كلمة المناضل - التصدي الحازم للتآمر الاستعماري واجب مقدس
كلمة المناضل العدد 46 آب 1972
التصدي الحازم للتآمر الاستعماري واجب مقدس
الدكتور . فواز الصياغ
رئيس هيئـة التحرير
حفل شهر آب لهذا العام بنشاطات محمومة زادت من وطأة حماوة قيظه على نفوس المناضلين من أبناء شعبنا الصابر المكافح .وإذا كنا قد اعتدنا على تلقي الضغوط والنشاطات الاستعمارية المختلفة ضد آمال شعبنا وطموحاته ، فان ما تميزت به أحداث هذا الشهر كان إنذارا واضحا باحتمال وقوع أخطار جسيمة يصعب بعدها تدارك نتائجها، لقد شملت التحركات الاستعمارية خلال شهر آب الوطن العربي من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق ، ولم تكن محاولة الانقلاب على ملك المغرب وما رافقها أول تلك التحركات ، بل كان هناك ما يقابلها في الخليج العربي حيث تتزايد حدة التواطؤ بين الاستعمار الانكلو اميركي والاحتلال الإيراني في تلك البقعة الهامة من الوطن العربي .
إن خطورة هذا التآمر الشاهنشاهي لا تقتصر على عمالة شاه إيران للامبريالية العالمية واستخدامه في تنفيذ مخططاتها لمواصلة استثمار بترول الخليج وثرواته ، وإحكام السيطرة على هذا الموقع المهم بالنسبة للاستراتيجية الغربية الاستعمارية فحسب ، وإنما أيضا في القضاء النهائي على أي أمل في تحرير إقليم الأحواز المغتصب ، وفي تمكين الامبريالية الإيرانية من احتلال أجزاء جديدة في الخليج العربي وبالتواطئ مع الرجعية الحاكمة التي تستر تآمرها على النظام التقدمي في جمهورية اليمن الديمقراطية ، وتصعد حملات التنكيل بالمناضلين في ظفار وعمان والبحرين والمنطقة كلها . أما بالنسبة للمحاولات الانقلابية على العرش الملكي الرجعي في المغرب العربي ، فإننا إذ نأسف للنتائج المؤلمة التي تعقب إخفاقها ، نؤكد أن ذلك يحدث بسبب التواطؤ الاستعماري في دفع أصحاب المطامع الشخصية من المتنفذين في الجيش والسلطة وتوريطهم في أمثال هذه المغامرات التي يهدف الاستعمار من ورائها إلى إنهاك الجماهير الشعبية من جهة ، ومن جهة ثانية إلى إجهاض دور الاتحاد الوطني للقوى الشعبية الذي يتصدى لقيادة الجماهير في كفاحها ضد التسلط والفساد المتحكمين في المجتمع . ولقد أكد المؤتمر القومي الحادي عشر للحزب موقفنا من هذه الأهداف بوضوح حيث قرر انه ((يدعم نضال الجماهير العربية الكادحة في المغرب ضد النظام الملكي الرجعي وأجهزة السلطة القمعية)) . إننا إذ نعلن سخطنا على التصفيات المروعة للشباب العربي في المغرب والتي ترافق تلك المحاولات الانقلابية ، نؤكد في الوقت نفسه إدراكنا , ووقفنا بصلابة ضد التنسيق الخطير الذي يربط بين الإجراءات القمعية في المغرب ، والنشاطات المشبوهة التي تمارسها الرجعية وفي مقدمتها ملك الأردن مع حفنة من وجهاء الضفة الغربية الذين ينفذون السياسة الصهيونية في بلادنا في تصميمهم على اقامة كيان (( المملكة العربية المتحدة )) الهزيل الذي يعتبر خطوة جديدة في تحقيق الأطماع الإمبريالية والصهيونية . لقد عمد الاستعمار وعملاؤه لافتعال الأحداث الجانبية من اجل تغطية مؤامراتهم الكبرى التي توجه ضد قضايانا المصيرية ، فيما تشدد الأنظمة الرجعية العملية قبضتها ضد رفاقنا المناضلين وضد فصائل الثورة العربية كلها معتمدة على ركيزتها الأساسية في الجزيرة العربية ، على النظام السعودي الرجعي الذي ما يزال يحول دون تحقيق أية انتفاضة تقدمية ، ويحجب أي تطلع جماهيري نحو الثورة، إن الكشف عن هذه الممارسات الرجعية المدفوعة بالمخططات الاستعمارية المجرمة ، يأتي مصداقا لمقرارات مؤتمرات الحزب القومية وخاصة منها المؤتمر القومي الحادي عشر حيث جاء فيها ((يرى المؤتمر أن النظام الرجعي في الجزيرة العربية (السعودي) يشكل نقطة ارتكاز وقاعدة للامبريالية ، لضرب حركة التحرر الوطني في الجزيرة والخليج بشكل خاص ، والوطن العربي بشكل عام ، ويدين المؤتمر النظام الملكي العميل الذي يضطهد المناضلين وفي طليعهتم رفاق حزبنا ، ويزج بهم في السجون والمعتقلات )) .
(( ويرى المؤتمر أن اضطهاد المناضلين في البحرين يشكل خطرا على حركة التحرر العربي يجب االوقوف تجاهه بصلابة وحزم )) . لا نشك بان الاستعمار يدرك بوضوح خطر النمر المتعاظم لحركة التحرر والتقدم الوحدوية العربية ، على مصالحه في بلادنا ، ومن ثم في بلدان العالم الثالث كلها ، لان في بلادنا يتركز الثقل النوعي والكمي الرئيس للوجود الاستعماري كله ، وبالمقابل فان كنس هذا الوجود البغيض من بلادنا يعتبر قضاء محتما على الاستعمار العالمي برمته . ومن هنا يتضح بجلاء الموقف الاستعماري الشرس ، من اتحاد الجمهوريات العربية ، عشية استعدادنا للاحتفال بالعيد الأول لقيام دولة الاتحاد لما لهذه الدولة من دور مهم في تدعيم فصائل النضال الجماهيري العربي المنظم ضد مختلف أشكال النشاطات الاستعمارية الرجعية ومشروعات تصفية القضية العربية في فلسطين خاصة ،أن الاستعداد الجاد الواعي للوقوف بحزم في وجه القوى المعادية لامتنا العربية ، واجب مقدس ينبغي عدم التساهل في تحمل أعبائه وتبعاته ، وذلك يحتم علينا الإصرار على تعميق أسس مسيرتنا الوحدوية الاشتراكية وحماية وتطور الأطر والتقاليد الديمقراطية التي حققتها جماهيرنا العربية الكادحة بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وفصائل الثورة العربية المختلفة .
المناضل