كلمة المناضل - عددان- قبــــرص مقدمــــــات و نتائــــــج
كلمة المناضل العددان 69ـ70 آب ـ أيلول 1974
قبــــرص مقدمــــــات و نتائــــــج
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
الأزمة القبرصية التي عصفت بنظام حكم مكاريوس في الشهر الماضي أدت إلى تخلخل كبير في منطقة ما يسمى "بالشرق الأوسط" . ذلك أن التدخل العسكري التركي في الجزيرة واحتلال أكثر من ثلثها وفشل محادثات جنيف ثم التغيير الكبير الذي حدث في اليونان وسقوط الحكم العسكري سلميا وعودة الحكم المدني ثم انسحاب اليونان عسكريا من الحلف الأطلسي وموجة العداء المتزايد ضد أميركا في اليونان ، كل ذلك كان نتائج لمقدمات خاطئة سارت عليها العلاقات الدولية والمحلية في منطقة الشرق الأوسط .
فمنذ استقلال قبرص لم تعالج مشكلة اليونانيين والأتراك في الجزيرة معالجة جذرية تؤدي إلى استمرار الاستقرار في تلك الجزيرة ، ربما كان ذلك لأسباب خارجة عن إرادة الحكومة القبرصية ، لكن هذا هو أحد المقدمات الخاطئة . ثم أن دول المنطقة المشتركة في الحلف الأطلسي ـ اليونان وتركيا من أبرز هذه الدول ـ كانت دائما تسير في فلك السياسة الإمبريالية الأميركية التي تقود ذلك الحلف . وأميركا دائما تنظر إلى مصالحها بدرجة أولى ولو أدى ذلك إلى تدمير أي من حلفائها . وأحداث اليونان التي تمت قبل ستة أعوام والتي جاءت بالزمرة العسكرية للحكم كانت بتخطيط وتنفيذ أميركيين ، وبعد أن استنفذت أميركا أغراضها من العسكريين اليونانيين أمرتهم بالعودة إلى ثكناتهم وترك السلطة للمدنيين وذلك لمهمة أخرى . أما تركيا والتي يبدو أن تدخلها العسكري في جزيرة قبرص كان بمعرفة وموافقة أميركا وذلك للمسؤولين الأميركيين والتي تظهر ذلك عندما قالوا أن التدخل التركي في الجزيرة "قد تخطى الحدود المقررة"، كان ذلك التدخل مرسوما لتأمين المصالح الأميركية أيضا في المنطقة . كل ذلك كان من المقدمات الخاطئة التي أدت إلى نتائج خاطئة أيضا .
لا بد لنا أيها الرفاق من تذكر الحقائق القديمة التي طرحها حزبنا عبر مسيرته النضالية التي برهنت وتبرهن الحياة على صحتها : فعندما طرحنا الحل الاشتراكي الوحدوي لمشكلاتنا في الوطن العربي لإيماننا بأنه الطريق الصحيح لحل كافة المشكلات التي قد تعترض مسيرة حزبنا وشعبنا في المستقبل ، لأنه الطريق الوحيد لحل كافة التناقضات الموجودة داخل الوطن وضمن كل قطر منفرد . وعندما طرح حزبنا سياسة الحياد والالتزام المطلق بقضية الجماهير الشعبية كان هو الرد على كافة التدخلات والمداخلات التي يمكن أن تنشأ في وطننا وهي سياسة ثابتة لأنها ترفض جميع المصالح غير مصلحة الجماهير الشعبية الكادحة وتضع المصلحة القومية والوطنية فوق كل مصلحة .وعندما رفض حزبنا مبدأ الأحلاف لأننا ندرك تماما أن الأحلاف هي لخدمة مصالح الدول الكبيرة على حساب مصالح الأقطار الصغيرة والشعوب النامية وأن الأحلاف هي تجمع كارتلات ومصالح يقصد بها السيطرة على مصالح الشعوب الصغيرة .
أيها الرفاق أن المقدمات الخاطئة تقود بالضرورة إلى نتائج خاطئة ، فأحداث قبرص والتدخل العسكري التركي في الجزيرة والوجود العسكري اليوناني والإنجليزي ، وكذلك انفصام حلقة الحلف الأطلسي بخروج اليونان منها وسقوط الحكم العسكري في اليونان كلها كانت مقدمات وأحداث ونتائج يجب أن تفيدنا كثيرا في سبيل تشديد نضالنا لتعميق المبادئ والأهداف التي طرحها حزبنا وتؤكد يوميا على ضرورة التمسك بهذه الأهداف وتدعونا كذلك إلى مساعدة جميع شعوب العالم على الخلاص من التجزئة والظلم الاجتماعي ومقاومة سياسة الأحلاف والقواعد العسكرية والسياسات الإمبريالية القائمة على استغلال الشعوب وأن نؤكد على ضرورة التمسك بسياسة عدم الانحياز طريق الشعوب النامية في العصر الراهن ..