الديار - مع الامل ألا تبقى مقرراته حبراً على ورق وأن تشكل أجوبة مقنعة لكل المشاكل
الديـار
17-10-2010
مع الامل ألا تبقى مقرراته حبراً على ورق وأن تشكل أجوبة مقنعة لكل المشاكل
«سينودس الشرق» رسالة وفسحة أمل
صفير سيُشدد على دور المسيحيين في لبنان
صونيا رزق
«سينودس الشرق» المنعقد في حاضرة الفاتيكان يدرس واقع مسيحيي الشرق الأوسط من مختلف الجوانب بغية تثبيت هويتهم وتقوية رسالتهم، لذا اراد قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر من خلال جمعه الكاثوليك والأرثوذكس إلى جانب المسلمين في هذا السينودس ان يوّجه رسالة مفادها ان تاريخ الشعوب مشترك في منطقة المشرق العربي، وعلى الجميع تفادي العنف والفتنة لتحقيق السلام المفقود في هذا الشرق، مؤكداً ان العيش بكرامة هو حق انساني، وسيحاول من خلال هذا السينودس ان يجد الطريق الصحيح لهذا الحق، وبالتالي ايجاد الحلول التي تضع حداً للهجرة المسيحية خصوصاً من البلدان التي تعاني من المشاكل السياسية المتواصلة كلبنان الذي كان كان ملجأً لمعظم مسيحيي المنطقة، لكنه لم يعد اليوم كما كان في الماضي مما ضاعف أسباب القلق.
ومع الانظار الموجهة اليوم الى هذا السينودس تتجدد الدعوة الى الديانات السماوية الثلاث كي تروّج القيم الروحية التي تنبذ العنف، وسط الظروف الصعبة التي تواجه المسيحيين اكثر في المنطقة بحيث تدفعهم الى الهجرة، وهذا ما سوف ُيركّز عليه البطريرك الماروني مار نصرالله صفير في الكلمة الختامية، اذ سوف يشدّد على دور المسيحيين في لبنان وسيدعو الى الحدّ من هجرتهم التي تضر بالوطن عموماً، كما سيدعو الى ضرورة ان تتاح للمسيحيين ظروف العيش بسلام مع إخوانهم، وسيطلق دعوة إلى جميع المسيحيين لتعميق ثقافة الرسوخ في الارض إثر الشعور بالتهميش والقلق المتنامي لديهم.
لذا ومن خلال ترداد هذه المشاكل التي يعاني منها المسيحيون في المنطقة لا بدّ ان ُتطرح لها الحلول اليوم، لان الوجود المسيحي يكرّر دائماً السؤال حول المستقبل، بعد ان ترافق بألم كبير وانتقل صداه ليشمل كل المنطقة التي بدأت تعاني من فقدان الوجود المسيحي على ارضها، فهجرة المسيحيين من الشرق مشهد يتنقل حيث مسلسل اضطهاد الأقليات المسيحية يجرى بمعدل سريع، ولا يقتصر هذا الاضطهاد على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل يتعداها الى مناطق فى الشرق الأقصى وأفريقيا حيث تعاني الأقليات المسيحية اضطهاداً منظّماً، وهنالك دول ضالعة فى تمويل الاعتداءات على مسيحيّي الشرق بهدف عدم استقرار المنطقة، ما ادى شيئاً فشيئاً الى تفكيرهؤلاء بالهجرة بعد ان شعروا انهم رهائن، فزاد الخوف على مستقبل وجودهم حيث تقلص إلى مستويات غير مسبوقة في العقود الأخيرة، بفعل انعدام الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي الناجم عن تنامي التيارات الأصولية.
وعلى الرغم من تفاقم هذا الخطر، فإن هذا الواقع لم يحظَ بالاهتمام المطلوب وطنياً وإقليمياً ودولياً، وفي أحسن الحالات تم إغفاله وإهماله، والقلة التي تنبهت لمخاطر استمرار النزف المسيحي من الشرق استفاقت متأخرة جدا،ً وقد لا تفيد في التخفيف من آلام المسيحيين ما لم يسبقها إجراءات عاجلة لوقف هذا النزف المستمر، وإجراءات تؤكد تحّمل الحكومات لمسؤوليتها والقيام بواجباتها في توفير الحماية والأمن لمواطنيها المسيحيين، وكذلك الامر بالنسبة الى تحّمل المجتمع الدولي حماية هذا الوجود، خصوصاً ان مسؤولية الحفاظ على التنوع الديني لا تقع على عاتق الفاتيكان والمجتمع الدولي وحدهما، بل بدرجة أساسية على عاتق حكومات الدول المعنية التي يعاني ابناؤها من هذه المشاكل، لذا عليها الى جانب إظهارها الحرص على التعدد والتنوع رعاية واحتضان ابنائها في دولها كي لا ُتستدرج إلى الصراع أو تنزلق إلى نموذج الدول ذات القومية الواحدة والدين الواحد.
من هنا بات الوجود المسيحي مهدداً اليوم اكثر من اي وقــت مضى، والمسيحيون في هذاالشرق باتوا يعيشون حالة خوف على مستقبلهم ويبحثون دائماً عن ملاذ آمن في مكان ما من العالم، بعد أن افتقدوه في أوطانهم، وبعد أن تلاشت أحلامهم بـدولة وطنية ُتحقق لهم المساواة التامة مع شركائهم، لانهم إعتادوا العيش بسلام مما أتاح الفرصة للمتطرفين من كافة العقائد والأعراق لتنفيذ مهامهم واستهداف المخالفين لهم في العرق أو العقيدة بعمليات القتل أو الترحيل القسري من أماكنهم، وقد آن الاوان للمجتمعات الدولية ان تتحرك بدل ان ُتطلق الكلمات والشعارات فقط...
ومن هذا الاطار نؤكد ان المفكر شارل مالك لم ُيخطئ عندما قال » اذا سقطت المسيحية الحرة في لبنان وهو آخر معقل لها في الشرق، انتهى أمرها في الشرق الأوسط كلّه لا بل في آسيا وأفريقيا أيضاً ».
مع الامل ألا تبقى مقررات السينودس حبراً على ورق، وان تشكل اجوبة مقنعة لكل المشاكل التي يعاني منها مسيحيو هذا الشرق، وان يبقى السلام سائداً مع الشريك في الوطن بعد سلسلة التساؤلات التي تحفر في الذاكرة المسيحية منذ ان وجدت في هذه المنطقة».