كلمة المناضل - عدد - ما تمثله المقاومة وما يمثله العدوان !
كلمة المناضل العدد 300 ك2 ـ شباط 2000
ما تمثله المقاومة وما يمثله العدوان !
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
مرة أخرى تمارس العنصرية الصهيونية حقدها على الأرض العربية والمواطن العربي عندما قامت بسلسلة من الغارات الجوية على لبنان في محاولة لتدمير بنيته التحتية وإرغام مواطنيه وحكومته على قبول التسوية الصهيونية التي تعني ببساطة الاستسلام للعدوان وإرادة المحتلين .
عندما شنت دولة العدو غاراتها على بلدة قانا قبل أربع سنوات ( وكان حزب العمل الصهيوني في السلطة آنذاك ) ، ثم التوصل وبرعاية أميركية فرنسية إلى ما سمي تفاقم نيسان عام 1996 والذي سمح للمقاومة الوطنية اللبنانية بممارسة حقها في الدفاع عن الأرض اللبنانية المحتلة وضرب مواقع العدو في مناطق الاحتلال ، وفي الوقت نفسه منع إسرائيل من العدوان على القرى والمدن اللبنانية وضرب المواطنين العزل والأبرياء واستهداف البنية التحتية والأهداف المدنية .
ونحن اليوم نرى الدولة الصهيونية العنصرية ، تلجأ مجدداً إلى أسلوب ممارسة الإرهاب وتتحدى المجتمع الدولي وتخرق اتفاق نيسان ويقوم رئيس وزرائها وهو رئيس حزب العمل ، كذلك بتهديدات سافرة للبنان وشعبه ولسورية أيضاً والأمر المؤسف أن رئيس وزراء العدو وبعض المسؤولين الإسرائيليين أطلقوا تهديداتهم قبل العدوان على لبنان من بعض العواصم العربية التي جالوا عليها دون مراعاة الأعراف والقواعد الدبلوماسية ودون أن يرفع أحد من " مضيفيهم " صوته بالاحتجاج عليهم ونرى كذلك أنه في الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على الأهداف المدنية اللبنانية والمواطنين الآمنين كانت بعض الوفود العربية الرسمية تزور دولة إسرائيل وتلتقي مع قادتها وتوقع اتفاقات مختلفة معهم .
لقد بلغ التردي والإذلال لدى بعض المسؤولين العرب درجة لم يعد يحتملها المواطنون العرب وتمثل استخفافاً بشعورهم وحياتهم وخروجاً على أبسط قيم التضامن العربي والشعور الوطني والإنساني ، واستسلاماً كاملاً لإرادة العدو .
لقد كشفت الصهيونية ـ كما هي عادتها ـ عن وجهها القبيح ومعاداتها للسلام الذي تباكت على فقدانه أكثر من خمسين عاماً ، وها هي اليوم وعندما حان استحقاق السلام ، نراها ترفضه وتشن عدوانها على لبنان الذي قدر له ولسورية معه أن يحملاهم الأمة العربية ، ويدفعا الضريبة عن العرب كلهم .
لقد أصبح واضحاً الآن ، وبعد توقف المباحثات بين سورية وإسرائيل فترة قصيرة من استئنافها في بداية هذا العام ، أن من يعرقل التوصل إلى سلام عادل ودائم في المنطقة هو إسرائيل ، لأنها لا تريد الانسحاب من الأراضي المحتلة ، ولا تريد ترسيم الحدود على هذا الأساس رغم أن إرادة المجتمع الدولي تؤيد ذلك وهي ترفض كذلك تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ( 242 ـ 338 ـ 425 ) .
وثبت بالدليل الملموس بعد عدوانها على البنية التحتية والأهداف المدنية اللبنانية والمواطنين المسالمين ، بأن إسرائيل تريد ممارسة سياستها عن طريق ترسانتها العسكرية معتقدة أنها بهذا الأسلوب يمكن أن تحقق أهدافها العنصرية والتوسعية .
إن سورية وحزبها وقيادتها ومعها لبنان ـ والمقاومة الوطنية ما زالوا يعتقدون أن للعمل السياسي باباً لم يغلق بعد ، وإن ممارسة ضبط النفس ومواجهة العدوان الصهيوني يكشف نواياه أمام الرأي العام العربي والعالمي ، ويؤكد الثبات على الموقف المبدأي في مواجهة الاحتلال والعدوان والتمسك بالمبادئ التي يجب أن تتم التسوية على أساسها في الوقت الحاضر ، والتي مازالت تمثل الطريق الذي تتمسك به سورية . وإذا ما استمرت إسرائيل بعدوانها ورفضها لتلك المبادئ فإن لسورية الحق في البحث عن وسائل أخرى وطريق آخر يتماشى مع مصلحة مواطنيها وأهداف الأمة العربية التي تنتمي إليها .