السفير - المساعي السورية ـ السعودية مستمرة لبلورة مخرج لبناني السـفير الفرنسـي يلتقـي قيـادة «حـزب اللـه» ... ولا ينجـح بتسـويق القـرار الاتهامـي
السبت 16-10-2010
الحريري يحضّر لجولة مشاورات داخلية وخارجية ... قد تشمل نصر الله
المساعي السورية ـ السعودية مستمرة لبلورة مخرج لبناني السـفير الفرنسـي يلتقـي قيـادة «حـزب اللـه» ... ولا ينجـح بتسـويق القـرار الاتهامـي
يبدو ان الهدنة السياسية التي فرضتها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قد أطفأت المحركات الداخلية، وأفسحت في المجال أمام انطلاق هدير المحركات الإقليمية، وخاصة على خط دمشق ـ الرياض، في انتظار أن يتجدد قريبا الاتصال الإيراني ـ السعودي، وأن تواصل أنقره مشاوراتها البعيدة عن الأضواء سعيا إلى مخارج للأزمة السياسية في لبنان، إلا أن تلك المخارج لم تكتمل صورتها النهائية حتى الآن، وخاصة إزاء التعامل مع موضوع القرار السياسي الاتهامي ضد «حزب الله».
وفي انتظار بلورة صورة المشاورات الإقليمية في مدى زمني غير محدد المعالم حتى الآن، تحدثت مصادر وزارية لبنانية عن وجود فرصة حقيقية للخروج من الأزمة، لكن المطلوب لبنانيا الهدوء وعدم استباق ما يجري من مشاورات خاصة بين دمشق والرياض.
وفيما ظل فريق الأكثرية يقارن بين خطاب نجاد في قصر بعبدا والسرايا الكبيرة من جهة وخطاب ملعب الراية وبنت جبيل وقانا من جهة ثانية، وصولا للقول، بلسان مصادر في «كتلة المستقبل»، ان رئيس الحكومة سعد الحريري تناول مع نجاد ما طرحه في خطابه في ملعب الراية بشأن محور يشمل لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وتركيا وإيران، ونقلت عنه قوله للرئيس الإيراني إن أحدا لم يبحث مع الدولة اللبنانية مثل هذا الطرح السياسي الذي يحتاج بحسب الصيغة اللبنانية الى خطوات داخلية إضافة الى خطوات التشاور الطبيعية مع الأشقاء العرب، مذكرا بأن لبنان واضح في تحديد خياراته في وجه العدو الإسرائيلي ويلتزمها كاملة.
وقال مقربون من الحريري لـ«السفير» إنه تلقف إيجابا ما أظهره أحمدي نجاد من حرص على الهدوء والاستقرار والحوار الهادئ في لبنان سواء في الخطاب العلني أو في المحادثات الثنائية بينهما.
وبحسب مصادر في « كتلة المستقبل»، فإن الحريري أكد لأحمدي نجاد ان التهويل ومهما بلغ حجمه لن يوصل إلى أية نتيجة، ولا إلى تغيير او تعديل قناعاتنا، مشددا على انه لن يألو جهدا لتغليب الهدوء ولغة الحوار لحل المشاكل الداخلية والوقوف في وجه الانزلاق الى الفتنة بالعمل مع جميع القوى السياسية في لبنان وفي مقدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وعلمت «السفير» أن الحريري في صدد القيام بسلسلة اتصالات ولقاءات والقيام بجولة محلية وربما تتوسع الى خارج لبنان (تشمل العاصمة البريطانية في الأول والثاني من تشرين الثاني). ولم تؤكد مصادر وثيقة الصلة بالحريري أو تنفي رغبته بعقد لقاء بينه وبين السيد نصر الله قريبا، واكتفت بالقول «لا شيء يمنع حصول هذا اللقاء».
في غضون ذلك، تواصلت الجهود الرئاسية لتبريد الملفات الساخنة، وفي مقدمها ملف شهود الزور، الذي سيشهد الاربعاء المقبل جولة ثانية من النقاش السياسي والقانوني حوله في مجلس الوزراء قبل سفر رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى القمة الفرنكوفونية في سويسرا يوم الجمعة المقبل.
وقال مصدر رئاسي لـ«السفير» إن المناخ الهادئ الذي أرخته زيارة احمدي نجاد، شكل حافزا إضافيا لإجراء اتصالات تمهيدية عشية مجلس الوزراء على مستوى الرئاسات الثلاث ومع «حزب الله»، لتثبيت الروحية التوافقية التي سادت جلسة مجلس الوزراء السابقة.
وتتقاطع تلك الاتصالات مع الحركة التي يقوم بها رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. وقال الوزير وائل ابو فاعور لـ«السفير» إن مساعي جنبلاط تهدف الى منع الوقوع في المحظور، او بالأحرى منع الوصول الى نقطة انفجار الصراع الداخلي او حصول الانقسام في مجلس الوزراء، وهناك تنسيق متواصل مع الفرقاء ولا سيما مع الرؤساء الثلاثة، لكي لا تحمل جلسة الاربعاء أية مخاطر من هذا النوع.
لكن أوساطا حكومية معارضة، أشارت الى أن الخطاب الرئاسي الإيراني الانفتاحي والهادئ، ساهم في تعزيز مناخ الحوار الداخلي، لكن الارادة السياسية للمعارضة بالمضي قدما في ملف شهود الزور، قائمة وعلى قاعدة اللجوء الى المؤسسات «ونحن سنذهب الى مجلس الوزراء من أجل الدفاع عن وجهة نظرنا بإحالة الملف الى المجلس العدلي، وإذا تم التصويت في اتجاه آخر، سنحترم أصول عمل المؤسسات وهذا يسري على باقي الأمور، لكن لن نسمح بالتسويف والمماطلة».
ورجحت إجراء مشاورات بين وزراء أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة قبيل جلسة الأربعاء، ترتكز الى نتائج الاتصالات الجارية، والمعطيات التي أفرزتها زيارة الرئيس الإيراني.
وفي المقابل، قال مصدر قريب من رئيس الحكومة إنه ليس هناك ما يبرر أن تكون الجلسة متوترة، فوزراء تيار المستقبل ذاهبون بنفس هادئ الى الجلسة، وليأخذ النقاش القانوني حقه بالكامل من دون أي تشنج، ولنخرج بناء على ذلك بالصيغة القانونية الملائمة، ولنقبل بها. علما أن موقفنا لم يتغير لناحية رفض إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي، مع الاشارة ايضا الى ان مجلس الوزراء ليس الجهة الصالحة لإحالة هذا الملف على القضاء اللبناني.
على صعيد متصل، أعلن المكتب الاعلامي للواء الركن جميل السيّد أنه تلقّى «كتاباً رسمياً من رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي يعلمه فيه أنه نحّى نفسه عن ترؤس المحكمة عند انعقادها للنظر في المراجعة التي قدّمها ضدّه وكيل اللواء السيّد المحامي أكرم عازوري بتاريخ 11 تشرين الاول الجاري، والتي يعترض فيها على قرار كاسيزي الذي صدر في الأول من تشرين الأول الجاري حول تجميد قرار قاضي الإجراءات التمهيدية دانييل فرانسين الصادر في 17 ايلول 2010 والمتعلق بتسليم اللواء السيّد الأدلة حول شهود الزور والذي طلب فيه كاسيزي أيضاً استشارة الامم المتحدة حول هذا الموضوع».
وأضاف المكتب الاعلامي أنّ «تنحي القاضي كاسيزي يؤدّي الى ترؤس الجلسة من قبل نائبه القاضي رالف رياشي، الأمر الذي تعترضه أيضاً عقبات قانونية أساسية تحول دون حضور أو ترؤس القاضي رياشي لأية جلسة تتعلق باللواء السيد، بالنظر لوجود خصومة سابقة وثابتة ولكون وكلاء السيد سيقدّمون ايضاً طلباً بتنحيته على أساسها خلال اليومين المقبلين».
من جهة ثانية، علمت «السفير» أن السفير الفرنسي في لبنان داني بييتون التقى مؤخرا نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم. وبحسب المعــلومات فإن السفير الفرنسي عرض للشيخ قاسم الموقف الفرنــسي حيال التطورات المحلية ولا سيما ما يتصل بالمحكمة الدولية، معبرا عن تأييد بلاده لاستــمرار المحــكمة، وطرح سلسلة أسئلة حول موقــف حزب الله منهــا، وحول رد الفعل الذي سيقوم به حيال القرار الظني الذي سيصدره المدعي العام للمحكمة الدولية دانيال بيلمار، وأي طريقة سيعتمدها حزب الله في رده على القرار.
وأكدت المعلومات أن الشيخ قاسم قدم للسفير الفرنسي عرضا مسهبا حول المحكمة وظروفها، منتقدا الحماسة الفرنسية التي ظهرت من البداية حول توليد هذه المحكمة التي ترتكز على أساس التسييس، بالإضافة الى ما أحاط التحقيق من انتقائية وتجاهل العامل الاسرائيلي كمتهم اساسي وقد يكون الوحيد في جريمة اغتيال الرئيس الحريري.
وأشارت المعلومات الى ان الشيخ قاسم، لم يقدم ما يطمئن السفير الفرنسي، بل هو أكد أن من حق حزب الله أن يدافع عن نفسه، وأما كيف سيدافع فهذا ما سيحدده مستوى الاستهداف.