كلمة المناضل - اليمن : أزمة هدف أم أزمة نظام
كلمة المناضل العدد 266 أيار ـ حزيران 1994
اليمن : أزمة هدف أم أزمة نظام
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
منذ أشهر والأزمة اليمنية تتفاقم حتى وصلت إلى مرحلة الاقتتال العسكري بين الأشقاء اليمانيين ، ورغم كل التدخلات والتوسطات واللجان التي شكلت إقليمياً ودولياً لم يستطع أحد الخروج بحل للإبقاء على الحوار والسلام الأخوي في اليمن وربما لم يبق مجال للحفاظ على الوحدة التي تشكل أثمن وأغلى مكسب لجماهير اليمن التواقة إليها منذ عقود طويلة سلفت.
فالوحدة بين شطري اليمن كانت الأمل والحلم الذي راود جماهير اليمن منذ أجيال ، تحققت تحت ظروف صعبة فرضت على قيادات الشمال والجنوب ، وكان المأمول أن تستثمر تلك القيادات المكسب العظيم الذي تحقق ، وتخلق ظروفاً جديدة تحافظ على الوحدة وتدفعها نحو الاستمرار والنماء والعطاء لتصبح الوحدة أقوى من الظروف التي حققتها وتزيد من مكاسب الجماهير كي تستشعر قيمتها وعطاءها وتدفع الجميع إلى التمسك بها والدفاع عنها والمحافظة عليها وتفرض بالتالي على القيادات اليمانية أن تتجاوز بعض العوامل والظروف التي أدت إلى الاقتتال والتناحر الذي أصبح يشكل خطرا داهماً يؤدي إلى التمزق والضياع ليس لليمن وثرواته وآمال شعبنا فيه بل ولأمال جماهير واسعة خارج اليمن تواقة إلى تحقيق الوحدة بين أقطار أخرى في هذا الوطن الذي عانى من التمزق والانفصال والتشتت خلال السنوات العديدة الماضية .
ان انتكاس أية تجربة وحدوية بين أي قطرين عربيين لا يعني إطلاقاً انتكاس أمل الوحدة وشعارها ، بل تؤكد جميع التجارب الوحدوية التي مرت على هذا الوطن أن السبب في ذلك يعود إلى تضخيم الأخطاء التي ترافق أية تجربة للوحدة . إضافة إلى عوامل أخرى موضوعية أو خارجية ترسبت عبر سنوات التشرذم والتشطير والانقسام وعدم تجاوز تلك العوامل والارتقاء بالنفس والسلوك إلى مصاف ذلك الهدف النبيل وهو الوحدة ، وإن إغناء النظام الوحدوي الجديد بمضامين اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية تحتاجها عملية الوحدة وتعطي الجماهير في الدولة الجديدة مكاسب إضافية تحمل هذه المضامين ، وتكسب الوحدة وجماهيرها قوة دفع للحفاظ على المكتسبات التي تحققها الوحدة وذلك كفيل بأن يعطي الوحدة وجماهيرها قوة إضافية تحميها من الانتكاس كما حدث في السابق .
أن الوحدة العربية تشكل سياجاً استراتيجياً وهدفا دائما للأمة وجماهيرها وهي الأمل الذي يجب أن لا يتوقف الكفاح والنضال في سبيل تحقيقه ، وعلى جماهيرنا وقياداتها الشعبية والرسمية الاستفادة من أي ثغرة حدثت في الماضي لتجاوزها في المستقبل . وان التخطيط الواعي السليم للوصول إلى هذا الهدف هو وحده الكفيل بالحفاظ عليه وعلى جذوته قائمة في قلوب الجماهير . وأية انتكاسة للوحدة تحملنا على التمسك بها أكثر لأنها الهدف الأهم والأصعب تحقيقاً في ظروف التآمر والاستغلال العالمي وظروف الهيمنة والسيطرة من القوى الإمبريالية والصهيونية الطامعة في الوطن وثرواته .
إن وقف نزيف الدم والعرق والجهد والثروات والحفاظ على الوحدة في اليمن الشقيق مسؤولية كل المخلصين في هذه الأمة وهذا ما يقوم به الحزب وقيادته في سورية وما يقوم به الرفيق الأمين العام شخصياً ليتجاوز اليمن هذه المحنة التي لحقت به وأضرت بالأمة العربية .