كلمة المناضل - الافتتاحيــــــــــة إعادة انتشار أم استمرار الاحتلال ؟؟
كلمة المناضل العدد 161 حزيران 1983
الافتتاحيــــــــــة
إعادة انتشار أم استمرار الاحتلال ؟؟
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
منذ فترة والدوائر الإمبريالية الصهيونية وبالتعاون مع حلفائهم في المنطقة العربية يروجون لعملية ما يسمى "بإعادة انتشار القوات الصهيونية المحتلة في لبنان" . وتتصاعد يومياً حدة النقاش المفتعل حول هذه المسألة سواء داخل الكيان الصهيوني أو داخل الدوائر الضالعة معه في لبنان والولايات المتحدة الأميركية بين مؤيد ، ومؤجل ، وغير ذلك . فالمعروف أن لبنان الرسمي وبعد أن أسقط من يده ورقة الضغط الدولي التي فرضت قراري مجلس الأمن رقم 508 ـ 509 في حزيران من السنة الماضية والقاضية بانسحاب القوات الإسرائيلية الغازية دون قيد أو شرط من الأراضي اللبنانية ، أسقط تلك الورقة الدولية بعد توقيعه على الاتفاق الأميركي الصهيوني الكتائبي ، لبنان الرسمي هذا يريد أن يبدأ بتنفيذ الاتفاق بأي شكل ولو من جانب واحد هو الجانب (الإسرائيلي) وبشكل جزئي ليعطي انطباعا لدى الرأي العام الدولي أن سورية هي العقبة أمام الانسحاب .
((وإسرائيل)) من جانبها تريد أن تظهر للرأي العام أيضاً أنها متقيدة بالمواثيق التي وقعتها وقبلتها ولتعطي انطباعا دوليا أنها تسير وفق رغبات المجتمع الدولي بتنفيذ الانسحاب ، وتريد كذلك أن تخفف وتمتص حملة النقد الداخلية في الكيان الصهيوني حول استمرار بقاء قواتها في لبنان ، وفي الوقت نفسه تريد أن تجنب جيشها وقواتها مزيداً من الخسائر البشرية التي تتعرض لها نتيجة تصاعد المقاومة الوطنية اللبنانية ضد قوات الغزو وتحقق بذلك عدة مكاسب سياسية وعسكرية بتنفيذ ما تسميه بإعادة انتشار وتجميع القوات وأهمها إنجاز الهدف الذي تسعى له دائماً "توسيع رقعة دولة الكيان الصهيوني خطوة خطوة " وبذلك تضمن بقاء قواتها في جنوب لبنان لفترة زمنية غير محدودة يدعمها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية والسلطة الكتائبية في لبنان ، وتخف بذلك مطالبة الرأي العام الدولي بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية .
إن المجتمع الدولي عندما اتخذ قراره في حزيران 1982 بانسحاب القوات الإسرائيلية الغازية عن الأراضي اللبنانية لم يربط ذلك مطلقاً بوجود القوات العربية السورية على الأرض اللبنانية ، ولم يربط ذلك بوجود قوات المقاومة الفلسطينية في لبنان ، والأمة العربية من خلال مقررات مؤتمرات القمة المتلاحقة وآخرها قمة "فاس" رفضت أن تكون مسألة الانسحاب الإسرائيلي من لبنان مرتبطة بانسحاب القوات العربية السورية لأن هذه القوات الشقيقة دخلت ضمن قرارات القمة وبإرادة لبنان فهي بذلك تختلف من حيث المبدأ عن قوات الغزو الأجنبي العدوة التي احتلت الأرض اللبنانية .
إن ما تسعى الصهيونية والامبريالية لتحقيقه دائماً هو استمرار بقاء وتوسع الكيان الصهيوني وتقسيمه الأمة العربية وتشتيت قواها ، وتهديد وجودها ويجب علينا أن لا نقع في هذا الفخ الصهيوني الإمبريالي ، وندخل في متاهات النقاش الثانوي ، وتغيب عنا المبادئ الأساسية ، وما تحاول الإمبريالية وقوات الغزو الصهيوني ، والسلطة الكتائبية العميلة في لبنان عمله اليوم هو توجيه الأنظار عن جوهر المشكلة للدخول في متاهات النزاعات الثانوية وإعطاء العدو فرصة ثمينة لاستمرار احتلاله للأرض العربية .