كلمة المناضل - عدد - بعد خمسين عاماً من الاغتصاب أية قمة نريد ؟؟
كلمة المناضل العدد 290 أيار ـ حزيران 1998
بعد خمسين عاماً من الاغتصاب أية قمة نريد ؟؟
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
مع حلول الذكرى لاغتصاب فلسطين وتشريد معظم سكانها العرب واحتجاز من تبقى منهم أسرى لدى الكيان الصهيوني الإمبريالي ومع تصاعد التعنت والغطرسة الصهيونية لدى حكومة العدو وقواه العنصرية المتطرفة التي تزايد تأثيرها بعد مجيء حكومة اليمين، ومع استمرار الضعف والتفكك والتشرذم التي آلت إليها الأمة العربية ، ومع الصمت الأميركي المطبق عما يجري في فلسطين وحولها ، واستمرار الاعتداءات الصهيونية على الأمة العربية وعلى حقوقها وتاريخها وحضارتها ، ومع الإهمال الكامل لما تم الاتفاق عليه وبرعاية الولايات المتحدة الأميركية نفسها لهذه الاتفاقات بل وللمبادئ التي قدمتها في مدريد وسارت على أساسها عملية السلام المتعثرة ، مع كل هذا وفي زمن تحتاج فيه الأمة العربية إلى التمسك بالثوابت القومية والوحدة في مواجهة ما يطرح، نجد أطرافاً عربية ما تزال تسير في تعاون كامل مع العدو وتخطو خطوات متعددة في مجال التطبيع ضاربة عرض الحائط بكل ما تم الاتفاق عليه سواء كان في إطار الجامعة العربية ومجالسها المتعددة ، أو في إطار مؤسسة القمة العربية . لقد كان اجتماع القمة العربية في حزيران 1996 مناسبة مهمة لتعزيز التضامن العربي في وجه العدو واتخاذ قرارات تفعل العمل العربي القومي المشترك في مواجهة التعنت والصلف الصهيوني الذي يقوده رئيس وزراء العدو إزاء العرب وحقوقهم وإزاء ما تم التوقيع عليه مع بعض الأطراف العربية المعنية بالتسوية السياسية ، وكانت القمة المذكورة نقطة مهمة في العمل العربي المشترك ومحطة من محطاته المميزة بقراراتها ، وتوجهاتها ، وتوصياتها ، وأسلوب عمل واضح أمام الجميع ، إلا أن عدم الالتزام بذلك أدى إلى هذه الأوضاع المأساوية الراهنة .
واليوم ونحن نرى مشاورات واتصالات بهدف عقد قمة جديدة سواء كانت مصغرة أم موسعة لبحث شؤون العرب وما يواجهونه من تحديات فإننا نؤكد أن ما تحتاجه الأمة العربية أكثر من أي شيء آخر هو التطبيق الكامل لما تم الاتفاق عليه قبل عامين وفي القمة العربية السابقة التي عقدت في القاهرة ، ولا نرى أن هناك متغيرات جديدة أكثر من التي ظهرت قبل عامين تحتاج إلى قرارات جديدة أو توجهات جديدة ، كل ما نراه اليوم هو استمرار التراجع في عملية السلام مع استمرار الصمت الأميركي على ما يجري في فلسطين وجنوب لبنان ودعم كامل لإسرائيل وسياساتها العنصرية العدوانية ، ونرى كذلك تقديم اقتراحات أميركية غير متوافقة مع مبادئ مدريد التي اقترحتها بالذات وهذه الاقتراحات والمبادرات الأميركية وإن وافقت عليها بعض الأطراف العربية المعنية تشكل خروجاً على اتفاقات أوسلو وغيرها وتراجعاً واضحاً عنها رغم هزالة تلك الاتفاقات وعلى الرغم من رفض الكيان الصهيوني لهذه الاقتراحات يبدو وكأن الدعوة لعقد قمة عربية كيفما اتفق هو لإقرار تلك المبادرات أو إفساح المجال أمام البعض للموافقة على مزيد من التراجعات العربية المغطاة بقرارات قمة جديدة .
إن قمة عربية مهما كانت محدودة أو موسعة لن يكون ناجحة وفي مصلحة الأمة العربية وطموحها ما لم يجر الإعداد الجيد لها وتحدد أهدافها ومراميها مسبقاً ، وما لم تلتزم كذلك بالثوابت القومية للأمة العربية وحقوقها التاريخية .
لقد تعلمت الجماهير العربية وخلال خمسين عاماً من النكبة والاغتصاب أن وحدة الموقف ووحدة الهدف ووحدة الإرادة هي وحدها الكفيلة باسترجاع ما اغتصب من أراضٍ وحقوق ، وإن التفريط والتنازل والمساومة وغيرها وتحت أي حجة كانت ستكون نتائجها كارثية على مستقبل الأمة ومصيرها أمام العدو الصهيوني الذي لا يخطط لامتلاك فلسطين فحسب بل هدفه الدائم هو إقامة " إسرائيل الكبرى " سياسياً واقتصادياً وفكرياً في قلب الوطن العربي .
ومن هنا فإن موقف الحزب وأمينه العام الرفيق حافظ الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية يمثل نبض الأمة العربية وتاريخها ومستقبل أجيالها موقف يسعى لترسيخ العمل العربي المشترك والتضامن في وجه العدو واطماعه والتمسك بالثوابت القومية وعدم التنازل عن الأراضي والتفريط بالحقوق لأن لذلك وحده ضمانة لوضع أساس الحياة الكريمة للأمة وجماهيرها ومستقبل أجيالها واستعادة الأراضي العربية المغتصبة والحقوق القومية الضائعة .