كلمة المناضل - لبنان .. خطوات مهمة على طريق البناء - عددان
كلمة المناضل العدد 256 أيلول ـ ت 1 1992
لبنان .. خطوات مهمة على طريق البناء ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في الوقت الذي بدأ فيه لبنان بالتعافي من جروحه العميقة التي بدأ نزيفها منذ ما يقرب من عقدين من الزمن ، وبدأ المواطنون يشعرون لذة الأمن والسلام والطمأنينة ، بدأت المؤسسات الرسمية والشعبية والسياسية والاقتصادية بالعودة إلى الحالة الطبيعية التي يجب أن تكون عليه . ومنذ بدئ بتطبيق ميثاق الطائف الوفاقي بدأت حرارة العمل النشيط لاستكمال مؤسسات الشرعية السياسية وكانت الانتخابات النيابية قمة تلك النشاطات التي توجت مسيرة الوفاق رغم محاولات صغيرة من بعض من لا يروق لهم التخلي عن مواقع الإقطاع السياسي والعائلي ، أو بعض الذين يرتبط تاريخهم بالتعاون مع القوى المعادية خارج هذا الوطن ، تلك القوى التي ساعدت في تمزيق الأمة العربية وضرب مصالحها وزرع الكيان العنصري الصهيوني المعادي والغريب عن جسد هذه الأمة .
لقد كانت الانتخابات النيابية اللبنانية بحد ذاتها إنجازاً كبيراً بعد عقدين من الزمن سادها الفراغ السياسي والأمني الذي عاشه لبنان ، واجتماع أول مجلس نيابي منتخب واستكمال الخطوات الدستورية بعدها مع ما رافق ذلك من نتائج مهمة على صعيد التمثيل الواسع لفئات جماهيرية شعبية غابت طويلاً عن ساحة التمثيل السياسي ، كان هذا كله ضربة قاسية لمحاولات استمرار التشرذم والتمزيق الذي حاولت القوى المعادية فرضه على لبنان ، وبالتالي أشغال القطر العربي السوري به لصرفه عن المهام الأساسية التي نذر نفسه لها .
إن نظرة سريعة لما تم تبين مدى الجهد الذي بذلته ثورة الحزب في القطر العربي السوري وقيادته في سبيل إنهاء الوضع الشاذ الذي مر بلبنان وتجنيب مواطنيه محنة استمرار الاقتتال والفرقة والبؤس والتشريد ، إضافة لما عاناه لبنان من احتلال صهيوني لجنوبه وتشريد مواطنيه واستمرار العمليات العسكرية الصهيونية المباشرة أو غير المباشرة من قبل العملاء الذين زرعتهم قوات الاحتلال في جنوب لبنان .
إن ما تم في لبنان سوف يكون سلاحاً مهما بيد المفاوض اللبناني في واشنطن حيث تجري المعركة السياسية الكبرى بين العرب والإسرائيليين وحيث أن أي جهد لتعزيز الجبهة الداخلية في أي قطر من أقطار المواجهة خاصة ، والأقطار العربية الأخرى عامة ، سوف يعطي الوفود العربية سلاحاً جديداً أمام التعنت والتصلب والصلف الصهيوني .
ونحن اليوم نستذكر حرب تشرين التحريرية عام 1973 التي خاضتها القوات العربية بشرف وبسالة وما كان من نتائجها على المستويات كافة ، يحق لنا أن نعتز بما تملكه الأمة العربية وجماهيرها من قدرة على تجاوز المصاعب كافة ، لتعود وتجدد نفسها ووحدتها ، لتعاود المعركة على الصعيد السياسي لإنجاز ما هدفت له المعركة العسكرية في تشرين التحرير وعودة الأرض والحق لأصحابه الشرعيين .