كلمة المناضل - عدد - إلى متى يظل الوهم سائداً
كلمة المناضل العدد 297 تموز ـ آب 1999
إلى متى يظل الوهم سائداً
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
منذ ما قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة والتي فاز بها أيهود باراك رئيساً للوزراء كانت الآلة الغربية الإعلامية تمهد " لرجل السلام " القادم الذي أوهم الجميع ـ ما عدا المؤمنين بماهية الصهيونية ومخططاتها التوسيعة والاستيطانية العنصرية ـ بأنه قادر على تحقيق السلام خلال بضعة أشهر ان لم يكن في بضعة أسابيع .
ومنذ فوزه برئاسة الحكومة بدأ العد التصاعدي لهذه الأسابيع والشهور حيث مرت حتى الآن شهور أربعة ولم يتغير الوضع قيد أنملة عما كان قبل مجيئه .
لقد أعلن باراك مباشرة بعد فوزه لاءاته المشهورة لا للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 ولا للانسحاب من القدس ولا لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية ولا لدولة فلسطينية ، ثم عاد وأطلق " لاءً " جديدة ربما لم يقلها بوضوح اللاءات السابقة لكنه أعلنها صريحة بعد ذلك وهي لا لتدخل أميركي في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين حول تطبيق الاتفاقات المعقودة والمفاوضات المقبلة حول الوضع النهائي ، ثم أعلن " لاءً " جديدة جداً وإن كانت بطريقة مختلفة وكانت هذه عبر وسطاء أوربيين زاروا المنطقة مفادها أنه إذا تم لقاء بينه وبين الرئيس حافظ الأسد فإن كافة المسائل المعلقة سوف تحل وسيحل السلام الشامل بعدها .
إن هذه " اللا " الابتزازية ليست غريبة عن فكر باراك الصهيوني الذي يخفي الدماء العربية التي تلطخت بها يداه خلال عقود عديدة يخفيها بقفاز من حرير يحاول مصافحة العالم به .
لقد أدرك حزب البعث العربي الاشتراكي ومنذ زمن بعيد الأهداف الحقيقية للحركة الصهيونية في الوطن العربي والعالم ، وينظر منذ البدء إلى التوسع والاستيطان وإنكار الحقوق المستمر كصفات ملازمة لتلك الحركة العنصرية العدوانية ، وأدرك الحزب كذلك أن التلازم العنصري بين الحركة الصهيونية والامبريالية العالمية هو الصفة المميزة لكل منهما ولا تتحقق مصالح أحدها دون الآخر ، ولهذا كانت الاستجابات المتعددة والسريعة من الامبريالية لما تطلبه الصهيونية من دعم ومؤازرة ، في عدوانها المتكرر على الأمة العربية .
وكانت سياسة الحزب وثورته في القطر العربي السوري تهدف إلى تمكين الأمم ومؤسساتها الدولية من لعب دور فاعل في الصراع العربي الصهيوني وذلك لإيجاد نوع من التوازن بين إسرائيل ومؤيديها خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وبين العرب وحقوقهم المشروعة ، وكانت إسرائيل وحلفاؤها على الدوام يرفضون تدخل الأمم المتحدة ويعطلون قراراتها ويمتنعون عن تطبيقها منذ عام 1948 حتى اليوم حيث لم ينفذ أي قرار صادر عن الهيئات الدولية ولم تتخذ الولايات المتحدة على وجه الخصوص أي إجراء ضغط على إسرائيل لتنفيذ أي قرار أو أية فقرات منه .
وها نحن نجد الابتزاز الصهيوني في عهد رئيس الوزراء الذي أشاعوا حوله أنه رجل السلام نجد هذا الابتزاز في ذروته حيث كان الطلب الأول منه للولايات المتحدة عدم التدخل في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين وهي فعلت ما أراد واستجابت فوراً لاقتراحاته وتخلت عن إصرارها السابق على ضرورة تنفيذ ما اتفق عليه في " واي ريفر" وها هو اليوم يريد ابتزازاً آخر على الجبهة السورية ويتنصل من الالتزامات السابقة ولحكومة رابين من قبله .
إن سياسة سورية وحزبها وقيادتها واضحة ، فلا مجال للمراوغة أو المناورة والحقوق العربية يجب أن تعود كاملة لأصحابها .