كلمة المناضل - عودة إلى اللجنة الثلاثية المقدمات الصحيحة تقود إلى نتائج صحيحة ..
كلمة المناضل العدد 236 أيلول 1989
عودة إلى اللجنة الثلاثية
المقدمات الصحيحة تقود إلى نتائج صحيحة ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في إطار البحث عن حل لأزمة لبنان ، حاولت مؤخراً بعض القوى الدولية الدخول على الخط ، فأرسلت بعض القطع البحرية إلى السواحل اللبنانية في محاولة عقيمة للتدخل العسكري ثم عادت فسحبتها .
أن ذلك يذكرنا بمحاولات القوى الإمبريالية عندما جربت إرسال قواتها إلى لبنان فوجدت مقاومة وعنفاً وموقفاً قومياً صلباً ، أدى في النهاية إلى هزيمة تلك القوات وانسحابها مثخنة بالجراح ، وحاولت تلك القوى وعلى رأسها الإمبريالية الأميركية تدمير لبنان بضرب مواقع القوى الوطنية فيه ، واستخدمت بذلك أضخم بوارجها ومدمراتها ففشلت كما فشل إنزال جنود البحرية الأميركية قبل ذلك . وسبق أن شهد لبنان عام 1958 تدخلاً أميركيا ً مباشراً أبان الاضطرابات التي افتعلتها القوى العميلة آنذاك والتي أدت إلى هزيمة كميل شمعون وسقوط حكمه وسياسته الموالية للغرب الاستعماري .
إن المطامع الاستعمارية لا تتوقف عند حد معين في وطننا العربي ، ولا نعتقد بهزيمة قواها مرة ، تكون قد انهزمت إلى الأبد ، فمثال لبنان واضح حيث تكررت محاولات القوى المعادية لأماني العرب مرات عديدة خلال السنوات السابقة وربما بنفس الأسلوب بدءا بالضغط السياسي ثم تحريك العملاء في الداخل وافتعال الأحداث ، ثم التدخل العسكري المباشر وبعدها الهزيمة والاندحار .
أحداث تكررت وربما تتكرر مرات أخرى ما دامت المطامع الإمبريالية والصهيونية موجودة ، وما دام الكيان الاستيطاني الصهيوني على أرض فلسطين قائماً ، ومن المحتمل أن يتكرر ذلك في أماكن أخرى من الوطن العربي ، إذا وجدت القوى الاستعمارية لذلك منفذاً .
بعد انحسار الموجة المعادية دولياً وعربياً واقتناع الجميع بأن الحل في لبنان لا يمر إلا عبر القنوات العربية وفي الاتجاه الصحيح حصراً الذي طالما طالبت به القوى الوطنية والعربية التي يدعمها حزبناً وثورته في القطر العربي السوري والهادف أساساً إلى الحفاظ على وحدة لبنان وعروبته وخلاصه من الاحتلال الصهيوني والمساواة بين مواطنيه بالحقوق والواجبات ، كل ذلك قاد إلى الاقتناع بوجوب عودة اللجنة الثلاثية العربية إلى مراجعة أسلوب عملها لتطبيق قرارات القمة العربية التي انعقدت في مدينة الدار البيضاء بالمغرب بخصوص الوضع في لبنان والأزمة القائمة فيه .
وفي ظل النشاط العربي السوري والمواقف الثابتة المبنية على أساس المبادئ التي يتمسك بها حزبنا وجماهيرنا ، اتجهت أنظار الرأي العام ، خصوصاً بعد قرارات القمة التاسعة لدول عدم الانحياز التي انعقدت في مطلع هذا الشهر في بلغراد بيوغسلافيا ، والتي ساندت بوضوح ، وحدة لبنان وسيادته وانسحاب " إسرائيل " الفوري وغير المشروط من أراضيه وتطبيق قرارات الدار البيضاء .
نقول اتجهت جميع الأنظار إلى اللجنة الثلاثية العربية وحصر المسألة اللبنانية ضمن الإطار العربي ، مما أدى بالنتيجة إلى انحسار موجة الغلو الطائفي وفشل المخطط الانعزالي الذي يقوده المغامرون العسكريون في الشطر الشرقي من بيروت والذي تدعمه بغداد التي تحاول جر لبنان والأمة العربية إلى هاوية أخطر من الهاوية التي انزلقت إليها في حربها مع إيران دون أن يكون للأمة العربية مصلحة في ذلك ، مما يؤدي في النهاية إلى خدمة المخطط الإمبريالي الصهيوني التوسعي في الوطن العربي .
لقد بات من المؤكد ، بعد إعلان اللجنة الثلاثية بيانها الصادر في جدة ، بالعربية السعودية في السادس عشر من أيلول عام 1989 ، إن الأسس الصحيحة قد ترسخت لحل وطني وقومي في لبنان يخدم التوجهات الصحيحة التي ذكرناها والتي بدونها لا يمكن لأي حل إن يأخذ طريقه الصحيح .
لقد بادرت ثورة الحزب في القطر العربي السوري إلى الإعراب عن الارتياح لنتائج اجتماعات اللجنة وقراراتها ، وكذلك فعلت القوى الوطنية والتقدمية في لبنان ، وظهرت علائم الارتياح من جميع القوى المحبة للسلام والتقدم التي يهمها أن يعم الأمن والاستقرار والمساواة والعدالة في لبنان الشقيق ، بعيداً عن تدخلات القوى الإمبريالية والصهيونية لأن في ذلك وحده طريق الخلاص من المعاناة التي أحاقت بجماهير شعبنا في لبنان الشقيق .