كلمة المناضل - عددان - في ذكرى ((السابع من نيسان))
كلمة المناضل العدوان 65،66 نيسان أيار 1974
في ذكرى ((السابع من نيسان))
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في الذكرى السابعة والعشرين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي قال الرفيق الأمين العام للحزب :
((أن العدو لن يستطيع أبدا مهما تكن الأساليب التي تستطيع أن يتبعها ، مهما تكن الإمكانات التي يستطيع أن يوفرها ، مهما تكن قوى الدعم التي تقف خلف هذا العدو ، لن يستطيع أبدا أن يمنع رؤوسنا من أن تبقى مرفوعة حتى السماء)).
((وأنا باسمكم وباسم قواتنا المسلحة أؤكد أن قوة على وجه هذه الأرض لن تستطيع أن تذلنا بعد الآن إطلاقا ، وأننا سنستمر في تهيئة شعبنا ، في تأطير جماهيرنا ، في تدريب مواطنينا ، قبل كل شيء سنستمر في كل ذلك إلى أن يتحقق النصر والنصر الأكيد بعون الله )).
وبعد كلمة الرفيق الأمين العام بأيام ، وقبل كتابة هذه السطور كان أبطال حرب تشرين التحريرية في القطر العربي السوري يقدمون الدليل العملي على مصداق ما جاء على لسان الرفيق الأمين العام للحزب ، فيرتفعون بدباباتهم وأسلحتهم الثقيلة إلى أعالي قمم جبل الشيخ ، ويعيدون أمام أعين المواطنين العرب في سورية ولبنان وفلسطين المحتلة ،
المشهد الرائع لتساقط الطيارات الإسرائيلية بفعل صمودهم ومهارتهم في استخدام الأسلحة ، وتصميمهم على دحر العدوان وتحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة .
أن معارك الشرف والكرامة التي بدأت في تشرين الأول الماضي لم تنته بعد ، ولسوف تستمر مع العدو الصهيوني ، ليس لأننا نحب الحرب للحرب ، أو لخدمة أهداف متواضعة يروج لها المشككون أو الذين فقدوا الرؤية الواضحة لمعطيات النضال ، وأبعاد المستقبل المشرق الذي يبنيه المناضلون الحقيقيون ، وإنما نخوض هذه المعارك الضاربة ، ونستمر في تقديم التضحيات الغالية ، لنؤكد من جديد ما سبق أن أعلناه من قبل ، بأننا لا نقبل وقف إطلاق النار لمجرد القبول ولا نرفض لمجرد الرفض ، وأننا في قبولنا أو في رفضنا ، في تحركاتنا السياسية أو في معاركنا اليومية المستمرة فوق قمم جبل الشيخ وعلى طول خطوط المواجهة مع قوات الاحتلال . إنما نمارس حربا حقيقية .
وإذا كان لابد بعد كل حرب من وقف لإطلاق النار ، وان لكل حرب أهدافا محدودة ، فان أهدافنا من هذه الحرب باتت واضحة لا لبس فيها ، ألا وهي الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة لشعبنا العربي الفلسطيني .
وقد قيل أن وقف إطلاق النار سيكون بداية لتحقيق أهداف حرب التحرير القومية التي أظهرنا فيها قدرتنا على المواجهة والردع والتحدي ، فقبلنا به على هذا الأساس وعلى أساس أن السياسة هي الحرب بوسائل أخرى ، ولكن بعد أن أصبح ذلك يعني استفرادنا وتمييع قضيتنا وتجاهل الإنجازات التي حققتها حرب تشرين ، والاستهتار بالتضحيات التي صنعتها ، ولكي لا تطغى المناورات على الحقيقة ، وتضيع الأهداف في ضباب اليأس والتشكيك ، وحتى لا تطمس دماء شهدائنا التي روت أرض المعركة ، من أجل هذا كله رأينا أن الطريق السليم إلى تحقيق أهدافنا هو في أن يعلو صوت المعركة ، من جديد ، على كل صوت ، وأن لون دماء شهدائنا النقي الطاهر هو الذي يجسد نصاعة الحقيقة ، وليس لون النفط القاتم ولا لون أي شيء آخر ، إذا ما قصد باستخدامه الإساءة إلى أهداف حرب تشرين وأبطال حرب تشرين .
في ضوء هذه المعطيات وانطلاقا من استراتيجية الحزب في السياسة العربية والدولية ، كانت زيارة الرفيق الأمين العام للحزب الأخيرة إلى الاتحاد السوفييتي بتاريخ 11/4/1974 إذ أننا كنا ومازلنا نعتبر أن علاقات الصداقة القائمة بيننا وبين الاتحاد السوفييتي على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة ، ينبغي أن تتوطد وتتعمق وفق تلك الأساس ، وبما يخدم أهدافنا النضالية الاستراتيجية منها والمرحلية ، كما يجب أن تعالج المشكلات العارضة بروح الصراحة والصداقة الكاملتين لضمان تعزيز وتطوير هذه العلاقات ، وتفويت فرص التآمر أمام القوى الإمبريالية المعادية لأهداف حركة الثورة العربية وحركات التحرر والتقدم العالمية .
ولقد لاقى الرفيق الأمين العام للحزب والوفد المرافق له التكريم الذي يستحقونه والتفهم التام لقضايانا ، والاستعداد المخلص لدعمنا في مجالات تنمية قدراتنا الدفاعية والاقتصادية ، والوقوف إلى جانبنا من اجل أن تتكلل تضحياتنا بتحقيق الهدفين المرحليين في تحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة لشعبنا العربي الفلسطيني .
أن أهمية هذه الزيارة تأتي من حيث جاءت مؤكدة للاستراتيجية التي رسمتها مؤتمرات الحزب القومية ، كما أنها تمت في ظروف صعبة ودقيقة ، تحاول فيها القوى المعادية والمتخاذلة ، في داخل الوطن العربي وخارجه ، أن تزور شعارات المرحلة وتضلل الجماهير العربية ، فتغلب التناقضات الثانوية على الرئيسية ، وتصور الأسلحة العربية ، على أهميتها وعلى الرغم من عدم استخدامها الفعلي في مصلحة المعركة ، على أنها ابلغ تأثيرا من استخدام القدرات الخلاقة للإنسان العربي المؤمن بحتمية انتصار هذه الأمة والقادر على المضي في النضال من أجلها ، وفق أحدث أساليب النضال السياسية والفكرية والعسكرية ، واستعداده لاستخدام أي سلاح تقتضيه ظروف المعركة ، وبقدر عال من روح التضحية والفداء .
أن ما تحقق في زيارة الرفيق الأمين العام للحزب إلى الاتحاد السوفييتي مهم جدا ، ولكن المهم أيضا هو ألا ينصرف الرفاق عن متابعة الجهود والعمل اليومي بين صفوف الجماهير ، لشدها دوما باتجاه أولئك الأبطال من قواتنا المسلحة الذين يسطرون يوما بعد يوم ، ملاحم من البطولة والعطاء ، تعتبر المحور الأساسي في صمود شعبنا وتصميمه على تحقيق النصر .
أن صوت المعركة الذي يعلو اكثر فاكثر في سماء دمشق وعلى قمم جبل الشيخ وبطاح الجولان ، ينبغي أن ينفذ إلى إسماع كل رفيق وكل مواطن وكل تقدمي في الوطن العربي وخارجه وان يتحرك الجميع في اتجاه دعم سورية وجيشها الباسل وحزبها المناضل وذلك بمختلف الوسائل التي خبرها الرفاق في مثل هذه الأحوال ، وأن يدفعنا ذلك إلى مزيد من الحذر واليقظة في الرد على الأفكار و الطروحات التي تهدف إلى صرفنا عن حقيقة النضال الذي يخوضه حزبنا وسلطته الثورية في القطر العربي السوري ، وضخامة الأعباء التي ينهض بها في مواجهة المناورات السياسية والضغوط الاقتصادية والقوى العسكرية التي يحشدها العدو يدفع بها إلى ارض المعركة التي يقف فيها القطر العربي السوري وحيدا ، فيما يحارب الآخرون بالشعارات ويعتمد آخرون على الوعود التي خبرها شعبنا طويلا وبات يدرك مراميها الهدامة .
أننا مطالبون بالكثير من الوعي والمعرفة والاستعداد للعمل والعطاء المستمرين حتى يتحقق لنا النصر ، ولكي تبقى ذكرى السابع من نيسان منارة مضيئة على طريق تحقيق أهدافنا في الوحدة والحرية والاشتراكية .