كلمة المناضل - الأرض هي الكرامة هي الوطن ..
كلمة المناضل العدد 257 ت 2 ـ كانون 1 1992
الأرض هي الكرامة هي الوطن ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
بانقضاء عام 1992 ، يكون قد مر ما يزيد عن العام ، على " مؤتمر السلام " الذي عقد في مدريد استجابة لمبادرة الرئيس الأميركي جورج بوش آنذاك وبرعاية الدولتين الكبيرتين الولايات المتحدة الأميركية وما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي .
وبرغم هذه المدة والجلسات المتعددة ، من جولات المفاوضات بين الوفود العربية وإسرائيل والتي انتهت جولتها الثامنة قبيل نهاية هذا العام ، لم يبدر حتى الآن عن الإسرائيليين ما يشير إلى التزامهم بتطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية التي بنيت على أساسهما مبادرة الرئيس الأميركي وسارت عليها مفاوضات السلام في واشنطن .
لقد توقعنا منذ ما يزيد على العام وقبل انعقاد المؤتمر المذكور أن " إسرائيل " وقياداتها سواء كانت تنتمي إلى تكتل الليكود وحلفاءه ، أو إلى حزب العمل ومناصريه ، إن إسرائيل كلها ليس لديها أية رغبة في سلام قائم على العدل أو أية نية لتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومنظماتها الأخرى ، وتوقعنا أن مثل هذا المؤتمر قد يسفر عن لجان ومسارات يفترض فيها أن تناقش متوجبات عملية السلام على الجبهات العربية ، لكن هدف " إسرائيل " هو تمييع تلك المباحثات وإطالة أمدها وعدم الالتزام بتطبيق ما اتفق عليه في الأساس ، ومع مرور الزمن تفقد عملية السلام زخمها في المنطقة وقد تظهر مشكلات أخرى في العالم تستوجب توجيه الاهتمام العالمي لها ليبقى الوضع في منطقتنا على حاله خصوصاً إذا لم تجد إسرائيل من يرغمها على انتهاج الطريق الصحيح للسير في عملية السلام تلك ( * ) .
إن من يرغب في إقامة السلام العادل يجب أن تتوافق تصرفاته اليومية مع عملية السلام تلك . ونرى إسرائيل اليوم مستفيدة من الأوضاع العربية المشتتة والغافلة والموقف الدولي المنشغل بقضايا أكثر أهمية من السلام العربي الإسرائيلي وبسبب الموقف الأميركي الذي ما يزال متردداً في وضع مبادرة الرئيس الأميركي التي انعقد مؤتمر مدريد على أساسها متردداً في وضعها الموضع الصحيح ، " إسرائيل " اليوم تسير في طريق آخر وتستمر في انتهاج سياسة العدوان والاضطهاد سواء كان في فلسطين المحتلة حيث الانتفاضة الباسلة والقمع المتواصل لعرب فلسطين وإبعاد مئات السكان العرب من الأرض المحتلة في مخالفة لأبسط القوانين الدولية وأكثرها وضوحاً ، أو كما هو الأمر في جنوب لبنان حيث تحتل إسرائيل جزءاً منه بالتعاون مع بعض القوى العملية حيث يستمر القصف والقتل والغارات الصهيونية شبه اليومية في محاولات القضاء على المقاومة الوطنية اللبنانية التي تقف في وجه الاحتلال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) افتتاحية العدد 249 تموز ـ آب 1991 تحت عنوان : مؤتمر السلام والاحتمالات الثلاث ..
أن إسرائيل بسياستها هذه ، تؤكد على الطبيعة العنصرية العدوانية للصهيونية وتصر على تجاهل القرارات الدولية لأنها لا تجد من يردعها عن ذلك ويرغمها على تطبيقها .
لقد أكدت سورية وعلى لسان رئيسها في الخطاب الهام الذي ألقاه في المؤتمر الثاني والعشرون للاتحاد العام لنقابات العمال في سورية في الرابع عشر من كانون الأول عام 1992 " أن سورية سوف تتابع عملية السلام التي بدأت ، لكن ليس بدون نهاية ، ولن تكون تلك العملية على حساب الأرض العربية لأن الأرض هي الكرامة وهي الوطن " .
ولأن سورية ملتزمة بالسلام ، فهي ملتزمة بالعمل على تحقيقه ، وهي لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف بعرقلة تلك المسيرة أو التباطؤ فيها أو محاولات حرفها ودفعها في مسارات لا تخدم الهدف القومي للأمة العربية ..