كلمة المناضل - الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على القضايا القومية - عددان
كلمة المناضل العدد 255 تموز ـ آب 1992
الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على القضايا
القومية ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية تتصاعد حدة المنافسة بين الحزبين ، الديمقراطي ومرشحه " بيل كلينتون " والجمهوري ومرشحه الرئيس الحالي " جورج بوش " ، وتبرز انعكاسات هذا التنافس الانتخابي على أبرز قضايا الصراع في مختلف مناطق العالم . وغالباً ما يتبارى المتنافسان من أجل كسب أصوات الناخبين الأميركيين ومجموعات الضغط في الولايات المتحدة بإعطائهم الوعود والضمانات لصالح مجموعاتهم وما يمثلون من قوى تقف وراء هذه المجموعات الضاغطة .
و أبرز تلك المجموعات الضاغطة هي المجموعات الصهيونية أو ما يسمى باللوبي الصهيوني . وتأثيرها على أصوات اليهود في الولايات المتحدة لا جدال فيه . حيث تستطيع هذه المجموعات أن تضع ثقلاً حقيقياً إلى جانب أحد المرشحين سواء كان بإعطاء أصوات ناخبيهم أو الدعم المتعدد الأشكال للحملة الانتخابية للمرشح الواعد .
ومعروف أن مجموعات الضغط الصهيونية لها تأثير كبير في الولايات المتحدة الأميركية ، سواء من حيث عدد أصوات اليهود أو الوسائل الإعلامية التي تمتلكها ، وكذلك المؤسسات المصرفية والمالية التي تمول مثل هذه الحملات الانتخابية المكلفة .
لقد برزت انعكاسات هذه الحملة سلباً على قضايا العرب وحقوقهم ونضالهم خلال الأشهر المنصرمة ووصلت في سلبيتها إلى قمتها في منح الرئيس الأميركي جورج بوش إسرائيل ضمانات القروض ومقدارها / 10 / مليارات دولار والتي كانت قد أوقفت في السابق إلى أن يتحقق تقدم في المباحثات العربية الإسرائيلية الجارية في واشنطن حسب قرارات مؤتمر مدريد ومبادرة الرئيس الأميركي نفسه في ذلك الوقت . وعلى الرغم من عدم تحقيق أي تقدم في جولات المباحثات تلك ، فقد أقدم الرئيس الأميركي على منح إسرائيل تلك الضمانات وهذا بحد ذاته أعطى دفعاً جديداً لإسرائيل في مجالات كثيرة أهمها تثبيت الاستيطان وفسح المجال لاستيعاب أعداد جديدة من المهاجرين اليهود .
وهناك مسألة أخرى يجري الإعداد والتنسيق لها بين الدوائر الاستعمارية القديمة بهدف زيادة الضغط على العراق في محاولات لكسب الرأي العام الأميركي لصالح الرئيس جورج بوش والقيام بعمل عسكري لا مبرر له تحت حجج واهية وهي حماية أبناء جنوب العراق من بطش السلطة الدكتاتورية في بغداد . إن هذا الأمر ربما تستفيد منه جهات معادية لمصالح الأمة العربية ولمصالح العراق بالذات ، هذه القوى التي دأبت منذ زمن طويل على تقطيع أوصال الوطن العربي وتفتيته إلى أجزاء بدءاً من معاهدة " سايكس بيكو " وحتى الآن ، لتحقيق حلم الاستعمار القديم بتجزئة الوطن إلى دول ودويلات ، ثم تجزئة هذه الدول إلى كانتونات وكيانات طائفية هزيلة حتى يبقى الكيان الصهيوني العنصري أكبر هذه الدول الطائفية وأقواها .
أن هذه السياسة وان اتخذت شعاراً معادياً لحاكم بغداد إلا أنها في النهاية تهديد خطير لمصلحة الأمة العربية ووحدتها القومية التي دأب الحزب دائماً على التأكيد عليها والنضال في سبيل الوحدة على أساس المبادئ القومية ، ونبذ كافة أشكال التفرقة الطائفية وتحت أي شعار مهما كان ذلك الشعار براقاً .
إن النضال لإسقاط الدكتاتورية الفاشية في العراق لا يعطي مبرراً لأي كان أن يساهم في تجزئة جزء عزيز من الوطن وتقسيم مواطنيه على أسس رفضها الحزب منذ تأسيسه وما يزال يناضل ضد استشرائها في الوطن العربي ، لأن وحدة شعبنا العربي في العراق هي الكفيلة بإسقاط النظام الفاشي الذي ألحق المآسي بالعراق والوطن العربي والأمة العربية وفسح المجال أمام أعدائها لتمرير مخططاتهم وتنفيذ سياساتهم القديمة .