كلمة المناضل - الافتتـــــــاحيـــــــة الرجعية العربية إلى أين ؟ وكيف ؟
aكلمة المناضل العدد 148 أيار 1982
الافتتـــــــاحيـــــــة
الرجعية العربية إلى أين ؟ وكيف ؟
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
منذ قيام دولة الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948، كان الهدف الدائم لسلطات هذا الكيان وحلفائه ، وعلى رأسهم الإمبريالية الأميركية إيجاد الوسيلة التي يستطيعون فيها تحقيق الاعتراف العربي بهذه الدولة الصنيعة للإمبريالية وليستطيعوا بعد تحقيق ذلك الاعتراف ، التغلغل في قلب الأمة العربية ومؤسساتها وكياناتها ، لإنجاز الأهداف الصهيونية الاستراتيجية في الوطن العربي .
ولقد دأبت الولايات المتحدة أل أميركية ومن خلال عملائها في الوطن العربي بعد حرب تشرين التحريرية عام 1973، دابت للوصول إلى هذا الهدف الصهيوني فحققت اتفاقات كامب ديفيد على أنها خطوة مهمة على طريق هذا الهدف ، وبعد مرحلة ((الانسحاب)) من سيناء عملت الولايات المتحدة على تحقيق إجماع استراتيجي عربي ، لالحاق العرب عبر كامب ديفيد ، وبالتالي ((تعريب الكامب)) من اجل هدفين هما في الحقيقة هدف واحد ، أولهما إمبريالي لضرب حركة التحرر الوطني العربية ، وبالتالي محاربة أصدقائها وحلفائها ، وهم الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية الصديقة ، وثاني تلك الأهداف وهو تحقيق الحلم الصهيوني في السيطرة على المنطقة .
ومن أجل ذلك تقوم الآن محاولات عديدة من بعض الأنظمة الرجعية ، لجر العرب إلى النظام المصري ، عارضين بضاعة أميركية الصنع ، صهيونية المضمون ، خلاصتها التزامات مصر الثابتة تجاه الأمة العربية وقضاياها ، التي لن تتخلى أبدا عنها، وأنها ما زالت متمسكة بالأمة العربية ...الخ ، مستشهدين بذلك بدعم النظام المصري للعراق في حربه ضد الثورة الإيرانية ومنتقدين سورية في وقوفها ضد هذه الحرب لأنها أعلنت أن هذه الحرب تقوم بها العراق نيابة عن الإمبريالية الأميركية وضد مصالح الأمة العربية ، وعارضين كذلك ، أن مصر تقف ضد رغبات إسرائيل وأميركا حول مفاوضات الحكم الذاتي ، وكذلك تصوير رفض رئيس النظام المصري لزيارة القدس بأنه موقف قومي ملتزم ، إلى ما هنالك من هذه الوقفات المسرحية في السياسة العربية الرجعية المرتمية في أحضان كامب ديفيد والتي تهدف إلى خداع الجماهير العربية ، وإيهامها أن مصر ملتزمة بالأمة العربية .
في ضوء ذلك ولتنفيذ هذا المخطط ، تحاول الدوائر الإمبريالية والصهيونية الآن خلق حالة من التوتر المتصاعد في المنطقة العربية ، وذلك للاستفادة من حالة التوتر هذه واستغلالها ، لتسهل مرور الأنظمة الرجعية إلى مصر كامب ديفد ، وما نشاهده الآن في لبنان ، شماله ووسطه وجنوبه ، وفي الأراضي العربية المحتلة الفلسطينية والسورية، وفي حالة التهويش التي ترافق استرجاع إيران لبعض من المواقع التي احتلها العراق في بداية الحرب ، إلى محاولات المغرب الادعاء بتصاعد التوتر في الصحراء ، وامتلاك الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، لبعض الأسلحة المتطورة ، التي تهدد المغرب ، إلى إعادة التوتر في الخليج وإعلان مجلس التعاون الخليجي عن خطر سوفياتي مزعوم يتهدد أمن الخليج ودوله ، وإعادة التوتر كذلك بين شطري اليمن ، كل ذلك لإيجاد مناخ نفسي تحت وطأة التهديدات والتوتر الأمني والاستفادة من عنصر القلق للإسراع في الولوج إلى كامب ديفيد ، حيث بدأت بعض الأنظمة الرجعية بإقامة الاتصالات مع النظام المصري ، وفتح الأبواب أمامها ، كما فعل نظام بغداد والمغرب والأردن وغيرهم .
ولمعرفة قيادة الحزب بهذه السياسة الخبيثة ، فقد بادر الرفيق الأمين العام للحزب بإجراء الاتصالات مع دول جبهة الصمود والتصدي لتصليب الموقف في هذه الجبهة ، ودفعه إلى اتخاذ ما يتناسب مع حجم المؤامرة واتساعها لوقف التدهور والانهيار في الوطن العربي . فكانت زيارته لكل من ليبيا والجزائر والاتصال مع اليمن الديمقراطي ومنظمة التحرير ، والتي أسفرت كلها عن اتفاق تام في وجهات النظر بين أطراف جبهة الصمود ، والدعوة إلى عقد اجتماع لمؤتمر وزراء الخارجية في الجزائر في أواخر أيار الجاري ، تمهيداً لعقد قمة الصمود والتصدي بعد ذلك .
أن ما يقوم به الحزب ممثلا بسياسة الرفيق حافظ الأسد الأمين العام رئيس الجمهورية هو في إطار القرارات التي اتخذتها مؤتمرات الحزب ، ومن أجل الحفاظ على الموقف الثوري ، وصيانة المكتسبات التي حققتها الجماهير ، ولحفظ شرف الأمة وكرامتها وعدم وقوعها في شراك السياسة الصهيونية الإمبريالية ، ومنع امتداد سياسة كامب ديفيد في الوطن العربي . وذلك كله يحتاج إلى عمل وجهد ليس من الرفاق الحزبيين فحسب ، بل يحتاج إلى جهد الأمة العربية وقواها الوطنية والتقدمية ، ومساندة الأصدقاء في العالم .