كلمة المناضل - منظمة التحرير الفلسطينية بين الشرعية الثورية والشرعية الاستسلامية
كلمة المناضل العدد 167 كانون أول 1983
منظمة التحرير الفلسطينية
بين الشرعية الثورية والشرعية الاستسلامية
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
نذكر جميعاً أنه عندما احتلت المنظمات الفلسطينية الفدائية المقاتلة مقاعد المجلس الوطني الفلسطيني ، وتولت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968 وذلك اثر تصاعد الكفاح المسلح الفلسطيني ضد سلطات الغزو والاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية والعربية بعد نكسة حزيران 1967 ، عندما حصل ذلك جاء نتيجة طبيعية باسم الشرعية الثورية التي اكتسبها الكفاح المسلح واستقطبت من خلالها الجماهير الفلسطينية والعربية آنذاك . واستمرت قيادة منظمة التحرير منذ ذلك الوقت في ظل الشرعية الثورية للكفاح المسلح الفلسطيني دون اعتراض أحد ، وبتأييد مطلق من الجماهير العربية والفلسطينية على وجه الخصوص .
ونذكر أيضاً أنه وقبل دخول المنظمات الفدائية للمجلس الوطني الفلسطيني كانت هناك محاولات من بعض الذين يتصدرون قيادة منظمة التحرير الآن محاولات لعرقلة ذلك تحت حجة أن النضال السياسي في منظمة التحرير ستكون له الغلبة على الكفاح المسلح وسيقود بالتالي إلى الدخول في كواليس السياسة وإضاعة الهدف الأساسي للنضال الوطني الفلسطيني .
والآن وبعد خمسة عشر عاماً من الكفاح المسلح في منظمة التحرير الفلسطينية ماذا نرى؟؟ وأين أصبحت بعض رموز الشرعية الثورية ، وكيف تحولت إلى تهافت على كواليس السياسة الاستسلامية التي يمثل رموزها أحفاد كامب ديفيد وأبناء عمومته في الأردن والعراق .
صحيح أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية اكتسبت الشرعية من خلال الكفاح المسلح وخوض معارك مهمة على الصعيدين العسكري والسياسي ، ولكن الأهم من ذلك أن مسوغ استمرارها وشرعيتها هو التمسك المطلق بالحقوق الأساسية والمشروعة وغير القابلة للتصرف للجماهير الفلسطينية والأمة العربية في فلسطين ومن يتصرف بهذه الحقوق ، أو يحاول التخلي عنها أيا كانت مواقعه على الساحة الفلسطينية أو العربية أو الدولية ، يجب أن لا يكون في موقع قيادة الجماهير الفلسطينية ، لأن التاريخ لم يسجل حتى الآن إن قيادة ما فرطت بحقوق شعبها وبقيت في موقع المسؤولية .
إن حالات الضعف والتشتت والمعاناة التي يعيشها وطننا اليوم والهجمة الإمبريالية الصهيونية المركزة التي تتعرض لها أمتنا وقيمها وتاريخها وحضاراتها لن تستطيع أن تنتزع من المكافحين المناضلين من أجل أهداف الجماهير ، لن تستطيع انتزاع الاعتراف منهم بقبول هذا الواقع المرير ، ولن تستطيع أن تجرهم إلى طريق الاستسلام والانهزام والبحث عن الحل السهل الذي يفرط بالحقوق ويخضع الأمة للاستسلام .
هناك كثير من القيادات والقادة الذين طواهم النسيان ووضعت أسماؤهم وتاريخهم على رفوف الكتب العتيقة المهترئة بسبب مواقفهم الخيانية والاستسلامية ، ولم تعد تذكرهم شعوبهم إلا كأمثلة على الخيانة والانهزام . وبالمقابل فإن هناك أسماء عظيمة خلدتها صفحات التاريخ وتقترن بقصص البطولة والتضحية والفخر والاعتزاز بسبب مواقفها التي استلهمت تاريخ الشعب وحضارته وطموحه لبناء المستقبل .
فهل نستطيع بعد ذلك أن نتمسك بشرعية القيادة المنهزمة التي شاخت وهي تلهث وراء الحل الأميركي الصهيوني ، أم هل نتمسك بالشرعية الثورية المقاتلة ، شرعية البندقية الفلسطينية والكفاح المسلح لاستعادة الحقوق المغتصبة ؟؟.