كلمة المناضل - متى يكون القرار صحيحاً وقابلاً للتطبيق ؟
كلمة المناضل العدد 220 أيار 1988
متى يكون القرار صحيحاً وقابلاً للتطبيق ؟
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في خضم التطورات الدولية الكبيرة والمتسارعة في هذا العالم وفي لجة الاتصالات والاجتماعات والمؤتمرات التي تبحث في القضايا المتشابكة والمحاولات الرامية إلى الوصول إلى نتائج تخدم أطرافها المتعددة ، في خضم ذلك كله تبقى " مشكلة الشرق الأوسط" كما يحلو للقوى العظمى أن تسميها وكما نعرفها نحن بأنها مشكلة الصراع بين الأمة العربية وبين الحركة الصهيونية العالمية ممثلة بدولة " إسرائيل " صنيعتها وصنيعة الإمبريالية العالمية ، تبقى هي المشكلة الأهم التي تشغل بال الوطنيين العرب والقوميين والتقدميين منهم على وجه الخصوص تلك المشكلة التي تحاول القوى الإمبريالية جاهدة أن تجد لها المخرج والحل على الطريقة الصهيونية موهمة الناس أن قرارات دولية أو مؤتمرات عالمية باتفاق أطراف ساهمت إلى حد كبير بإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين في فترة سابقة . أن قرارات كهذه ربما تساهم لفترة قصيرة بحل النزاع العربي الصهيوني وحل القضية وتصفيتها لحساب " إسرائيل " وكما تريد وترغب وهو الهدف الدائم الثابت للحركة الصهيونية العنصرية . أن مسألة تحويل الصراع العربي الصهيوني إلى نزاع ثنائي بين كل من الدول العربية منفردة و" إسرائيل " هو الهدف الدائم المستمر للإمبريالية الصهيونية وهذا ما حققته عبر اتفاقات " كامب ديفيد " ولهذا فهم متمسكون بهذا الشكل من الحل ويسعون لجر دول عربية أخرى إلى هذا الطريق كما حدث في اتفاق 17 أيار في لبنان لأنه يضع دولة عربية ثانية بعد مصر على طريق كامب ديفيد وعندما سقط هذا الاتفاق بمقاومة القوى الوطنية اللبنانية ودعم حزبنا وثورته في القطر العربي السوري سعت الإمبريالية والصهيونية لتجربة حظهم في منطقة أخرى غير لبنان، وما زالوا يأملون في ذلك وما جولات وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز على المنطقة العربية إلا استكمالا لجولات سلفه هنري كيسنجر وسياسته التي أفرزت اتفاقات كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل" .
تأتي هذه المحاولات في ظروف تتسم بالدقة والحساسية فهناك الانتفاضة الباسلة في الأراضي العربية المحتلة التي أربكت الكيان الصهيوني و أربكت داعمته وحليفته الاستراتيجية الولايات المتحدة التي تبحث بشكل متواصل عن مخرج لهذه الأزمة النوعية التي يمر فيها ، وهناك أيضا اللقاءات على مستوى القمة للدولتين العظميين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية اللتين تسعيان لإيجاد حلول للمسائل الاستراتيجية الكبرى وتسيران حثيثا بعد ذلك لإيجاد تسويات للمعضلات الإقليمية التي لها علاقة مباشرة بسياستهما ومصالحهما كالصراع الدائر في أفغانستان ، والصراع العربي الصهيوني وبعض المشكلات الإقليمية الأخرى ويجب أن يدرك الرفاق بشكل واضح انه في هذه المرحلة من العلاقات الدولية المتشابكة والمعقدة وفي ظل السياسات الجديدة للدول الكبرى التي تسعى إلى الوصول إلى حل سلمي للقضايا المتنازع عليها أن أية قرارات تتعلق بالأرض العربية والحقوق القومية للأمة العربية ، والأهداف الاستراتيجية للنضال الذي تخوضه الأمة العربية ويراد لها التطبيق أو الديمومة والتي تحقق سلاما عادلا للأمة العربية هي القرارات التي تصاغ على الأرض العربية وبالإرادة القومية للأمة العربية وقواها الوطنية والقومية التقدمية التي وضعت كل جهدها وفكرها خلال العقود السابقة ومنذ وعد بلفور ـ الذي وهب مالا يملك لمن لا يستحق ـ ووضعت كل طاقاتها لخدمة الأمة العربية وجماهيرها وقضاياها العادلة . منذ ذلك الوقت والصراع القائم والمتأجج لن ينتهي مطلقاً فيما لو حاولت بعض القوى أن تقرر مصير ذلك خارج المعطيات السالفة الذكر لأنه وببساطة ستقوم جماهير هذه الأمة بمقاومة كل المشاريع الرامية لتصفية القضية الفلسطينية القومية لمصلحة الصهيونية العنصرية وحلفائها والأنظمة السائرة في فلكهم .
وجماهيرنا بقيادة حزبها العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي مصممة على ذلك وسائرة في سبيل بلوغه .