كلمى المناضل - مرتكزات مهمة لسياسة الحزب في مجال السلام ..
كلمة المناضل العدد 258 ك 2 ـ شباط 1993
مرتكزات مهمة لسياسة الحزب في مجال السلام ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
بعد تسلم الرئيس بيل كلينتون مقاليد السلطة في الولايات المتحدة الأميركية ، عادت المساعي الدبلوماسية إلى النشاط مجدداً " لإقرار سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط " ، وكما أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة أن من مهماتها الأولى عودة مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية إلى مسارها ، فإن المهمة التي تواجه أميركا ورئيسها الجديد ليست سهلة إطلاقاً إذا ما استمرت على مواقفها السابقة في التغاضي عما تفعله سلطات الاحتلال الصهيوني في الأراضي المحتلة ضد السكان العرب واضطهادهم ، والاستمرار في تشريد المبعدين منهم خارج حدود فلسطين . إن الولايات المتحدة بانتهاجها سياسة المكيالين لتطبيق القرارات الدولية ، ومعاملة إسرائيل معاملة خاصة جداً في هذا المجال ، لا تكون وسيطاً نزيهاً ـ كما يفترض ـ فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني ، وفي مفاوضات السلام ، التي ترعاها مع روسيا ، كما هو معروف حسب القرارات الدولية السابقة لقد أظهر العرب رغبة صادقة في السلام ، وقدموا لهذا الهدف كل ما يمكن تقديمه ، وسهلوا مهمة التفاوض إلى أبعد الحدود حتى ليخيل للعالم أن العرب قد تنازلوا لإسرائيل عن مسائل جوهرية في تاريخ الصراع الطويل ، ولم تبد إسرائيل أي تسهيل لعملية السلام ، بل على العكس من ذلك فان ما قامت به حكومة اسحق رابين العمالية من الأعمال القمعية خلال عمرها القصير ، فاق ما فعلته سابقتها حكومة الليكود التي كانت تظهر التشدد في مجال مفاوضات السلام في واشنطن ، فعشرات الشهداء من الشباب الفلسطينيين سقطوا خلال الأشهر القليلة الماضية، ومئات الجرحى ، وعشرات المساكن المنسوفة ، والأحياء العربية التي تهدم بكاملها ومئات المبعدين في أقسى ظروف الطقس والحياة على الشريط الحدودي المحتل من لبنان ، كل ذلك ، مع استمرار الصمت والتغاضي وربما التبرير من جانب " الوسيط الأميركي " يجعل العالم يضع الموقفين العربي والإسرائيلي في مجال المقارنة والمفارقة الكبيرة بين من " يسهل " ومن " يعقد " الوصول إلى سلام عادل ودائم في المنطقة .
لقد أظهرت سورية بشكل خاص أمام وزير الخارجية الأميركية السيد وارن كريستوفر الذي زارها قبل نهاية هذا الشهر في جولته الاستطلاعية على المنطقة ، أظهرت رغبة حقيقية في استمرار العمل من أجل السلام ، وإعادة تواصل المفاوضات العربية الإسرائيلية شريطة أن يقوم الجانب الإسرائيلي من جانبه بتسهيل تلك العملية والالتزام بالتطبيق الكامل لقرارات المجتمع الدولي ، لأن من يرغب حقيقة في الوصول إلى السلام عليه أن يظهر النوايا لذلك .
إن من يرغب بتطبيق قرارات مجلس الأمن رقم 242 ، 338 القاضية بإعادة الأرض التي احتلت وإقرار الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني والوصول إلى سلام آمن للجميع أولى به أن يقوم بتطبيق القرار 799 القاضي بإعادة المبعدين إلى أرضهم ، وإلا فكيف يمكنه الإدعاء والتظاهر بالقبول بالقرار الاشمل الأعم (242) دون تطبيق القرار الأقل والأخص (799) .
إن السلام العادل والشامل حسب فهمنا هو السلام الذي يشمل الجميع بنعمته ويحقق الأمن لكافة الأطراف . ونعتقد أن قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة في هذا الخصوص جميعها تحقق ذلك وليس جزءاً منها أو بعضها ، فهي " كل متكامل " إذا اخترق أيا منها أو رفض بعضها فان السلام لن يكون عادلاً وشاملاً ، وهذا ما تحاول سورية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وأمينه العام تجنبه ، وهذا دائماً ما تركز عليه السياسية السورية لإعادة المفاوضات ، وهو ما تم إيضاحه للولايات المتحدة الأميركية والعالم الذي يهمه عملية السلام في منطقتنا .