جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية في صيدا وتفاعلاتها مع البيئة الصيداوية
محاضرة
جمعية المقاصد (1)
يسرّ لجنة الدراسات الإنمائية أن تقدّم في هذه الأمسية ثاني ندوة من ندواتها ومحاضراتها لهذا الفصل عن جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية في صيدا وتفاعلاتها مع البيئة الصيداوية. وسيلي هذه الندوة محاضرتان:
الأولى حول الأوضاع الاجتماعية العامة في صيدا، يقدّمها في النصف الأول من كانون الثاني الأستاذ توفيق عسيران، مدير مصلحة الإنعاش الاجتماعيّ.
والمحاضرة الثانية عن وضع التعليم في صيدا، يقدمها الأستاذ مصطفى الزعتري، مدير ثانوية صيدا الرسمية، في الأسبوع الأخير من كانون الثاني.
واسمحوا لي، في هذه المناسبة أن أعيد مرة أخرى وأعطيَ لمحة موجزة عن الأسباب التي دعت وجود "لجنة الدراسات الإنمائية" والهدف من تأسيسها. لقد تكوّنت لجنتنا منذ ما يقرب من ثمانية أو تسعة أشهر، وهي تضمّ مجموعة كبيرة من شباب ومثقّفي صيدا ذوي الاختصاص في المجالات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والزراعية والتربوية، بالإضافة إلى بعض الفاعليات النقابية والطلابية، وجمعية الأدب والثقافة والحركة الاجتماعية في صيدا وجمعية الكشاف المسلم.
والغاية من لجنة الدراسات الإنمائية، كما حدّدناها منذ البَدء، هي الاهتمام الجديّ الفكريّ والثقافيّ والبحث الميدانيّ بكلّ قضية من قضايا الشعب الصيداويّ وطرحها على بساط البحث الديمقراطيّ والمناقشة والحوار الموضوعيّ، ووضع الدراسات لها ونشرها على نطاق واسع. وذلك انطلاقاً من فكرة أساسية وهي أنّ محاولة تغيير الواقع، أقلَّه على صعيد الفكر، الواقع الاجتماعيّ والسياسيّ اليائس الذي تعانيه صيدا ـ هذا إذا حصرنا حديثنا فقط في الواقع الصيداويّ ـ يجب أن تنطلق من معرفة صحيحة لهذا الواقع، وأنّ عملية التغيير يجب أن تتمَّ لمصلحة الفئات الشعبية والمحرومة بالدرجة الأولى. نشاط لجنتنا لن يقتصر على إجراء الدراسات وإقامة الندوات وحسب، بل تهدف أيضاً إلى لعب دور محرّك، ناشط وفعال، وإلى المساهمة الأساسية في عملية التغيير هذه.
وفي هذا المجال ومن ضمن نشاطاتنا وندواتنا، كان لابدّ من أن نولي اهتمامنا بأهمّ مؤسّسة تربويّة علمية في مدينة صيدا، وهي جمعية المقاصد الخيريّة الإسلامية وإلى ما يجري فيها. فالمقاصد كمؤسسة تعليميّة وتربويّة ليس بالنسبة للصيداويّ كبقية المؤسسات التعليمية. فالصيداويّ كلّ صيداويّ يعتبر المقاصد مقاصده وأنّ كلّ ما يتعلق بشؤونها وتطوّرها، يهمه أمر معرفته وإعطاء رأيه فيه.
هذا، ومن جهة أخرى، فإنّ مؤسّسة المقاصد كانت تتفاعل وتتأثَّر إلى حدّ كبير بالواقع الاجتماعيّ والسياسيّ لمدينة صيدا. كما أنها بدورها كانت تؤثّر فيه تأثيراً عميقاً من نواحيه التعليمية والثقافية والوطنية. وكلّنا يعلم الدور الكبير الذي لعبته في هذا الصدد ومنذ تأسيسها، وأن الغالبية العظمى من مثقّفي صيدا الآن ومتعلّميها وأخصّائيِّيها في الميادين العلمية المختلفة، هم من خرّيجي هذا المعهد، ولو لم يكن موجوداً هذا المنبر العلميّ، لما استطاع كثيرون منهم متابعة تحصيلهم العلميّ.
ولكن الواقع الصيداويّ، إذا نظرنا إليه من النواحي التعليمية، فقد تطوّر كثيراً وارتفع عدد المدارس الرسمية الثانوية والمتوسطة والابتدائية ارتفاعاً ظاهراً، وذلك تحت ضغط الظروف وازدياد حاجات الناس الضرورية. وأصبح قسم كبير من فئات الشعب الصيداويّ وطبقاته الوسطى يتجه أكثر فأكثر نحو هذه المدارس الحكومية المجانية، وبعض الطبقات الوسطى الميسورة والفئات الغنيّة تتجه نحو المدارس الخاصة الأخرى.
لذلك كانت تطرح في العقد الأخير تساؤلات عديدة من قِبَل المقاصديّين أنفسهم، حول إمكانية استمرار جمعية المقاصد وتلبيتها حاجات تطوّر البيئة الصيداوية، بالأسلوب التعليميّ القديم الذي كان متبعاً فيها.
ومنذ سنتين ومع مجيء المجلس الإداريّ الجديد لجمعية المقاصد، حصلت تغييرات أساسية بنيويّة وجذريّة في المنهاج التربويّ وفي أوضاعها الإدارية الداخلية، لا يمكن أن نقف منها، كمقاصديين وكصيداويين، موقف اللاّمبالاة وعدم الاهتمام. وإذا نظرنا فقط إلى قضية "التعريب" تعريب العلوم والرياضيات، وإلى إدخال أحدث الوسائل العلميّة لتعليم اللغات الأجنبية، لأدركنا أنّ ما يجري هو بوادر وإرهاصات ثورة تعليمية بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى.
ما هو هذا المنهاج التعليميّ الجديد وأُسسه التربوية، هذا ما يجيب عليه رئيس المجلس الإداري الدكتور نزار الزين. وعندما نقول منهاج تعليميّ جديد، يجب أن نحدّد منذ البدء الفئة الاجتماعية التي سيتوجّه إليها، هذا ما يحدثنا عنه مدير ثانوية المقاصد الدكتور حسن الشريف... كما أنه سيحدّثنا عن الأوضاع الداخلية الجديدة. أما من الناحية المالية، وهي أساس ومعتمد كلّ عملية تغيير في هذا المجال، فهذا ما سيحدّثنا عنه الدكتور هشام البساط، عضو المجلس الإداري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) – هذه الندوة عن جمعية المقاصد لم تُعقد لتعذُّر مجيء الدكتور نزار الزين من بيروت بسبب الاشتباكات المسلّحة والاضطرابات الأمنية العنيفة التي وقعت في بيروت.