كلمة المناضل - سيبقى حزبنا معبرا عن أهداف الجماهير العربية الكادحة ، محركا لنضالها حتى تحقق غايتها فــي التحريــر والنصــر
كلمة المناضل العدد 58 أيلول 1973
سيبقى حزبنا معبرا عن أهداف الجماهير العربية الكادحة ، محركا لنضالها حتى تحقق غايتها فــي التحريــر والنصــر
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
في المؤتمر الدولي الأخير لعدم الانحياز المنعقد في الجزائر ، ألقى الرفيق الأمين العام للحزب خطابا هاما جاء فيه :
((أن الشعب العربي في سورية كان في طليعة الذين نادوا بعدم الانحياز ، وقد تبناه عمليا يوم كانت الإمبريالية تعتبر عدم الانحياز جريمة تعاقب عليها الشعوب بالحصار الاقتصادي والتهديد بل والعدوان المسلح .
ومنذ البداية كان شعبنا وظل وسيبقى وفيا لعدم الانحياز مبدأ وممارسة ، ولن يدخر جهدا في سبيل دعمه وزيادة فعاليته)).
وفي التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر القومي الحادي عشر للحزب ((أن فكرة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز في السياسة الخارجية ، كما يفهمها حزبنا ، ليست موقفا سلبيا من أحداث الصراع الدولي في العالم ، انم هي تحرك مسؤول واع يعبر عن إرادة عدم الالتزام بطرف من أطراف النزاع العالمي المسلح ، بالقدر نفسه الذي يمكننا من تمتين صلات التعاون والنضال المشترك مع حركات التحرر العالمية .
أن عدم الالتزام إذن هو التحرك الإيجابي الدائم باتجاه ترسيخ مبادئ السياسة الثورية القائمة على ممارسة النضال الحازم ضد العدوان الإمبريالي على الشعوب )).
(( إن عدم الانحياز في سياستنا يعني الموقف الإيجابي الذي يبتعد عن مواطن الشبهة واللا مسؤولية حيال القضايا المصيرية التي تواجه الشعوب ، فهو موقف ينبغي ألا يتناقض مع الأفكار التقدمية والإنسانية كما انه في الوقت نفسه التزام بدعم الحركات التي تناضل من أجل التحرر من جميع أنواع السيطرة والاستبعاد )).
(( إن سياستنا في هذا المجال ينبغي أن تسخر في سبيل تحقيق الدعم اللازم لحق العرب في صراعهم المصيري مع الصهيونية العالمية )).
في ضوء هذه المبادئ آنفة الذكر ، شارك حزبنا في مؤتمر عدم الانحياز في الجزائر ، بشخص الرفيق الأمين العام للحزب باعتباره رئيسا للجمهورية العربية السورية .
وإذا كان لحزب البعث العربي الاشتراكي شرف السبق في الدعوة إلى مبادئ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز قبل الحركات العربية الثورية وفي طليعة حركات التحرر في العالم الثالث ، فقد أكد من جديد دوره الفعال في التطوير الإيجابي لمواقف دول عدم الانحياز حيال قضايا الشعوب بصورة عامة ، ومن اجل دعم القضية العربية في مواجهة التحدي الصهيوني والإمبريالي العالمي على وجه الخصوص .
ولقد برزت أهمية وفد القطر العربي السوري برئاسة الرفيق الأمين العام للحزب ، من خلال المشاريع المهمة التي قدمها والتي كانت أساسا في القرارات الإيجابية التي اتخذها مؤتمر عدم الانحياز ، وبخاصة حول دعم الحق العربي ضد العدوان الصهيوني الاستيطاني في فلسطين والأراضي العربية المحتلة .
كما كان لخطاب الرفيق الآمين العام للحزب صدى إيجابي واسع وتقدير كبير من رؤساء الوفود الذين عبر أحدهم عن إعجابه به بقوله : أن هذا الخطاب تثقيف للمؤتمر في موضوع النزاع العربي الإسرائيلي .
(( إن الانتصار السياسي الكبير الذي حققه شعبنا من خلال مؤتمر القمة الأول لدول عدم الانحياز ، يعتبر منعطفا هاما في نضالنا السياسي ، ولا سيما انه لم يصدر في خطاب أي من الرؤساء الذين تكلموا في المؤتمر ولا من أعضاء الوفود في اللجان ، ما يدل على موقف يدافع به صاحبه عن إسرائيل أو حتى مجرد العطف عليها من قريب أو بعيد )).
ولقد بات واضحا أن قضية العرب في فلسطين والأراضي العربية المحتلة هي المحور الذي يرتكز إليه نضالنا في الميادين والمجالات المتعددة ، ومن اجل هذا الهدف طرح حزبنا وناضل في سبيل تحويل شعارات قومية المعركة وحشد الطاقات العربية وزجها في المعركة ، إلى واقع ملموس تحياه الجماهير العربية ، وتنطلق منه المواقف العملية للدول العربية كافة ، ولمجمل نضالات الجماهير وقواها الوطنية والتقدمية في الوطن العربي .
واصبح لزاما على العرب اليوم ، وفي ظل هذه المتغيرات الدولية الخطيرة وأمام تصاعد تأييد الولايات المتحدة الأميركية المستمر لإسرائيل ، والإصرار على إنهاء ما يسمى ((بمشكلة الشرق الأوسط ))على الشروط الأميركية التي من فرض الاستسلام على العرب ، وتعزيز قدرات الكيان الصهيوني على السيطرة والتوسع ، اصبح لزاما على العرب أن يغلبوا تناقضهم الأساسي ـ مع عدوهم المشترك الذي يهدد وجودهم جميعا دون تمييز ـ على تناقضاتهم الثانوية فيما بينهم ، وان يخرجوا إلى العالم بسياسة موحدة ومواقف واحدة إزاء هذه القضية المصيرية .
وإننا في هذا المجال لا تعدو الحقيقة ، ولا نبالغ إذا قلنا بإمكان تحقيق هذا الشعار ، وان الصهيونية العالمية ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية ، تدركان مدى جدية وفعالية الجهود التي يبذلها الرفيق الأمين العام للحزب والتجاوب الذي يلقاه من اجل وضع هذا الشعار موضع التنفيذ .
ومن هنا نسعى أن نتفهم البواعث الحقيقية والدوافع التي حدت بالرفيق الأمين العام للحزب للاشتراك بمؤتمر القمة الثلاثي لدول المواجهة الذي انعقد في القاهرة بينه وبين الرئيس السادات والملك حسين .
فقد جاء اللقاء (( منسجما مع النهج الذي سلكناه منذ عام 1970 تنفيذا لمقررات مؤتمرات حزبنا من أجل الإعداد والتهيئة الشاملة التوسيعة والتصفوية ومن اجل استمرار العمل على حشد الطاقات العربية وتجميع الجهد العربي لخوض معركة التحرير )).
(( إن تقييمنا لنظام الملك حسين واضح ومعروف ، ورغم معرفتنا بخلفيات هذا النظام وعدم تفاؤلنا كثيرا بنتائج اللقاءات معه ، فان طبيعة المعركة والظروف التي نواجهها ومسؤوليتنا التاريخية تجاهها ، تحتم علينا بذل كل الجهود مع النظام الأردني وغيره لدفع كل ما يمكن دفعه من الطاقات العربية لساحة المعركة )).
هذا بالإضافة إلى أنه (( لا يمكن في أية مواجهة مع العدو الصهيوني تجاهل الأهمية الاستراتيجية للساحة الأردنية أو لقوى الجيش والشعب في الأردن .
لذا رغم معرفتنا بطبيعة النظام الأردني فلا بد من بذل كل الجهود الممكنة لحشد ما يمكن حشده في هذه الساحة من ساحات المواجهة ضد العدو .
وليست المسالة تبعا لذلك مسألة ثأر من واقع ووضع معين ، و إنما هي ضرورة اتخاذ كل خطوة وفق ما يخدم القضية الرئيسية قضية المعركة والتحرير )).
وكما سبق أن قلنا أن عدونا يعلم ويعي خطورة هذه الجهود العربية المخلصة والجادة ، ولقد كانت ردود فعله عليها عنيفة وسريعة ، وكان أخطرها العدوان الجوي على القطر العربي السوري باعتباره حجر الزاوية في هذه اللقاءات ، ولكن تصدي نسورنا البواسل لطيران العدو في أعنف معركة جوية جرت منذ عدوان 1967 ، فوت على العدو تحقيق غايته من العدوان ومنعه من إصابة أهدافه .
ويجدر بنا في هذا المجال أن نذكر الرفاق بأن العدوان الإسرائيلي الأخير لم يكن يهدف إلى اختبار الموقف العربي الجديد ، بقدر ما كان يهدف إلى منع تطوره إلى الأفضل والى اجتذاب الدول العربية الأخرى وكذلك إلى إبقاء الأردن في عزلته وتشجيعه على التمادي في سياسة الجسور المفتوحة مع الضفة الغربية والتورط في اتخاذ مواقف منفردة مع العدو بتخطيط مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية .
إن محاولات التشكيك ((بمواقف سورية ومصر التي روج لها أولئك الذين يضعون ألسنتهم إلى جانب القضية الفلسطينية ، وإمكانياتهم وطاقاتهم العسكرية والبشرية والاقتصادية بعيدا عنها ، إن تلك المواقف لن تخدع جماهيرنا العربية الواعية ، لان أصحابها يحاولون تغطية مواقفهم المتخاذلة إزاء مواجهة العدو من خلال هذه الحملة من التشكيك والمهاترات وهم يعلمون قبل غيرهم ما قدمه القطر العربي السوري للمقاومة ، سواء في الأردن عندما تصدى عسكريا مرتين لمساندتها ، وسواء في لبنان عندما اتخذ الإجراءات التي من شأنها وقف التصفية ، وفي القطر العربي السوري نفسه ، عندما جعل من رحابه متسعا لقواعد المقاومة ومعسكراتها ، آو ما قدمه ويقدمه من مساعدات مختلفة التزاما منه بالقضية القومية . أن أولئك الذين يشككون بمواقف الحزب والثورة في سورية وهم يلهثون انتهازية بعيدين عن مواقع المواجهة وراء مكاسب وهمية في الوقت الذي تتحمل فيه سورية مع مصر العربية العبء الرئيسي لمواجهة العدو ، أن هؤلاء ليسوا اكثر من أدوات تفيد العدو في حربه النفسية ضد شعبنا وليسوا سوى ألغام تفجر أمام مسيرة شعبنا في مواجهته للوجود الصهيوني ، وأمام كل جهد يبذل لزج الطاقات العربية في المعركة .
(( إن حزبنا التزاما منه بقضايا الجماهير العربية ، وفي مقدمتها قضية العرب الأساسية ، سيبقى دائما المعبر عن أهداف الثورة العربية ، والمحرك الأساسي للجماهير العربية باتجاه تحقيق أهدافها في التحرير والنصر ، ومتابعة النضال من اجل بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد)).
إن واجبنا المباشر هو أن نمارس مزيدا من الاعتماد على الذات وان نوحد قوانا كلما أمكن ذلك وأن نتعاون على نحو أوثق ذلك أن التناقض الأكبر هو التناقض بين الكيانات الاستيطانية والذين يدعمونها من جهة وبين قوى التحرر من جهة أخرى .
من خطاب الرفيق الأمين العام للحزب في مؤتمر دول عدم الانحياز الرابع .