كلمة المناضل - وهل نجاح حزب العمل الصهيوني يحقق السلام ؟؟- عددان
كلمة المناضل العدد 254 أيار ـ حزيران 1992
وهل نجاح حزب العمل الصهيوني يحقق السلام ؟؟..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
مع ظهور نتائج الانتخابات النيابية في الكيان الصهيوني وعودة حزب العمل الصهيوني إلى واجهة الحكم وانهزام كتلة الليكود ، يتوقع العالم حدثاً جديداً في السياسة الإسرائيلية تجاه عملية السلام التي بدأت في مدريد منذ عدة أشهر ولم يحدث فيها أي تقدم على أي صعيد وذلك بسبب التعنت الصهيوني ورفضه الاعتراف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني السياسية أساساً ، واستمراره في رفض الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حول مجمل جوانب الصراع العربي الصهيوني واحتلال الأرض وتهجير السكان وكافة الممارسات القمعية ضد المواطنين العرب عشرات السنوات السابقة .
إن تلك التوقعات التي تشير إليها أوساط مختلفة من الرأي العام العالمي وحتى بعض الأوساط العربية الواهمة من أن تغيراً سيحدث بعد نجاح حزب العمل مبنية فقط على آمال وأماني ، وليست مبنية إطلاقاً على حقائق موضوعية أساسية في إنشاء الكيان العنصري الصهيوني في فلسطين منذ عام 1948 وما بعد ذلك ، وكلنا يذكر الأحداث التي وقعت قبل إنشاء " دولة إسرائيل " وبعدها ودور حزب العمل وقادتهم في ذلك ، والحروب المتعددة التي شنها ذلك الحزب عندما كان في قيادة الدولة في إسرائيل مما يجعل الصورة لا تغيب عن أعيننا ولو للحظة واحدة أو تنسينا الحقائق حول السياسة التوسعية العدوانية للعدو الصهيوني بمختلف قياداته واتجاهاته السياسية سواء كانت في السلطة أو خارجها تجاه الأمة العربية وجماهيرها .
ويجب أن يتذكر العرب أولا والعالم بعدهم أن الذي أعلن قيام الدولة الإسرائيلية واحتل الأرض العربية وشرد شعبها ثم قام بعدوان 1956 على مصر وبعدها عدوان حزيران 1967 هم قادة حزب العمل أولاً ، وهم أيضاً كانوا في قيادة الدولة الصهيونية عندما حدثت حرب تشرين عام 1973 ، وهم الذين رفضوا الانسحاب وحقوق الشعب العربي الفلسطيني .
إن النزاعات الداخلية في الكيان الصهيوني وبروز تأييد حزب ما وبخاصة في الانتخابات لم تكن في تاريخ دولة إسرائيل خلافات على السياسة الخارجية أو الموقف من الدول العربية ، بل غالباً ما كانت نتيجة أوضاع داخلية إسرائيلية وصراعات على السلطة وخلافات حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية في دولة العدو خصوصاً بعد قدوم أعداد هائلة من المهاجرين الجدد وازدياد الأوضاع سوءاً داخل ذلك الكيان بسبب سياساته الرامية إلى توسيع الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة أو تثبيت الاحتلال خارج حدود عام 1967 وإبقاء الآلة العسكرية الإسرائيلية وإنفاقها الهائل في وضع التحفز للعدوان كما يحدث في الجولان وجنوب لبنان .
إن الاحتمالات التي يجب أن يفكر فيها العرب يجب أن تكون في اتجاه أن المفاوضات مع العدو ربما ستكون أصعب في المراحل القادمة لأن الاعتقاد الصهيوني لدى كل من حزب العمل وحزب الليكود " إن أرض إسرائيل مقدسة ولا يمكن التخلي عن شبر واحد منها " ، وكما نعرف أن أرض إسرائيل حسب الاعتقاد التوراتي الصهيوني تمتد من النيل إلى الفرات ، يضاف إلى ذلك كله أن الوضع السياسي العربي المجزأ والمهزوز ، كذلك الوضع الدولي الموالي لإسرائيل لا يجعل مجالاً للشك إن إسرائيل في وضع جيد وما من شيء يضغط عليها ليدفعها إلى التنازل أو الانسحاب .
أن الوضع العربي والقوة العربية هما الضمانة الأكيدة لتحقيق أي تقدم على هذا الصعيد وكما نرى اليوم فما من دولة عربية إلا ولها مشكلة خاصة تشغلها باستمرار وحتى المشكلات الصغيرة تتضخم لتجعل منها مشكلة كبرى ولها الأولوية على كل القضايا القومية ، وهذا ما تريده القوى الإمبريالية وتريده الصهيونية ومع وجود أنظمة حاكمة في معظم الأقطار العربية تفتقد مقومات العمل القومي وينقصها الشعور بالمسؤولية الكبرى تجاه الأحداث الاستراتيجية للأمة العربية ويخضع معظمها لسياسات خارجية نتيجة الظروف التي مرت بالوطن العربي بعد حرب الخليج وانهيار الاتحاد السوفييتي السابق ودوله وتفتت الحركة الوطنية العربية وتغليب المشكلات القطرية على القضايا القومية كل ذلك يساعد العدو الصهيوني والقوى المؤيدة له على عدم التنازل والخضوع لقرارات المجتمع الدولي وإقرار الحقوق القومية المشروعة للأمة العربية في أرضها وخصوصاً الحقوق الثابتة للشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة على تراب فلسطين .
رغم كل ذلك سيبقى الحزب وقيادته وثورته في القطر العربي السوري في طليعة الصامدين أمام العدو والمدافعين عن الحقوق الثابتة للأمة العربية في أرضها ووطنها ، وسيبقى الحزب في مقدمة الرافضين للسياسات القطرية الضيقة والمدافع عن القضايا الكبرى لتحقيق الأهداف القومية للأمة العربية ..