كلمة المناضل - حتى لا نقع بالوهم
كلمة المناضل العدد 174 تموز 1984
حتى لا نقع بالوهم
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
الانتخابات الأخيرة في الكيان الصهيوني أظهرت أن هناك نوعا من توازن الاتجاهات السياسية والفكرية لدى القادة الصهاينة أيا كان موضعهم في الحكم أو خارجه.
لقد سبقت تلك الانتخابات حملة من التضليل والتشكيك والوعود والأماني والآمال الكاذبة روجت لها الإمبريالية الأميركية والدوائر الصهيونية من خلفها ، وطبل لها وزمر القادة المتخاذلون من العرب عموما والمهزومون من أطراف كامب ديفيد وبعض الديماغوجيين من المنحرفين عن الخط الوطني الفلسطيني لإيهام الناس أن هناك أملا فيما لو نجح حزب العمل الإسرائيلي في الانتخابات ، هناك أمل في الانسحاب من جنوب لبنان وأمل في حل عادل للقضية الفلسطينية وكان القصد من ذلك كله كما سعت له الصهيونية هو استمرار تخدير الجماهير بالوعود الكاذبة لإطالة أمد الاحتلال ومن ثم إعطائه الصفة الدائمة والمشروعة وتحميل العرب مسؤولية عدم إيجاد حل ، لا مع المتشددين الصهاينة ولا مع المعتدلين منهم .
إن نظرة سريعة لتاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني منذ أن أنشئ الكيان الدخيل على أرض فلسطين يعطينا فكرة عن طبيعة قادة ذلك الكيان ومؤسساته السياسية والفكرية والحزبية وغيرها . وهي طبيعة قائمة على أساس الفكر الصهيوني العنصري غير القابل للتزحزح عن مواقعه أو التغيير في نهجه المتصلب وان غيّر بعض أساليبه السياسية من حين لآخر . فما وقع من الحروب منذ عام 1948 حتى 1973 وقع والكيان الصهيوني تحت حكم حزب العمل الإسرائيلي . ذلك الحزب الذي يأمل بعض الانهزاميين في مجيئه للحكم حتى يتم على أيديهم جميعاً تصفية القضية القومية . في كل الأحوال فانه ما من شك أن تاريخ الكيان الصهيوني وسياسييه هو تزاوج حقيقي بين الفكر الصهيوني والممارسة التي ينتجها ذلك الكيان وقادته مهما يكن انتماؤهم إلى اليمين أو إلى الوسط أو إلى اليسار الصهيوني . و السياسة الإسرائيلية الصهيونية خلال الخمسة والثلاثين عاماً الماضية كانت تطبيقاً حقيقياً وثمرة واضحة لهذا التزاوج وهو الأساس الذي مكن الكيان الصهيوني من الاستمرار إضافة إلى عوامل أخرى . فالقادة الصهاينة لا يمكن أن يتخلى أي منهم عن مكسب حققه اتجاه آخر سواء أكان في الحكم أو خارجه وهناك تعاون وتفاهم تامان بين ما يسمى اليمين واليسار أو الصقور والحمائم في الكيان الصهيوني . وهذه التسميات هي فقط للاستغلال والاستهلاك خارج فلسطين المحتلة وخصوصاً للعرب الواهمين والمتخاذلين .
إن مقتل الفكر الصهيوني هو أن يتحقق انفصال حقيقي بين الجناحين المتصارعين على السلطة وهو لما يحدث حتى الآن ولا نعتقد أنه سيحدث ما دامت العقيدة الصهيونية هي الأساس في النهج الذي يسيران عليه . فحتى لا نقع في الوهم وحتى لا يستمر التخاذل طويلاً وحتى لا نضيع فرصة ثمينة من عمر الوطن والمواطن ، على الذين يضربون على هذا الوتر أن يكفوا عن ذلك ، حتى نحقق لجماهيرنا ما تصبو إليه وتناضل من أجله .