كلمة الدكتور عبد الرحمن البزري - المشاريع العمرانية
كلمة الدكتور عبد الرحمن البزري
رئيس بلدية صيدا
أيها الحفل الكريم
بداية أرحِّب بكم أجمل ترحيبٍ في مبنى بلدية صيدا، وأشكر مقدِّم هذا الاحتفال لما خصَّ به بلدية صيدا من ثناء ولفة كريمة لما تقوم به من نشاط ثقافيّ تحديداً…. ونحن نقول، ما دمنا نتحدَّث عن المشاريع العمرانية في مدينة صيدا، إنه ربما لأسباب عديدة، فإننا نعتبر أن ما يُنجز حتى الآن في مدينة صيدا، إنما هو متواضع نسبياً من الناحية العمرانية، وذلك لظروف عديدة واستثنائية، جزء منها يتعلق بالمدينة نفسها والجزء الآخر يتعلق بالحالة العامة، السياسية والأمنية التي يمرّ بها لبنان.
ولربما يكون هنا الأهم من كلِّ ذلك هو ما كان يخطَّط للمدينـة من رؤية، على اعتبار أن هذه المدينة هي ممرٌّ وليست مقرَّاً. وبالتالـي، فإن هذه المدينـة قد صُنِّفـت دائماً على أنها (المكان ـ الضحيَّة)، ما دامت أعطت لنفسها طابعاً أنها المدينـة التي تتحمَّل أعباء الآخريـن وأنها المدينة التي تُضحّي من أجل الآخرين، لذلك قد يكون تجاوز البعض هذه الرَّغبة عند المدينة وصولاً إلى استغلالها.
فكان لا بد من أن تكون هذه المدينة المكان الذي تتحمل فيه عبئاً كبيراً ربما يفوق طاقتها وديموغرافيتها ـ وإمكاناتها السكانية ـ ومساحتها الجغرافية. لهذا، فقد كان لا بد من أن يكون هناك عديد من المشاريع التي ما زلنا حتى هذه اللَّحظة نستغرب: لماذا اختيرت مدينة صيدا مقراً لها أو لماذا حتى هذه اللَّحظة لم يكن هناك أيّ محاولة جديَّة لتنفيذها؟…
وهنا ينبغي أن نعتمد على الدكتور دندشلي في ما سيلي من كتب في هذا الموضوع. ونحن مستعدون كمجلس بلدي ـ ولنكن أكثر صراحة ـ للحديث عن عدد من الأمور التي ربما تحتاج ليس فقط إلى الإجابة، وإنما تحتاج أيضاً إلى النقاش وإلى الكثير من الجدلية حولها.
وعلى سبيل المثال فقط لا الحصر، فإننا نستغرب مثلاً: لماذا اختيرت أكبر مدينة (صيدا) فيها كثافة سكانية عالية، أن تكون موقعاً لصرف مياه مجارير 600 ألف مواطن، في حين أنه كان في الإمكان اختيار مساحات أقل كثافة سكانية ولا تقع في ما يسمى: جنوب جنوبي الكثافات السكانية، وذلك لأن كل مَن يدرس حركة الرياح والمياه في البحر المتوسط، يعرف أن حركة التيارات المائية، عادة ما تكون من الجنوب إلى الشمال؟!…
لماذا اختيرت، إذن، مدينة صيدا موقعاً لمركز معالجة النفايات أيضاً لمنطقة كبرى؟!… ولماذا تمَّ الآن توقُّف هذا المشروع حتى هذه اللَّحظة؟!… إضافة إلى الكثير من الأمور التي لها علاقة بتخطيط وتنظيم المدينة وطرقاتها ومشاريعها الأخرى…. وبالطبع، لسنا الآن في مجال نقاش هذا الموضوع. ولكن، ربما، بعدما نقرأ كتاب الدكتور مصطفى (دندشلي)، نتمنى على جمعية خريجي المقاصد أو على اللَّجنة الثقافية أو على لجنة الأشغال في البلدية، أن يدعوا إلى مناقشة عامة حول هذه المشاريع وإلى توضيح ما هي الخلفية الحقيقية لهذه المشاريع وما هي الرؤية التي كانت أساساً سائدة لمدينة صيدا!!…
ولكننا، مع ذلك، نفتخر في أننا تمكَّنَّا، ولو ضمن ظروف استثنائية، من إكمال أو استمرار أو تطوير أو حتى إيجاد مشاريع جديـدة. ومَن يمرّ الآن في المدينة القديمة، يشهد مقدار التطوَّر والتوسُّع في مشروع الإرث الثقافـيّ والتُّراثيّ. وإننا نعتذر لمن يمرّ ويسير فـي شوارع مدينة صيدا، عن جزء كبير من الإزعاج الذي يصادفـه المواطنون الآن بسبـب عمليات الحفريات التي تجري من أجل إعادة تأهيـل البِنى التحتيـة في المدينـة.
ونأمل في القريب العاجل أن نزفَّ إليكم خلال الأيام القادمة أنباءً سـارّة حول بعض المشاريـع التي كانت تتمنّاها وتسعى إليها المدينة.
لكن الشىء الوحيد الذي يُعطى فيه الفضلُ لأعضاء المجلس البلدي تحديداً، بسبب مقاربتهم الجامحة وبسبب رؤيتهم الثاقبة، إنما هو ما يسمى بدور البلدية من الناحية الاجتماعية، وأن الاجتماع هو جزء أساس من التنمية في المدينة ومشاريع المدينة. وهو أيضاً رغبة البلدية، حقيقة وفعلاً، في جعل المبنى البلدي قاعة لقاءات المدينة الحقيقية. ونحن نفخر بأن نقول إنه، في بعض الأحيان، هناك أربعة أو خمسة نشاطات في يوم واحد في مبنى بلدية صيدا، مستخدمين القاعات الثلاث المتوافرة لدينا، لدرجة أنه علينا ربما إعادة النظر في إيقاف بعض هذه الأنشطة من أجل تأهيل جزء من هذه القاعات لكي تعود وتليق بالمناسبات التي نقوم بها.
ولكننا نعتبر أن هذا جزء من دور البلدية في ما يسمى بـ "التفاعل الاجتماعي"، وهذا جزء من دور البلدية، على اعتبار أن المواطنين يجب أن يشعروا، عندما يدخلون إلـى مبنى البلديـة هذا، أنهم يدخلـون إلى قاعتهم وإلى مبناهم.
فالبلديـة ليست مِلكاً لأحد، ولا لطرف سياسـيّ ولا لجهـة سياسية ولا لأيِّ مجلس بلديّ منتخب. فالبلدية وقاعاتهـا هي لكلِّ المدينـة، لكِّل أهلهـا، لكلِّ سكانهـا. على هذا الأساس، فإن هذا المجلس البلـدي ليس فقط مشكـوراً، وإنما أقول إننـي، كرئيس لهذا المجلـس، تحت ضغط دائم من قِبَل الأعضاء، نظراً لكثرة المشاريع والمناسبات التي تقوم بها اللِّجان في هذا المجال.
أما في حديثنا اليوم عن الكتاب: مشاريع صيدا العمرانية، فنحن نقول إن الدكتور مصطفى دندشلي تحديداً، ليس بحاجة إلى تعريف. وإننا نقول عن الدكتور مصطفى (دندشلي) إنه تحوَّل حقيقة إلى ضمير لهذه المدينة في نظرته الثاقبة للعديد من المشاريع وللعديد من القضايا التي تهمُّ صيدا. وهو لا يوثِّق هذه المشاريع من باب التوثيق والتأريخ فقط، وإنما أيضاً ينظر إليها من الباب التحليليّ. وهذا ما يُعطي أهمية لهذا الكتاب.
وإننا نأمل أيضاً أن تكون السلسلة من الكتب اللاّحقة لها الأهمية التاريخية نفسها، لأنها تُعطي نظرة تحليلية لهذه المشاريع. وهذه النظرة التحليلية هي نوعٍ من التفسير للأجيال القادمة وللجمهور الحالي في آن معاً، وذلك عن قسم كبير من هذه المشاريع وكيفية إقامتها وكيفية إنشائها. ونحن نأمل أن نتعاون أيضاً كمجلس بلدي في المستقبل مع سلسلة الكتب القادمة.
إننا نشكر جمعية خريجي المقاصد الإسلامية التي شرَّفت بلدية صيدا بإقامتها هذا الحفل في رحابها وإطلاق هذا المشروع في أرجائها. ونأمل أن يستمر هذا التعاون معها…. وهناك تعاون أساسي مع كل عناصر المجتمع الأهلي وتحديداً مع خريجي المقاصد….
فأهـلاً وسهـلاً بكـم