المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات - معالجة انتشار سلاح الفتنة أكثر إلحاحاً من ملف شهود الزور
المصدر: خاص المركز اللبناني للأبحاث والإستشارات...
الثلاثاء 9 تشرين الثاني 2010
بقلم مدير المركز.. حسان القطب
معالجة انتشار سلاح الفتنة أكثر إلحاحاً من ملف شهود الزور..
إصرار فريق حزب الله وجموعه السياسية على إبقاء ما يطلق عليه ملف شهود الزور مفتوحاً في كل المحافل السياسية والإعلامية إضافةً إلى مؤسسة مجلس الوزراء بهدف تعطيل الحكومة ومنعها من ممارسة عملها بشكل منهجي ومبرمج.. هذا المسار يذكرنا بفترة حصار الحكومة التي كان يرأسها الرئيس فؤاد السنيورة لمنعها من ممارسة دورها وتنفيذ برامجها... ولكن الحصار الذي ينفذه حزب الله اليوم بهدف تعطيل الحكومة يأخذ شكلا آخر وبعداً أخر وهو ملف شهود الزور.. وفي الوقت الذي يظهر فيه حزب الله نفسه مطالباً بتطبيق القانون في قضية شهود الزور التي يتحدث عنها قادته صبح مساء.. يتجاوز حزب الله نفسه في ساحات المطار عندما استقبل جميل السيد مخالفاً كل القوانين، وفي الهجمة النسائية على عيادة الدكتورة شرارة في الضاحية الجنوبية..؟؟ فالتعطيل صفة وسمة وسلوك ومنهج يتبعه حزب الله ومجموعته كشكل معتمد ومتعمد لإثبات الحضور على الساحة السياسية اللبنانية، بما يتيح ويسمح ويؤمن الغطاء المباشر بل وحتى المطلوب لكل أشكال التدخل السياسي الإقليمي والدولي على الساحة اللبنانية، وما الزيارات التي يقوم بها المبعوثون العرب والدوليون والتي يعترض عليها حزب الله بين الحين والأخر.. إلا نتيجة سياسات حزب الله التعطيلية وتصريحات قادته النارية، التي تهيئ الأرضية الصالحة والمناخ المناسب لنشاطات من هذا النوع.. تحت عنوان (تجنب انفجار الوضع الداخلي)... أو (عدم قدرة اللبنانيين على تسوية خلافاتهم بأنفسهم)..
وإذا كان حزب الله وتابعيه يصر على معالجة ما يطلق عليه اسم ملف شهود الزور لما يراه من خطورة هذا الملف على السلم الأهلي.. وإنصافاً لضباط سابقين يختلف اللبنانيون على دورهم وعلى مصداقية أدائهم.. وذلك بإحالة هذا الملف على المجلس العدلي متجاوزاً في ذلك قراءة وتقرير وزير العدل والكثير من القانونيين اللبنانيين وغير اللبنانيين... وإذا كان حزب الله حريصاً كل الحرص على كرامات الضباط، فلماذا لا يطالب حزب الله وفريقه بإحالة جرائم السابع من أيار/مايو من عام 2008، على المجلس العدلي.. إنصافاً لذوي الضحايا الذين سقطوا برصاص حزب الله.. وتابعيه.. وحفاظاً على كرامات الناس الآمنين الذين تم ترويعهم واهانتهم.. وتعريض ممتلكاتهم لمخاطر شتى!!..وإذا كان حزب الله وفريقه حريص على مشاعر الضباط الأربعة.. ويصر على متابعة المسار القضائي حتى النهاية باعتباره المسار الوحيد الذي يؤدي لكشف الحقيقة... التي لا يمكن أن نتراجع عن معرفتها..فلماذا يدفع حزب الله ببعض أتباعه للمطالبة بإلغاء المحكمة الدولية تارةً لكونها مسيسة وطوراً لأنها قد تؤدي إلى فتنة بين اللبنانيين إذا ما عرفت الحقيقة..؟؟ ولماذا يدفع حزب الله بكلٍ من وئام وهاب ليهاجم المحكمة ويطالب بإلغائها، ووليد جنبلاط ليحذر من مخاطر معرفة الحقيقة وتداعياتها على السلم الأهلي وبالسيد سليمان فرنجية ليقول مؤخراً...( الأمن في لبنان ووحدة الشعب اللبناني والسلم الأهلي أهمّ من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لو عاد لقال هذا الكلام، وبالتالي مطلوب من الرئيس سعد الحريري موقف شجاع، موقف تاريخي، وهو يعرف ما هو المطلوب منه وبإمكانه أن يأخذ هذا الموقف الذي سيجعل من شخصية تاريخية).. فهل كرامة الضباط الأربعة مهمة لدرجة تعطيل المؤسسات الدستورية جميعها وقيادة الوطن نحو الهاوية ولو بملف غير ذي مصداقية ودون مسوغات قانونية؟؟.. أما أرواح الشهداء جميعا بمن فيهم الشهداء الأحياء فهي تطالبنا وتستصرخنا كما يقول فرنجية لتطالب بموقف شجاع... ومعناه التخلي عن معرفة... بل بالأحرى..عن محاسبة من ارتكب جرائم القتل دون تردد.. وتحت هذا العنوان الذي يطالب بإلغاء المحكمة الدولية، وضمن هذا الإطار تحدث سياسي وخبير قانوني مقرب من حزب الله كما تقول جريدة الشرق الأوسط قائلاً......(أن المحكمة أُقرِّت في ذروة الانقسام السياسي الذي كان يعيشه لبنان، وإن إقرارها تحت الفصل السابع يخلق مشكلة كبيرة في لبنان قد تدخله في مواجهة كبيرة وغير محسوبة العواقب، وثالثا إن التذرع باستحالة إلغاء المحكمة مردود، لأن الحكومة اللبنانية قادرة على مخاطبة الأمم المتحدة ولفت نظرها إلى المخاطر التي ستترتب على استمرار المحكمة على هذا النحو، وأن هناك مصلحة لبنانية عليا تقتضي سحب ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري من المحكمة وإعادته إلى عهدة القضاء اللبناني"). وعدم التجاوب مع مطالب حزب الله والإذعان لرغباته ومخططاته معناها كما يقول فرنجية...(والمطلوب بالتالي التعالي جميعًا خصوصًا وأن الكل مقتنع بأنّه من غير الممكن إلغاء أي فريق، وأنا جلست مع الجميع ومع الرئيس سعد الحريري والجميع يقول إنه لا يمكن لأحد إلغاء أحد كما لا يمكن إلغاء سلاح حزب الله، فبالتالي إلى أين نحن ذاهبون؟ إلى حرب؟ شهر؟ سنة؟ وستنتهي وسنخسر جميعًا خصوصًا المسيحيين الذين لا يحتملون الدخول في حرب مجددًا إذا ما كان هناك رهانات خاطئة").
ولم يكتف حزب الله بالسياسيين بل ادخل البعد الديني في هذا الموضوع فأخذ يستصدر تصاريح من بعض المعممين كأحد المشايخ في البقاع الذي طالب بإلغاء المحكمة لعدم تطابقها مع الشريعة لإسلامية... وآخرين اثنين في مدينة صيدا وأخر في الشمال، وأخر هذه التصريحات ما أطلقه الشيخ عفيف النابلسي حين قال....( إن ما ندعو إليه اليوم في هذا الوقت الضيق أن يستعيد اللبنانيون ملف المحكمة الدولية ويتخذوا القرار الذي يحفظ الاستقرار والسلم في لبنان ويمنع الفتنة والتداعي الطائفي والمذهبي• فنحن بحاجة إلى بعضنا البعض كلبنانيين والعالم كله لن يفيدنا إذا ما خسرنا عيشنا المشترك ووحدتنا وأخوتنا واستقرارنا)• تعددت اللهجات وتنوعت التصريحات واختلفت التسميات ولكن المطلوب واحد إلغاء المحكمة الدولية وإلا....ما نسمعه على السن بعض المواطنين من عمليات نشر للسلاح دون حسيب أو رقيب... هل السلاح الذي يقال انه يوزع في بعض المناطق اللبنانية هو في خدمة مشروع مقاومة إسرائيل والتصدي للمخطط الأميركي- الإسرائيلي في المنطقة... أم انه فقط لزعزعة الأمن والاستقرار وإضفاء حال من القلق في المجتمع اللبناني، وزرع الرعب في نفوس المواطنين وصولاً لإلغاء المحكمة.. أو تحضيراً لما ألمح إليه سليمان فرنجية..؟؟
إذاً الملف الذي يجب أن يعالج فوراً ودون إبطاء من قبل المؤسسات الرسمية وعلى رأسها الأمنية منها من جيش وقوى امن وسائر الأجهزة الرسمية الأخرى هو ملف السلاح غير الشرعي الذي يقال انه يوزع أو ينتشر في مناطق متعددة، تحت شعار (السلاح المقاوم).. وان هذا السلاح هو لمقاومة إسرائيل...ولكن واقع لمر والتجارب المريرة التي مررنا بها منذ أحداث الجامعة العربية ومقتل الزيادين وحصار السراي الحكومي وغزوة السابع من أيار / مايو.. وأحداث عائشة بكار في بيروت.. واشتباكات برج أبو حيدر .... وغزوة المطار ومقتل الطيار سامر حنا.. وغيرها كثير تؤكد أن معالجة ملف السلاح غير الشرعي والضرب بيد من حديد على يد العابثين بالأمن والمستهترين بأمن وأرواح الناس.. لتثبيت الأمن وترسيخ الاستقرار في هذا الوطن المعذب.. يعتبر أولوية.. وان المحكمة الدولية ضرورة لاستكمال هذا المسار.. ولوقف مسلسل الاغتيال السياسي والترهيب الفكري والسياسي والإعلامي الذي لا يزال يمارس اليوم بتصريحات من هذا الشكل التي تربط الديني بالسياسي والمواقف السياسية بالأطراف الدينية.. وكأن لمطلوب تعزيز الانقسام الداخلي وتظهير التوتر السياسي وإعطاءه الثوب الديني الذي قد يبرر كما يظنون إلغاء المحكمة والتنازل عن المطالب المحقة لذوي الضحايا والشهداء مقابل الاستقرار المؤقت الذي لن يستمر ويتعزز طالما أن هناك فريق مسلح، بل ويقوم أيضاً بالتسليح كلما طاب له ذلك أو وجد نفسه بحاجة لتهديد قوى معينة..لتحقيق أهداف سياسية..
حزب الله وفريقه مطالب اليوم بالكف عن تعطيل الحياة السياسية والعودة إلى طاولة الحوار لاستكمال النقاش حول ضبط سلاحه ضمن سلطة الدولة اللبنانية ومؤسساتها.. ومطالب بوقف سياسة تعطيل عمل المؤسسات السياسية والدستورية والأمنية والتشكيك بها..والانخراط في السياسة اللبنانية كفريق وحزب سياسي وليس كطائفة..
والدولة اللبنانية مطالبة بكافة أجهزتها بالعمل على ضبط الأمن تحت سلطة أمنية واحدة على كافة الأراضي اللبنانية، وتامين الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني .. كمدخل أساسي لتطوير الوضع الاقتصادي لتامين فرص العمل للشباب اللبناني وللعمل على الحد من موجة الغلاء التي لا يمكن مكافحتها دون أجهزة رقابية فاعلة وسلطة إدارية تحظى برعاية أمنية قادرة على ممارسة سلطتها وسلطة قضائية تستطيع المحاسبة.. وإلا فإن استمرار الوضع على ما هو عليه يجعلنا في دائرة الانتظار.. انتظار التدخلات الأجنبية والتجاذبات الإقليمية التي ستكون على حساب الشعب اللبناني برمته، وتحديداً الفريق الذي يمارس التعطيل كمنهجية سياسية ثابتة..منذ عام 2005....
حسان القطب