كلمة المناضل - عددان - فلسطين هي" المبتدأ " فهل في مشاريعهم " الخبر " ؟؟
كلمة المناضل العددان 216ـ217 ك2 ـ شباط 1988
فلسطين هي" المبتدأ " فهل في مشاريعهم " الخبر " ؟؟
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في محاولة لامتصاص الثورة الشعبية العارمة التي اجتاحت الأرض العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان نشطت الدوائر الإمبريالية الأميركية وحلفاؤها في الآونة الأخيرة لطرح " مشاريع للتسوية " وهي في حقيقتها مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية لكن هذه المحاولات سرعان ما تنكشف أهدافها وذلك من خلال تناقض تصريحات وأعمال وأقوال مقدميها وواضعي مخططاتها من المسؤولين الأميركيين أنفسهم .
ففي حين يعترف الرئيس رونالد ريجان بحق الفلسطينيين يعود بعد ذلك بقليل ليقول أن الذين يحركونهم هم "إرهابيون" وعندما يصرح بعض آخر " أن التسوية يجب أن تكون شاملة في الشرق الأوسط ، يعود فيقول أن المفاوضات المباشرة بين : إسرائيل وجيرانها" هي الحل الأمثل وعندما يصرحون أن قرارات الأمم المتحدة تشكل قاعدة للحل يعودون فيقولون أن المؤتمر الدولي ـ وهو ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ـ غير وارد ، وبعد ذلك يصرح المسؤولون الأميركيون أن المفاوضات مع الأردن هي الحل الأمثل لمشكلة الضفة الغربية وقطاع غزة الخ .. تلك التصريحات المتناقضة تدل على أن التخبط الذي تعيشه السياسة الأميركية في المنطقة ناتج عن الرؤية الإسرائيلية التي تحكم السياسة الأميركية وفي بعض الأحيان النادرة عندما تطفو على السطح بعض الأفكار الأميركية النقية تعود وتغرق تلك الأفكار في خضم التأثيرات الصهيونية وبفعل نشاط المنظمات اليهودية والصهيونية في الإدارة الأميركية التي سرعان ما تخضع تلك الأفكار الأميركية النقية للتأثير الصهيوني أو تحاول محاولات مضطربة لإيجاد نوع من التزاوج بين تلك الأفكار الأميركية الخجولة مع الأفكار الصهيونية الغالبة التي سرعان ما تطغى وتنتج ذلك الهجين من الأفكار المتناقضة المشوشة التي تظهر بين فترة وأخرى من خلال تصريحات المسؤولين الأميركيين .
أن الانتفاضة ـ الثورة التي اجتاحت الأراضي العربية المحتلة خلال الأشهر الثلاثة الماضية تدل بوضوح على أن جميع السياسات والمشاريع المطروحة للحل أن لم ترتكز على القاعدة الأساسية لحقوق الشعب العربي الفلسطيني كما طرحها حزبنا وهي الانسحاب التام وغير المشروط لقوات الاحتلال من جميع الأراضي العربية المحتلة والتسوية الشاملة التامة للقضية العربية الفلسطينية بما فيها حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره بنفسه وإعادة حقوقه كافة التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة والمجتمع العالمي ومنظماته وهيئاته المتعددة ومنذ عام 1948 ، فان أي حل لا يرتكز إلى ذلك سيكون مصيره الفشل والمقاومة من جماهير شعبنا . وان المحاولات اليائسة لتجزئة القضية بهدف تصفيتها لن تمر مهما كانت صفة مقدمتها أو أساليب ذلك الحل أو وسائله أو مصدره وتحت أي ظرف من الظروف .
لا بد هنا من الإشارة إلى ، أنه في الوقت الذي يتركز الجهد القومي العربي لتوجيه الأنظار إلى مركز الصراع في فلسطين المحتلة والجولان وجنوب لبنان ـ وهو ما تقوم به قيادة القطر العربي السوري ضمن قرارات وتوجهات الحزب و مقرارات مؤتمراته القومية والقطرية وهو أيضاً تعبير عن الأماني والآمال لأوسع الجماهير الشعبية الكادحة في الوطن العربي ـ في هذا الوقت بالذات تصدر عن بعض الأطراف العربية تصرفات لا يمكن الركون إليها أو السكوت عنها لأنها في النتيجة تخدم الهدف الإمبريالي والصهيوني في فلسطين وخارجها لحرف الأنظار العالمية عما يجري في الأراضي المحتلة ، فمحاولات إبراز حرب الخليج وآثاره مواضيع متفرقة حولها وحول جهد سورية الرامي لتخفيف التوتر ومحاولات تصعيد رقعة الصراع في الخليج وأبعاد بعض الدول العربية عن هذه المحرقه لمصلحة العرب وقضيتهم المركزية في فلسطين ومحاولات حل ذلك الصراع الثانوي بين العراق وإيران ضمن الوسائل السياسية والعمل على خلق جو يساعد على تنشيط الحوار وتوفير امثل الظروف لمساعدة تلك الدول للخروج من هذه الدوامة التي استنزفت الجهد والمال والرجال في غير صالح الأمة العربية أو قضايا التحرر من الاستعمار أو التيار المستقل لدول عدم الانحياز إلى غير ذلك . كل ذلك الجهد هو ما تقوم به سورية لمصلحة العرب وفق قرارات العرب أنفسهم في اجتماعاتهم المختلفة .
وكذلك لا بد من الإشارة إلى ما يقوم به نظام كامب ديفيد في مصر من إثارة مواضيع تستفز الرأي العام العربي والوطني من محاكمات صورية لمناضلين يرفضون سياسة الاستسلام للعدو الصهيوني ويقاومون وجوده على الأرض العربية وفي مصر على وجه الخصوص ذلك النظام الذي ساوى بين المعتدي والمعتدى عليه حين طرح مشروع لوقف الانتفاضة الثورة في الأرض المحتلة ويرتكز على أساس وقف " أعمال العنف " من قبل الفلسطينيين مقابل وقف بناء المستوطنات الصهيونية على الأرض الفلسطينية لمدة ستة أشهر هذا النظام الذي يثير تلك المحاكمات في الوقت الذي يهب فيه الشعب في فلسطين ضد الغزاة ويقدم يومياً شهداء جدد يسقطون بفعل الأسلحة الصهيونية، هذه المحاولات سواء من قبل نظام العراق أو نظام كامب ديفيد في مصر تتوافق كليا مع ما تسعى إليه الصهيونية من جانبها للتركيز على نقاط أخرى في العالم لحرف أنظار الرأي العام العالمي عن ثورة الأرض المحتلة كمحاولاتها لإثارة قضية الرئيس النمساوي كورت فالدهايم وكأن الموضوع ظهر فجأة وأنه يشغل الرأي العام العالمي مع العلم أن الرئيس فالدهايم كان أمينا عاما للأمم المتحدة لفترة تقارب عشرة سنوات ممثلا للرأي العام العالمي ومدافعا عن قضايا جميع الشعوب المناضلة من أجل التقدم والاستقلال والبناء الوطني المستقل . ولا بد من الإشارة إلى أن الصهاينة يرغبون بمعاقبة فالدهايم على القرار الذي اتخذه أثناء ولايته للأمم المتحدة باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية وإدانتها .
هذا التناغم بين ما يقوم به الصهاينة ونظامي كامب ديفيد في مصر ونظام الردة في بغداد كل ذلك يدفع المواطن العربي للتفكير في الأداة التي تحرك هؤلاء جميعهم في اتجاه واحد هو معاداة الأماني القومية للأمة العربية ومحاولات ضرب الثورة المتصاعدة والمستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وجنوب لبنان والأراضي الفلسطينية التي احتلت قبل عام 1948 .
نعود مجدداً لنؤكد أن القضية القومية الأولى للعرب هي فلسطين ، هي المبتدأ وهي التي يجب أن تستقطب أي اهتمام وكل جهد وان حلها لا يكون إلا بالعودة إلى جذور المشكلة وما عدا ذلك هو قبض الريح ستقاومه جماهيرنا وان لم تستطع دحره والانتصار عليه اليوم فغدا . ذلك هو شعبنا وتلك هي طلائعه التي تعطينا في كل يوم درساً جديداً .