الجريمة السياسية ـ اغتيال حسن البنا ج2
الأحد 6/1/1427 هـ - الموافق 5/2/2006 م (آخر تحديث) الساعة 15:42 (مكة المكرمة)، 12:42 (غرينتش)
الجريمة السياسية
اغتيال حسن البنا ج2
ضيوف الحلقة:
- طارق البشري/ مؤرخ ومفكر إسلامي
- فؤاد علام/ نائب رئيس جهاز أمن الدولة المصري السابق
- أحمد رائف/ كاتب إسلامي
- رفعت السعيد/ رئيس حزب التجمع اليساري المصري
- خالد محي الدين/ عضو مجلس قيادة الثورة
- وآخرون
تاريخ الحلقة: 3/2/2006
- الصدام مع الحكومة
- الثأر بين الداخل والخارج
- الثورة وخطوط الجريمة الرمادية
الصدام مع الحكومة
[تعليق صوتي]
في الثاني عشر من فبراير/ شباط عام 1949 قتل المرشد العام للإخوان المسلمين حسن البنا، تم استدعاؤه إلى جلسة مفاوضات مع ممثلي الحكومة في مقر جمعية الشبان المسلمين فذهب في الموعد المحدد قضى ساعته الأخيرة في التفاوض حول قرار حل جماعة الإخوان المسلمين واعتقال أعضائها والذي صدر قبل شهرين من تلك الليلة، في الثامنة والثلث مساء وعندما خرج البنا من مقر الجمعية بصحبه صهره عبد الكريم منصور ليستقلا سيارة تاكسي كانت تنتظرهما ظهر رجلان يعبران الطريق جريا وأطلقا عليهم الرصاص، فر القاتلان داخل سيارة فورد ليموزين سوداء استطاع شاب أسمر مجهول الهوية حتى الآن أن يلتقط رقم السيارة ويمليه على محمد الليثي سكرتير لجنة الشباب بالجمعية وكان هذا هو الخيط الوحيد للوصول إلى القتلة، أصيب حسن البنا بست رصاصات إلا أنها لم تكن قاتلة نُقل الاثنان إلى مقر جمعية الإسعاف والتي لا تبعد كثيرا عن موقع الجريمة كان البنا متماسك يطمئن صهره ويشد من أزره وعندما جاء الطبيب كان البنا يرفع ثيابه الخارجية بنفسه للكشف عن مواضع الجروح لكن حالة عبد الكريم منصور كانت تتطلب نقله إلى المستشفى فأصر البنا على أن يرافقه إلى هناك للاطمئنان عليه غير مبال بجراحه التي تنزف، كان من الواضح أن خطة القتلة لم تنفذ بإحكام فحاولوا تدارك ذلك سريعا لم يكن حسن البنا يعلم أن أوامر مشددة قد سبقته إلى مستشفى القصر العيني تمنع أي شخص من القيام بأي محاولة لإيقاف النزيف وُضِعَ على فراش وترك ينزف لمدة ثلاث ساعات على مرأى من المحيطين به وبعد منتصف الليل بقليل توقفت أنفاسه وفارق الحياة، رحل حسن البنا تارك وراءه جدل عظيم وتناقض صارخ بين أتباع وجدوا فيه إمام ومجدد قل نظيره وبين أعداء اتهموه بأنه كان المؤسس الأول لمدرسة العنف والإرهاب، أحداث خطيرة سبقت اغتيال المرشد العام للإخوان المسلمين جعلت منه عدو لكل القوى السياسية والاستعمارية في المنطقة، كانت بداية تلك الأحداث قبل عشر سنوات من الاغتيال عندما أنشأ البنا تنظيم مسلح يتسم بالسرية التامة والطاعة المطلقة قادر على القيام بعمليات عنيفة على مستوى عال من الدقة اختلفت الآراء حول الهدف الذي أنشئ من أجله هذا التنظيم.
طارق البشري- مؤرخ ومفكر إسلامي: هو عمل نظام خاص فعلا وهو اللي بنى النظام الخاص داخل الإخوان اللي هو النظام اللي بناه بس هو كان بانيه لموضوع الاحتلال الإنجليزي كان موجود في مصر وفيه مدرسة في التاريخ المصري ومدرسة في السياسة المصرية تعتبر إنه احتمال خروج الإنجليز عن طريق المفاوضة غير قائم وإن احتمال خروجهم عن طريق استخدام العنف احتمال وارد في لحظة ما يعني.
فؤاد علام- نائب رئيس جهاز أمن الدولة المصري السابق: القدر المتيقن إنه كان يستهدف عدة أمور الهدف الأول إنه في النهاية يستولي على الحكم لأنه ده كان يعتبر جيش سري وكان يستهدف به الوصول للحكم بشكل أو بآخر، الهدف الآخر إنه كان متأكد إنه سيصطدم بالحكومة وبالتالي الحكومة قد تتخذ إجراء حياله ولضمان استمرار حركة الإخوان المسلمين لابد أن يكون هناك نشاط سري يضمن به أن الحركة تفضل مستمرة بعد ما تحصل مواجهة مع الحكومة.
أحمد رائف- كاتب إسلامي: كان أيضاً من مهمة النظام الخاص رقابة الحكومة وعلى الأخص وزارة الداخلية وضبط اتصالاتها بالسفارة البريطانية وأيضا القضاء على عملاء الاستعمار الإنجليزي في مصر.
رفعت السعيد- رئيس حزب التجمع اليساري المصري: لما اختلفوا مع إسماعيل صدقي يقول قمنا بتفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 3/12/1946 أقسام الموسكي والجمالية والأزبكية ومصر الجديدة ونقطة السلخانة وعابدين والخليفة ومركز إمبابة ثم يقول وعمد النظام الخاص إلى إرهاب الحزبين مش بقى الاستعمار ولا الصهيونية إلى إرهاب الحزبين اللذين منحا صدقي باشا الأغلبية البرلمانية وبعدين هو يضع المبادئ بقى يجوز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصرت على العداء والتحريض على المسلمين يجوز اغتيال من أعان على قتال المسلمين سواء بيده أو بماله أو بلسانه طبعا هو يعتبر إن اللي يحارب جماعة الإخوان المسلمين يبقى يعادي على قتال المسلمين وهكذا كرسوا يجوز إيهام القول للمصلحة يعني يجوز الكذب للمصلحة يجوز الحكم بالدليل والعلامة والاستدلال.
محمود الصباغ- أحد قادة النظام الخاص: القضية عندي إحنا دولة محتلة والأجانب يحتلونا وكل الناس تخدم المحتَل فالقضية هي قضية قتال اللي لا يقاتل يبقى عميل في ظروف الاحتلال تحرم حيازة السلاح كيف نعمل جيش مسلم؟ القتال لن يكون بالأيدي ولا بالحجارة سيكون بسلاح طيب إزاي نجيب سلاح إزاي نشيل سلاح طيب ما اللي سيمسك سلاح سيدخل السجن فكان لابد أن يكون النظام سري لهذا الغرض كانوا يهاجموا النظام على إنه سري يعني خطير يعني.. أبدا.
[تعليق صوتي]
في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أخبر ضابط شرطة الشيخ أحمد البنا نبأ وفاة ولده وأن أوامر صدرت من عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية تقضي بنقل جثمان البنا من المشرحة إلى القبر مباشرة وتكليف قوات الشرطة بالقيام بذلك تحسب لوقوع أحداث قد تخل بالأمن العام ولكن والد الشيخ طلب بإلحاح أن تشيع الجنازة من منزله وبعد مفاوضات وافقوا على ذلك شرط أن يتم الدفن الساعة التاسعة صباحا في هدوء ومن دون أي احتفال وتحت ستار الليل نقل جثمان حسن البنا إلى بيت الأسرة في الحلمية الجديدة في سيارة تحرسها قوات الشرطة وعند البيت كان هناك سياج أمني من جنود مسلحين يحيطوا بالمنطقة ويمنع كل من يحاول الاقتراب من المكان.
أحمد عادل كمال- أحد كوادر النظام الخاص: ورفضوا إنه حتى يأتي حانوتي يغسِّل الأستاذ وقام أبوه بالعملية هو اللي غسّله وبعدين قال لهم هاتوا لي اللي يحمل النعش قالوا لا يحمله نساء العائلة وبالفعل شاله أبوه وقيل امرأتان ربما كانت زوجته أو أمه يعني من نساء الأسرة هم اللي شالوه من البيت حتى مسجد قيسون.
[تعليق صوتي]
في جامع قيسون في نفس المكان الذي كان حسن البنا يَئم فيه آلاف المصليين لم يكن هناك رجل واحد ليصلي على الإمام، قامت قوات الشرطة بإخلاء المسجد واعتقال كل من يحاول اختراق الحاجز الأمني من حوله، بعد الصلاة حمل النعش على كتف الأب وعدد من خدام المسجد إلى السيارة التي اتجهت في موكب مشدد الحراسة إلى مقابر الأسرة في منطقة الإمام الشافعي، ثلاثة وأربعون عاما عاشها حسن البنا كل يوم فيها كان خطوة نحو تحقيق مشروعه، لا يستطيع أحد أن ينكر عليه شعبيته المتزايدة والتي أهّلته ليكون رجل الساحة السياسية القادم وبلا منازع، قيل إنه كان يشق طريقه إلى الحكم عن طريق التجهيز لانقلاب مسلح فلقد استطاع الجهاز السري تحت قيادته أن يقوم بتجنيد ضباط داخل الجيش المصري كوّنوا تنظيم سري آخر أعلن عن نفسه عام 1952 تحت اسم تنظيم الضباط الأحرار.
"
علاقة جمال عبد الناصر بالنظام الخاص علاقة وثيقة، ومشروع الانقلاب مشروع إخواني أولاً وأخيرا كان في رأس حسن البنا وتكلم فيه مع عزيز المصري باشا ووافقه عليه وترك لهم مهمة الإعداد والترتيب لانقلاب 23 يوليو الذي حدث بشكل يختلف عما كان في خيال حسن البنا
"
أحمد رائف
أحمد رائف: علاقة جمال عبد الناصر بالنظام الخاص علاقة وثيقة ومشروع الانقلاب مشروع إخواني أولاً وأخيرا كان في رأس حسن البنا وتكلم فيه مع عزيز المصري باشا ووافقه عليه وكذلك مع محمود لبيب ووافقه عليه وترك لهم مهمة الإعداد والترتيب لانقلاب 23 يوليو الذي حدث بشكل يختلف ربما عما كان في خيال حسن البنا لأنه اغتيل عام 1949.
خالد محي الدين- عضو مجلس قيادة الثورة: بعد الحرب العالمية الثانية فكرنا إن إحنا نعمل تنظيم ففوجئت طبعا كانت القوة الرئيسية في المجتمع المصري الأحزاب حزب الوفد.. إحنا لم نكن نحب الوفد عشان أربعة فبراير كان طبعا الإخوان المسلمين هو التنظيم الملتزم بالدين واللي سيضحون الناس ويستشهدوا ويموتوا في سبيل الوطن فكان يعني له تقدير عندنا فإحنا طبعا.. أنا فوجئت بواحد نظامي اسمه محمود لبيب على المعاش يحضر الاجتماعات وهو بقى يقول أنا عضو مكتب الإرشاد وأنا في جماعة الإخوان المسلمين ويدافع عن جماعة الإخوان المسلمين لكن لا يلزم حد إنه يبقى عضو فقلت لهم الله أنتم الآن موقفكم غريب لا أنتم مع دول ولا مع دول لا أنتم تعملوا عمليات عسكرية ولا أنتم تعملوا.. طيب إيه اللي أنتم.. فيظهر قرروا إنهم يدخلونا النظام الخاص فاختاروا عبد الناصر وأنا وعلى ما أذكر كمال حسين أنا بس مش متذكر، ليه جمال عبد الناصر؟ لأن أنا رحت أنا وجمال عبد الناصر في يوم واحد وحلفنا على المصحف في يوم واحد فاللي أنا فاكره جمال عبد الناصر.
جمال البنا- الشقيق الأصغر لحسن البنا: ذهبنا نحن السبعة في ليلة من أوائل عام 1946 إلى منزل في حي الصليبة بجوار سبيل أم عباس وصعدنا إلى الطابق الأول فوق الأرضي فنقر صلاح خليفة على الباب نقرة مميزة وقال الحاج موجود وكانت هذه كلمة السر ودخلنا حجرة بها ضوء خافت جدا مفروشة بالحصير وفيها مكتب موضوع على الأرض ليس له أرجل.
خالد محي الدين: ودخلنا يعني بإجراءات معقدة ونظامية وبعد ما قعدنا في الضوء وكان فيه عبد الرحمن السندي دي أول مرة نتعرف عليه رئيس الجهاز الخاص شخصية رفيع كده ومش طويل وعينيه نظراتها قوية وظريف يعني يقابلك بترحاب بس قعدنا نتكلم شويه وأدخلك في حجرة مظلمة ما أنت جاي جاهز أنت جاي قائل أنك ما عندكش مانع أنك تنضم فقرأ بعض الآيات القرآنية وقال أنت قبلت العمل معنا بهذا النظام وتنفذ أوامرنا بدقة وأنا الأوامر دي سآخذها من المرشد رأسا وأوجهها إليك وتنفذها فورا.
جمال البنا: فإذا رشح لابد أن يبايع بيعة لعضوية النظام الخاص فكان يبايع رمز أحد الإخوان يرمز إلى شخصية الإمام الشهيد لكن ما هواش هو لأنه لا يراه.
خالد محي الدين: وقرأنا الفاتحة على المصحف والمسدس وخرجت ودخل بعدي جمال عبد الناصر وخرج وجهه بقى مش مرتاح كان شكله غريب يعني ما كانش مرتاح متضايق قوي فأنا قلت له.. قال لي بعدين.
أحمد رائف: ولم تكن هذه بداية علاقة جمال عبد الناصر بتنظيم الإخوان المسلمين، العلاقة تسبق ذلك ربما تعود إلى سنة 1940 ولكن كانت علاقة واحد عضو في جماعة الإخوان المسلمين بشكل غير معلن إنما عضويته للنظام الخاص بدأت عام 1943.
خالد محي الدين: ولذلك جمال عبد الناصر لما اصطدموا معه كان يعرفهم.
[تعليق صوتي]
في الرابعة من صباح يوم الاغتيال أبرقت السفارة البريطانية في القاهرة إلى لندن بوفاة حسن البنا ونشرت صحيفة التايمز النبأ في طبعتها الأخيرة، تسرب الخبر إلى معتقل الطور فعلم الأتباع به وحاولوا إخفائه عن الأشقاء الأربعة.
جمال البنا: في الصباح وجدنا حالة الإخوان متغيرة بعضهم يبكي بعضهم منقبض وكل ما نقابلهم يطبطبوا علينا ويعملوا لنا الإفطار بكثرة وبتاع وإحنا مش عارفين حاجة شيئا فشيئا دخل علينا مصطفى مؤمن كان مصطفى مؤمن يحتفظ براديو ويستمع إلى الإذاعة وسمع بنبأ الاغتيال في وقتها تقريبا من إذاعة أميركا.
[تعليق صوتي]
استطاع محرر في جريدة المصري أن يحصل من أحد العساكر على رقم سيارة الجناة فصدرت الجريدة تحمل رقم السيارة في صفحتها الأولى فوجئ مدير الرقابة بذلك فأصدر أمرا بالمصادرة، عند الفجر أقتحم رجال الشرطة مبنى المطبعة وصادروا الأعداد التي لم توزع بعد لكن ثلاثة آلاف نسخة تقريبا تسربت إلى السوق وتخاطفها القراء، في المساء مُنع أفراد الأسرة من تلقي العزاء أو تلاوة القرآن ومنع المعزون من الوصول إلى البيت واعتقل كل من حاول اختراق هذا الحاجز الأمني.
أحمد عادل كامل- أحد كوادر النظام الخاص: بقى أي حد يروح علشان يعزي يُقبض عليه لا يعود إلى بيته وإنما يعود إلى معتقل الطور الوحيد الذي استطاع أن يصل إلى البيت وأن يؤدي واجب العزاء كان مكرم عبيد باشا وده لأسباب أخرى أنه قبطي فليس هناك إدعاء أنه من الإخوان.
الثأر بين الداخل والخارج
[تعليق صوتي]
بدأ أول تحقيق في الجريمة بعد ساعات من وقوعها اختفى الشاب الذي التقط رقم السيارة تقدم محمد الليثي وأدلى بشهادته وذكر الرقم اتضح أن السيارة مملوكة لمحامي يدعى فهيم بولس ومؤجرة لوزارة الداخلية ليستقلها عقيد يعمل في إدارة المباحث الجنائية اسمه محمود عبد المجيد، شهدت مجموعة من الضباط أنهم كانوا مع المذكور في بهو فندق إيدن وسط البلد من الغروب وحتى ساعة متأخرة من ليل يوم الحادث وأن السيارة كانت تقف تحت أنظارهم أمام الفندق، بعد خمسة أسابيع صدر قرار بحفظ التحقيقات لعدم معرفة الفاعل، كان الشارع المصري في هذا الوقت يهمس بالحقيقة ولكنه لا يستطيع أن يجاهر بها رأى الناس أن الجريمة تمت أخذا بالثأر نفذتها الشرطة المصرية لحساب الحكومة السعدية ردا على عملية اغتيال النقراشي باشا رئيس الحزب، لكن رجال الإخوان كانوا يرون للجريمة أبعاد أكبر من ذلك منها أن قرار الاغتيال كان لصالح قوى استعمارية كانت تخطط لمستقبل المنطقة وفق لمصالحها.
محمود الصباغ: عصابة صهيونية في أميركا هي اللي كانت وراء التحريض لقتل الإمام الشهيد لأنه اللي قتلوه من ضباط المخابرات.. المخابرات متصلة بالمخابرات.
"
الأميركان سعدوا جدا بمقتل حسن البنا والدليل أن سيد قطب في رحلته الشهيرة لأميركا الذي لفت انتباهه إلى حسن البنا وإلى الأخوان المسلمين هو مقدار الحفاوة باغتيال حسن البنا في الإعلام والصحافة الأميركية
"
عصام العريان
عصام العريان- قيادي بارز في جماعة الأخوان المسلمين: الأميركان سعدوا جدا بمقتل حسن البنا والدليل أن سيد قطب في رحلته الشهيرة لأميركا الذي لفت انتباهه إلى حسن البنا وإلى الأخوان المسلمين هو مقدار الحفاوة باغتيال حسن البنا في الإعلام والصحافة الأميركية.
عبد الصبور شاهين- مفكر إسلامي: إسرائيل وجدت في الهدنة فرصة لإقامة مؤسسات الدولة ولكن الفرصة الأخرى هي تصفية خصوم إسرائيل وأولهم هو حسن البنا الذي يملك من وسائل الفدائيين والاستشهاديين ما يؤثر على وجود دولة بل ربما يفض هذا الحلم نهائيا فكانت النتيجة أنهم دبروا وإذا أردت أن تعرف مَن القاتل فسل مَن المستفيد من عملية القتل.
جمال البنا: وإذا أخذنا بما جاء في كتاب لعبة الأمم فكانت هناك مجموعة درست الوضع في مصر وأرادت ألا يحكم الإخوان وأن البديل الذي يناسبهم هو ضابط يمكن أن يتعاملوا معه في النهاية.
أحمد رائف: أنا ضد نظرية المؤامرة ولكن أفهم أن القوى الكبرى المخابرات الأميركية مثلا إذا تواجدت في بلد مثل مصر الأمن المصري فيها عميل للسفارة البريطانية ممكن يكون عميل أيضا للسفارة الأميركية.
عصام العريان: والدليل أنه سفراء الدول الكبرى هم الذين اجتمعوا في فايد ليطالبوا بحل الإخوان المسلمين ومن هنا أعتقد أنه ده هو السبب الحقيقي لحل الإخوان ولقتل حسن البنا وإنهاء النظام الملكي بعد ذلك بواسطة ناس ليسو على نفس القدر من الخطورة التي كان يمثلها حسن البنا ومشروعه.
خالد محي الدين: لا أعتقد أنه دي تحتاج قوة خارجية يعني اللي في الداخل متحمس للقضاء على الإخوان المسلمين أكثر من تحمس أميركا أو إنجلترا لضرب الإخوان المسلمين.
[تعليق صوتي]
شهد العام الأخير من حياة البنا توترا حادا بينه وبين جميع القوى في الساحة السياسية إذ كان عاما حافلا بسلسلة من أحداث العنف والاغتيالات قام ببعض منها عناصر من التنظيم السري للإخوان تحت قيادة عبد الرحمن السندي ولأهداف خرجت عن الهدف الذي أنشأ البنا هذا التنظيم لأجله، بات واضحا للحكومة المصرية أن المرشد العام للجماعة يقوم بعملية تصفية جسدية لخصومه السياسيين لكن البنا أعلن رفضه التام وحزنه الشديد لوقوع تلك الاغتيالات بما يعني أنه لم يكن الآمر بتنفيذها.
أحمد رائف: فيه ثلاث حوادث كبيرة لم يعلم حسن البنا عنها شيء حادث مقتل أحمد الخازندار وحادث نسف مبنى المحكمة وحادث مقتل محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزراء ولم يكن من مصلحة حسن البنا أن تحدث هذه الحوادث ولا من مصلحة الإخوان وهذه الحوادث الثلاث هي التي أدت إلى التداعيات التي انتهت بمقتل حسن البنا.
[تعليق صوتي]
لكن البعض لم يصدق ذلك ورأى أن كل عمليات التنظيم السري كانت بعلم وتخطيط من حسن البنا.
خالد محي الدين: أنا أقول لك لما رحت حلفت الرجل قال لي أنت تتلقى الأوامر مني وأنا آخذها من المرشد رأسا هكذا يقول وأنا رأيي تركيبة حسن البنا كان لازم هو يبقى يعلم.
فؤاد علام: غالبية المحللين لشخصية حسن البنا أجمعوا على أنه رجل باطني بمعنى أنه يعلن شيئا ويخفي شيئا آخر أو يضمر شيئا آخر ومن هنا جاء تمثيلية بكاؤه على اغتيال الخازندار.
خالد محي الدين: يقول كلام مش هو هاجم الناس اللي عملوا الناس المتفجرات لما حلّ الإخوان المسلمين قال لهم إخوان ولا يمكن يكونوا إخوان ولا يكونوا مسلمين اللي يعملوا الحاجات دي وهو اللي بيعطي الأوامر.
عبد الله السمان- عضو قيادي سابق في جماعة الأخوان المسلمين: الأستاذ البنا لو كان يعلم ما كانش يستنكر وقال ليسو مسلمين اللي هم قاموا بهذه العملية ونشر هذا في الجرائد والصحف الأستاذ البنا ما كانش على كل كبيرة وصغيرة وأنا جلست في المعتقل في زنزانة واحدة مع يوسف طلعت اللي أعدمه عبد الناصر وكان هو رئيس الجهاز السري يوسف طلعت وعلمت منه تماما أنه الأستاذ البنا يعني كان لا يعلم كل شيء عما يحدث منا إحنا كعمل انفرادي.
فؤاد علام: حسن البنا ضالع في التخطيط لهذه العمليات وهو مفتي لكل هذه التصرفات بلا استثناء.
[موجز الأنباء]
عصام العريان: أعتقد هذا ظلم كبير جدا للرجل وتاريخه ردود فعله وانفعالاته عقب هذه الحوادث توضح بكل يعني جدية أنه لم يكن يعلم بكثير جدا منها أو بمعظمها وبياناته التي أصدرها كانت فيها نبرة غضب شديد جدا لا يمكن تكون تمثيل بحال من الأحوال كانت رد فعل طبيعي لإنسان أحس بطعنة في الظهر ويكفي إنه قال في نهاية المطاف أو في قبل وفاته إن أي عمل سأعتبره موجه لي شخصيا.
[تعليق صوتي]
بعد الحادث امتنع الملك فاروق عن الظهور في أي مكان وعن الصلاة في المساجد وتم اتخاذ احتياطات أمنية صارمة لتأمين حياته بعد ثلاثة أشهر أقيلت وزارة إبراهيم عبد الهادي وتولى حسين سري الحكم، أعيد التحقيق في القضية ولكنه انتهى مرة أخرى بالحفظ، في مساء تلك الليلة كان الملك فاروق ساهراً في نادي السيارات في قلب العاصمة أمام منضدة القمار.
صلاح عبد المتعال- عضو المكتب السياسي لحزب العمل الإسلامي المصري: وبعثوا له وهو قاعد يلعب قمار بعثوا له ورقة كده إن تم الاعتداء عليه بس لم يمت فابتسم.. مكتوب في الوثائق هنا ابتسامة صفراء وظل باقيا حتى السادسة صباحا عندما تأكد بموته قام من على مائدة القمار هذا في الوثيقة، إذاً المسألة بالصدفة ومش انتقام الدماطي والجماعة هؤلاء لا.
رفعت السعيد: النظام اكتشف إنه فيه نزعه انقلابية جاهزة هي جماعة الإخوان المسلمين وكان النظام الملكي نظام مهتز فخافوا وده يعني من حقهم.
[تعليق صوتي]
وربما كانت مصادفة غريبة أن تتم عملية الاغتيال في اليوم التالي لاحتفال الملك بعيد ميلاده.
فؤاد علام: حسبما أتصور إن الملك كان يستشعر أن للإخوان المسلمين علاقات خاصة بالإنجليز، احتمال كبير جدا إنه استشعار السرايا بخطورة يعني يكون للإخوان المسلمين علاقة خاصة بالإنجليز يهدد السرايا نفسها ويهدد وجود الملك ويهدد حياة الملك.
أحمد رائف: الملك فاروق لم يكن له أية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بمقتل حسن البنا وعلم به بالحادث كان علم به سائر الناس وتفاخر بذلك واتصل بكريم ثابت باشا مستشاره الصحفي وقال له شفت حسن مات وكريم ثابت يقول في مذكراته اللي نشرت أخيرا قال هو لا علاقة له بهذا الموضوع وسمعه كما يسمعه بقية الناس.
محمد فريد عبد الخالق- عضو سابق في مكتب الإرشاد: الذي ثبت عندي وألقى الله عليه يسعدني هذه الشهادة أمام القضاء أن من الأطباء من أخبرني بأن التعليمات أتت من القصر للأطباء ألا يعالَج وأن يُترك ليلقى حتفه.
[تعليق صوتي]
صار من المتاح الآن للباحثين الحصول على معلومات بالغة الأهمية حول جريمة الاغتيال من خلال الوثائق البريطانية التي تناولت علاقة سلطة الاحتلال الإنجليزي بحركة الإخوان المسلمين وكذلك خطابات الاحتلال المتبادلة حول الحادث.
إيفنا لويس- باحثة ألمانية متخصصة في تاريخ الحركات الإسلامية: هذه الأوراق اللي لقيتها في (Public record office) في أرشيف الدولة في بريطانيا ووجدت تقريرا بتاريخ 17 فبراير/ شباط عام 1949 والذي يلخص بطريقة ما التفاصيل التي حصل عليها البريطانيون حول خطة اغتيال حسن البنا، أود التركيز على هذه الفقرة من التقرير في عقب اغتيال النقراشي باشا عقد اجتماع في النادي السعدي في شارع سليمان باشا القاهرة وحضرته العناصر السعدية البارزة وفرقة قوية من عناصر الشباب السعدي وقرروا ضرورة الثأر لرئيس الوزراء الأخير الأمر الذي أدى إلى التخطيط لاغتيال البنا بموافقة القصر وذلك بواسطة عبد الرحمن عمار بك وكيل وزارة الداخلية، محمود عبد المجيد بك رئيس وحدة البحث الجنائي وكمال الدماطي مدير مكتب رئيس الوزراء، وأنا عايز هنا أشير على وثائق ثانية إن ممثل السفارة يقول قلت بالطبع إنه كان شيئا جيدا من كل وجهات النظر كان إجراء قويا جاء قبل فوات الأوان من ذلك النوع الذي يُتخذ لفائدة الأمن الداخلي المصري كان من الواجب اتخاذه أسرع من ذلك.
صلاح عبد المتعال: سأقول أنا النص اللي قدامي من وثيقة هامة من الوثائق البريطانية سنة 1944 الطابع العسكري للإخوان وحذرين بلد من الأجنبي أثير من الشعور بأن الإخوان خطر محتمل لا يمكن استبعاده مع ذلك فأن نقطة الضعف في الإخوان هي في قيادتها وليس فقط حسن البنا والقائد المرشد الذي لا ينازعه أحد في قيادة الإخوان بل إنه الشخصية الوحيدة المرموقة فالجماعة تعتمد عليه كلية لو أنه قد يبدو خطيرا بسبب قوة نفوذه وبراعته وقدرته على السيطرة بنجاح فإن اعتماد الإخوان على قيادته لهم قد يكون سبب من أسباب الانهيار فإذا ما أُقصي نأخذ بالنا إذا ما أُقصي حسن البنا لأي سبب من الأسباب فإن الإخوان في حالة غياب أي خليفة له مماثل له في الطموح وقوة الحركة والدفع قد يؤدي بالجماعة إلى التفكك أو الانهيار.
إيفنا لويس: ومن هذه التعليقات ومن كل الوثائق الثانية يكون واضح جدا إن البريطانيين شافوا في حركة الإخوان المسلمين أكبر عائق محتمل لأي ترتيبات أمنية في التعاون العسكري المصري الإنجليزي في المستقبل يعني المستقبل في المنطقة العربية.
[تعليق صوتي]
لكن ملفا واحدا لم يُتح للباحثين الحصول عليه من دون إعلان الأسباب وراء ذلك هل فُقِدَ بمحض الصدفة أم أخفي عمدا؟
إيفنا لويس: أنا وجدت إنه فيه ملف واحد متعلق بالإخوان من 1950 مقفول للأبد وحتى الآن أنا لا أعرف ما هذا السر هذا ويوجد أيضا الملفات الفرعية أحيانا أوراق ناقصة وأنا حاولت يعني أجد سبب وقالوا لي حتى بالأرشيف نفسه إنه أحيانا يكون بس إهمال وأحيانا احتمال يكون الملفات بشكل غير رسمي يعني لا يريدون فتحها.
الثورة وخطوط الجريمة الرمادية
[تعليق صوتي]
في الثالث والعشرين من شهر يوليو تموز عام 1952 قامت حركة الجيش بالثورة، بعد سبعة أيام بالتحديد أعيد التحقيق للمرة الرابعة بواسطة البوليس الحربي أمر اللواء محمد نجيب بالقبض على الأميرلاي محمود عبد المجيد وعلى سائقه الأمباشي محمد محفوظ وكانت هذه العجلة في أشد أيام الثورة خطورة دليلا على أنها قضية الجيش وهدف من أهداف الثورة، أحيل التحقيق إلى نيابة أمن الدولة ثم إلى المستشار حسن داود وانتهى بتقديم تسعة متهمين إلى غرفة الإعدام، مصرع العميد محمد وصفي قائد حرس الوزارات السابق إلى دار السفارة البريطانية يطلب اللجوء السياسي بعد شهرين وُجِدَ منتحرا في منزله مؤثرا الموت على مواجهة الموقف، تتابعت إحالة القضية إلى الثلاث دوائر حتى نظرت فيها دائر الأستاذ محمود عبد الرازق وبدأت وقائع الجريمة تظهر، في اليوم التالي لمقتل النقراشي قام اللواء عبد الرحمن عمّار وكيل وزارة الداخلية بالتعاون مع محمد وصفي قائد حرس الوزارات بتكليف العقيد محمود عبد المجيد بتنفيذ عملية الاغتيال كان محمود عبد المجيد حكمدارا لشرطة جرجا واشتهر بميله إلى العنف تم انتدابه إلى إدارة المباحث الجنائية فاستصدر على الفور أوامر شفوية باستدعاء فرقة خاصة لتنفيذ العملية كانت تعمل تحت إدارته في جرجا، حوصر البنا تماما تم اتخاذ إجراءات متتابعة تمهيدا لاغتياله، لم يكن البنا يخرج من منزله إلا إلى جمعية الشبان المسلمين حيث تجري المفاوضات مع ممثلي الحكومة قرر محمود عبد المجيد أن يكون المكان نفسه مسرحا للجريمة، في يوم التنفيذ طلب إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء من أحد أقربائه يدعى محمد الماغي أن يستدعي حسن البنا إلى مقر الجمعية لحضور جلسة مفاوضات جديدة، طلب الماغي من محمد الليثي أن يذهب إلى البنا ويدعوه إلى الاجتماع لم يكن الليثي يعلم أنه الطُعم الذي استدرج الشيخ إلى مسرح الجريمة ولم يكن يعلم أيضا أنه استخدم من الجناة ليكن جاسوسا على البنا في الأيام الأخيرة قبل تنفيذ الجريمة فلقد أقنعه الرائد محمد الجزار بالعمل كمرشد للبوليس داخل الجمعية حتى ينقل إليه كل تفاصيل زيارات حسن البنا، ظهيرة يوم التنفيذ قام الضابط عبده أرمانيوس باصطحاب المخبر أحمد حسين جاد إلى أحد البارات دعاه إلى احتساء الخمر سلمه مسدس ماركة (COLT) لتنفيذ العملية، أخلي الشارع الملكة نازلي تماما من أفراد الشرطة وتم تعطيل خط الترام فطفئت أغلب الأنوار في المكان كانت مهمة الضابط حسين كامل بمساعدة اثنين من المخبرين أن يتدخلا في حالة القبض على القتلة باستلامهم من قبضة الأهالي لكن حتى رجال الشرطة عندما يدبرون جريمة فإن خطأ ما قد يقع تعطلت في اللحظة الأخيرة السيارة التي كانت ستقل الجناة بعد الحادث للهرب فاضطر العقيد محمود عبد المجيد إلى استخدام سيارته الخاصة إنقاذا للموقف أمر سائقه بأن يتوجه إلى مسرح الجريمة ويقوم بتهريب الجناة، ذهب الشاب الأسمر إلى مقر الإسعاف وأخذ يخبر المحيطين به برقم سيارة الجناة، علم الصاغ توفيق السعيد بذلك فذهب إلى هناك على الفور تم اعتقال الشاب وأخذ إلى سجن الأجانب ثم اختفى بعد ذلك تماما، في مستشفى قصر العيني كان هناك محمد وصفي قائد حرس الوزارات يتأكد بنفسه من وفاة البنا، رآه الليثي فأطلعه على الورقة المسجل عليها رقم سيارة الجناة انتزعها منه وصفي بغضب وانصرف، كان الليثي يشعر بالندم الكبير فلقد كان طُعما لاصطياد رجل لطالما أكن له احتراما عاد إلى مقر الجمعية فوجدها محاصرة بالشرطة وقد بدأ التحقيق وعندما كان ينتظر استدعاءه ليدلي بشهادته جاء الرائد محمد الجزار واصطحبه إلى الخارج، روى الليثي تلك الواقعة في محاضر التحقيق.
مشارك أول- مؤدي لكلام محمد الليثي في محاضر التحقيق: أخذني ناحية شارع عبد الحميد سعيد وقال لي أنا لسه جاي من القصر العيني الراجل مات دلوقتي وقال أنت عارف طبعا إن البنا كان كل حاجة في الإخوان وهو اللي يدبر وكان المغفلين يطيعوه طاعة عمياء قال كمان عن الإمام البنا إنه زي الثعبان تقطع رأسه تتقي سمه وإن الإخوان انتهوا بعد موته، في الحقيقة أنا كنت متضايق من الكلام قوي أنا طبعا كنت متظاهر بأني مش منهم وقال لي كمان لو أنت مصمم أن تشهد يبقى على شرط ما تقولش رقم الأوتوموبيل الصح وإن أنا أغير الأرقام قلت له يعني نظلم أي واحد كده قال يا سيدي ده مش شغلك ده عشان أبعد الشر عنك وأنا سأروح دلوقتي أفرج عن أصحابك المعتقلين وروحنا داخلين ثاني على الجمعية.
[تعليق صوتي]
عندما استدعي الليثي إلى التحقيق وجد حوله مجموعة كبيرة من ضباط الشرطة حاولوا بكل الطرق تشكيك الشاهد حتى يكون هناك تضارب في ذكر رقم السيارة، كان الليثي خائفاً لكنه حاول التمسك بالحقيقة وإثبات الرقم الصحيح لسيارة الجناة في محضر التحقيق واستمرت محاولات طمس الحقائق وتزييف الأدلة، اتصل الرائد محمد الجزار بالليثي وأصر على دعوته إلى العشاء في مطعم نيو ستار في وسط البلد.
مشارك أول- مؤدي لكلام محمد الليثي في محاضر التحقيق: أول ما قعدنا طلب عشاء قلت له ما ليش نفس فحلف بالطلاق نتعشى سوا وقال لي أنت أعصابك تعبانه النهاردة لازم تشرب لك كاسين ويسكي قلت له أنا ما أشربش خمرة قال أنت حتعمل لي حنبلي يظهر أن الرجل الشيخ ده أثر عليك خالص وقعد يضغط علي أشرب وأنا أرفض وقال لي أقسم لك أني أعمل لمصلحتك أنت فاكر اللي قتلوا حسن البنا دول حد يقدر يعمل لهم حاجة حرام عليك أنك تيتم أولادك وراح مطلع ورقة وقلم وقال لي أنا عايزك تكتب في الورقة دي بخطك رقم 7999 وتيجي معايا نروح قسم عابدين وتقول أنك لقيت الورقة اللي افتكرت أنها ضاعت منك ساعة الحادثة وطلع رزمة ورق بنكنوت وقال لي دي 500 جنيه هدية من الحكومة عشان خاطر تنهي المأمورية وبعد ما نروح النيابة لك مثلهم مرتين وكمان قال لي بص وراءك كده التفت لقيت واحدة ست ورايا بتبص لي قال لي بعد ما نخلص المشوار ده سآخذك نقضي ليلة كويسه أظهرت له بأني اقتنعت بكلامه وقلت له بلاش نروح القسم النهارده خليها بكره الصبح أحسن.
[تعليق صوتي]
عاد أحمد حسين جاد إلى جرجا أخبر بعض المحيطين به بتفاخر أن زوجة النقراشي باشا استقبلته بعد الحادث وأهدت إليه قطعتين من الصوف الإنجليزي ومبلغ أربعمائة جنيه مصري وصورة لزوجها كتبت عليها إلى بطل الصعيد أحمد حسين جاد، إذا لم يكن حسن البنا هو المفتي بأعمال العنف والاغتيالات التي قام بها التنظيم السري للإخوان المسلمين فهذا يعني أن عبد الرحمن السندي المسؤول الأول في التنظيم هو الذي انفرد بالقرار بمنأى عن القائد وهنا تتجمع علامات استفهام كثيرة حول شخصية السندي والسبب في اختياره لتولي مسؤولية هذا الجهاز الخطير.
صلاح عبد المتعال: واحد طبعا يعني إحنا نتكلم للتاريخ مش لا أقدح في إنسان ولا حاجة زي كده ولكن كان مستوى ثقافته متواضع يعني مستوى ثقافته الجامعية كان متواضع وكان أيضا عنده علة مرضية فكان أيضا السؤال لماذا؟
فؤاد علام: هو أول ما عمل التنظيم السري كلف به العشماوي باشا أول واحد كلف بالتنظيم السري وللأمن ده كان رجل سوي وما قبلش التوجهات اللي كان حسن البنا عاوزها استقال من التنظيم السري مبكراً ومن هنا كانت فكرة أن يختار شخصيات لهم طبائع خاصة فاختار عبد الرحمن السندي اللي كان كاتب في جمعية وثقافته العامة محدودة وكان رجل مندفع وعليه علامات استفهام كثيرة.
أحمد رائف: كان عبد الرحمن السندي في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين سنة وكل الأسماء اللامعة التي سمعنا بها في النظام الخاص زي مصطفي مشهور وزي أحمد زكي وزي أحمد عادل كمال وزي محمود الصباغ وجميع أركان النظام والسيد فايز كل دول بعضهم عشرين واحد وعشرين اثنين وعشرين ثلاثة وعشرين شباب والشباب بحكم التجربة والسن والعقل ليست لديه القدرة لقياس الأمور قياسا صحيحا منضبطا أو ينظر في العواقب هو ينظر في الحدث هذا خائن يُقتل فلا شك أن النظام الخاص دون قصد منه وضع حسن البنا في مأزق أدى إلى اغتياله.
رفعت السعيد: أنا لا أقول هو أدى تعليمات أم لا هو أسس الجهاز هو مسؤول الجماعة فإذا كان النمر قد خرج من قفص الجماعة فهذه كارثة أخرى بقى..
عصام العريان: بالقطع السندي خرج على أوامر حسن البنا بدليل أن حسن البنا أصدر بيان واضح جدا يقول بيان للناس ثم بيان تلاه ليسو إخوانا وليسو مسلمين يعني بيدين هذه الأعمال الخطيرة اللي تسببت في قتل والتهديد بقتل أبرياء دون سند من يعني فقهي أو سند شرعي ولم يكن أبدا في بال حسن البنا أو بال الإخوان أنهم يقدموا على مثل هذه الأعمال.
فؤاد علام: لو كان جادا لكان حل التنظيم السري إذا كان الأمر كذلك كان حل التنظيم السري حتى وفاته لم يحل التنظيم السري لو كان جادا لكان حاسب الخارجين على اتجاه الإخوان المسلمين ويحاسبهم اللي ارتكبوا هذه الجرائم وعملوها كان أوقفهم عند حدهم.
طارق البشري: أتصور أنه لم يكن قادرا على محاسبتهم وبدل ما يكشف نفسه في هذا الأمر يهدأ ويقول كلمتين ويعبئ الناس سياسيا ضد هذا الاتجاه شوية لأنه لا يملك أن يعزل واحد معه سلاح يعني.
محمد فريد عبد الخالق: جاء وقت على النظام الخاص بما توصل إليه من كفاءة من حيث التدريب على الأسلحة وامتلاك الأسلحة إلى آخره أنه يستطيع هو بأنه يقود الدعوة بأسلوب آخر غير الأسلوب الدعوي اللي يقود به حسن البنا وبدأت تحصل مفارقة وكأنه أمام يعني حصان برأسين.
طارق البشري: يخيل لي تجربة من تجارب بلادنا في العالم في الحركات الوطنية أو في العالم الثالث وكده ولد فيها تنظيمات تحرير وحركات تحرير فيها جانب عنيف إلا وكان الجانب العنيف فيها ينزع الاستقلال عن التنظيم الأساسي اللي هو التنظيم السياسي يوجد تنظيم سياسي يتحرك بأهداف سياسية ويكوِّن جنبه تكوين عنيف للقيام بعمليات العنف التي تستلزمها حركات التحرير عادة يحصل نوع من أنواع الانفصال بين الاثنين وعادة يحصل هنا نوع من أنواع التناقض والتعارض بين الاثنين وعادة ما يميل الجهاز المستخدم للعنف لنوع من أنواع الاستقلالية الذاتية ويركم عليها تكوين سياسي خاص به ولذلك لما أسمع من رجال الإخوان والشهود على حركة الإخوان أن التنظيم الخاص في الإخوان المسلمين انفلت من سيطرة القيادة السياسية اللي هي حسن البنا والمجموعات أصدق لأن هذا هو الطبيعي في مثل هذه الحركات يعني.
محمد فريد عبد الخالق: الرجل بعد كل المكاسب السياسية والمجد ده كان يعني لم يقف حجر بأن يقول الحقيقة وأقر أن كان النظام الخاص فكرة رغم أنها كانت شريفة في غاياتها ضد الاحتلال وضد الصهاينة في الاحتلال الفلسطيني إلا أنها ليست صحيحة من ناحية النظام من ناحية الأسلوب العملي.
[تعليق صوتي]
في الثامن من شهر أغسطس/ آب عام 1954 صدرت الأحكام على قتلة حسن البنا، قال القاضي في حيثيات الحكم إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام لم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه، شهدت العلاقة بين الجماعة والثورة توترا حادا بلغ ذروته بعد شهور قليلة من إغلاق ملفات قضية الإمام البنا ففي السادس والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الثاني عام 1954 وعندما كان جمال عبد الناصر يلقي خطابا في الإسكندرية بمناسبة الاحتفال بتوقيع معاهدة الجلاء أطلقت عليه ثماني رصاصات لم تصبه.
[شريط مسجل]
جمال عبد الناصر: وأحتفل معكم اليوم بعيد الجلاء وبعيد الحرية بعيد العزة وبعيد الكرامة..
مشارك ثاني: أمسك اللي ضرب ده..
جمال عبد الناصر: ليبقى كل في مكانه أيها الرجال ليبقى كل في مكانه أيها الرجال..
[تعليق صوتي]
قبض على الفاعل فاتضح أنه عضو في جماعة الإخوان، رأى البعض أن الحادث كان تصرفا فرديا أو ربما نفذته خلية ضيقة في الجماعة وقال الإخوان إن الحادث كان تمثيلية مدبرة من عبد الناصر ليجد ذريعة للتخلص منه، شنت الصحافة ووسائل الإعلام الموجهة حملة شرسة على جماعة الإخوان المسلمين وصنع شريط سينمائي ليُعرض قبل الأفلام الروائية في دور السينما.
[شريط مسجل]
مشارك ثالث: القاهرة في دورها يعيش الناس في هدوء ومودة وصفاء يضلهم أمن وحب وسلام ولكن اختار الشر دار من هذه الدور لتكون مركز لهيئة كانت تتخذ من الدين ستارا يحجب ما تدين به من مبادئ لا يقرها أهل الأرض ولا تحلها شريعة السماء فهي مبادئ التعصب والإرهاب والقتل والتدمير كان رواد هذه الدار يضللون الناس مدعين أنهم دعاة حق وإسلام والحق أن الحق لم يعرفهم وأن الإسلام منهم براء الحق أنهم استغلوا الدعوة السمحة الكريمة فيما حرم الله الحق أنهم كانوا يرسمون الخطط للقضاء على أمن الوطن وسلامة المواطنين.
[تعليق صوتي]
وعلى الفور شكلت محكمة بقيادة جمال سالم كانت الحكومة فيها الخصم والحكم في الوقت ذاته، في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول صدرت الأحكام بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة على عدد كبير من رجال الإخوان الغريب في الأمر أن قرارات صدرت في تلك الأزمة بالعفو عن كل المتهمين في قضية اغتيال حسن البنا، أُفْرِجَ عن القتلة بعد شهور قليلة قضوها داخل السجون.
________________________________________
المصدر: الجزيرة
جميع حقوق النشر محفوظة
2000 - 2010 م