كلمة المناضل - الافتتــــــــاحيــــــــة لماذا لم تتوافق نتائج القمة مع مقدماتها
كلمة المناضل العدد 151 آب 1982
الافتتــــــــاحيــــــــة
لماذا لم تتوافق نتائج القمة مع مقدماتها
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
اختتم مؤتمر القمة العربي الثاني عشر أعماله بمدينة فاس بالمغرب وأعلن بيانه الختامي الذي لم يصدر مثله في المؤتمرات السابقة والذي يمكن اعتبار بعض قراراته تحوي تنازلات فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني ولكن قبل إعطاء الحكم والبحث في نتائج المؤتمر يجب أن نبحث في المقدمات التي أدت إلى هذه النتائج .
من المعروف أن هذا المؤتمر انعقد عقب الغزو الصهيوني للبنان وبعد الهزيمة العسكرية التي منيت بها قيادة المقاومة المقاومة الفلسطينية والضربة العسكرية التي وجهت إلى سورية وحدث ذلك في ظل غياب عربي عن هذه الأحداث يكاد يكون تاما .
وانعقد المؤتمر كذلك في ظروف عربية غاية في التمزق والتفكك والتناحر لم تشهدها الساحة العربية وقل أن نجد قطرين عربيين على علاقة جيدة أحدهما مع الآخر أو كلاهما مع قطر ثالث ، إضافة إلى الحساسية التي لحقت بالعلاقات بين سورية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية اثر مواقفه أثناء غزو لبنان . وعقد المؤتمر والوضع الدولي ليس بأفضل من الوضع العربي فيما يتعلق بالقضية القومية ، ففي الوقت الذي نرى الولايات المتحدة الأميركية ترمي بكامل ثقلها لدعم الكيان الصهيوني والدفاع عن مصالحها الحيوية في المنطقة العربية ، نرى اهتمامات الدول التقدمية تسير في اتجاهات أخرى، وقد تبدي ذلك في المبادرة التي قدمها الرئيس الأميركي رونالد ريغان في أعقاب خروج المقاومة من بيروت ((لحل أزمة الشرق الأوسط)) .
وكان على سورية ممثلة بالرفيق الأمين العام للحزب أن تبذل جهدا استثنائيا ، كما هي العادة ، في سبيل الوصول إلى نتائج من هذا المؤتمر تحفظ ماء ((الوجه العربي)) ومما زاد في هذا العبء الحضور الضعيف لأطراف جبهة الصمود والتصدي حيث قاطعت ليبيا ، ولم يحضر الرئيس الجزائري ، إضافة إلى المواقف التي اتخذها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية حيث كان مستعداً لقبول أي مشروع يعرض عليه .
وعلى الرغم من المحاولات التي جرت لفرض موقف استسلامي من معظم المشاركين فقد استطاع الرفيق الأمين العام للحزب بما يتمتع به من عمق وأصالة واستيعاب لكل ما دار أو ما يدور على الساحة العربية ومعرفة خلفيات ما قدم من مشروعات وقرارات ، استطاع أن يضع حداً حاسماً للاتجاهات الاستسلامية التي كان يراد فرضها على الأمة العربية ، كما بذلت محاولات لاتخاذ قرارات تتعلق بالعلاقات السورية العراقية أو الأردنية ، وكذلك لمساواة وجود القوات السورية في لبنان بوضع قوات الاحتلال والغزو الصهيوني فيه ، لكن كل هذه المحاولات فشلت أمام الموقف الصلب والواضح وتم تثبيت مبادئ أساسية سواء فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني أو العلاقات مع الأنظمة العربية التي انحرفت عن النهج القومي .
لهذا فعندما ننظر إلى النتائج التي صدرت عنه على أنها أفضل بكثير مما كان متوقعاً في ظروف انعقاده وهذا ما يدفعنا إلى تأكيد الدور القومي الذي تضطلع به سورية الثورة وحزبها العظيم بقيادة الرفيق الأمين العام الذي كان لجهده وموقفه الأثر الأساسي في تثبيت تلك المواقف الأساسية .