كلمة المناضل- عدد - بعد خمسين عاماً على الاغتصاب والنكبة وعشرين عاماً على قرار 425 هل يقولون لإسرائيل " صح النوم "
كلمة المناضل العدد 289 آذار ـ نيسان 1998
بعد خمسين عاماً على الاغتصاب والنكبة وعشرين عاماً على قرار 425 هل يقولون لإسرائيل " صح النوم "
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
مع اقتراب ذكرى النكبة وبمرور 50 عاماً على تأسيس دولة العدو في فلسطين يتضح للعالم مدى الظلم والعسف الذي لحق بالأمة العربية عموماً والشعب العربي خصوصاً جراء تلك المؤامرة الصهيونية الإمبريالية الاستعمارية التي اغتصبت فلسطين وأقامت هذا الكيان العنصري الاستيطاني فيها . ولأول مرة يقوم الإعلام الغربي على الرغم من تعاطفه الدائم مع إسرائيل بإبراز الجانب الآخر من المأساة ويطرح التساؤل الذي قلما ذكره وأعلنه " أن قيام إسرائيل كان على حساب شعب آخر " .
لقد أدرك الرأي العام العالمي وبعد مرور 50 عاماً من عمر هذا الكيان الاستيطاني البشع تلك الحقيقية التي أغفلها ، وربما كان السبب في ذلك موافقة العرب على قيام سلام عادل وشامل واشتراكهم في عملية السلام التي ابتدأت في مدريد منذ ما يزيد على ستة أعوام ولم يتحقق ما يمكن أن مقول أنهى بداية للسلام أو الاستقرار في المنطقة، وذلك بسبب العقيدة العنصرية للدولة الصهيونية وحكومتها الرافضة لكل سبل السلام .
لقد أدرك العالم أن تلك السياسة الصهيونية لن تقود إلى تحقيق سلام شامل وعادل مما دفع حكومة العدو في الفترة الأخيرة ونتيجة الخسائر البشرية والمادية والسياسية التي لحقت بها جراء تصاعد المقاومة الباسلة في الجنوب اللبناني المحتل دفع بها إلى طرح أفكار مرفوضة حول قبولها القرار / 425 / الصادر عن مجلس الأمن عام 1978 والقاضي بضرورة الانسحاب غير المشروط للقوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني .
إن الاعتراف الإسرائيلي المتأخر عشرين عاماً بالقرار 425 يؤكد على عمق المأزق الذي يحيط بدولة إسرائيل داخلياً وخارجياً . فبالإضافة لما تلحقه المقاومة المسلحة الباسلة بقوات العدو فهو من خلال هذه المناورة المكشوفة الأهداف والنوايا يسعى لتحقيق ما يلي :
أولاً ـ تخفيف العزلة الدولية والضغط الدولي على دولة العدو الرافضة لتطبيق القرارات الدولية خصوصاً بعد التساؤلات التي تدور في العالم حول تطبيق قرارات الأمم المتحدة والمعايير المزدوجة التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على العالم بعد أزمتها الأخيرة مع العراق .
ثانياً ـ محاولة دق إسفين في العلاقة السورية اللبنانية الوثيقة والظهور بأن إسرائيل تريد الانسحاب من لبنان وأن العرب لا يقبلون ذلك .
ثالثاً ـ الإيحاء لبعض الدول العربية التي سارت في خطوات تطبيعية كبيرة وأقامت علاقات متنوعة مع العدو الصهيوني وقام بعضها مؤخراً بوقف تلك العلاقات أو تجميدها وخفف الهرولة باتجاه العدو بعد إيقاف حكومة نتنياهو كل مبادرات السلام ورفض تطبيق ما اتفق عليه مع الأطراف المختلفة وتوقف العملية السلمية ، الإيحاء لهم بأن إسرائيل تريد من جانبها تطبيق القرار الخاص بلبنان مما يساعد في فك العزلة " العربية " عنها .
رابعاً ـ السعي لتحقيق السياسة الصهيونية القديمة وهي فك الارتباط بين الدول العربية والاستفراد بكل طرف عربي على حده وتجزئة الحل عبر إقامة اتفاقات منفردة بعدما تحقق لها بعض النجاح في اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة وهي الآن تسعى لفك الارتباط في المسار السوري اللبناني المشترك ، وإحياء اتفاق 17 أيار المقبور وإنعاش القوى العملية في جنوب لبنان المتحالفة مع العدو .
لقد جوبهت المناورة الإسرائيلية الأخيرة بإجماع لبناني رسمي وشعبي رافض لها كما ساندت سورية الموقف اللبناني بقوة .
كما رفضت الأمة العربية تلك المناورة المؤامرة وأظهر الإجماع العربي الرسمي والشعبي موقفاً قومياً واضحاً ومعرياً للادعاءات الإسرائيلية وأكاذيب العدو الذي لم يلتزم بأي اتفاق وآخرها الاتفاقات التي وقعها مع سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني وبرعاية الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى جاهدة لإنقاذ ماء وجهها وإنقاذ الاتفاقات التي التزمت بها أمام الرأي العام العربي والدولي .
إن وحدة الموقف العربي وتماسكه واستمراره وحده كفيل بكشف المؤامرة الصهيونية وألاعيبها وتدعيم الموقف المقاوم وتصعيده باتجاه تحقيق المطالب العربية العادلة وإسناد المقاومة داخل الأراضي العربية المحتلة ودحر الغزوة الصهيونية وهزيمتها .