كلمة المناضل - عدد - القمة العربية لسورية الأسد ومبادئها وتضامن الأمة معها
كلمة المناضل العدد 278 أيار ـ حزيران 1996
القمة العربية
لسورية الأسد ومبادئها وتضامن الأمة معها
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
لقد بدا واضحاً بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة أن عملية السلام التي بدأت في مدريد منذ أربع سنوات باتت تواجه مأزقاً خطيراً قد يدفع بها إلى الهاوية ، فالسلام على أسس مدريد التي أقرتها الأطراف المعنية والتي رعاها المجتمع الدولي ممثلاً بالراعيين الأميركي والروسي وضمن الأسس التي انطلقت منها مدريد الأرض مقابل السلام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية 242 ، و 338 و 425 الخاص بلبنان ، هذه الأسس جرى التنكر المبكر لها في برنامج حزب الليكود الانتخابي وجرى نسفها في وقت مبكر بعد فوز زعيمه " بنيامن نتنياهو " رئيساً لوزراء العدو الصهيوني .
ومع أن حكومة الليكود السابقة برئاسة اسحق شامير هي التي شاركت في مدريد إلا أنه وبعد سقوط الليكود في الانتخابات السابقة صرح " أسحق شامير " رئيس الوزراء الذي سقط أنه كان يمكن أن يفاوض العرب عشرات السنين في واشنطن دون أن يعطيهم شيئاً . أي أن المفاوضات كانت من أجل المفاوضات وليس من أجل الوصول إلى سلام عادل وشامل في المنطقة ، وهذه هي حقيقة الموقف الصهيوني الذي نجح تكتل الليكود على أساسه في الانتخابات الأخيرة .
كان لابد من وقفة عربية لمراجعة ما حدث ووضع أسس العمل العربي في المستقبل ـ هنا تحركت سورية بقيادة الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية لوقف التداعي في الموقف العربي ، وفي محاولة لجمع الشمل وتوحيد الموقف ووضع استراتيجية للعمل في الأيام القادمة على ضوء المتغيرات الجديدة في إسرائيل وعلى ضوء المتغيرات المحتملة في الموقف الأميركي نفسه خصوصاً والانتخابات الأميركية على الأبواب ، كان لابد من وقفة عربية في مواجهة ما يمكن أن يحدث .
لقد كانت اللقاءات الثنائية مع مصر ثم لقاء دمشق الثلاثي مع مصر والسعودية ثم كان قرار الدعوة لمؤتمر قمة عربي في القاهرة من 21 ـ 23 حزيران 1996 .
لقد عقد المؤتمر في ظروف غير عادية فالدول العربية لم تجتمع منذ أكثر من ست سنوات حملت في أيامها وشهورها خلافات ونزاعات وحروب وحملت كذلك اتصالات تطبيع بين العدو الصهيوني وبين عدد من الأقطار العربية وحملت كذلك اتفاقات وصفقات وتنازلات مشبوهة على حساب الحقوق والتاريخ وآمال الأجيال القادمة وحريتها في إقرار مصيرها وقيدتها بقيود يصعب الفكاك منها لعهود طويلة قادمة .
ونتج عن ذلك كله انقسام عميق وشروخ واسعة وصلت إلى أعماق النفوس وشجعت القوى المعادية على استمرار التآمر ونهش جسد الأمة العربية وحقوق أجيالها . وارتاح العدو الإسرائيلي وعقد صفقات وتحالفات مع العرب ومع أعدائهم ومع جيرانهم على حساب العرب أنفسهم ، في مثل هذه الظروف الاستثنائية عقد مؤتمر القمة العربي .
وبجهود الرفيق الأمين العام ودأبه وعمله واخلاصه الذي لا حدود له لقضية الوطن والأمة ، ولأرواح الشهداء وللأجيال القادمة من أبناء الأمة العربية . وبأفقه القومي الوحدوي ، ونظرته العميقة ، واستشرافه آفاق وآمال المستقبل ووفائه لجماهير الشعب الذي عرفها وخبرها طيلة العقود الماضية ، من نضاله في الحزب وتربيته الوطنية الصادقة وإيمانه المطلق بأهداف الجماهير ، وتفانيه من أجل خدمتها .
كل ذلك تمثله الرفيق حافظ الأسد في مواجهة ما ذكرناه من حال الأمة قبل انعقاد قمتها ، ووضعه أمام القادة العرب أثناء انعقادها مما سهل البدء بإصلاح حال الأمة العربية وخرجت نتائج القمة معززة للتضامن ، داعية إلى صيانة الحقوق القومية ، والحفاظ على المصالح العليا للأمة العربية ، مؤكدة على حيوية الأمة في مواجهة ما يستجد من متغيرات .
هذه النتائج التي كان لسورية الدور البارز والفعال فيها يمكن أن تؤسس لعصر عربي جديد ، وتكرس قدرة العرب فيما لو استمروا في طريق الوحدة ، ويولد عصراً عربياً تنتزع فيه الحقوق ويطرد فيه الغاصب ، وتستعاد الأرض ، وتحفظ الكرامة ، في زمن تتكالب فيه القوى الاستعمارية والامبريالية والصهيونية المعادية للأمة العربية ووحدتها وحريتها . وإذا توفر الإخلاص لما أقرته القمة من مبادئ وطرائق عمل ، يمكن أن يستكمل العمل العربي الموحد وإعادة التضامن وصولاً إلى توحيد الأمة وتحقيق تقدمها وازدهارها لما فيه مصلحة أوسع الجماهير العربية .