كلمة المناضل - عددان - البعث والانتفاضة طريق شائك ومستقبل مشرق
كلمة المناضل العددان232ـ233 أيار ـ حزيران 1989
البعث والانتفاضة طريق شائك ومستقبل مشرق
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
حين انطلقت الانتفاضة الجماهيرية المستمرة في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة منذ تسعة عشر شهراً كان واضحاً في حينها الترابط الوثيق بين تلك الانتفاضة والعمليات البطولية والاستشهادية التي قام بها المناضلون ضد سلطات الاحتلال الصهيوني والتي انطلق معظمها من جنوب لبنان بعد الغزو الصهيوني واحتلال ذلك الجزء من الأراضي العربية المحتلة اللبنانية . وكان واضحاً كذلك الترابط الحاصل بن تلك الانتفاضة وبين جماهيرها العربية على امتداد ساحة الوطن العربي ، وذلك من خلال الانتماء القومي لهؤلاء الأبطال الذين نفذوا تلك العمليات منهم من كان من لبنان وآخرون من سورية ، وبعضهم من تونس وغيرهم من العراق ومصر إلخ .. من أجزاء الوطن الذي ـ وان توزعت أقطاره وتعددت ـ فان قضيته وقضية مواطنيه واحدة موحدة لا تؤثر فيها الإقليمية الضيقة ، أو القطرية المحدودة أو البلدية المقيتة . وفي الوقت نفسه الذي تتجاوز فيه المقاومة هذه الحدود فقد تجاوزت كذلك حدود الانتماء الطائفي ، والعائلي والعشائري وحدود الانتماء الطبقي لتشمل باتساعها وتنوعها الوطن بمجموعه . تلك هي السمة القومية التي وسمت عمليات المقاومة ، كما اتسمت بها الانتفاضة داخل الأرض المحتلة . وهذا هو الشيء الذي كان الحزب وما زال يناضل من أجل ترسيخه وتعميقه في حياة الجماهير منطلقا من قومية المعركة مع العدو الصهيوني وحلفائه ، ومنطلقا كذلك من أن التجسيد العملي لقومية هذه المعركة يجب أن ينعكس على الواقع المقاوم ، ويجب أن يظهر نفسه من خلال تلك العمليات البطولية ، والأمثلة اليومية للمقاومة في الأرض العربية المحتلة وانتفاضتها الباسلة دليل حي على ذلك .
ومنذ وقت طويل أكد الحزب بمختلف الوسائل وعبر مجموعة من القرارات والتوصيات في مختلف المؤسسات والمستويات أنه لا بد من وجود قاعدة مادية مقاومة ، متصدية ، لكل أشكال الانهزام أو أشكال مشاريع التصفية التي يسعى بعض الرموز والحكام للتعامل معها والتي لن تؤدي بالتالي إلا إلى أشكال إمبريالية صهيونية من التسوية للقضية الفلسطينية . أن وجود هذه القاعدة التي ترتكز عليها الجماهير في نضالها اليومي يغذي المقاومة ويدعمها ويساندها ويتمسك بالمبادئ الأساسية لها . أن مثل ذلك هو الضمانة الأكيدة لاستمرار الانتفاضة والمقاومة ، وهو السبيل في النهاية لتعميق الالتحام بين الانتفاضة وجماهيرها وبين تلك القاعدة لتحقيق النصر النهائي على العدو وطرد المحتلين الصهاينة واسترجاع الحقوق المغتصبة والأرض السليبة .
وكانت قرارات الحزب وقيادته وفي طليعتها الرفيق حافظ الأسد الأمين العام رئيس الجمهورية قد حرصت على أن تكون سورية قطر الثورة وقاعدتها ومادتها . سورية بجماهيرها التي كانت دوما في طليعة المكافحين والمدافعين عن قضايا الأمة العربية ، سورية بقيادة حزبها حزب البعث العربي الاشتراكي هي القاعدة والمرتكز الذي يدعم المقاومة والانتفاضة وجماهيرها في الأراضي العربية المحتلة ، ترفض المساومة ، تتمسك بالمبادئ والحقوق القومية والتاريخية ، لا تنحني أمام عاصفة المفرطين والمساومين ، ولا تخضع لأية ضغوط مهما كان نوعها ومصدرها ، تبني قوتها الذاتية من أجل الوصول إلى التوازن الاستراتيجي ، كي تنطلق بعد ذلك في التحام جماهيري رائع مع كافة قوى الخير والمساندة لتحقيق أروع انتصار يعيد للأمة كرامتها وحقوقها ، ويجدد الأمجاد السالفة التي زهى بها تاريخنا المجيد .