تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي د. سعيد بن ناصر الغامدي
تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي
د. سعيد بن ناصر الغامدي
يبدأ تاريخ هذا الحزب بنجر من نصارى سوريا اسمه ميشيل يوسف عفلق المولود في دمشق سنة 1910م .
تأثر بأدب المهجر وكتابات إسماعيل مظهر والشميل وشمل اطلاعه التراثي على لزوات أبي العلاء وديوان المتنبي .
وقرأ روايات جورجي زيدان عن التاريخ الإسلامي وكان لذلك كله أثر في صياغة عقله وفكره إضافة إلى نشأته في البيت النصراني والأسرة العريقة في دين النصارى المنتمية إلى الكنسية الشرقية .
سافر إلى باريس بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية وهو في الثامنة عشر من عمره للدراسة في كلية آداب السربون ، وحصل منها على الشهادة الجامعية في التاريخ وهناك تشكل الإطار القومي لعفلق وانضم إلى جمعيتين قوميتين هما الجمعية العربية السورية وجمعية الثقافة العربية .
وفي باريس اطلع على أعمال الكتاب والفلاسفة الأوربيين أمثال لنيتشه وماركس ودوستويفكسي وتولوستوي وبيرغسون وأناتول فرانس وأندريه جيد .
وبدأ يدعو هناك بين الشباب العرب المشارقة والمغاربة إلى القومية العربية الموحدة ، وقد وجدت هذه الدعوة الاستجابة لدى بعض الشباب العرب ومن الخاصة أصدقاءه ومنهم صلاح الدين البيطار الذي كان يدرس الفيزياء آن ذاك فعاهدا على العمل معاً ، وعاد إلى سوريا عام 1933م محملين بالأفكار القومية والثقافة الأجنبية متشبعين بالفكر القومي الذي تلقوه في أوربا ووفدا به على البلاد الإسلامية .
ومن العجيب في هذه الصدد أن عفلق بعد ذلك بسنوات وبالتحديد في عام 1941م حذر من القومية التي تأتي من أوروبا وبين أنها من الأخطار والمفاسد فقال في كتابه في سبيل البعض ص 137 :
" إن هذه القومية التي تأتينا من أوروبا مع الكتب والمجلات يهددنا بخطر مزدوج فهي من جهة تنسينا شخصيتنا وتشوهها ومن جهة أخرى تسلبنا واقعنا الحي وتعطينا بدلاً منه ألفاظاً فارغة ورموزاً مجردة " .
فما أصدق وصفه هذا على حاله وما أكثر تطابقه مع ما قام به من عمل .
بعد عودة عفلق والبيطار من باريس عملا في التدريس ومن خلاله أخذا يبثان أفكارهما بين الزملاء والشباب والطلاب درّسا في ثانوية واحدة هي مدرسة التجهيز الأولى وكانت أكبر مدارس دمشق وأهمها .
درّس عفلق مادة التاريخ والاجتماعيات بينما درّس البيطار الفيزياء والفلك .
كانت التوجهات الأدبية واضحة إذ نشر عدداً من القصص القصير والقصائد ، كان يطمح أن تكون على مستوى عال من الإبداع والحداثة ليوصل من خلالها أفكاره تحت ستار الأدب .
وفعلاً أخذت هذه الأفكار تستقطب عدداً من الشباب من طلبة المدارس والجامعات وفئة المثقفين .
وفي عام 1941م أسس البيطار جامعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي جمعت الذين اقتنعوا بأطروحات عفلق ، ثم أصدر بالاشتراك مع الماركسيين مجلة الطليعة سنة 1934م ومنذ حزيران في هذه السنة أصبحت بيانات الحركة تحمل اسم " البعث العربي "ولكن الحزب لم يأخذ هذه التسمية إلا فيما بعد .
وفي عام 1945م افتتح أول مكتب للحزب بدمشق ولم يكن عدد أعضاءه يوم ذاك يتجاوز أربعمائة ثم جرى تنظيم الحزب عسكرياً وفي 1946م أصدرا جريدة البعث اليومية ، وفي نيسان 1947م تم تأسيس الحزب تحت اسم " حزب البعث العربي " وافتتح ميشيل عفلق المؤتمر التأسيسي الأول للحزب وفيه أقر دستور الحزب ونظامه الداخلي وجعل عفلق " عميداً " وهو المنصب الذي أطلق عليه فيما بعد " الأمين العام ".
وكان من المؤسسين لهذا الحزب : غير عفلق والبيطار جلال السيد وزكي الأرسوزي ، وفي عام 1953م اندمج حزب البعث والحزب العربي الاشتراكي الذي كان يقوده أكرم الحوراني في حزب واحد سمياه حزب البعث العربي الاشتراكي ثم أصبح الحزب بعد ذلك يقوم بأدوار فاعلة في الانقلابات والحكومات التي تعاقبت على سوريا .
وأظهر مشاركة لهم كانت في حكومة اللواء سامي الحناوي التي بدأت في 1949م بانقلاب ضد صاحب أول انقلاب عسكري في سوريا حسني الزعيم ، فقد أشرك الحناوي في الحكومة ميشيل عفلق وأكرم الحوراني قبل اندماجهما ، وانتهت حكومة الحناوي في العام نفسه بانقلاب أديب الشيشكلي واستمرت حكومة الشيشكلي من 1949-1954م .
وقد أشرك بعض البعثيين في الحكومة ولكنهم كانوا يضيقون ببعض توجهاته الإسلامية ومنها : إعلان الدستور الجديد 1950م الذي اعتبر الدين الإسلامي مصدراً أساسياً للتشريع – وعلى ما تنطوي عليه هذه العبارة السلولية نسبة إلى عبد الله بن أبي سلول من سوء حيث أنه يصح – بناء على منطوقها – أن يكون هناك مصادر للتشريع غير الإسلام إلا أن الإسلام هو الأساسي – ومع ذلك اعتبر البعث هذا الدستور رجعياً فقاموا من خلال ضباط البعث في الجيش بأول انقلاب بعثي في حلب فاهتزت حكومة الشيشكلي فغادر البلاد واستلم الحكم شكري القوتلي سنة 1956م وكانت هذه المرة الثانية له والأولى كانت بعد استقلال سوريا عام 1946م وانتهت عام 1949م بانقلاب حسني الزعيم .
ومع أن البعثيين كانوا – فيما يزعمون – وراء إزالة الشيشكلي إلا أنهم لم ينالوا في حكومة القوتلي مكاسب تذكر ، بيد أن ذكرهم في سوريا وغيرها تعاظم . وسعوا في هذه الأثناء للتوحد مع مصر فكانت الوحدة السورية المصرية عام 1958م فتنازل القوتلي لصالح حكومة الوحدة .
وتولى عبد الناصر زعامة القومية العريبة وسحب البساط من تحت البعث وكان قد طلب منهم حل أنفسهم كشرط لقبول الوحدة ، وحلوا حزبهم وحصل بسبب ذلك انشقاقات وتصفيات بين الناصريين والبعثيين من جانب وبين البعثيين أنفسهم من جانب آخر .
كانت حكومة الوحدة برئاسة عبد الناصر من سنة 1958-1961م وقد شارك فيها البعث وكان لهم عدة مقاعد في الحكومة ، إلا أن دعاة الوحدة القومية والاشتراكية ما لبثوا أن تخاصموا وتهارشوا على المغانم والمكاسب المادية والمعنوية .
وكان نجم عبد الناصر في سطوع وصيته يزداد بعداً ومكانته ترتفع فسحق بذلك رجال البعث مما أدى إلى تذمرهم فوقفوا ضد الوحدة .*
يقول زهير الماديني في كتابه " الأستاذ " وهو ترجمة موسعة لميشيل عفلق ص 240 ولا يستطيع أحد من البعثيين أن ينكر وقوف الحزب – باستثناء ميشيل عفلق – ضد الوحدة لأن الدليل قائم على ذلك.وفعلاً حصلا الانفصال وقاده عبد الكريم النحلاوي ورأس الحكومة ناظم القدسي ودامت حكومة الانفصال من سنة 1961-1963م وكان البعث فيها صولات وجولات .
حتى قاموا بانقلابهم العسكري في 8 آذار 1963م ، وفي الفترة نفسها تمكنت البعث في العراق من القيام بثورة بعثية ضد عبد الكريم قاسم في 8 أشباط 1963م وتحرك الحزبان في سوريا والعراق لإقامة الوحدة بينهم مع مصر ولكن هذه الوحدة ماتت قبل أن تولد .
ذلك أن الصراع بين البعثيين والناصريين في البلدان الثلاثة لم يتوقف مما أدى كما تقول موسوعة السياسة ذات التوجه البعثي في ج3ص300 ( أدى إلى الاضطرابات من جديد مما اضطر البعث إلى تأسيس محاكم أمن الدولة لإبطال فعالية المعارضين والناصريين )وهذه هي نهاية الوحدة بين القوميين ذوي الاتجاه والشعار والمشروع الواحد ، وكانت نتائج المحاكمات المذكورة تصفيات هائلة للرفاق الناصريين .
أما حكومات البعث التي استولت على سوريا منذ سنة 1963م حتى الآن فقصتها طويلة جداً بداءً من بحكومة قيادة الثورة التي كان رئيس وزراءها صلاح البيطار ومروراً بحكومة أمين الحافظ من سنة 1963-1966م .
ثم حكومة نور الدين الأتاسي من سنة 1966-1970م إلى أن استولى على البلاد حافظ الأسد من سنة 1970م إلى الآن ، وفي هذه الفترة ظهرت أخلاقيات البعث واتضحت أفكاره وعقائده وتبين للناس عموماً وللبعثيين خصوصاً أن الشعارات الزائفة كثيراً ما تخفي تحتها الخيانة والدسائس والمؤامرات باسم المصلحة والحدة والحرية والشعب والديمقراطية وغير ذلك من اللافتات .
وفي هذه الفترة من سنة 1963م على الآن حصلت الصراعات الدموية العنيفة والشرسة بين رفاق الدرب الواحد والمبدأ الواحد .
وقد دونت الكتب البعثية وغيرها مآسي هذا الصراع الذي حصل في سوريا انظر على سبيل المثال الموسوعة السياسية 3/300/301 والأعمال الكاملة لمنيف الرزاز 2/67-207 ، وانظر كتاب الأستاذ لزهير المارديني 295-339 وكتاب البعث للدكتور سامي الجندي ص161 وما بعده .
وإليك بعض المقتطفات من كلام أعيان حزب البعث حول هذا لصراع فكل يكيل للآخر الشتائم ليس على مستوى الأفراد والتابعين ، بل على مستوى الزعامات المؤسسة لحزب البعث وما نسمعه الآن من شتائم بين إذاعتي سوريا والعراق وما نقرأه في مجلة الدستور التي تمثل بعث العراق ومجلة الفرسان التي تمثل بعث سوريا ليس إلا امتداداً للصراع والمناطحة بين الرفاق الذين جمعتهم القومية العربية وصهرتهم في بوتقة الثورية والانقلابية تحت لواء الحرية والوحدة والاشتراكية .
الحزب الذي أول عقائده الوحدة العربية لم يستطع أن يتوحد لا في سوريا ولا في العراق كما سيأتي .
والحلول عند الخلاف هي القتل فإن فر الرفاق بجلودهم فالاتهامات لكل هارب من الإعدام هي أنه : يميني ، دكتاتوري ، استغلالي ، رجعي منفذ للاستعمار ، آداه للصهيونية ، متسلط ، مزيف لإرادة الجماهير ، اشتراكيته قطرية مستبدة ، حاقد على الوحدة ، ظامئ للتسلط والحكم ، عدو للقومية ...الخ القاموس .
يقول زهير المارديني في كتابه الأستاذ قصة حياة ميشيل عفلق ص298[ والحقيقة أن الصراع في حزب البعث سواء على الصعيد النظري – أي على صعيد العقيدة – أم على صعيد السلطة في الحزب والحكم ليس مسألة جديدة ، فقد كان الصراع داخل الحزب قائماً منذ نشوء الحزب ودخوله المعترك السياسي وعلى التحديد منذ أول مؤتمر قطري عقد في دمشق في صيف عام 1957م والذي انبثق عنه مشروع النظام الداخلي للحزب وأولى انفجارات هذا الصراع كانت في مطلع عام 1958م عندما وافقت القيادة القومية على حل الحزب في القطر السوري كشرط لقيام الوحدة وتطور هذا الصراع في فترة الوحدة 1958-1961م واشتد في فترة الانفصال 1961-1963م وبلغ أوجه عندما سقط حكم الحزب الواحد في العراق في 18 تشرين الثاني 1963م وانتقل هذا الصراع إلى سوريا بأشكاله القومية والقطرية منذ ذلك التاري. وينتقل زهير المارديني في ص303 عن ميشيل عفلق قوله :
عندما نكون في اجتماع حزبي نسبة غير قليلة تقدح في الحزب في قيادته وتاريخه وسياسته تماماً كما يفعل الأعداء فهل هناك دليل أقوى وأسطع من هذا على القول بأن الأعداء قد تسربوا إلى حزبنا ونفذوا إليه. هذه هي خلفية المجموعة القيادية نحو حزبهم، وهذا هو تصورهم له ، وفي ذلك أكبر دليل على فساده وضلاله وسوء منبته ومسلكه. يقول الدكتور سامي الجندي وهو بعثي قيادي تولى منصب وزير الإعلام في سوريا بعد انقلاب 1963م في كتابه البعث ص161 كما نقل ذلك الأستاذ منير محمد نجيب في كتابه القيم " الحركات القومية في ميزان الإسلام " .يقول الجندي واصفاً جميع أجنحة البعث المتصارعة [ أصبح البعثيون بلا بعث ، والبعث بلا بعثيين ، أيديهم مصبوغة بالدم والعار ، يتسابقون إلى القتل والظلم والركوع أمام مهماز الجزم .ويصف الجندي في كتابه البعث ص130 صورة من صور الحرية لدى البعث فيقول : [ وفي استديو التجربة رأيت مالا يصدقه العقل : رأى أعضاء المحكمة أن يشترك الشعب بمباذلهم فلا تفوته مسرات النصر فعمدوا إلى تسجيل مشاهد الإعدام من المهجع إلى الخشبة عملية عصب العينين والأمر بإطلاق النار ثم يندلق الدم من الفم وتطوي الركبتان وينحني الجسد إلى الأمام بعد أن تتراخى الحبال نفسها وفمه مفتوح كي يقبل أمه الأرض ، لم أقل شئياً ، خرجت فسألني أحد الضباط مرحاً كيف رأيت يا دكتور ؟ .
قلت هذا هو البعث ؟ فقال : لم أفهم ، أجبت لن تفهم .
وإذا بالأستاذ البيطار يدخل لاهثاً قال لي : هل صورت فعلاً مشاهد الإعدام قلت نعم ، قال للضباط الموجودين إياكم أن تنشر أنها قضية عالمية ، وظل هناك حتى قص المختصون كل المشاهد المثيرة ولكن بعض الصور تسربت إلى خارج سوريا .. نسمع التأكيد بأن السجناء يرفلون في نعيم مقيم لا ضرب ولا تعذيب وصدقنا ، ثم علمنا بعد شهور عديدة أن الرفاق تعودوا عادات جديدة فأخذوا حينما يملون رتابة حياة الآخرين يذهبون إلى سجن المزة بكل وجوديتهم فتفرش الموائد وتدور الراح ويؤتى بالمتهمين للتحقيق وتبدأ الطقوس الثورية فيفتون ويبدعون كل يوم رائعة جدية .بقي أن نسأل من هو المتهم ؟ كل الناس .
تقرير بسيط على رقة رفاقه تبدأ بأمة عربية واحدة وتنتهي بالخلود لرسالتنا تعني شهوراً في الزنزانة محطماً مدى الحياة .
أما منيف الرزاز فقد أطنب في وصف مآسي رفاقه البعثيين في كتابه التجربة المرة المجموع ضمن أعماله الكاملة في الجزء الثاني من ص4 إلى ص308 .
يقول تحت عنوان من هي هذه الفئة ص258 وص259 :هذا هو حكم سوريا الآن وهؤلاء هم حكامها : فئة صغيرة من ضباط الجيش يحركها ويقودها في واقع الأمر قائداً واحد بدأ تنظيمها في داخل الجيش الجمهورية العربية المتحدة أيام الوحدة كان لأعضائها جذور في حزب البعث العربي الاشتراكي – إلى أن قال – هدفت الفئة إلى الاستيلاء على الجيش فباسم الحزب تخلصت أولاً بجميع العناصر المناهضة للحزب انفصالية ووحدوية ، فلما تم لها الأمر انطلقت تتخلص من الحزبيين الذين لم يوضحوا لقيادة التنظيم ولم يحملوا رسالة الانحراف ، باسم تكوين الجيش العقائدي كونت الجيش العشائري .
إلى أن قال واصفاً شعارات البعث عند رفاقه البعثيين – عقيدة " ومبدأ " رفعت شعار الوحدة ، وكان منطلقها قطرية وحتى لقاؤها للثورات كان لقاء قطري وانفصالي .
رفعت شعار الحرية ولم تعرف الحكم إلا تسلطاً وتزييفاً لإرادة الجماهير .
رفعت شعار الاشتراكية واليسار وكانت اشتراكيتها فوقيه قطرية " مستبدة " .
رفعت شعار مقاومة الاستعمار والرجعية وقدمت لهما رأس حزب البعث .
هذا هو البعث مشروحاً بلسان الدكتور منيف الرزاز الذي كان أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي سنة 1965م بدلاً من ميشيل عفلق ثم أصبح أميناً عاماً مساعداً لحزب البعث سنة 1977م وأعدمه حزب البعث في بغداد عام 1984م ويعتبر من كبار المنظرين والمؤصلين لفكر البعث .
ولا بأس من الاسترسال ونحن بصدد الكلام عن تاريخ حزب البعث وأعماله وإنجازاته، وسوف أنقل هنا بعض المقاطع من كتاب الرزاز :
يقول في ج2ص161 [ ظهر لنا بوضوح أن المعركة ليست معركة الفريق – يقصد أمين الحافظ – إنها معركة استيلاء كامل على الحزب وحاولت أن أستثير القواعد لتكون حارسة على رسالة الحزب ولتمنع أي استغلال لها .
ويقول ج2 ص162 في تلك الجلسة تحدثت طويلاً ونددت بهذا التكالب على السلطة على حساب الحزب ، وبانحطاط مستوى المعركة إلى مستويات مخجلة .. – على أن قال – ولكن المناقشات كانت تطول بشكل مزعج ومثير للأعصاب وتهبط على مستويات لا تصدق ولا سيما حينما يحتدم النقاش بين الفربق واللواء حافظ الأسد ويتبادلان التهم والتهديدات .
وقال ص175 [ ولكن ثم سبب آخر للخلاف لعلنا لم نفصح عنه فقد تفشى في الحزب مرض آخر من خلال أزماته المختلفة ومن خلال الفراغ الفكري الذي انحدر إليه وهو الولاء الشخصي الذي لم يعد مجرد مرض في الفئة المتسلطة فحسب بل امتط إلى الفئة القومية نفسها ، فأصبح في الحزب جماعة صلاح جديد وجماعة الفريق وجماعة البيطار.
وقال في هامش ص186 مصوراً مدى الثقة التي كان البعثيون يولونها لبعضهم [ كان الفريق – يقصد أمين الحافظ – يأتي إلى الاجتماعات ومعه أربعون من حرصه الخاص ويأتي اللواء الأسد ومعه عشرون ويحتل هؤلاء وأولئك أروقة القيادة وصالوناتها وغرفها وسلالمها .
وقال ص195 [ وفي صبيحة يوم 23 شباط سمعنا أصوات الرصاص ومدفعية الدبابات تقصف وكأننا في معركة وتدوم المعركة فعلاً ثلاث ساعات ونصف ونسمع في الراديو نبأ إلقاء القبض علينا وتحويلنا إلى محاكم حزبية جزاء ما اقترفت أيدينا من مقاومة الانحراف .
ويضيف الرزاز في الهامش – نحب أن نذكر هنا بما قلناه سابقاً من أن جميع الضباط الذين كانوا في القيادة القطرية مع الفريق وضمهم صلاح جديد إلى حلفه قد انتهوا إما للسجن وإما إلى اللجوء السياسي ما عدا واحداً منهم وأما الضباط الذين نفذوا العملية فأكثرهم في السجن.
توقيع » البراك