كلمة المناضل - عدد - هل ستكون نهاية ولاية الرئيس الأميركي مخيبة لآمال السلام ؟
كلمة المناضل العدد 298 أيلول ـ تشرين 1 1999
هل ستكون نهاية ولاية الرئيس الأميركي مخيبة لآمال السلام ؟
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
منذ بداية الولاية الأولى للرئيس بيل كلينتون أعلن بأنه سيضع جهده لإنجاح وإتمام عملية السلام التي بدأت في مدريد في نهاية عام 1991 .
ورغم ما بذله من جهد في هذا الاتجاه فلم يتحقق تقدم يذكر على هذا الصعيد حتى أن اتفاق أيلول 1993 ( أوسلو ) الذي وقع سراً بين المتفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين قد تراجع خلال ولاية الرئيس بيل كلينتون خطوات كبيرة إلى الوراء حتى أصبح ما تم الاتفاق عليه في أوسلو يشكل مطمحاً كبيراً للقيادة الفلسطينية التي وقعته وأضحى حلماً من الأحلام البعيدة التي يتمنون لها التحقيق .
انتهت الولاية الأولى وكان من حصيلتها تراجعات كبيرة فيما تم الاتفاق عليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع عدم وجود تقدم يذكر على الجانبين السوري واللبناني .
وأعيد انتخاب الرئيس كلينتون لولاية ثانية عام 1996 وكان المؤمل أن تكون أكثر فعالية من سابقتها خصوصاً وأنها الولاية التي خلت من تأثيرات الضغط الصهيوني على ما سيأتي بعدها ، ومع تأكيد آخر على التزامه بالوصول إلى نتائج محددة في المسارين السوري واللبناني وإتمام ما بدأه المسار الفلسطيني .
إلا أن الواقع سار مراوحاً في مكانه في معظم الاتجاهات . وصعد حزب الليكود إلى السلطة الإسرائيلية مجدداً وتأزمت مشاعر الجميع ثم سقط بينامين نتنياهو وعاد حزب العمل برئاسة أيهود باراك الذي ظهر للعالم وأظهرته الإدارة الأمريكية وكأنه المنقذ لعملية السلام ، إلا أن الحقائق التي لا تخفى على أحد ، أظهرت عكس ذلك ، مما أوقع الإدارة الأميركية والرئيس نفسه في مأزق النفق المظلم .
يرى الرئيس الأميركي وإدارته الحالية أن التفاؤل المفرط الذي أبدوه وأعلنوه للعالم عند مجيء رئيس الوزراء الصهيوني أيهود باراك ما هو إلا سراب تنكشف حقائقه تدريجياً مع اقتراب خطوات الرئاسة الأمريكية من نهايتها ، ويبدو أن طموح الرئيس بيل كلينتون الذي أعلنه قبل بداية ولايته الثانية عندما قال في آذار 1995 في جامعة اتلانتا " إذا حققنا تقدماً نحو السلام في الشرق الأوسط فإننا نعزز أمننا الذاتي ، لأن وضع المنطقة الأمني يؤثر على باقي مناطق العالم بأسره " أنه بالفعل يدرك هذه الحقيقة لكن يبدو أن المصالح الصهيونية في الإدارة الأمريكية ذاتها وبمفاصلها المتعددة ـ الدفاع ، والخارجية ، والبيت الأبيض ، أقوى من رغبات الرئيس الذي ربما ستنتهي ولايته الثانية وفرص تحقيق السلام في المنطقة أقل مما كانت عليه في ولايته الأولى .
ولقد أدرك الحزب وثورته في القطر العربي السوري بقيادة الرفيق الرئيس حافظ الأسد الأمين العام للحزب أن مهمة تحقيق السلام ليست بالأمر السهل وان هناك مصالح كبرى في الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً لدى المجمع العسكري والاقتصادي الذي يبذل جهداً متواصلاً للإبقاء على التفوق والهيمنة الصهيونية على العرب كي تستمر سيادة مصالحه وإنعاش خططه في إبقاء الأمة العربية مجزأة ومهشمة تعاني الضعف والتمزق ويستمر في نهب ثرواتها و خيراتها لصالح احتكاراته ، لكن الحزب وأمينه العام يدركان أيضاً أن استمرار التمسك الثابت بالحقوق القومية وإعادة ما احتل من الأرض العربية في أقطارنا المتعددة لابد أن يتحقق في النهاية بفضل الصمود وتعزيز القدرة الذاتية للأمة وجماهيرها ، واستمرار نهج القيادة الحكيمة بمراعاتها لمصالح مجموع الجماهير واستلهام التاريخ والمستقبل في توظيف كل ما هو مفيد للوصول إلى سلام عادل وشامل في المنطقة العربية ، مدركين منذ البدء أن من يصنع السلام هم مالكوا هذه الأرض وقاطنوها أولاً وأخيراً ، أما القوى الأخرى فربما يكون لها دور مساعد في ذلك نؤيده ونشكره ونقدره أن استطاع تحقيق ذلك .