كلمة المناضل - عدد - دعم الانتفاضة واستمرارها هو خيار السلام
كلمة المناضل العدد 312 ك2 ـ شباط 2002
دعم الانتفاضة واستمرارها هو خيار السلام
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
عندما جاء رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون إلى السلطة في دولة العدو وعد الإسرائيليين بتحقيق الأمن خلال مائة يوم ، والآن وقد مر على تسلمه السلطة ما يقارب أربعة أضعاف هذه المدة نرى الإسرائيليين أنفسهم مذعورين من تصاعد عمليات المقاومة التي تقوم بها الانتفاضة الفلسطينية الباسلة ، وتؤكد التقارير التي تصدر عن إسرائيل تدهور أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقد طال هذا الأمر أيضاً مؤسستها العسكرية حيث يتزايد الاحتجاج يومياً من الضباط والجنود الإسرائيليين على الأعمال القمعية ضد المواطنين الأبرياء ومحاولات التصفية العنصرية التي يمارسها العدو وتدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني وهدم المنازل وتشريد الأطفال وقتلهم ... إلى آخر ما هنالك من الممارسات الفاشية التي تقوم بها سلطات الاحتلال .
هذا ويتصاعد الاستنكار العالمي لهذه السياسة العنصرية وتظهر بعض الإيماءات من الولايات المتحدة الأميركية إلى رئيس وزراء إسرائيل لضبط النفس وكذلك تطالب الأمم المتحدة على لسان أمينها العام بضرورة وقف العدوان والانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة إضافة للتحرك الأوروبي المستمر ومحاولات ردع إسرائيل وتصاعد موجات الاستنكار العالمي لهذه الهجمة الصهيونية الشرسة .
إن ما نحتاجه اليوم ونحن مقبلون على عقد قمة عربية في نهاية آذار هو مبادرات وقرارات تزيد من الضغط على إسرائيل وتعري مواقفها وسياساتها وتفضح أساليبها الوحشية في قمع السكان العرب ، ونحتاج أكثر ما نحتاج إلى دعم المقاومة الفلسطينية الباسلة وتصعيد عمليات الانتفاضة ومدها بكل الوسائل اللازمة لاستمرارها .
وفي هذا الوقت الذي تزداد فيه الضغوط على شارون داخل إسرائيل وخارجها يجب التحذير من فتح أي نافذة يمكن أن يستفيد منها العدو ، وتقديم أي اقتراحات قد يظن البعض أنها خطة سلام مطروحة للمناقشة أو مبادرة جديدة تفسح المجال لتخفيف الضغط على العدو ، وتفتح أمامه باباً يلج منه إلى فضاءات أخرى في الوطن العربي . وبدلاً من أن يتجه العرب إلى دعم الانتفاضة وإسقاط حكومة شارون ودعم الموقف الصامد للشعب العربي الفلسطيني بقواه الوطنية ومقاومته الباسلة ، سيجدون أنفسهم يدورون في حلقة مفرغة من شأنها أن تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل مؤتمر مدريد حيث وافقت معظم الدول العربية على تبني الأسس التي انعقد من أجلها وهي السلام الشامل مقابل الانسحاب الكامل وحيث أصبح واضحاً للعالم أن إسرائيل هي التي ترفض تلك الأسس وتتنكر لكافة القرارات التي صدرت عن المجتمع الدولي ومؤسساته الشرعية .
لقد اعتادت إسرائيل وبدعم من الولايات المتحدة أن يصدر عن العرب بعض التصريحات أو المبادرات التي يظنون أنها قد تلين موقف إسرائيل وتدفعها نحو السلام أو الاستجابة لبعض المطالب التي تقترحها الولايات المتحدة لجعل الموقف الإسرائيلي أكثر إيجابية تجاه السلام وما أن يتم ذلك من الجانب العربي حتى تبدأ إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأميركية بتثبيت الموقف العربي الجديد والعمل على إقرار هذا التنازل
أو التراجع ، والمطالبة بتنفيذه فوراً دون أن يقدم الطرف الإسرائيلي أي شيء ، أو أن يخطو نحو السلام خطوة واحدة أو يوافق على إعادة أي حق من الحقوق العربية المغتصبة .
لقد أدت هذه السياسة التي مارستها بعض الأطراف العربية إلى سلسلة من الخطوات التراجعية في الموقف العربي على مدى العقود الثلاث الماضية ، وفي الوقت نفسه ، أدت إلى سلسلة من الخطوات التصعدية في قضم الحقوق والأراضي العربية من جانب إسرائيل بتأييد الولايات المتحدة الأميركية .
هذه السياسة الخطرة تشكل تهديداً حقيقياً لمصالح الأمة العربية وأجيالها القادمة ، وتقدم خدمة مجانية للعدو الذي يواجه الآن مأزقاً صعباً بسبب استمرار الانتفاضة وتصاعدها .
إن موقف حزب البعث العربي الاشتراكي وسورية إنما يتمثل في دراسة أفضل السبل لدعم كفاح العرب ضد العدو الغاصب ومؤازرة الشعب العربي الفلسطيني وانتفاضته الباسلة من أجل استعادة كافة حقوقه الوطنية المشروعة واسترجاع كامل التراب العربي المحتل وإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة عن طريق تطبيق القرارات الدولية وخصوصاً المتعلقة منها بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي لأنها الوحيدة التي تشكل أساساً لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة .