كلمة المناضل - عددان- أين تبدأ الوحدة .. كيف ؟؟ .
كلمة المناضل العددان 168 ـ 169 ك2 ، شباط 1984
أين تبدأ الوحدة .. كيف ؟؟ .
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
أذكر لثلاثين سنة خلت ، يوم تلقّنا مبادئ البعث الأولى ، إننا واجهنا وضعاً يمكن أن أسميه الآن "أزمة عائلية" ، مضمونها أن الأبناء الشباب الذين امتلأت قلوبهم بمبادئ البعث ، عبروا عن ذلك بالثورة على المجتمع الذي يعيشون فيه ، وأول ما ثاروا عليه هو تقاليد العائلة ومفاهيمها المتزمتة عن العمل الحزبي بدءاً من حضور الاجتماع ثم الخروج في المظاهرات حتى الإضراب عن الدراسة .
وأذكر كذلك إننا اتفقنا مع الرفاق المسؤولين ، أنه لتحقيق رسالتنا ، يجب أن نعمل على كسب الأهل لجانب مبادئ الحزب ونثبت لهم أننا نقوم بعمل وطني صالح حتى تتحقق لنا طمأنينة تمكننا من متابعة نضالنا . وكنا مقتنعين أنه ما لم تتوافر تلك الطمأنينة في المنزل لن يكون عملنا ناجحاً كما نرغب فيه .
ووضعنا لذلك أسساً ومبادئ وأسلوباً في العمل ، سرعان ما اكتشفنا أنه عامل مهم جداً في نضالنا وعملنا ونشاطنا ، وفّر لنا آفاقاً وفرصاً جيدة في حياتنا الخاصة أثمرت نتائجها الإيجابية في حياتنا العامة . أستطيع القول إننا حققنا الوحدة الصغرى التي هي أساس الوحدة الكبرى .
عندما أتذكر ذلك ، أنظر الآن إلى بعض الوقائع التي تشدني للماضي وأستعرض بعض المراحل التي مررنا بها خصوصاً إبان الصراع مع بعض القوى المعادية لتطلعات جماهيرنا ، وأذكر كيف أن بعض رفاق لنا ، أبدوا شكوكهم من أن أبناءهم تتسرب إليهم أفكار ومبادئ تخالف ما ينادون به هم أنفسهم ، وان لدى أبنائهم سياسة لا تتوافق مع ما ترعرعوا في ظله عشرين عاماً أو نيفا ، وقد تتعارض معها إلى حد التناقض .
صحيح أن القوى المعادية تمتلك إمكانات تستطيع بوساطتها التأثير في الأجيال الجديدة فكريا وإعلاميا وسياسيا ويصل تأثيرها ليشمل الوطن كله ، لكن الأكثر صحة من ذلك هو أننا نستطيع أيضاً أن نقدم لهذه الأجيال من أبنائنا الحقائق والمعطيات والسلوك القدوة ما يبطل ويمنع أي تأثير معاد في حياتنا اليومية وأفكارنا ومبادئنا في المنزل أو المدرسة أو العمل ، أي بمعنى آخر إننا نستطيع لو أردنا ، ويجب أن نقدم تجسيداً للوحدة بين ما نحمله من أفكار وما نؤمن به من مبادئ وبين ما نتصرف به مع أنفسنا ومع أبنائنا ومع جماهيرنا .
إن هذا الشكل من الوحدة بين الأفكار والسلوك هو الذي حقق للحزب انتشاراً واسعاً منذ تأسيسه وهو الذي قاد إلى انتصار ثورة الثامن من آذار في القطر العربي السوري ، وهو كذلك الذي حقق التفاف الجماهير حول حزبها و قائدها في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 انه السلوك الوحدوي الحق الكفيل بتصعيد الكفاح ضد التخلف والتجزئة وضد الاستبداد والتسلط والهيمنة ، وضد الغزو الإمبريالي العسكري والفكري الذي يتعرض له الوطن وتتعرض له ثورة الحزب في سورية على وجه الخصوص .
ففي ذكرى الوحدة وذكرى الثالث والعشرين من شباط في حزبنا هل نفكر بذلك ؟
أن في ممارسة هذا الشكل من الوحدة نخطو نحو الوحدة الكبرى وبتجسيدها يتحقق الانتصار .