمر، سيكمل في حملته التصعيدية، بينما المطلوب تجنيب البلد أي خضات إضافية».
وحول موضوع المنسقين في البقاع الغربي وبيروت، يقول الأمين العام «في تسمية المنسقّين عموما احترمنا صفات محددة، ولا يمكن فصل العميدين المتقاعدين عن الواقع، هما صاحبا تجربة وابنا مؤسسة يحترمها كلّ اللبنانيين، والملاذ الآمن لكلّ مؤمن بمشروع الدولة. ولكن مسألة التسليح، لم تعد أمراً مطروحاً للنقاش، لقد لمسنا من هي الجهة التي تستخدم السلاح لفضّ النزاعات، صارت لعبة مكشوفة. أما أحداث برج أبي حيدر، فلا مجموعات مسلّحة لدينا، وأن ينزل بعض الشباب في الطريق الجديدة لاستكشاف ما حصل، فهو أمر موضعي جداً، ولا يعني انتشاراً عسكرياً، ولو كنا نخبّئ قوى عسكرية لكنا نجحنا في استخدامها خلال محطات ماضية كثيرة. عرفنا الكثير من الأحداث التي كان البعض منها يريد الإطاحة بكلّ مكونات «تيار المستقبل»، ولم نستخدمها بل ذهبنا إلى الحوار».
في المحصلة «لا محاولة لإعادة إنشاء الشركة الأمنية ضمن إطار التنظيم. التنظيم يريد حماية كلّ الخيارات السياسية».
http://www.saidacity.net