كلمة المناضل - عدد - سورية ... ماذا تريد ؟ وإلى أي سلام تسعى ؟؟
كلمة المناضل العدد 272 أيار ـ حزيران 1995
سورية ... ماذا تريد ؟
وإلى أي سلام تسعى ؟؟
الدكتور فواز الصياغ
رئيس هيئة التحرير
استؤنفت قبل نهاية حزيران في العاصمة الأميركية ـ واشنطن المفاوضات العربية السورية ـ الإسرائيلية على مستوى رئيسي الأركان إضافة إلى وفد المفاوضات السابق.
وتعتبر هذه الخطوة التي تخطوها سورية ، فرصة جيدة أمام احتمالات السلام لمن يريد السلام القائم على العدل ، وأساسه تطبيق قرارات الشرعية الدولية والالتزام بمتطلبات السلام التي انعقد من أجلها مؤتمر مدريد ، والتي على أساسها بدأت العملية السلمية في المنطقة وهي : الانسحاب الكامل من الأرض العربية المحتلة بعد الرابع من حزيران عام 1967 وإنهاء حالة الحرب وعقد اتفاقات سلام بين العرب ودولة إسرائيل.
لقد سار العرب مخلصين نحو سلام عادل ومشرف ودائم يعيد الأرض والحقوق ، ويحفظ الكرامة في ظل متغيرات وأوضاع دولية لم تكن أبداً في مصلحتهم في العقد الأخير من القرن العشرين ، وكان المؤمل من جميع العرب المعنيين بالعملية السلمية في المنطقة أن يكونوا موحدين وفي مسار تفاوضي متناسق يراعي ما أمامهم من حجم التحديات التي تواجههم ويراعى وحدة الهدف ، والتاريخ المشترك ووحدة النضال من أجل الحقوق القومية العربية ، سواء في فلسطين أم خارج حدودها ، ومسار يمثل الأماني التي تحملها الجماهير العربية المرتبطة برباط المصير المشترك ، لكن ما حدث خلال السنتين الماضيتين لم يرق ـ مع الأسف ـ لمثل هذه الأماني والآمال التي حملها ويحملها جميع الشرفاء والمناضلين من أجل مصير عربي يحقق طموح المواطنين وأوسع قطاعات الشعب في الوطن العربي ، وخصوصاً المنطقة الجغرافية المحيطة بفلسطين .
وبنتيجة ذلك أصبح لزاما على سورية وقيادتها وحزبها حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حمل هم القضية خلال نصف قرن وقدم تضحيات يخطئها الحصر في مجال الصراع العربي الصهيوني ، وفي مجال بناء مستقبل موحد مشرق لجماهير الأمة، أصبح لزاماً عليهم وهم يحملون هذا التراث ، أن يختاروا طريقاً للسلام يختلف عما سار عليه الآخرون ، ويحافظ على كل التراث الوطني والقومي لهم وللامة التي ينتسبون إليها بتاريخها المجيد وحضارتها الإنسانية ودورها المستقبلي المنشود .
ويأتي إصرار سورية وقيادتها وحزبها وفي طليعتهم الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية حافظ الأسد على نهج هذا الخط المتميز والدور المركزي لأنهم يتمثلون كل ما ذكرناه ، ولأنهم أبناء أمة لها باع طويل وعريق في الحضارة الإنسانية ، ولأنهم يمثلون أماني أوسع الجماهير العربية التي ترى أن هذا هو طريقها وليس ما قام به الآخرون خلال الفترة الماضية .
وهذا ما جعل الأطراف غير العربية المعنية بعملية السلام والراعية لها ، يحترمون هذا الموقف ويتعاملون معه بجدية واحترام كبيرين .
فسورية بما لها من موقع متميز وتاريخ وتراث وحدوي قومي وقيادة تمثلت ذلك وقدمته في إطار عصري واضح ودقيق ، لا مجال فيه للاحتمالات أو إمكانية التنصل من مستحقات السلام ومفرزاته ، خصوصاً وأنها تتعامل مع عدو مدعم بكل وسائل القوة ومساندة دولية فرضتها متغيرات لم تكن لصالح الأمة العربية خلال السنوات القليلة الماضية .
وسورية تعرف العدو وأهدافه وأثبتت التجارب الماضية خصوصاً بعد مؤتمر مدريد صحة توقعاتها لذلك فهي تسير على خط واضح وثابت ومبدئي يتيح في المستقبل بناء سلام حقيقي ومجتمع آمن ومتطور لمواطنيها وللأجيال العربية القادمة .