الوضع العربي: انهيار النظام العربي أم إعادة تشكيل - د. سلمان محمد سلمان
المصدر:google
الوضع العربي: انهيار النظام العربي أم إعادة تشكيل
بقلم: د. سلمان محمد سلمان
مقدمة..
سرعة التغيرات في المنطقة العربية تحمل في طياتها مشتركات ومختلفات ويحتاج تفصيل الأمر إلى تحليل دقيق لتمييز المختلف والمشترك بينها. وهذا يتطلب قراءة للتركيبة الداخلية لكل دولة وبنفس الأهمية دراسة مجموعة العوامل المحيطة والمؤثرة.
في هذا الجزء سوف نقدم عرضا موجزا لتوقعات كل حالة دون الدخول في تحليل لتفسير النتائج المتوقعة وسوف نقوم بذلك ضمن الجزء الثاني مع الأخذ بالاعتبار أن هناك مواقف اميركية ربما تختلف في دوافعها عن المواقف الإسرائيلية والتي ربما تنعكس على مجمل سياسة الولايات المتحدة في المنطقة لسنوات طويلة قادمة. لكنها أيضا لا تلغي إمكانية السقوط الأميركي مرة أخرى ضمن فلك المصلحة الإسرائيلية ورؤية المحافظين الجدد إذا لم تتطور الثورات بشكل يمنع ذلك أو يجعله صعبا.
وهذا يعني ضرورة اليقظة والحذر الكبير في فهم ما يجري والتعامل معه. والأخذ بالاعتبار خطورة انكفاء الأمر لخدمة مشروع الشرق الأوسط القديم الذي ربما تخلت عنه أميركا الرسمية لكنه مدعوم من دوائر كثيرة ضمن أوروبا والولايات المتحدة والصهيونية.
إن اختلاط الأوراق وسرعة التغيير والتقاء المواقف المتناقضة استراتيجيا ( قوى المقاومة والغرب وأحيانا إسرائيل) يتطلب وعيا غير عادي. لكنه لا يعني أيضا الخوف والشلل أو الاعتقاد بحتمية هيمنة الموقف الغربي أو الصهيوني. إنه فقط يعني أن على الشعوب التي تقود الثورات (بالأساس مصر) معرفة أنها تتحمل مسئولية فوق عادية تؤثر عليها وعلى مجمل الإقليم. بل ربما على مستقبل الثورة العالمية الحديثة والتي أخذت طابعا جديدا يحمل التغيير دون العنف بالاعتماد على وسائل ثورة المعلومات ويقبل الاقتصاد الموزع والحر والذي يرفض الاحتكار وهيمنة متعددة الجنسيات ويحتوي في الأعماق متطلبات نشوء نظام عالمي جديد لما بعد الرأسمالية.
تونس..
سقط بن على وتم تشكيل حكومة من بنية النظام القائم والمؤشرات ليست واضحة بعد إن كان المسار نحو تغيير جذري أم مجرد انقلاب بوجه جماهيري. والسبب وجود بقايا مفصلية من النظام السابق في معظم المواقع. ومع أن العوامل الخارجية ( الولايات المتحدة وفرنسا) لا تبدو ظاهرة إلا أنها ربما وضعت حدودا للتغيير بما يضمن مصالحها. وهذا يعني أن ثورة تونس تحتاج إلى عمل مستمر شعبيا وصمود بالحد الأدنى لتحقيق مصالح تونس الوطنية والقومية.
مصر..
انسحب مبارك واستلم العسكر الأمر مؤقتا كما يؤكدون احتراما "لإرادة شعب مصر العظيم" وبسبب ضغط مستمر منذ شهر بتنظيم مميز وبتجانس ووحدة وطنية نادرة وبحضارية عالية. لكن الأمر لم يحسم بعد بشكل كاف أيضا. والأسباب كثيرة فمبارك موجود ونصف الحكومة التي شكلها مع رأسها مستمرون بالحكم. ولعل بقاء وزير الخارجية يمثل حالة واضحة لبقاء الرموز السابقة وخاصة بما يتعلق بالسياسة الخارجية. ومع أن ثورة مصر قامت لتغيير جوهري داخلي وتحقيق حد أدنى من العدالة الاجتماعية إلا أن العامل الخارجي هام ويتضمن إعادة كرامة مصر وتحييد هيمنة إسرائيل وتحرير السياسة المصرية العربية والإفريقية. وكلها عوامل حيوية لمستقبل ومصير مصر نفسها وليست عوامل تجميلية لتحسين العلاقة بالمحيط.
المسألة الأخرى تتعلق بالقوى التي صنعت الثورة. فهناك عدم وضوح حتى الآن في نسبة وتأثير التيارات المختلفة. وقد حاول الإخوان من خلال تحركات القرضاوي الظهور بمظهر القوة الرئيس. ولكن تحرك القرضاوي ربما خلق ردة فعل سلبية أكثر من خدمة للإخوان أو الوحدة الوطنية. من الأفضل للقوى الداخلية حسم وزنها من خلال الانتخابات فقط ومبروك لمن يقود.
البحرين..
قبل ان تلتقط مصر أنفاسها بدأت حركة احتجاج في البحرين يبدو أنها ستظل ضمن إطار الحكم الملكي. ويبدو أن التعبير الطائفي موجود وقائم مهما حاولت القوى التمسك بشعار الوحدة الوطنية في المطالبة بالتغيير. ربما يكون ذلك وارد جزئيا لكن من الصعب تصور تطوره إلى درجة تهديد النظام القائم أساسا على الملكية وهيمنة السنة على مؤسسات الحكم مع بقاء الكثير من الثروة مع الشيعة. وهناك عوامل خارجية مؤثرة استراتيجيا تؤثر على إرادة العمل الداخلي. وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة ودول الخليج وإيران. وفي أفضل الأحوال يمكن تطور النظام ليشبه الحال في الأردن.
اليمن..
ويستمر مسلسل اليمن السعيد البطء نسبيا بالمقارنة مع الحركات الأخرى. ولعل من المستبعد تطور الأمر إلى درجة إسقاط النظام فعلا لأسباب هامة ليس أقلها الخوف من تقسيم اليمن وصعوبة توفر وحدة وطنية شاملة تشبه الحالة المصرية أو التونسية تتفق ضد النظام.
فالحوثيون والحراك الجنوبي لا يملكون أغلبية أصلا وبسبب نزعتهم الانفصالية أو الانعزالية من الصعب توقع تجنيد قوى رئيسة أو دعم جماهيري شامل من أبناء اليمن الشمالي السنة مع الأخذ بالاعتبار حجم قبيلة الرئيس علي عبد الله صالح ونفوذها.
ورغم أن هناك الكثير من التحفظات الشعبية من أبناء اليمن الشمالي على تحول النظام إلى شبه عائلي وتأثيرات الحرب ضد تنظيم القاعدة السني الحضن على موقف الرئيس صالح سلبيا في بعض الأحيان بسبب تداخل ذلك مع العلاقة الاميركية باليمن وسيادته فإن الإصلاح بمواصفات المجتمع اليمني ممكن دون ضرورة الدخول بمعركة إسقاط النظام لأن تلك المعركة لن تنجح أولا ولأن هناك مخاطر تحقيق انقسام البلاد فقط.
لكن هذا يعني أيضا أن على الرئيس صالح العمل كثيرا من أجل إرضاء أبناء الشمال أولا وامتصاص نقمة الجنوب ثانيا وإيجاد صيغة تفاهم مع الحوثيين بالإضافة إلى إيجاد مخرج ديموقراطي. سيكون من الخطيئة التمسك بطريقة الحكم القديمة باعتبار أن البلاد لا تقبل التوحد ضده.
ليبيا..
انفجر الوضع في ليبيا بشكل سريع جدا وغير متوقع. وعند الأخذ بالاعتبار تركيبة ليبيا القبلية وضعف وجود بنية مجتمع مدني بالمعنى التقليدي ولأن معظم عوامل القوة والمال يتحكم بها القذافي من المفاجأة ظهور حركة مستمرة. والحقيقة أن الأمر في ليبيا غير واضح حتى الآن رغم سيطرة المعارضة على معظم الشرق والتنافس بشكل قوي في الغرب.
لا شك أن هناك معارضة قوية للنظام ومن الأفضل الاعتراف أن قدرة القذافي على تجييش الجماهير محدودة وقد تبين أن كثيرا من أركان النظام والمؤسسات الحكومية لا توالي القذافي بما يكفي.
بالمقابل لا يبدو أن كل ما يذاع في وسائل الإعلام من سيطرة الثوار على معظم المدن دقيق أو محسوم. وليس من الواضح أيضا أن العنف يحصل من قبل قوات النظام فقط. فهناك أكثر من تقرير يشير إلى استخدام العنف من قبل الطرفين. ويبدو أن هناك مؤثرات جغرافية رئيسة وتأثير للنظام الملكي السابق والمعارضة المتمركزة في أوروبا.
ومع أن القذافي يحاول تفسير مجمل الأمر بتحريض القاعدة وثورة المهلوسين إلا أن ذلك غير مقنع لأن القاعدة ليست بارزة في الأحداث رغم أنها أيدت. ولكن الإخوان المسلمين وإيران وحزب الله أيدوا أيضا بل إن معظم القوى الإقليمية أيدت الثورة عليه. من الواضح أنه لا يمتلك الكثير من الأصدقاء في المنطقة.
في نفس الوقت علينا الاعتراف أنه لا يجد الكثير من الأصدقاء في الغرب بل إن إسرائيل لا تخفي سعادتها باحتمال سقوطه. وهذا يعني أن بقاءه ليس مرتبطا بالغرب أو إسرائيل وهذا يختلف عن الحالة المصرية. الحقيقة أنه يمثل حالة فريدة تليق به فهو الوحيد الذي تتفق ضده كل من إيران وحزب الله والإخوان المسلمون والقاعدة وفرنسا واسرئيل بشكل غير قابل للشك. طبعا لكل أسبابه لكن هذا يعني أيضا أن المسألة ملغومة وخطرة.
ومع أن القذافي قد حصر نفسه كثيرا في السنوات العشر الماضية وسمح لهيمنة ابنائه على مقاليد الحكم بحيث تحول الحكم إلى عائلي أيضا. ورغم أن وسائل القذافي في التعبير ونظرياته في الحكم والإدارة تبدو غريبة عن العرف العام في العمل السياسي أو حتى الثوري إلا أن ذلك لا يلغي حقيقة انتشار النظام بشكل عمودي وأفقي ضمن مساحات جغرافية هامة بغرب ليبيا والصحراء. وهذا يجعل إمكانية الحسم على الطريقة المصرية غير محتمل. والخوف أن ينتهي الأمر بانقسام البلاد لفترة قد تطول.
ومع الأخذ بالاعتبار تعدد مواقف القذافي التاريخية من قضايا كثيرة في العالم فليس من السهل توقع توفر دعم حاسم للمعارضة بنفس مقدار صعوبة توفير دعم للقذافي أيضا بما يضمن الوحدة الوطنية والجغرافية. طبعا الحكم في كل هذا يبقى للشعب الليبي فإن توفرت لدية إرادة الوحدة الوطنية سوف يخرج من الأزمة لكن المؤشرات غير مطمئنة حتى الآن.
ومع الاعتبار أن القذافي وليبيا قد قطعا في السنوات الأخيرة شوطا من العلاقات الاستراتيجية مع أوروبا وتحديدا ايطاليا فربما يفسر هذا التردد الأوروبي وربما الأميركي في حسم الموقف باستثناء ايطاليا التي يبدو أنها اقرب لدعم النظام. هناك عوامل أخرى لا تصب باتجاه حتمية سقوط النظام.
المغرب..
وتبدو كبادرات مترددة لتصعيد الوضع. والمغرب من الناحية المدنية والشعبية يمكن أن يتحد في موقف شبيه بتونس أو مصر لأن الفقر في المغرب كبير جدا والمجتمع المدني موجود بشكل يسمح للتنظيمات المدنية القيام بدور توحيدي. لكن غير الواضح هو مدى توفر دعم من أي جهة دولية لهذا التغيير وعليه لا يبدو أن الشعب وصل إلى نقطة اللاعودة.
الأردن..
يبدو أن تحرك المعارضة سوف يستمر بالمطالبة بتعميق الملكية الدستورية لكن لن يكون هناك تحولات دراماتيكية رغم أن الحركة الأردنية ربما تكون أكثر الحركات جذرية وتقدمية في مطالبها. والسبب أن ظروف الأردن الجيوسياسية والديموغرافية لن تسمح بأكثر من درجة معينة من التغيير تبقيه ضمن المعادلات القائمة. لكن هذا سوف يعتمد إلى درجة كبيرة على محصلة ونتيجة التغيير في مصر.
العراق..
العراق محتلة ومقسمة طائفيا وعرقيا وهذا يعني أن دور الجماهير محدود. ورغم أن هناك الكثير من المبررات لمحاولة التغيير الشعبي إلا أن ذلك يبقى متأثرا بمواقف إيران والولايات المتحدة. ورغم أن الولايات المتحدة ربما ترغب بتغيير يبعد العراق عن نفوذ إيران إلا أن النفوذ الإيراني مستمر. وقد كان مفاجأة أن يفتي الخامنئي بعدم جواز المظاهرات في العراق كما ورد في بعض الأخبار.
الجزائر..
لن تنجر الجزائر إلى صراع رئيس لأنها ببساطة جربت ذلك على مدى 20 عاما ولأن نظام الرئيس بوتفليقة يقوم على حد أدنى من الشرعية الانتخابية والتجاوب مع المطالب الشعبية بشكل متسارع ومن ذلك رفع حالة الطوارئ.
دول الخليج..
من الصعب ظهور حركات احتجاج في السعودية وقطر والإمارات وربما يحصل بعض الحراك في عمان أو الكويت لكن ضمن حدود كبيرة. ومن الصعب توقع تحرك في هذه الدول دون دعم صريح لذلك من قبل الولايات المتحدة أو بريطانيا تحديدا. وليس هناك مؤشرات لتحرك شعبي رغم أن الولايات المتحدة ربما تضغط على الأنظمة لتحسين وضعها بخصوص الحكم وتناوب السلطات.
السودان..
تصويت انفصال الجنوب كان صدمة كبيرة للسودانيين لكن ذلك كان متوقعا. ويبدو أن السودانيين قد وصلوا لحالة قبول عامة للأمر الجديد. لكن هذا يحمل في طياته أيضا حرصا غير عادي من الشمال لعدم التورط في صراع داخلي يمكن أن يسرع انفصال دارفور. وعليه لا أتوقع ثورات احتجاجية في السودان بالمعنى الشعبي وأي تحرك ربما يحمل مظاهر تهديد للأمن وحركات تمرد إثنية أو مناطقية.
سيكون هناك تأثير استراتيجي لنتائج الثورة المصرية على السودان. فإن حسمت باتجاه المبادئ الناصرية (القومية والعدالة الاجتماعية) بمظهر وإخراج ديموقراطي وحر (وهذا أقصى المتوقع من الثورة المصرية لكنه ممكن) فسوف تكسب السودان كثيرا وسيتم الوصول إلى صيغة تحقق أمن مصر المائي وأمن ووحدة السودان رغم الانفصال. فمصر واثقة من نفسها في أفريقيا سوف تهزم معظم مشاريع إسرائيل للحصار ضمن دول حوض النيل. وعند ذلك لن تجد دولة جنوب السودان الناشئة دافعا لتكون معادية للسودان أو مصر وستكون خسائر الانفصال بالحد الأدنى.
سوريا ولبنان..
من الصعب توقع قيام حركة تغيير رئيسة في سوريا رغم بعض التحفظ السني على النظام ورغم أن الولايات المتحدة لا تحفظ ودا للنظام السوري وربما تتمنى تغييره. من الأسباب أن بقاء النظام السوري لا يعتمد كثيرا على دعم الولايات المتحدة ولم يصل الأمر بالنظام إلى درجة الانفصام مع الشعب كحالة مصر. وليست السياسة السورية متعثرة ومتخبطة كما حالة ليبيا. لكن ذلك غير مضمون ومن الأفضل عدم الركون إليه فقد كانت الحركة في ليبيا مفاجئة لكثير من المراقبين.
أهم عوامل قوة النظام السوري (مع أنها سبب العداء الغربي الرئيس له) تبقى تبنيه لخط المقاومة ودعم إيران وتركيا وقوى لبنانية رئيسة. لكن أهم ضمانة للموقف السوري واستقراره تتطلب مزيدا من الانفتاح على الشعب والعمل على محو الانطباع بارتباط النظام بأي بعد طائفي.
أما لبنان فمن الواضح أنها استطاعت الصمود ضد المشروع الأميركي والإسرائيلي أيام قمة الهيمنة الأميركية في المنطقة. ولا شك أن قوى المقاومة تسود في لبنان بشكل عام. وعليه لا أرى انقساما ممكن أكثر مما حصل سابقا بل ربما تكون هناك تفاهمات أفضل من أي وقت مضى. من المتوقع خفوت نجم الحريري وحلفه بسرعة وعلى السنة في لبنان العمل على التأقلم مع ذلك مع الاعتبار أن ضعف الحريري لا يعني ضعف السنة. فتاريخيا كان السنة من قاد المعركة القومية والمقاومة وعليهم العودة لذلك الخندق. وهذا ممكن لهم الآن بتكاليف أقل من أي وقت مضى.
فلسطين..
وهذا يحتاج لتحليل دقيق وعميق لأن كل العوامل تتشابك في الحالة الفلسطينية وإرادة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وخياراته محدودة ولأن الشعب متردد كثيرا في حسم أموره بعد سنوات عجاف من الانقسام والتشرذم. سوف نتطرق لهذا ضمن مقالة منفصلة.
سيعتمد مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية كثيرا على نتائج الثورة المصرية وهذا يشمل إنهاء الانقسام وتغيير توجهات حركة "فتح" وإعادة رسم خارطة القوى السياسية الفلسطينية في الداخل والخارج. من الخطأ طبعا انتظار الفلسطينيين حتى تظهر معالم الموقف المصري لأن بإمكان القوى الشريفة والوطنية بدء العمل لتحقيق أقل حد من الاتفاق دون الدخول في تفاصيل طويلة أو الخوف من متطلبات كبيرة.
وأقل هذه المتطلبات إعلان قبول الإعداد لانتخابات مجلس وطني لكل الشعب في الداخل والخارج يكون مصدر الشرعية للجميع ويتم أينما أمكن من كل مناطق تواجد الشعب الفلسطيني. والاتفاق على صيغة حكم انتقالي مشترك دون الدخول بالقضايا الخلافية لتسيير أمور الضفة وغزة. وعدم استثمار الكثير من الجهد في مسيرة المفاوضات فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستحق منها إغضاب إسرائيل ولو بقرصة أذن.
وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة فقدت اهتمامها بالعملية السياسية وإنما فقط أنها لا تعتقد بصلاحية النمط السابق أن يؤدي إلى شيء. وربما تراهن على التغييرات الإقليمية لوضع شروط جديدة. وهذا يعني أن تركيبة الشعب الفلسطيني السياسية الحالية لا تستطيع تحمل الواقع الجديد. وعليها التغير حسب أعلاه.
الأسباب والتوقعات..
لكل حالة من حالات المنطقة عوامل وضعها الداخلي والمحيط الخارجي وبناء على هذه العوامل يمكن توقع تطور الأمور وتحديد المواقف. سيعتمد كل ذلك على تطور الثورة العربية بشكل أكثر حكمة وحسم مفاصل جوهرية. وهذا ما سنقوم بدراسته في الجزء الثاني الذي يشمل تصورا لعوامل التأثير الخارجية والداخلية لكل دولة وظاهرة الدومينو التي تحرك المسار بنسبة أو أخرى.
وتبقى أسئلة: ما هي أسباب التحولات الكبيرة ولماذا الآن. وهل هي خير خالص أم تحمل في طياتها مخاطر وتحديات تصل في حالة عدم الحذر إلى إمكانية الانقلاب وربما تسهيل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بدأه بوش. ورغم تشكك إدارة أوباما الكبير بجدوى أو قيمة ذلك المشروع إلا أن نفوذ الدوائر الصهيونية والمحافظين في أميركا لا يلغي ذلك الاحتمال. هناك مخاطر حقيقية على مجمل حركة التغيير مع أن كفة التغيير الإيجابي هي الأرجح. * أستاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية – قلقيلية، فلسطين. - smsalman70@hotmail.com