كلمة المناضل - فلسطين ولبنان في ذكرى السابع من نيسان ..
كلمة المناضل العدد 231 نيسان 1989
فلسطين ولبنان في ذكرى السابع من نيسان ..
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
مع استمرار الزمن ومرور السنوات تتضح أكثر فأكثر أهمية السابع من نيسان في حياتنا العربية المعاصرة ، ذلك لأن هذا اليوم الذي تأسس فيه حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 ، شكل منطلقاً لحياة عربية عاشها الرفاق البعثيون والجماهير التي انضوت تحت راية الحزب آملين في بناء مجتمع عربي جديد تتمثل فيه أخلاق المناضلين المدافعين عن آمال وأهداف تلك الجماهير في مجمل أقطار الوطن العربي الكبير .
لقد حقق البعثيون عبر سنوات نضالهم في نصف القرن الحالي انتصارات في معارك متعددة ومتنوعة الاتجاهات شملت الكفاح ضد الاحتلال الأجنبي للبلدان العربية والعمل من أجل تحريرها واستعادة حريتها وتقرير مصيرها بعيداً عن جيوش المحتلين الأجانب ، وانتهاء في بناء مجتمع عربي جديد تتحقق فيه مبادئ البعث أو جزء منها بعد قيام ثورة الثامن من آذار عام 1963 في القطر العربي السوري .
لسنا هنا بصدد تعداد الإنجازات التي تحققت للجماهير العربية في سورية بفضل حزب البعث العربي الاشتراكي وقيادته لها ، أو المنجزات التي تحققت خارج القطر العربي السوري بتأثير مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي وبتأثير الرفاق البعثيين في أقطار الوطن العربي ونضالهم ووقوفهم مع الجماهير وأمامها للدفاع عن مصالحها وأهدافها ، ولسنا هنا كذلك لاستعراض ما أنجزته الحركة التقدمية والقومية والاشتراكية العربية في أقطار الوطن من إنجازات كان لفكر الحزب فيها المرتكز الأساس في توجهاتها وقيادتها ، لسنا هنا لاستعراض ذلك في ذكرى تأسيس الحزب على أهميته ، بل سنكتفي باستعراض جانب مهم من تأثير الحزب وأهميته وضرورة أهدافه ومبادئه في مثلين بارزين من الحياة العربية الراهنة وتبيان ذلك وتمثله ، لما له من تأثير على حياة العرب المعاصرة والمستقبلية ، هذان المثلان هما : فلسطين ، ولبنان . وتلخيص نظرة الحزب المبدئية والثابتة لما يدور فيهما وحولهما من أحداث ومواقف واتجاهات تحاول الابتعاد عن الحل القومي الذي يمثل ضمير الأمة العربية وتاريخها ومستقبل أجيالها كمايلي :
فموقف الحزب من الصراع العربي الصهيوني والعنصرية النازية الجديدة الممثلة بدولة " إسرائيل " واضح يرتكز على حق العرب في فلسطين كلها باعتبارها أرضاً عربية تاريخا وثقافة وسكانا وآمالا وبامتداد تاريخي يتجاوز الألفي عام ، ولا يمكن إلغاء ذلك أو إزالته أو تغييره بمجرد وفود محتلين أجانب إلى أرض فلسطين وأقامتهم فيها وتأسيس دولة لهم ولو لمدة عشرات السنين في ظل ادعاءات تاريخية زور معظمها لمصلحة الصهيونية المعاصرة ، ورغبة الغرب الاستعماري بذلك ودعمه لزرع جسم غريب في قلب الوطن العربي تحقيقاً لغاياته وأطماعه .
فقبل الصهاينة ، احتلت فلسطين من الفرنجة ولمدة تزيد على مائتي عام أسسوا فيها دولا وامارات وممالك لم تصمد أمام الإصرار العربي بان فلسطين للعرب ، واندثرت تلك الممالك وأصبحت من حكايات التاريخ . موقف الحزب اليوم يمثل موقف التاريخ والحياة والمستقبل في هذه القضية ويمثل موقف الإصرار العربي التاريخي الذي حرر فلسطين بعدما يزيد على مائتي عام من الاحتلال الصليبي الغربي لها قبل سبعمائة عام .
وفي لبنان اليوم يتمثل موقف الحزب في أن لبنان جزء من الوطن العربي ، وشعبه جزء من الأمة العربية تاريخا وحضارة وثقافة وآمالا ، وما محاولات الفرنجة ، أو الصهينة التي يحاولها البعض من ذوي التاريخ والثقافة المشوهين لجعل لبنان غير ذلك، ما هي الا زوبعة في فنجان مصيرها إلى الزوال ولن تبقي في لبنان الا الذكريات الأليمة والمحزنة التي سيكتب عنها التاريخ " أنها أعاقت حركة التطور وأربكت الحياة لفترة وجيزة من الزمن وسببت دماراً وآلاماً للسكان فيه ، وكانت مرتبطة ومتأثرة بالأفكار والسياسة الصهيونية التي كانت سائدة عند احتلال فلسطين ودعم الغرب لها " .
إن موقف الحزب من هاتين القضيتين البارزتين في التاريخ المعاصر يختصر الزمن العربي والتاريخ العربي والأماني العربية ، ويتلخص بان المستقبل في هذين القطرين هو للعروبة بكل مقوماتها ولا حياة مستقرة لهما بغير ذلك .
من هنا يبرز السابع من نيسان وأهميته في حياة العروبيين والقوميين التقدميين الذين يضعون أهداف الشعب نصب أعينهم ويبذلون في سبيل إنجازها الدماء والأرواح ، فالتضحيات التي تقدمها سورية وجماهيرها بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان وفلسطين تندرج في إطار الأهداف التي يؤمن الحزب بها ويناضل في سبيل تحقيقها .