كلمة المناضل - عددان - العنصرية والصهيونية معاً على الطريق
كلمة المناضل العدد 240 ك 2 شباط 1990
العنصرية والصهيونية معاً على الطريق
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في وقت تتصاعد فيه الانتفاضة الباسلة في الأراضي العربية المحتلة ضد الصهيونية العنصرية وأساليبها البشعة ، ومع دخول العالم عاماً جديداً يحمل معه متغيرات مهمة سوف تنعكس على حياة البشرية عموماً تنطلق في الوقت نفسه من نقطة قضية في أفريقيا شعلة نور انتظرها العالم المتطلع إلى الحرية والعدل والمساواة سبعة وعشرين عاماً ، شعلة أضاءت درب المتعبين السود الذين أنهكتهم سياسة التمييز العنصري البغيض التي تمارسها حكومة المستوطنين البيض في جنوب أفريقيا السوداء . فلقد أطلق أخيرا سراح المناضل الأفريقي نلسون مانديلا الذي استطاع بصموده في زنزاته سجانيه أن يدحر كل الغطرسة والبطش والإرهاب والتمييز العنصري البغيض لحكومات وسلطات المستوطنين البيض الذين احتلوا جنوب أفريقيا وأجزاء أخرى من القارة السوداء خلال عشرات السنين الماضية . وقبل ذلك يتذكر العالم اندحار حكومة العنصرين في زمبابوي " روديسيا سابقاً " وبقيت أمام العالم اليوم البقعة المظلمة الوحيدة من بقاع التمييز والهيمنة العنصرية في فلسطين المحتلة من قبل الصهاينة المهاجرين .
إن الآلاف من المناضلين الوطنيين في سجون الاحتلال الصهيوني التي تعج بها الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان والآلاف الآخرين ممن شوهتهم وسائل التعذيب النازي الصهيوني خلال عشرات السنين من أعمال القمع والتعذيب وعائلات الآلاف من الشهداء الذين سقطوا على يد سلطات الغزو الصهيوني للوطن العربي ، أن كل هؤلاء ، وعشرات الملايين غيرهم من أبناء الأمة العربية الذين يشاهدون قلاع العنصرية تتهاوى أمام صمود المناضلين الوطنيين في أفريقيا وكفاحهم المسلح ، يزدادون ثقة بحتمية اندحار الصهيونية العنصرية في وطنهم ، بان ذلك يتحقق فقط بوعيهم وصمودهم واستمرار مقاومتهم وكفاحهم المسلح المشروع ، وليس بأية وسيلة استجداء أخرى تمارسها بعض قياداتهم وقيادييهم .
ان حزبنا الذي وقف بحزم وما زال ضد جميع أنواع التفرقة وفي مقدمتها التفرقة العنصرية البغيضة يعتبر أن إطلاق سراح المناضل نلسون مانديلا مكسب كبير يتوافق مع ما يحمله من مبادئ حيث وقف حزبنا طيلة عقود مضت مع نضال الوطنيين في أفريقيا ، وهو يتطلع اليوم إلى نهايات النظام العنصري البغيض بفرح كبير آملاً أن يتواصل هذا النضال وتستمر نجاحاته لتعم جميع الأفارقة وينعكس إيجابياً على النضال العالمي ضد العنصرية خصوصاً في فلسطين المحتلة .
إننا نتذكر المساعدات والمعونات التي قدمتها جنوب أفريقيا للكيان الصهيوني وحتى قبل تأسيسه رسمياً . وكما نتذكر مساهمات جنوب أفريقيا ويهودها في تسهيل استيطان فلسطين وإعلان الجنرال " جوثنان سمطس " رئيس حكومة جنوب أفريقيا آنذاك ومساهمته في إصدار وعد بلفور عام 1917 .
ونتذكر كذلك أن أول رئيس حكومة في العالم يزور الكيان الصهيوني كان رئيس وزراء جنوب أفريقيا " دانييل مالان " وذلك عام 1953 .
وليس بعيداً ذلك اليوم الذي وقف فيه رئيس وزراء جنوب أفريقيا " جون فورستر " في تل أبيب مع اسحق رابين الصهيوني العنصري في نيسان 1976 حيث قالا ما معناه " أن مجتمعاتنا تتشابه كثيراً فنحن وأنتم مهاجرون سكنا أرضا جديدة ، وفي ظل ظروف متماثلة من الهجرة وعداء السكان المحليين وأقمنا فيها أنظمة متشابهة في جو يحيط بنا الأعداء ، فلذلك يجب أن يستمر التعاون والتعاضد والتكاتف بيننا كي نستطيع حماية أنفسنا والصمود في هذا العالم لأن إسرائيل وجنوب أفريقيا تحاربان معاً من أجل وجودهما في عالم معادٍ . لأن الدولتين على خط الجبهة " .
والآن وبعد إشراف الكيان العنصري في جنوب أفريقيا على الانهيار ، يتحتم على كل القوى المناضلة في الساحة الفلسطينية والعربية أن توحد صفوفها وتستمر في الكفاح لإسقاط النظام العنصري الصهيوني الذي سيصبح يتيما في العالم بعد التحولات المهمة في جنوب أفريقيا .