اجتماع الأعضاء المؤسسين لحركة التغيير الديمقراطي
المركـز الثقافي
للبحوث والتوثيق
صيـدا
اجتماع الأعضاء المؤسسين
لحركة التغيير الديمقراطي
صباح الأحد، 17 كانون الثاني 1993
* * *
الحضـــور: الأستاذ ناصيف ياسين ، عبدالعزيز حجازي، علي يتيم، طارق عبدالله،
الأستاذ يوسف عبدالله، عادل البعاصيري، أسعد غندور.
افتتاح الجلسة: د. مصطفى دندشلي رئيس المركز الثقافي للبحوث والتوثيق ـ صيدا
المناقشـة العامـة
الأستاذ ناصيف ياسين:
لقد أطّلعت على الوثيقة التي نحن بصدد مناقشتها وهي تطرح مسلمات أو عموميات، من وجهة نظري. وكيف ذلك؟. ما تقوله الوثيقة وما تتحدث عنه، هو شعوري وهو شعور الذين صاغوها والذين ناقشوها. ولكنها أتت على ذكر النتيجة ولم تورد الأسباب، أو التحليلات. ومن أين أتى الفراغ... وكيف يمكننا أن نعرف أنّ هناك فراغاً ـ تقول الهيئة بالعمل الديمقراطي، أو أي تسمية أخرى، هنا، يمكن لأي كان أن يطرح ويقول: ماذا تريدون بالعمل الديمقراطي؟ فهو ممثل بالدولة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، مروراً بالجبل وبيروت.. هذه التنظيمات السياسية الحيّة الموجودة.. القوات اللبنانية بمختلف فئاتها، الكتائب، الأحرار، القوميون، البعث، حركة أمل، حزب الله... أي أنه من أقصى اليمين بالمفاهيم السياسية متعارفة، إلى أقصى اليسار...
أين هو إذن الفراغ الموجود في الساحة السياسية اللبنانية... يمكن لأيّ واحد أن يطرح هذا السؤال علينا... فالفراغ: يجب أن يكون هناك اتفاق: أين هو وأين كان الفراغ؟! فإذا كان على المستوى السياسي، أين يكمن الفراغ؟ على المستوى الاقتصادي، ما هو البديل؟ وأين هو الفراغ على المستوى الاقتصادي؟ مثلاً الحريري، كرئيس للوزارة، يطرح قضية الشركات الأجنبية، وغزوها من جديد، وبقوالب جديدة؟ أين هو الفراغ الاقتصادي؟! وما هو البديل في هذا الموضوع. المؤسسات السياسية: المجلس النيابي، أليس يملأ الفراغ. بعد أن وصل إلى 128 نائباً.. وأصبح مناصفة..
هذه النقاط برأيي، بحاجة إلى بَلْوَرة، بحاجة إلى نقاش، بحاجة إلى إغناء. لأنه إذا كنا سوف نتخذ موقفاً ونتصدى.. وأن نبتدئ كأرومة، كجذر، في البداية، يجب علينا نحن أن نتفق على ما يمكن أن نتفق عليه، حتى نستطيع أن نقنع الآخرين بوجهة نظرنا، بآرائنا.. سواء على مستوى التجمعات أو على مستوى أفراد.. وحكماً، على امتداد لبنان هناك أناس مثلنا، بمعنى مخضرمين... عشنا سياسياً قبل الحرب، وبعد الحرب. رأينا الفروقات وعايشناها. وحكماً عايشنا بوعي، وبإحساس الموضوع... وهناك أيضاً أناس مثلنا يبحثون على "بديل"، في الشمال، في الجبل، في بيروت، وفي أي مكان آخر. فيمكننا أن نلتقي معهم. فلربما لديهم الجواب، من زاوية معينة، ونحن من جهتنا، يمكن أن يلتقي من زاوية أخرى... يعني ورقة العمل لا يمكن أن تكون جاهزة إلا بعد أن يشارك فيها مختلف الأطراف.. كل واحد يرى الموضوع من زاويته الخاصة...... إننا نتحدّث حتى الآن على مستوى الوضع اللبناني، وفي إطاره، لأن هناك تداخلاً بين لبنان الداخل، وخارج لبنان، فبرأيي، يجب أن يحصل إعادة بَلْوَرة النقاش، وليس هناك من مانع، في أن يرفدنا عناصر جديدة ومن جهة نظرة جديدة، فتتَبَلْوَر وجهة نظرنا فيمكن أن نعتبر أنفسنا حتى الآن بحالة غربلة، في الوقت الحاضر.
هذا من ناحية المبدأ، ومن ناحية الوثيقة، هناك ثلاث ملاحظات أريد أن أبديها:
أولاً، عدا عموميتها التي تحدثت عنها، أرى أن في الوثيقة مسحة جنوبية، في بعض التعابير التي وردت فيها... وبما أننا نتحدث على مستوى الوطن بشكل عام، لبنان، ينبغي أن نبتعد عن أي خلفية جنوبية، وإن كنا نحن نعتبر فعلاً أن الجنوب هو الوضع النابض، وذلك نتيجة حساسيته بتداخله مع الوضع الفلسطيني. الذي فعلاً يبقيه دائماً محرّكاً بشكل كامل... ولكن يجب أن نبتعد، في تعابيرنا، عن حساسية النزعة المناطقية...
النقطة الثانية، وهي التي توحي بالمنحى الديني: ما أن الله لا يغير ما يقوم.. ربما يكون ذلك كمثل، أو حكمة، ولكن أرى أن نبعد عنها، وذلك أفضل..... ذلك أننا سوف نتعاون مع مجموعات ثقافية أو سياسية من مختلف التلاوين..
النقطة الثالثة، حول وثيقة الطائف، إنني أرى أننا لسنا مجبرين، أن نؤيد أو أن ننفي، على الأقل.... أي معنى؟ أصحاب الطائف قد تجاوزوه، حتى الآن يتصارعون على ذيول الطائف، وليس على نصّه... حول النص، لقد اتفق الجميع على أنه ليس من الضروري أن يلتزموا به، كان نقطة انطلاق نحو بداية السلام في لبنان،.... وهم لا يزالون يختلفون حول توزيع الحصص... ونحن لسنا مضطرين أن نقع في هذا المستنقع أبداً... وثيقة الطائف جاءت محصلة لـ 17 سنة حرب، نحن لسنا داخلين فيها.... إنما، ما يحصل من إنجاز إيجابي من وثيقة الطائف، فنقول إن هذا عمل جيد...
عبدالعزيز حجازي: كلمة صغيرة فقط للتوضيح، إن ما يبرِّر هذه الوثيقة هو أنها كتبت في وقت سابق على ما أنجز ما تبقّى من الطائف، كُتبت الوثيقة ووُزّعت وسبقت الانتخابات النيابية في مدة زمنية، شهر أو أكثر... الوثيقة تحتاج إلى تطوير.. ولكننا اعتمدناها كبرنامج الحدّ الأدنى... الذي يمكن أن يلتقي حوله (الديمقراطيون التغييريون).
علي يتيم:... هناك نقطتان مهمتان أثارهما (أبو وسام)، ناصيف ياسين،... وكنا نحن قد عرّجنا عليهما في ما مضى.... ولقد قلنا سابقاً أن الصيغة الجنوبية ليس من الضروري أن تكون هي الصيغة والعنوان... والنقطة الثانية، حول الآية القرآنية، كنا في نيّة تجاوز هذا الموضوع... ولكننا تركنا ذلك للنقاش في هذا الاجتماع... النقطة الجديدة، هي الموقف من الطائف... وهي ناحية مهمة، فإنها تكبّلنا في موقف وتقيّدنا سلفاً فيه... كذلك لتكن نقطة للبحث... فأنا أقول مع أبو وسام، أننا نأخذ موقف مسبق من موضوع آني، موضوع وثيقة الطائف...
طارق عبدالله:... بالإضافة إلى الذي قيل حول وضع علامة استفهام بالنسبة إلى وثيقة الطائف... النقاش في موضوع كهذا الموضوع، كلما كان مكثفاً، كانت الخطوات ثابتة أكثر. الانطلاقة كذلك أفضل.
من البداية ورقة العمل هذه هي مشروع تنظيم حزب للمستقبل، .. وكما جاء في مطلعها... قيام حركة سياسية ديمقراطية (حركة التحرير الديمقراطي) فهي إذن مشروع كتنظيم حزب سياسي للمستقبل، بداية النقاش ينطلق من هنا...
فإذا كان هناك موافقة على هذا المشروع، على ورقة العمل هذه، أم لا.. حركة سياسية، مثل تنظيم سياسي، على أمل الوصول إلى حزب.
هذا ما يجب أن نناقشه معاً الآن.. ليس الموضوع إنشاء هيئة ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، لا! إنما هي حركة سياسية، يعني مشروع تنظيم حزب سياسي في المستقبل.. هذه هي النقطة الأولى التي تحتاج إلى نقاش. هل نحن اخترنا أن نكون تنظيماً سياسياً أم لا، وبماذا يمكن أن يسبق ذلك، أو هل عبارة حركة سياسية منذ البداية هي الصح، أم يجب أن يسبقها شيء آخر: مثلاً كما فعل الكتائب في السابق إلخ... فريق رياضي، ثم حزب الكتائب...
النقطة الثانية في الصفحة الخامسة، : تحرير الأرض اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي... إلخ..
هنا برأيي، أليس ذلك من المبكر جداً الكلام في موضوع التحرير لحركة هي طور التكوين؟! لقد اعتبرت أنا أن هذه النقطة من المبكر جداً الكلام في موضوع التحرير لحركة هي في طور التكوين.
في الصفحة -6- الفقرة 3 : لذلك فلبنان الجديد الذي نتطلع إليه...
ليس الجماهير الصامتة وإنما كل اللبنانيين بعدما انكووا بنار الحرب وحصدوا ما حصدوا من الويلات والمآسي، فأصبح كل لبنان يتطلع إلى بناء وطن، هو لبنان العدالة.. إلخ..
كذلك وثيقة الطائف يناقشها ويعالجها حزب أو تنظيم سياسي، قائم ويخوض نضال سياسي لتصحيح الأوضاع، وبالتالي يحق له أن ينتقد ويقول هذا صح أو غلط، أين الثغرات وأين الصواب، إنما نحن الذين نحاول أن نكون أنفسنا أعتقد أن هذا لا يخصنا، وليس لنا علاقة به ـ لا يغير الله ـ صيغة إسلامية .
مضمون ورقة العمل هذه يستحق الاحترام والتقدير: إنما قضية المذهبية والطائفية والدينية نحن لا نقصدها هنا طبعاً، لا يقصدها إطلاقاً (الذي كتب ورقة العمل هذه)، بالعكس فهو يحاربها وإنما تفسير هذه الآية عند الآخرين على أساس أنها إسلامية..
* قضية المقاومة الوطنية الإسلامية، فذكر الإسلامية تثير الحساسية عند الآخرين، لماذا الإسلامية، فلبنان لكل أبنائه، فمن واجب كل مواطن أن يناضل لتحرير الأرض..
مصطفى دندشلي... أود فقط أن أوضح بعض النقاط السريعة، لا أكثر ولا أقل.. واعتماد منهجية للنقاش.. لم أتطرق في البداية إلى استعراض الحيثيات لصياغة هذه الوثيقة والظروف التي كتبت فيها ورقة العمل... لقد صيغت ونوقشت مناقشة أولية قبل الانتخابات الأخيرة بشهرين تقريباً... وكانت المناقشة التي جرت، معمّقة إلى حد ما وبشيء من السرعة من الجهة الثانية، ذلك أن الفكرة كانت آنذاك هي خلق "تيار ثالث"، وعلى أساسه يمكننا أن نخوض معركة الانتخابات النيابية...
الفكرة الأساسية هي الرغبة، عند هذه المجموعة التي تتكون منا نحن، في إيجاد تجمع أو تيار وطني ديمقراطي في البلد... وهذه الحاجة إلى وجود هذا التيار لا تقتصر علينا نحن فقط، ولكن يبدو أن هناك تجمعات ومجموعات في كل لبنان من الشمال إلى الجنوب، وشرقاً وغرباً، وهي تضم مثقفين الذين كان لديهم تجربة سياسية سابقة، فهناك كما هو واضح تماماً، حاجة لوجود شيء جديد، كيف؟ هذا هو السؤال؟ في هذه المرحلة فهناك ضياع، وعدم وضوح، تذمر، يأس، إحباط...
في هذه الأجواء، تداعت مجموعة إلى الاجتماع، والتقت حول فكرة إيجاد "هذا الشيء"، نوع من التجمع الفكري ـ السياسي ـ الوطني... وأقول بهذه المناسبة فإن فكرة إيجاد شيء جديد على الصعيد الفكر والسياسة، في الساحة اللبنانية، فلا يجوز أن نحدّدها فقط في فترة زمنية قبل الانتخابات، بل كان هناك شعور عند كثير من المثقفين الوطنيين والديمقراطيين، في هذا الموضوع، يعود إلى ما قبل ثلاث أو أربع سنوات... ولكن لم يكتب لهذه الفكرة المشروع النجاح لأسباب لا ضرورة لذكرها الآن... وأُعيدت الفكرة من جديد مرة أخرى قبل الانتخابات وهذا يؤكد مرة أخرى أيضاً بأن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد هذا التجمع الوطني الديمقراطي،... لذلك، كان من الضروري وضع ورقة عمل للمناقشة، ولتحديد هويتنا.. وماذا نريد.. فكانت ورقة العمل هذه ونوقشت في حينه..
الآن، هل نحن فعلاً نجمع من أجل تأسيس حزب سياسي..؟! فأنا أعتقد أن الموضوع لا يطرح بهذه الصيغة أو الصورة، وذلك من خلال المناقشات الثنائية أو الثلاثية، فلم يقل أحد منا أن رغبتنا تأسيس حزب سياسي الآن.. إنما ما جرى التأكيد عليه هو الرغبة المُلِّحة إيجاد نوع من تجمع وطني ديمقراطي، تيار وطني ديمقراطي، يضم مثقفين وطنيين ملتزمين من اتجاهات وطنية وفكرية وسياسية وطنية متنوعة، غير متناقضة، نلتقي في هذه المرحلة بالذات حول أهداف مرحلية. هل نريد أن نكون مركزاً ثقافياً، كذلك لا، هناك مراكز ثقافية منتشرة وموجودة فيمكننا عبر هذه المراكز الثقافية أن ننشط.. فكان الرأي دائماً نحن نريد في هذه المرحلة خلق تيار، لا هو حزب بالمعنى الحقيقي للكلمة ـ ذلك أن ولنكن متواضعين، وأنا شخصياً لا أرى هناك إمكانية، لا مادية ولا بشرية ولا فكرية ولا سياسية لتكوين حزب سياسي، فالحزب السياسي وتكوينه له شروطه ومقوماته وأُسسه.. فإذن الفكرة كانت تؤكد على أهمية وضرورة إيجاد تيار ديمقراطي، يضم أعضاء من اتجاهات فكرية متنوعة، ديمقراطية في الفكر وفي الممارسة وفي ما بينها... في ضوء ذلك صيغت ورقة العمل هذه ووُزعت بأكثر من مائة نسخة، على مختلف الأوساط الثقافية في لبنان. وكنا نطلب من كل من أعطي هذه الورقة العمل، أو من كل وسط ثقافي، أن يبدي لنا ملاحظاته عليها.. فليس لدينا شيء جاهزٌ أو مقدسٌ ونريد أن نمليه على الآخرين ـ هذا الأسلوب أو الطريقة قد تجاوزها الزمن والتجربة السياسية... فكنا نريد أن نسمع آراء الآخرين.
والسؤال لا يزال مطروحاً، هل هناك من إمكانية في هذه اللحظة التي نجتمع فيها الآن، هل توجد الإمكانية كي نلتقي ونضع أسس تيار له نكهة جديدة، لون جديد، هوية جديدة، مبني على تجربة سياسية ماضية أليمة ومريرة والجميع مرّ فيها، على مختلف الصُّعد السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية؟ بمعنى آخر، سؤال يجب أن نطرحه دائماً وبإلحاح، هل للمثقفين دور، هل لا يزال لهم دور في العمل السياسي الوطني، الفكري الاجتماعي؟ إذا كان الجواب نعم: فما هو هذا الدور..؟ ..... هذه تساؤلات مشروعة تُطرح....
..... وجميع الملاحظات التي أتى على ذكرها وعرضها الأستاذ ناصيف ياسين، مأخوذ بها وهي ملاحظات عامة أبداها كثير ممن قرأ ورقة العمل....
الأستاذ يوسف عبدالله:.... لقد لاحظت أن هناك تهيباً من فكرة تأسيس حزب.. ربما يعود ذلك إلى أن الأحزاب قد أصابها عندنا إحباطاً كبيراً، وأنها لم تكن لتولد وليدة هذه الأرض التي توجد عليها.. فكانت بأكثر الحالات أو كل الحالات مستوردة، وهذا هو سبب الفشل الذي أصابها وواجهته، والجمهور الواسع والشعب لم يتأقلم معها بالشكل المطلوب مما كان يخلق للأحزاب في كل المناطق اللبنانية، مشاكل وعقبات...
فأنا فكرة تأسيس حزب لا أجدها غلطاً، لأننا نحن بحاجة إلى حزب لبناني صحيح، يولد من الأرض اللبنانية من الشعب اللبناني، وأن لا يكون له علاقة أبداً بالخارج، أبداً.. وشيء آخر أريد أن أقوله وهو إنّ عندنا على الأرض اللبنانية، وفي تاريخ لبنان، تجارب كثيرة، إن كان، في أحداث 1958، هذه الأحداث التي شكلت حركة القوميين العرب في لبنان، وكان لها علاقات في الخارج، إنما كان لها جدوى في لبنان، ولكن الوضع اللبناني أو الحكم اللبناني قضى عليها حتى كان معظم قاعدتها وعناصرها في السجون، وانتهت الأحداث بلا غالب ولا مغلوب.. كذلك إثر الأحداث هذه دخلت الطائفية بقوة وانقسمت الناس بين مُعارض لحلف بغداد وبين مؤيد له... ولا يجوز أن نعود إلى فترة 1864...
إذن، نحن بحاجة إلى حزب، لا يأخذ طابع الطائفية في لبنان، ذلك أن الأحزاب والحركات السياسية في لبنان تبدأ بشيء، وإذ هي ملازمة لطائفة معينة، وهذا هو الغلط الذي يكمن فيها... فلم تعد تستطيع أن تستوعب كل الناس حتى تشكّل حزباً بعيداً عن الطائفية وبعيداً عن المذهبية.. فنحن بحاجة في لبنان إلى حزب، لا يكون له أي علاقة بالطائفية والمذهبية وتستوعب كل اللبنانيين، تحت مفاهيم واضحة صريحة، تلتزم الجديّة والأمانة والصدق.. لأنهم علّمونا الكذب والنفاق.. وهذا ما أوجد هذا الإحباط عند الشعب... الشعب عندنا شعب واعِ ومناضل وشاعر بالفراغ.. وإنما يحتاج إلى قيادة، والقيادة كانت دائماً بلاء الأحزاب السياسية، وبلاء الشعب. الشعب دائماً يعطي ويقدّم ويضحّي ولكن نرى بعد ذلك أن القادة حصدت مراكز.. والشعب بقي كما هو إذا لم يكن أقل.. من يحمي هذا الشعب؟ وأين هم المسؤولون؟..
فهل نحن بهذه الجلسة الكريمة نقدر أن نخلق حزباً يكون تعبيراً عن هذا الشعب، ويكون بمستوى المسؤولية، ولا يخون الشعب ولا يخدعه، ولا يكون له أهداف بعيدة عن مصالح الشعب... هذا ما أريد أن أقوله في هذه الجلسة الكريمة، قبل أن ندخل في أي نقاش آخر.. أو مناقشة ورقة العمل التي هي ليست مشكلة، لأنني أعتبر أن ليس هناك من شيء ثابت في الأحزاب، وفي الأحزاب ليس هناك من شيء ثابت... وما جاء في ورقة العمل قابل للنقاش، فهو غير ثابت، وقابل للتغيير والتطوّر مع متطلبات الحياة.. هل نحن نستطيع أن نعمل شيئاً على الأرض، للناس التي هي تشعر بهذا الفراغ، هل نحن على قدر المسؤولية؟ هل نحن نستطيع أن نتجنّب ما وقع فيه الآخرون؟ هذا ما أريد أن أقوله، ويجب أن نصارح أنفسنا حتى نسلك هذا الطريق.. أم لا! فإذا كان لا، فلا يجوز أن نزيد عدد الأحزاب...
الأستاذ ناصيف ياسين:... كما أشار الدكتور مصطفى، فنحن لا نريد أن نضيف مركزاً ثقافياً إلى جانب المراكز الثقافية.. لأن الحركة الثقافية، كتوجهات على مستوى السلطة السياسية أقل من حركة سياسية... ونحن لا نريد تأسيس حزب... لأن الحزب كذلك أعلى من الحركة السياسية، كعمل منظّم. الحديث عن حزب مبكر لأوانه كثيراً وليس هناك من إمكانية للحديث في هذا الموضوع، لأن الحزب حالة ناضجة جداً عن حركة أو تحركات... ولكن حتى لو كنا نحن مرحلة وسط، أعلى من الثقافة، وأدنى من الحزب.. فماذا نريد إذن؟ فإذا كنا نريد أن نشكّل حركة سياسية، فنحن حكماً معترضين على الوضع القائم... لسان حالنا هو أننا نحن معترضون على الواقع القائم، نحن معترضون على الوضع القائم بما يجسِّده من موقف سياسي أو من موقف مؤسسات سياسية.
فإذا كان من موقف سياسي، فتكون المؤسسات جاهزة.. فنشترك نحن وأهالي الشمال وكسروان، نرشّح نواباً وينجحون من خلال المؤسسات، في المجلس النيابي أو أن نشكّل كتلة ضاغطة يمثّلنا وزير أو وزيران.. فإذا كنا راضين عن المؤسسات.. فإذا لم نكن راضين عن المؤسسات بمستوى عدم رضانا عن الموقف السياسي، حُكماً سوف يكون لدينا بَلْوَرة مختلفة تماماً. حركة هي أدنى من حزب وأعلى من مستوى ثقافي.. ولكنها بحاجة حكماً... لأنه عندما نتحدث ونقول إنها حركة سياسية، حركة سياسية تتوجه إلى الناس وتتوجه إلى من هم فوق.. فإذا كان للناس، فيجب أن تقدم البديل لهذا المواطن إذا كان في الجنوب عن حركة أمل وحزب الله... وما هو البديل في مناطق كسروان والمتن، عن حزب التقدم الاشتراكي، والقوات اللبنانية والكتائب... وما هو البديل في الشمال، عن جماعة عمر كرامي أو علي عيد، أو لجمع الشمالي النيابي... فمن المفترض أن يكون هناك جواب عليها.. (يجب أن نحدد موقفنا).. لأن تعبير حركة سياسية يتطلب مستلزمات... وهنا تصبح الأمور متداخلة: مع الوضع الفلسطيني، وتحديداً، المجابهة مع إسرائيل.. ومن الجهة الأخرى، الموقف بالنسبة لوضع سوريا في لبنان... وضع سوريا في لبنان، يشبه الآن الوضع في الأربعينات، أو وضع التداخل الكامل... والموقف من الوضع السوري، هل هو متمايز عن المنطقة العربية أم لا؟!.
فيجب أن نعرف أولاً من نحن؟ حركة سياسية تستوجب فعلاً بحثاً معمقاً، وخاصة وأننا سنواجه أناساً مثقفين.. لسنا محرضين في الشوارع، نحن دعاة، كبداية، والداعية حكماً له دور، يجب أن يخرق، توجد حصون ثقافية قائمة وذات بنى متكاملة.. مثلاً التلفزيون، مؤسسة ثقافية تخلق تياراً، طويلاً عريقاً له علاقة بالثقافة.... حتى هذا الجانب يحتاج إلى بحث.. الخلاف بين بقرادوني وجعجع، يجب تحديد الموقف: نحن مع من؟ أو ضد من؟ إذن، حركة سياسية تتصدى لمهمات كبيرة جداً ومتعبة.. وتتطلب الحديث عنها... مشيء السلحفاة إذا كان متدرجاً، متتابعاً أحسن من قفز الأرنب بكثير.. طبعاً، ليس هذا دعوة للإحباط وإنما دعوة للتفكّر أكثر.. فإذا كان الإنسان استطاع أن يسير بخُطى ثابتة. الآن وبشكل أكيد، أفضل من الصدمة التي سوف تحصل فيما بعد...
طبعاً أنا مع قداسة الإحساس الذي يطرح من قبل الجميع: خلفيتنا كلنا، خلفية تغيير حكماً.. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلم يكن من ضرورة لهذا الاجتماع... لأنه لمجرد الاجتماع، فهو يعني شيئاً... يعني أن هناك أناساً لديهم إحساس بأن الوضع غير طبيعي أبداً.. هذا الوضع الغير الطبيعي، يستدعي نوعاً من التفكر...
طارق عبدالله:... أنا ركزت على كلمة "الحركة السياسية" فعلاً، حتى نشبعها نقاشاً: لقد قلت مشروع تنظيم، لم أتحدث عن حزب... إنما مشروع... حركة سياسية، هي مشروع يوصل إلى الحزب... نتساءل: الموقف من الأمة العربية، ونحن جزء منها، القضية الفلسطينية، العالم الثالث، العلاقة مع سوريا.. من هنا يجب فتح النقاش على الوطن العربي كله، وعلى العالم... إنما ما هو موجود في ورقة العمل هذه، يختص بلبنان... حزب الكتائب، قبل ذلك، يعالج شؤون وشجون اللبنانية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، أي لبنان بجغرافيته المحددة.. نحن لسنا كذلك: هموم الوطن العربي تعنينا. عندما نتعاطى في الأمور السياسية، سوف نتطرق إلى أمور الوطن العربي، ما هي علاقتنا به.
فما قصدته هو التالي: هل عبارة الحركة السياسية مناسبة للزمن الذي نحن فيه، للوقت الحالي، أم أنه يجب أن يسبقها شيء آخر، قبل أن نصل إلى ذلك... فإذا تبنّينا الحركة السياسية، يترتب عليها مهام كبيرة، تطلعات كثيرة.. ولست أدري إذا كنا نحن قادرين على تحمل هذا العبء الكبير، وإلاّ يجب أن يسبق الحركة السياسية صيغة يكون لها علاقة بالثقافة والتوعية والتوجُّه والشؤون الاجتماعية، إلى أن يقوى عودنا ونركز أنفسنا ونقف على أرض صلبة، ومن ثمّ بعد ذلك نخطو الخطوة التالية.. هذا ما قصده بكلام عن الحركة السياسية التي سمَّيتها مشروع لتنظيم حزب سياسي مستقبلي.
ملخّص
عادل البعاصيري:... ورقة العمل مهيَّئة لأن تكون مبادئ حزب في الحقيقة... وذلك من ناحية ترتيب الأفكار والأهداف فيها..
ولكن نقائص كثيرة في مجتمعنا.. ولكن ...
الفراغ، انتظار الناس.. والورقة يمكن أن تكون نواة حزب وإنما لنفكر نحن كيف يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة... وأرى أننا لم ننضج بعد لذلك..
عبدالعزيز حجازي:... الفراغ في ظرف كتابة الورقة له علاقة بمرحلة سُمِّيت بعنوان سياسة الانتخابات كيف نخاطب الناس في هذه المرحلة. وفي هذه المناسبة بالتحديد 400 اتفاق بعد مناقشات عديدة على وضع نقاط قد تكون صالحة لكل الأطراف، لذلك فقد مرّ وفيها كلمات، قد لا تناسب حديث اليوم: ومنها المسحة الإسلامية، أو الكلمات العامة جداً، (منها العالم العربي..).
إلاّ أن كل ذلك لم يلغِ إيجاد ورقة عمل يمكن الالتفاف حولها في تلك الفترة فترة الانتخابات...
وقد كانت في ذلك الوقت تشكل المركز الأساسي للحوار مع كل الأخوة المثقفين، المنطلقين من غير الصفر....
• وعن الظروف العامة السياسية لفترة الانتخابات
• هل فكرة واضحة عن تنظيم ما وما هو هذا التنظيم لأن أصحاب فكرة التيار، لا يعرفون تحديد كلمة التيار..
• هل باكر الآن الحديث عن التحرير؟.. من حق من يفتش ويفكر ويلتقي مع الآخرين من حقه أن يكون جاهزاً للتعاطي مع المنبر الحرّ والمنبر الثقافي الجريء، يجب أن نتعاطى بهذا النوع من الحديث عن التحرير.. ولنا الحق الحديث عن التحرير، لأن التحرير ليس في جانبه الماديّ هو المعبر الوحيد، كما نراه ميدانياً في الجنوب والبقاع الغربي..
• هذه الورقة شكلت الحدّ الأدنى من اللقاء وتمحور الحديث حولها، كان لها الفعل الإيجابي في التعاطي في الأمر العام.. نحن أمام التعاطي مع كل الفعاليات الدينية والسياسية وعلى مختلف انتماءاتها، بحوار حول ورقة العمل من هذا النوع.. إنما هذا لا يعني أن هذا هو الهدف الأخير..
هناك اتفاق أو إقرار حول البرنامج المتحرك، كل مرحلة تملي برنامجها يجب التعاطي فيه مع هذه المرحلة، على كل الأصعدة: الاجتماعية الفكرية السياسية الاقتصادية إلخ.. يجب أن يكون هناك هذا البرنامج، يتعاطى بشكل صحيح، مع المرحلة التي يعيشها بعد التوجه بتجمعه الحالي أو الراهن..
كان لابد من الإقرار بأن هذه الورقة يجب أن تتغير باستمرار حتى لا تتحول إلى قوالب إلى نقاط عامة ثابتة يمكن أن توقعنا في مشاكل عدة فيها: النقاط التي أشار إليها الأستاذ ناصيف بشكل واضح... لذلك حتى لا نقع في مطبّات ونكون دائماً مع نمو وتطوير ورقة العمل، يجب أن تُعاد باستمرار القراءات ويتم إلغاء ما شائب وهذا ما هو مختلف عما هو موجود في كل برامج الأحزاب والتنظيمات السياسية.
أما مسألة الهدف في الحقيقة أننا نريد أن نُجيب على مَنْ نحن؟ كما بدأت لسنا منطلقين من لا شيء. أننا ننطلق كلنا من تجربة. وهنا أريد أن أؤكد على فعل الواقع المعاش كلنا أصحاب تجربة، وننطلق من هنا بوعي لتجاربنا السابقة، وتجارب الغير. وعليه يمكن أن نحدّد مَن نحن؟ سبق أن وُجّه هذا السؤال ووُجّه في جلسات عديدة. أنا أقول: لكي أتوصّل مع الأخوة المجتمعين إلى الهدف المنشود، أنا من المتعاقدين معكم على إنشاء هدف له عناوين الواردة في الوثيقة التغييرية والتحريرية والتي لها صلة بكل المفاهيم الفكرية والسياسية دونما الالتزام بوجهة آحادية في هذا الموضوع. هذه الكلمات عامة إنما تعني شيئاً واحداً. أنا ممن تعاقد مع الأخوة الموجودين على ضوء هذه الورقة التي لا أعتبرها البرنامج الثابت، ولا أعتبرها البرنامج المتكامل إنما التغيّر مهم جداً في تعاطينا مع هذه الورقة، وتتكامل في فعلنا وبلقائنا وبنقاشاتنا كي نستطيع التوصل إلى الهدف المنشود. وهذا يملي الضرورة التالية:
1- برنامج الحد الأدنى هو اللقاء التنظيمي، حتى يصار لمواجهة لما هو موجود لابدّ من اللقاء التنظيمي الذي له صفة التحديد: أسبوعياً، كل أسبوعين..
2- اللقاء الذي يُعتبر جزءاً من مهام عملنا هو اللقاء مع الآخرين.
3- ضرورة المهام. كل في مركز عمله وفي وسطه.
4- وهذه الضرورة هامة جداً وهي تنشيط هذه المراكز الثقافية التي نحن نعيش فيها وهي التي تغطي لنا كل النشاطات، وهنا أسجل لأخي، ليس على سبيل كيل المديح، لأخي الدكتور مصطفى، ومع الأخوة الحاضرين معنا من المركز، لتوثيق الصلات مع الأخوة في لقاء الحوار اللبناني.. هذه الضرورة هي ضرورة عامة، كل واحد منا يتميز بها.....
مصطفى دندشلي:... لقد تطرَّق الأخوة المتحدثين إلى نقاط أساسية مهمة جداً... والصديق الأستاذ عبدالعزيز أفاض وأوضح كثيراً من الجوانب التي كانت تحتاج إلى توضيح.. وأضيف... ربما يكون قد حصل خطأ منهجي في هذه الجلسة، على اعتبار أن كنا قد أحببنا أن لا نكرر ما كنا قد أتينا على ذكره، وأن لا يتكرر النقاش حول مواضيع كنا قد ناقشناها في جلساتنا ولقاءاتنا السابقة.
وكنا قد طرحنا على أنفسنا هذا السؤال: مَن نحن؟ وهذا أمر طبيعي. نحن مَن؟ وحاولنا في جلساتنا أن نعطي بعض التفسير. ماذا نريد نحن المجتمعين هنا؟ فيجب أن نحدد أهدافنا.. وأن تكون الأهداف الفكرية والثقافية والوطنية بمتناول يدنا أو على الأقل نستطيع أن نخطو خطوات من أجل تحقيقها.. ثم كيف يمكننا أن نحقق ما نريد؟ كذلك جرى نقاش طويل عريض حول هذا الموضوع...
والأستاذ ناصيف ياسين، وهو على حق، وضع أصبعه على نقاط أساسية من الأهمية أن نناقشها مرة أخرى ونعاود مناقشتها تكراراً ، وخاصة وأننا كنا قد أكّدنا في السابق على أننا لسنا مستعجلين أبداً على الإطلاق. ليس لنا رغبة في أن نظهر بطريقة سريعة ثم نعود ونخبو... رغبتنا عميقة وصحيحة وواعية ونحاول بتواضع أن تكون ناضجة.. وإلاّ فإذا وجدنا أن الأمور ليست بعد ناضجة لتأسيس حركة سياسية ـ فكرية جديدة، فمن الأحسن أن نبقى على جنب،... فهذه الأمور واضحة تماماً في ذهننا..
كذلك هناك نقطة أُحبّ أن أجيب عنها وهي تعبير "العموميات" في الحقيقة، هذه الكلمة التي أطلقت ليست تعبيراً دقيقاً. إن ما ورد في هذه الوثيقة هو ما يمكن أن نسميه "بمفاهيم"، وهذا التعبير أصحّ فيما أعتقد، مفاهيم مجردة. لا يمكن لوثيقة من هذا النوع، في ثلاث أو أربع صفحات، وتريد أن ترسم الإطار العام الذي سوف تتحرك ضمنه، لتجمُّعٍ، لنواة تجمُّعٍ متواضع، لا يمكن لهذه الوثيقة أن تدخل في التفاصيل.. التفاصيل تحتاج فعلاً إلى دراسات وأبحاث ونقاشات والاستئناس بآراء الآخرين. وكنا نقول دائماً بأننا يجب أن نترك هذه الأمور إلى ما بعد ذلك.
لذلك، أرى أن كثيراً من الأخوة الذين قرؤوا هذه الورقة، لم يلتفتوا إلى الملاحظة المكتوبة في أسفل الصفحة الأولى... التأكيد في ورقة العمل على مفاهيم نظرية مكثفة، تحدد لنا الإطار العام. مضمون هذه المفاهيم: الاختصاصات تحددها في المستقبل مثلاً الديمقراطية، وهو مفهوم صعب ومعقد ويثير كثيراً من الالتباس... فقلنا إعطاء مضمون لهذا المفهوم يناسبنا، سوف نتركه للمستقبل وللقاءات متخصصة مستقبلاً...
... وحول السؤال! مَن نحن؟ هل نحن بصدد إنشاء حزب سياسي؟ لما لا، في المستقبل، إذا تطور هذا التجمع الديمقراطي الوطني الفكري والثقافي. وإنما أعتقد الآن، وكما تمّ الاتفاق والتعاقد فيما بيننا أن الآن ننطلق مما هو ممكن، وقابل للتحقيق. وما هو قابل للتحقيق الآن، هو هذه الحركة، أو نواة لحركة أن تتحدّد العلاقة فيما بين أعضائها وأن تكون مثلاً علاقة ديمقراطية. وأن ندرس تجاربنا. قبل أن نُنشئ حزباً، على سبيل المثال، من الأهمية أن ندرس التجارب الحزبية السابقة في لبنان، والأزمات التي مرّت فيها هذه الأحزاب، حتى إذا كنا فيما بعد نريد أن نُنشئ تياراً سياسياً. كثيرة من المفاهيم الواردة في الورقة، يجب أن ندرسها من خلال الممارسة والتجربة على الأرض، حتى تتكون لنا رؤية مستقبلية واضحة.
أما الخطوات العملية فيجب علينا أن لا نستبق الأمور. الموافقة على ورقة العمل وإقرارها ومن ثمّ تكوين النواة، ويأتي بعد ذلك تحديد ومناقشة خطة عمل تفصيلية للمستقبل.. برمجة الخطوات المستقبلية فهذه العملية منوطة فينا نحن جميعاً. يُضاف إلى ذلك وأنا أثني، الاتصال بمختلف التيارات الثقافية والفكرية، والاستفادة منها، والاحتكاك بها بالاعتماد على الأسلوب الديمقراطي... كل ذلك يغني حركتنا الواعدة في المستقبل.
مــاذا نريــد؟
ناصيف ياسين:
... أعود وأؤكد من جديد: إذا كانت تجربة لبنان الحاضر، والذي يتمثل فيها الواقع الراهن بدولة رئيسها الهراوي... والتي فيها كل التنظيمات... (الاتصال بمختلف المجالات) فعلى أي أساس سوف نتصل بها..... فأيّ لبنان نريد؟ (نبيه بري: هل شكّلت قائمته البديل في الوقت: الكوكتيل الانتخابي؟).
ما هو البديل؟
• كون إحساسنا، طبعاً الإحساس درجة أدنى من الإدراك، أننا لسنا قابلين للواقع كما هو، وكما موجود، حكماً يجب أن نرفع مستوى إحساسنا لوضع إدراك، محلّل، أن هذا الوضع الذي نحن فيه، ليس بالمستوى المطلوب. لذلك علينا أن نرد دائماً، وأن نبحث أكثر في الموضوع، سياسياً ماذا نريد؟ حركة، ما هو مضمونها؟! بالمعنى العام، والحركة السياسية لها علاقة بالوضع التنظيمي الذي سوف يتبعها مباشرة. الحركة السياسية، صحيح أنها أدنى من حزب لا تشكّل هرمية ضخمة طويلة عريضة، ولكن بالمقابل كل عمل يجب أن يكون منظماً. لابد من عمل منظّم، يستتبع التوجُّه السياسي.
يجب أن نجيب على هذا السؤال: لبنان عربي أم لا؟ لبنان مستقلاً! ما هي عروبة لبنان؟
• طرح السؤال، مشروعية طرح السؤال. ومشروعية التساؤل؟.
عبدالعزيز حجازي: مَن نحن؟ وأيّ لبنان نريد؟ كان يطرح كل التساؤلات...
ما يجب أن يحصر النقاش: في الهدف من اللقاء، وورقة العمل المطروحة للنقاش وهي لا تحتاج إلى التفاصيل الكثيرة.
• الهدف هو إجماع في ما بيننا على عمل شيء ما، هذا الشيء له عناوين، كما قلت، في الورقة.. فالعلاقة فيما بيننا كما حدَّدتها أنا على الأقل هي علاقة تعاقدية، بالحد الأدنى يتعاقد مع ما اقتنع به، مع موقعه، مع تجربته، مع هذا الإحساس الصادق.....
يجب أن نحصر هذا العمل في الجانب التعاقدي الجماعي الذي هو يتناسب مع وضعنا، لنحسم هذه النقطة على الأقل!
علي يتيم: مع أهمية الحديث وجماله إلاّ أننا نتجاوز واقعنا.. هذه الوثيقة التي بين أيدينا هي مُنجز، كبيراً أو صغيراً، هي مُنجز، اجتمعنا من أجلها مرات ومرات.
... الحديث الآن وكأنه يتجاوز كل هذه الأشياء وكأن ليس لدينا أي شيء وكأننا الآن نريد أن نأسِّس من جديد هناك ضرورة دستور مُلِحّ لقيام حركة سياسية: لقد توقفنا كثيراً أمام هذه النقطة وقناعاتنا، كانت هذه الوثيقة تعبِّر عن كل قناعاتنا وتوَجُّهاتنا، سابقاً وحالياً، وهي نواة حركة واعدة وطنية، ديمقراطية.
وجرى التأكيد في ورقة العمل هذه على مجموعة من المفاهيم النظرية والفكرية والمنطلقات المبدئية، من أجل طرحها ومناقشتها..
ثم، في هذه الظروف، الضرورة المُلِحّة لقيام قيادة سياسية جديدة، وهذه الكلمة تعني ما تعني...إلخ إلخ.
جميع هذه النقاط التي اختصرها ، لم تمرّ معنا هكذا بأسلوب إنشائي..
كل فكرة وكل كلمة وكل جملة، صيغت صياغة واعية وناضجة.
وقلنا، هناك فراغ هائل هذه القوى التي هدمت هذا البلد، بمفاهيـم مذهبيـة، بمفاهيـم عشائريـة أتت إلى السلطة، لتتقاسم التركة..
الفراغ موجود في السلطة وفي الشارع هذه القوى السياسية التي حكمت لبنان لفترة 15 سنة انتهت إلى مذايل الطائفية.
هذا الفراغ الموجود ألا يستدعي منّا إيجاد البديل له، البحث على الأقل في صيغة البديل... ألا يستدعي هذا الأمر البحث في الموضوع.
برأيي... نحن هنا حتى نعيد مناقشة هذه الوثيقة... لا يجوز أن نضعها على جنب ونتحدث في أشياء غبية لماذا؟ لأنه وكأننا كل يوم نبدأ من جديد.
نحن لدينا إنجاز (هذه الوثيقة) بسيط، كبير، لا يمنع.. ولكنه إنجاز بحدّه الأدنى.. لنبدأ منه، نطوّره، نضيف إليه،...
الآن لبحث إمكانية تنفيذ هذه الوثيقة، ما العمل؟ وارد برنامج وطني، برنامج عملي، برنامج تنفيذي لتنفيذ هذه الوثيقة، لنبحث في الخطوات التنفيذية، لماذا؟ لأنه إذا كنا نقول هناك تيار وطني ديمقراطي، التيار يبقى هو حالة، حالة معينة، هذه الحالة يجب أن تحرِّكها حركة.. قد توصّل إلى حزب أو لا توصّل إلى حزب، هذا أمر آخر.. لا نريد أن نناقش الآن ماذا نريد أن نفعل بعد عشرين سنة... نحن حركة اليوم، شئنا أم أبينا، لسنا حزباً، هذا صحيح.. ولكننا لسنا تياراً بالمعنى العام... نحن نريد أن نأسّس حركة وهذه الحركة قد توصِّلنا إلى حزب،... هذا موضوع آخر،.. إنما نحن حركة سياسية نريد أن نتصدّى لهذا المجتمع الذي نشعر بأن هناك فراغاً هائلاً فيه...
... نحن نعمل لوجود حركة سياسية اجتماعية ثقافية، تتصدى لملء الفراغ الموجود في المجتمع. هذا هو رأيي...
أسعد غندور: ..... من خلال الجلسة: نحن معترضون على الوضع القائم، نحن مجموعة معترضة على ما هو قائم، إن كان على المستوى الاجتماعي أو السياسي الاقتصادي، إن كان على المستوى الرسمي أو المناهض، هناك اعتراض.
واعتراضنا هذا دفعنا للقيام بعمل شيء واتفقنا في خلال جلساتنا السابقة، على العمل من القيام، أو نحن بصدد قيام حركة سياسية، أضفنا إليها كلمة فكرية أم لم نضف، هي حركة فكرية لأنه ليس من حركة سياسية دون أن تكون فكرية ـ لا سياسية بدون فكر فنحن وجودنا في سبيل بَلْوَرة حركة سياسية...
هذه الورقة كانت مقدمة، طُرحت للنقاش....
والآن، يمكن أن نعيد دراسة هذه الورقة.. بالتفصيل...
عبد العزيز حجازي:... مَن نحن؟ نحن هنا المتعاقدون على هذا العمل، ولها أرضية وهذه هي أرضيتها (الورقة).
الهدف؟ ليس هناك من خلاف حول الهدف وأنا ألتزم بالعناوين الموجودة في الورقة.
هل هي المعبِّر والتي تردّ على تساؤل.. نعم، الآن.. لأننا سوف نسعى لتطويرها في المستقبل.
• نقطة تنظيمية كيف يمكن أن تكون اللقاءات وهي من أهم الخطوات بالنسبة لهذا الإنجاز.
المواعيـد...
يوسف عبدالله:.. العمل التنظيمي أن يكون بعد الاجتماع الموسع.
ناصيف ياسين: .... هو وثيقة الحد الأدنى وليس هذا هو المطلوب للتغيير هذا مطلوب للبحث.
د. مصطفى دندشلي: كلنا متفقون على عدم التسرع، وحتى السرعة.. بالتأني. هذا أولاً، ثانياً، طرح تساؤلات، راهنة، مقلقة، ونبحث كيف أن نطرح هذه التساؤلات وكيف يمكن ومَن هم الذين هم مُأهّلون للإجابة على هذه التساؤلات.. كل ذلك يحتاج إلى خطة عمل! يجب أن نبرمج عملنا المستقبلي...إنما، هناك نقطة انطلاق: أن نوافق على الحد الأدنى... أن نبحث عن هُوية لنا؟ يجب أن يكون هناك شيء انطلق منه، ثمّ بعد ذلك كل التساؤلات مشروعة، ويجب أن نطرح، وأن نحسن (أن نُجيد) طرح هذه التساؤلات...
ونحن نحتاج إلى جلسات وإلى لقاءات عديدة...
مِنّا مَن يجتمع لأول مرة... الجدِّية، أن هذا لا يكفي... يجب علينا نحن أولاً وقبل أيّ شيء آخر، نحن كنواة أن نتعرّف على بعضنا أكثر فأكثر، الثانية التأكيد على الانسجام أولاً الفكري بين عناصر هذه النواة الصغيرة. فإذا هناك من تناقضات في هذه النواة، فالنتيجة معروفة. يجب أن نشدّد على هذا الجانب:
ـ نواة صغيرة منسجمة فكرياً، واستطاعت أن تكون واعدة مستقبلاً، ونرسم برنامجاً متجانساً... لقاءات دورية، ثم نقرّر عقد مؤتمراً عاماً تأسيسياً.
ـ ثم بعد ذلك، ولِمَ لا، نتقدم بطلب علم وخبر، حتى يكون عملنا عملاً في هذا الجوّ الديمقراطي، الهامش المتروك لنا...