قانون الانتخابات وعملية الإصلاح السياسي في لبنان - الدكتور مصطفى دندشلي
المركز الثقافي
للبحوث والتوثيق
صيـــدا
نـــــــــــــــــدوة
قانون الانتخابات
وعملية الإصلاح السياسي في لبنان
المحاضران: النائب المحامي جوزيف مغيزل ــــ النائب المهندس محمد قباني
التقديــم
وإدارة الجلسة: الدكتور ضاهر غندور
كاتب سياسي وأستاذ في الجامعة اللبنانية
الزمان:السبت الواقع فيه 22 أيار 1993
المكان: قاعة محاضرات المركز الثقافي للبحوث والتوثيق ـــــ صيدا
إعداد وتحرير
د. مصطفى دندشلي
السبت 22 أيار 1993
قانون الانتخابات
وعملية الإصلاح السياسي في لبنان
كلمة التقديم
الدكتور ضاهر غندور
السيدات والسادة المحترمين
يقول جان جاك روسو "إنّ الديمقراطية الحقيقية، إذا استعملت هذه الكلمة في أضيق معانيها، لم توجد قط ولن توجد أبداّ، لأنّه مما يضاد النظام الطبيعي أن يلي الحكمَ العددُ الأكبر وأن يخضع للحكم العددُ الأصغر.. ولو كان هناك شعب من الآلهة يحكم نفسه ديمقراطياً، لأنّ حكماً كاملاً هذا الكمال لا يُلائم بني الإنسان". وأمام استحالة الديمقراطية المباشرة تبقى الديمقراطية المباشرة التمثيلية هي وحدها الممكنة إذن، وهي كما يصفها العلامة هانس كلسن "الحل الوسط بين المطالبة الديمقراطية بالحريّة وبين مبدأ تقسيم العمل الذي يعتبر سبباً لكل تمييز والذي يحكم ويحدّد كل تقدّم اجتماعي". أو كما يقول ريمون آرون: "هي محاولة إيجاد حل للتوفيق بين الحاجة إلى تراتبية سلطويّة والمساواة في الكرامة الإنسانية، ومن ثمّ بين الحاجة إلى الحكمة لدى الحكّام ووجوب العمل وفقاً لرغبات المحكومين".
والديمقراطية التمثيلية هي باختصار كلّي، كما يعرفها هارولد لاسكي "الاختيار الدوري الحُر للحكّام في فترات محدودة"، فهي تقوم على ركنيْن أساسيّيْن: الاختيار الدوري للحكّام ولفترات محدودة لِكَيلا يخفي الاختيار الدوري الشكلي تحديداً دورياً مستمراً، ثمّ الاختيار الحُر للحكّام الذي يحدّد شروطه قانون الانتخاب. فقانون الانتخاب إذن دونما مبالغة هو الدستور الحقيقي للبلاد، وفي ذلك يقول السياسي الفرنسي كورمنين cormenin الذي عاش في ظل الملكيّة البرلمانية الأورليانيّة في الربع الثاني من القرن الماضي: "هناك في قانون الانتخاب كل الحكومة، كل الدولة، كل الدستور، بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك بالقول أنّ ليس في البلاد قانون سياسي سواه، أو أنه يحتوي كل القوانين السياسية لأنه القانون القالب Loi Matrice، فالدستور هو المجتمع الساكن، وقانون الانتخاب هو المجتمع المتحرّك. قل لي من هم ناخبوكم أقل لكم من هي حكومتكم".
وفي النظام الانتخابي نوعان من الشروط: شروط عامة لابد منها لتأمين التنافس الحُر الذي يضمن المساواة بين المرشّحين كما بين الناخبين: فالانتخابات التنافسية أو التنازعية Elections disputeés ou contesteés هي شرط لازم في الديمقراطية التمثيلية، أمّا انتخابات الخيار الوحيد قانونياً في ظل حكم الحزب الواحد، أو الخيار الوحيد واقعياً بوجود لوائح رسميّة، أو ائتلافيّة، للسلطة الحاكمة أو المهيمنة فيمكن وصفها بالمصادقة أو المبايعة أو أيّ نعت آخر إلاّ وصفها بالانتخابات. والتنافس الحُر يتطلّب التسليم بالمنافسة السليمة لاستبعاد القوّة كوسيلة للخروج عن قواعد اللعبة الديمقراطية، والالتزام بالممارسة الشرعيّة للسلطة التي هي في جوهرها موقتة، على نحو يسمح بتكوين الأغلبية من جديد في جوّ من الحريّة. أمّا التنافس المتساوي فهو الذي يضمن المساواة في حق الاقتراع وفي تمثيل الناخبين بحيث يكون لكل ناخب ذات الوزن الانتخابي لكل من الناخبين الآخرين، ثمّ المساواة بين المرشّحين في شروط الترشيح وفي ظروف الحملة الانتخابية، لاسيّما في منع استخدام الوسائل غير المشروعة وتقليص فرص التمايز بين المرشّحين غير المبنيّة على الكفاءة الشخصية والتوجّه السياسي، والتي تؤثّر بالتالي في قناعات الناخبين تأثيراً غير مبرّر، وأخطرها بلا شك الرشوة المباشرة أو غير المباشرة. وفي هذا الصدد، علينا أن نسترشد بالقوانين الأوروبيّة التي صدرت منذ أواسط القرن الماضي، لتصحيح الكثير من ممارساتنا السياسية ومفاهيمنا عن الانتخابات والحياة البرلمانية، ومنها مثلاً: القانون الفرنسي سنة 1852 الذي نصّ على فرض عقوبة جزائية مماثلة لعقوبة الرشوة المباشرة على كل من يقدَّم أو يقبل، بشرط إعطاء أو تدبير صوت انتخابي، عرضاً أو تعهّداً بالوظائف العامة أو الخاصة. والقانون البلجيكي سنة 1867 والانجليزي سنة 1883 وهما يعتبران من أعمال الرشوة تقديم طعام أو شراب أو وسائل نقل للناخبين، وهي في القانون الإنجليزي لا تُبطل الانتخاب فحسب بل ويُعاقب عليها بالحرمان من الترشيح لمدة سبع سنوات وبالحرمان مدّة مماثلة من تَولّي أيّ وظيفة عامة في الدائرة الانتخابية.
غير أنّ النوع الثاني من الشروط هو الأهم، لأنّه يشمل الشروط الخاصة التي تجعل من النظام الانتخابي وسيلة لإصلاح الحياة السياسية في بلدٍ ما. فالديمقراطية هي التربية الديمقراطية Démocratie doit être démopédie كما يقول الفقيهان بارتيليمي ودويز وهذه التربية تتمّ بالاعتياد على الحريّة، وإذا كانت الحريّة تفترض تربية مسبقة للمواطنين فإنّ التربية على الحريّة لا يمكن أن تتمّ إلاّ في الحريّة. ويبقى على النُّخبة أن تلعب دوراً مهماً، فالقانون الأخلاقي لا ينبثق من الشعب بل يأتي من نخبة تعرف كيف تفرضه على الشعب بالإقناع. وفي ذلك يقول الكسيس دوتوكفيل "الديمقراطية لا تحصل على الحقيقة إلاّ بنتيجة الحنكة والخبرة، ولسوف تهلك أمم كثيرة وهي تنتظر عواقب أخطائها". ونحن في لبنان نتمتّع بخبرة طويلة وبقدر أكبر من اللازم من الحنكة، جعلنا نتخبّط في الحياة السياسية اليومية وننسى مبادئ السياسة، أو كما كان كمال جنبلاط يقول: نحن لا نمارس السياسة بما هي شرف قيادة الرجال بل سياسة الحرتقات اليومية politicailles التي تتقزّز منها النفوس. لكن الأدهى من ذلك كله أنّنا لا نتعلّم من أخطائنا: فلقد تصدّر الإقطاعيون القدامى نظام المتصرفيّة فجعلوا أنفسهم قادة برلمانيّين وإداريّين، مُنكرين أن تكون امتيازاتهم الإقطاعية الموروثة قابلة للإلغاء بمادة بسيطة في نظام المتصرفيّة. وبعد قيام لبنان الكبير استمرّ أولادهم وأحفادهم متربّعين على عروشهم الصغيرة في الحكومة والبرلمان والإدارة، حيث أشاعوا الفساد بأن حوّلوا الهدايا التي كانت تُجبى من الفلاّحين إلى رشاوى تُفرض على المواطنين، وبِنَهب خيرات الدولة والوطن اللذين اعتبروهما استمراراً وتوحيداً لإقطاعاتهم، وأحكموا قبضتهم على زمام الأمور بشطارتهم القذرة في استغلال المشاعر الطائفية واستشارتها، وقد خبروا فعلها في النفوس في الفتن الطائفية المتعاقبة منذ أواسط القرن الماضي. ولم يتبدّل الحال مع دولة الاستقلال، ولا مع قيام الجمهورية الثانية بعد حرب استنزفت منّا جيلاً كاملاً، إلاّ في تثبيت قاعدة أنّ أحداً في لبنان لا يحكم بسبب الفساد ومنع الكلام عن الفساد علناً إلاّ بالتعميم دون التخصيص. أمّا ما يدعو إلى الإحباط، وربما اليأس، فهو ترسيخ العلاقات الإقطاعية القائمة على التبعيّة الشخصيّة حتى باتت النمط النموذج الذي تحتذيه الزعامات الناشئة في علاقاتها مع محازبيها وأنصارها حتى ولو كانت ترفع شعارات إصلاحيّة أو تقدميّة بل وثوريّة. ولمن يظن أنّ في هذا الكلام مبالغة أو تهويلاً، نستعيد فقرة من رسالة الرئيس فؤاد شهاب، وهو من هو في تاريخ لبنان المعاصر، بعدم قبوله ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية في 4 آب 1970 حيث يقول:" إنّ مؤسّساتنا التي تجاوزتها الأنظمة الحديثة في كثير من النواحي سعياً وراء فعالية الحكم، وقوانيننا الانتخابية التي فرضتها أحداث عابرة وموقتة، ونظامنا الاقتصادي الذي يسهل سوءُ تطبيقه قيام الاحتكارات، كل ذلك لا يفسح في المجال للقيام بعمل جدّي على الصعيد الوطني". إنّ بيت القصيد في إصلاح نظامنا السياسي، يبقى في وضع نظام انتخابي يُسهم في خلق أحزاب وطنية منظّمة قادرة على إحداث تحوّل جوهري في البيئة السياسية والاجتماعية اللبنانية، يتجاوز الصراعات الطوائفية والمناطقية ويؤسّس لما نحن بحاجة إليه فعلاً وهو قيام الوطن قبل الجمهورية. فلا جمهورية بلا وطن ولا وطن بلا ولاء وطنيّ نجمع عليه وننقسم بعد ذلك فيما بيننا شيعاً وأحزاباً على مستوى الوطن وفقاً لمبادئ ومناهج لا تمسّ بهذا الولاء.
كيف نصلح نظامنا الانتخابي، الذي هو أساس لكل إصلاح سياسي؟ عن ذلك يحدّثنا اليوم محاضِران ممّن دخلوا الندوة النيابية حديثاً، غير أنّهما عريقين في الحياة السياسية، طويلي الباع في الثقافة السياسية، يكفيهما أن يكونا رئيسَيْن سابق وحالي للنادي الثقافي العربي في بيروت الذي كان ومازال له الدّور الريادي في التحديث الثقافي والسياسي. إضافة إلى أنّ المحامي جوزيف مغيزل كان أميناً عاماً للحزب الديمقراطي العلماني، والمهندس محمد قباني كان عضواً في المجلس السياسي للحركة الوطنية في حرب السنتيْن. وهما اليوم عضوان في الكتلة البرلمانية للإنقاذ والتغيير التي تعمل فعلاً بوحي من الشعار الذي رفعته اسماً لها.
كلمــــــة
المهندس محمد قباني
.... قانون الانتخاب والعملية الانتخابية وهذه العملية بحدّ ذاتها هي أسلوب إيصال من يمثّل الناس إلى السلطة التشريعية كي يقولوا بالنيابة عن الناس، بالوكالة عن الناس، ممارسة هذه الوكالة في نوعَيْن من العمل: 1) مراقبة السلطة التنفيذية من ناحية. 2) والتشريع أو سنّ القوانين من ناحية ثانية. بالتالي السلطة التشريعية سلطة أساسية في أيّ نظام ديمقراطي. وقد أصبحت في لبنان اليوم، خاصة بعد الطائف، أقوى ممّا كانت عليه قبل الطائف حتى أنّ بعض دارسي القانون لا يُسمّون النظام اللبناني اليوم نظاماً رئاسياً بعد الطائف، ربما كان نظاماً رئاسياً بالفعل قبل الطائف. أمّا الآن بعد الطائف فهو لم يعد نظاماً رئاسياً وربما ليس نظاماً ديمقراطياً برلمانياً بكل معنى الكلمة.. ولعلّ أدقّ تعبير هو أنّ النظام أصبح إلى حدّ كبير نظاماً "مجلسياً" بمعنى أنّ مجلس النواب أصبح السلطة الأقوى في هذا النظام ولماذا السلطة الأقوى؟ يكمل أصحاب النظرية قائلين إنّ التوازن يقوم بين السلطتَيْن التنفيذية والتشريعية عندما تستطيع السلطة التشريعية أن تسقط الحكومة في مجلس النواب عندما تنضج ظروف ما لذلك وفي نفس الوقت تستطيع الحكومة أن تحلّ مجلس النواب عندما تنضج الظروف أيضاً لذلك. هنا تكمن عملية التوازن بين السلطتَيْن التنفيذية والتشريعية.
ماذا حدث في الطائف؟ الذي حدث في الطائف أنّ مجلس النواب، نظرياً، يستطيع أن يسحب الثقة من الحكومة في أيّ وقت. طبعاً أتكلّم نظرياً، لأنّنا في لبنان، حتى الآن، لا الحكومات تتألّف بهذا الشكل ولا تسقط بهذا الشكل. ولكن على الأقل هذا هو النص. أما الحكومة فلم تعد باستطاعتها أن تحلّ مجلس النواب سوى في حالتَيْن شبه مستحيلتَيْن: أن يرد المجلس الموازنة برمّتها، بالكامل، أو أن يمتنع من الانعقاد خلال دورتَيْن متتاليتَيْن: وكلا الحالتين شبه مستحيل. هذا يعني أنّ المجلس النيابي أصبح في وضع أكثر استقراراً.. ممّا هي الحكومة..
أبدأ بهذه المقدمة لأقول بأنّ العملية الانتخابية التي تفرز مجلساً للنوّاب أصبحت اليوم أكثر أهمية ممّا كانت في السابق وبالتالي، أصبح قانون الانتخاب أكثر فعلاً وأكثر تأثيراً في عملية الإصلاح السياسي.
وفي الحقيقة، لا إصلاح سياسي بدون قانون انتخاب حقيقي وفعلي.. ونحن نجد اليوم في المجلس النيابي بداية بذور لنواب يعملون للتغيير، يعملون للإصلاح السياسي، بغضّ النظر من موافقتنا أو عدم موافقتنا على الإيديولوجيات السياسية لهؤلاء النواب. ولكن قانون الانتخاب الأخير أفسح في المجال، قليلاً، لوصول نوّاب تغييريّين حزبيّين وغير حزبيّين. هناك نوّاب "حزب الله"، نوّاب حزب الله تغييريّون، بغض النظر إذا كان الواحد منّا مع الإيديولوجية السياسية لحزب الله أم لا.. ولكنهم نوّاب تغييريّون. نوّاب الحزب السوري القومي الاجتماعي وهم ستة نوّاب، هؤلاء ينتمون إلى حزب تغييري بغض النظر عن الإيديولوجية، إذا كنّا معها أم لا.. نوّاب كتلة الإنقاذ والتغيير، ليسوا حزبيّين ولكنهم تغييريّون بطبيعتهم، خلفيّاتهم كلّها هي خلفيّات سياسية وتجارب سياسية تصب في إطار التغيير. لقد سمَح النظام الانتخابي الذي نتج عن الطائف، بشيء من التغيير، ولكنه ليس التغيير الكافي الذي سنتكلّم عن بعض شروطه ومتطلّباته.
قانون الانتخاب كان دائماً محاولة للسيطرة السياسية لرئيس الجمهورية من خلال مجلس النوّاب.. لذلك إذا عُدنا إلى تاريخ قوانين الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية كنّا نلاحظ أنّ كل رئيس جمهورية يعدّل قانون الانتخاب عندما يأتي إلى السلطة بشكل يناسبه. وهذا كان أمر يحدث في كل عهد، حتى في عهد فؤاد شهاب. لقد وضع فؤاد شهاب قانون الانتخابات ما قبل الحالي، قانون الانتخابات قبل الأخير، عام 1960، وبقي الوضع كما هو حتى الطائف.. أبرز من كان بارعاً، ماهراً في اللعبة الانتخابية، هو الرئيس كميل شمعون، لأنّه استطاع أن يركّز قانون الانتخاب والدوائر الانتخابية، وهنا تقسيمات الدوائر هي الأكثر أهمية من الآلية الانتخابية، الرئيس كميل شمعون استطاع أن يُحدث قانون الانتخاب، ومن خلاله أسقط معظم رموز القيادات السياسية المعارضة أحمد الأسعد، الذي كان يمثّل في الجنوب من ثقل سياسي ضخم جداً، أسقط صائب سلام، وعبدالله الباقي، أسقط كمال جنبلاط إلخ..إلخ.
نحن لسنا في حالة الدفاع عن الإقطاع السياسي ولكن أيّ عملية تغيير يجب أن تصبّ في إطار تغيير حقيقي يمثّل الناس وليس في إطار يمثّل زُلم أتباع للحاكم كما حدث في انتخابات 1957 مع كميل شمعون ومع نوعية الناس التي استطاع أن يصل بها إلى المجلس النيابي ومن خلال تقسيم الدوائر الانتخابية.
إذن هذه العملية، أيّ اختيار قانون انتخابي معيّن، كان أداة سيطرة رئيس الجمهورية على المجلس النيابي وبالتالي على اللعبة السياسية لأنّ من خلال سيطرته على المجلس، وبالتالي احتفاظه بالأكثرية النيابية، كان يتحكّم بالحكومات اختياراً وبقاءً وإسقاطاً، طبعاً إسقاطاً بمعنى أن تستقيل الحكومة عندما تعرف أنّ رئيس الجمهورية لم يعد يريدها وليس إقالة أو إسقاطاً في المجلس النيابي..
تقسيم الدوائر الانتخابية مهم، لأنّ التجمّعات الطائفية البشريّة تؤثّر في النتائج، على سبيل المثال، قد لا يكون أمراً معروفاً في صيدا والجنوب. ولكن بين بيروت وجبل لبنان أين تضع الطائفة الأرمنيّة، مسألة مهمة جداً لأنّ الأرض مجموعة بشريّة كبيرة، تصب حتى الآن، بقرار من حزب له ماكينة انتخابية متحرّكة ونشطة وهو حزب الطاشناق، وتصُبّ عادة مع السلطة كائنة مَن كانت السلطة، بهذه الأكثريّة الأرمنيّة تصبّ مع السلطة. إذن عملية الحدود الجغرافية للدوائر الانتخابية، أين نضع الأرمن، أو سواهم من التجمّعات البشريّة المشابهة، تتحكّم في نتيجة الانتخابات النيابية.
هناك إذن أمران أساسيّان في عملية التحكّم بنتيجة الانتخابات من خلال قانون الانتخاب: 1) هناك الأهم برأيي، وهو تقسيم الدوائر الانتخابية. 2) وهناك ثانياً النظام الانتخابي نفسه أيّ آليّة العملية الانتخابية...
هناك اتّفاق على أهمية هذا النظام، وهناك اتّفاق على أنّ لا إصلاح بدون قانون انتخابي عصري يؤمن برأيي أمرين: 1) نوعية جديدة من النوّاب نوعية تؤمّن إيصال نوّاب تغييريّين أولاً، لا طائفيّين ثانياً، وبحدّ أدنى أو أعلى من الثقافة والخُلق.. نتمنّى الحدّ الأعلى ولكن نصرّ على الحدّ الأدنى. هذا هو الأمر الأول: نوعيّة جديدة من النوّاب.
والأمر الثاني: الانتقال من العمل السياسي الفردي الذي طبع حياتنا السياسيّة والنيابيّة، حتى اليوم، إلى العمل السياسي الحزبي... حتى الآن، كان العمل السياسي الحزبي خارج الندوة النيابيّة. الأحزاب تتظاهر تضرب، وأحياناً تحمل السلاح.. لأنّها لا تستطيع أن تُمارس العملية الديمقراطية في الإطار الرسمي، أي من خلال المجلس النيابي. تعمل خارج المجلس ويُطلق عليها أسماء: مشاغبون إلخ.. إلخ.. أمّا داخل المجلس فالنوّاب أفراد سواء كانوا من الإقطاع السياسي أو المخاتير الذين يأخذون صفة النوّاب.. المطلوب الانتقال إلى نمط جديد من العمل السياسي داخل المجلس النيابي حيث الأحزاب هي التي تتحرّك وتخطّط وتُحاسِب، لأنّ النائب الفرد، لا أحد يحاسبه. النائب الفرد إذا كان بلا أخلاق وهذا موجود، يتعامل مع السلطة الحاكمة، يعني مع رئيس الجمهورية أو مع رئيس الحكومة، على طريقة: أعطيني لأعطيك.. ماذا تريد، وماذا تطلب.. أمّا الأحزاب فهناك أسلوب آخر للعمل، أسلوب المحاسبة. الحزب يُحاسِب من يمثّله في المجلس النيابي. علينا إذن أن نشجّع العملية الانتخابية التي تصل بنوعية جديدة، وبالأحزاب، إلى الندوة النيابية.
ماذا حدث في الطائف؟ لأنّ الطائف محطّة مهمّة.. الطائف لم يتطرّق إلى الآليّة التفصيلية للانتخاب، ولكن الطائف حدّد أمراً مهماّ جداً نستطيع أن نتمسّك به وننطلق منه إلى الوصول إلى قانون انتخابي تغييري حقيقي. الطائف حدّد أنّ الدائرة الانتخابية يجب أن تكون على أساس المحافظة، وأن تكون كبيرة الرقعة الجغرافية، وأن تكون أيضاً متنوّعة الوجود البشري (الطائفي والمذهبي)، أي أن تكون مختلطة طائفياً، وأن لا تكون ذات لون طائفي واحد. هذا الأمر ليس بسيطاً. ما نصّ عليه اتّفاق الطائف أصبح جزءاً من الدستور، يُشكّل أرضية مهمّة جداً يجب أن نتمسّك بها كي ننطلق إلى النظام الأفضل الذي يجب أن نصل إليه إماّ في هذه الدورة إذا أمكن في دورة 1996، أو في الدورة التي تليها على الأبعد..
أولاً الدوائر، كلما اتّسعت الدائرة، باعتقادنا أنّ هذا أفضل لأنّ الدائرة الصغيرة يتحكّم بها العناصر التالية: العلاقات الشخصيّة، والخدمات، يعني يصبح النائب كالمختار، النائب ـــــ المختار يعزّي، يقدّم التهاني، ويزور ويخدم أو يقوم بخدمات في معظمها لا تتحقّق. وهذا النوع من النوّاب هو الذي ينجح في الدائرة الصغيرة.. ثانياً: عنصر المال.. في الدائرة الصغيرة، المتموّل الذي يستطيع أن يشتري ألفين من الأصوات (2000)، أو (1000) ربما ينجح في الدائرة الصغيرة. أما في الدائرة الانتخابية الكبيرة، فكلّما كَبُرت هذه الدائرة، أصبح عنصر المال صعباً. لا أقول مستحيلاً.. ذلك أنه تبقى دائماً الإمكانية في دفع الأموال حتى يدخل في اللائحة الانتخابية.. الدفع لا للنّاخبين وإنّما لرئيس اللائحة للدخول فيها.. إنّما عنصر المال يصبح أقل تأثيراً مما هو في الدائرة الفرديّة.
الدائرة الكبرى إذن تتغلّب على عنصر المال، تتغلّب على عنصر الفرديّة والخدمات الصغيرة الشخصيّة.. وتوصل نوعية من الناس من الذين يمكن أن نسمّيهم "رجال دولة".. ورجال أصحاب إطلالة وطنيّة.. لأنّه عندما يصبح الإنسان، أو يفكّر الإنسان في أن يترشّح على دائرة واسعة تضمّ مختلف الطوائف، خطابه السياسي يتغيّر، يصبح خطاباً وطنياً. توجّهاته السياسية، تحالفاته السياسية تتغيّر، عندئذ يصبح من المتوقّع أن يترشّح وأن يفوز رجال من أصحاب الإطلالة الوطنية أكثر من السياسيّين الطائفيّين وأصحاب المال وسوى ذلك البعض يقول ـــــ وهنا أودّ أن استطرد ــــــ وأقول أنّنا نحن من الذين يعتقدون أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة ـــــ لا أريد أن أطيل وإنّما أريد أن أركّز على قانون محدّد هو قانون الانتخاب النّسبي. هذا هو القانون الذي تؤمن بصحّته هو أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة وأن يعتمد النظام النسبي... وليس هذا هو النظام الوحيد... لكن النظام الانتخابي الذي اعتدنا عليه في لبنان هو النظام الأكثريّ، ذو الدوائر الوسطى وبعض الدوائر الصغيرة ـــــ صيدا مثلاً ـــــ يمثّلها نائب واحد ـــــ وصولاً إلى دوائر كبيرة تضمّ ما بين 7 و 8 نوّاب.. وتعتمد النظام الأكثريّ... وهو من يحصل على أكثر الأصوات المُقترعين يفوز..
الآن نحن نتمسّك بالنسبة لتقسيم الدوائر بأن ننطلق من الموجود إلى الأكبر مساحة والأقل عدد الدوائر الانتخابية... وليس العكس.. هناك خمس محافظات ـــــــ ويجب أن نصحّح ما حصل في الانتخابات الأخيرة وتعود محافظة النبطية إلى محافظة الجنوب وكذلك في باقي المناطق ـــــ المطلوب أن يكون عدد الدوائر الانتخابية أما العدد الحالي، خمس محافظات أو أقل من ذلك حتى تصل ثلاث أو دائرتَيْن... وهناك عدد من الاقتراحات، فمن يقول بالمحافظة على الوضع الحالي ـــــ حصل خطأ خاصة في موضوع منطقة الجبل بعدما اعترض وليد جنبلاط..... واعترض كذلك الرئيس إلياس الهراوي ـــــ من أجل تقسيم البقاع... حتى وصلنا إلى هذه التركيبة العجيبة الغريبة.. فكل دائرة انتخابية مركّبة بشكل يختلف عن الآخر... هذا الوضع لا يجوز أن يستمر. إذن الحدّ الأدنى هو خمس دوائر انتخابية.. وهناك اقتراحات أخرى لحلّ جبل لبنان ويتّفق مع الطائف.. أبرز هذه الاقتراحات اقتراحان: قسمة لبنان إلى ثلاث دوائر انتخابية بخطوط عرضيّة بمعنى: شمال، الوسط، الجنوب وهذه اقتراحات من باحثين، ولم تصبح بعد مشاريع.. ومن يقول بذلك يعتقد بأنّه يؤمن وطنيّة الناخبين ومِن كل الطوائف.. وهناك اقتراح آخر، يقسم لبنان أربع دوائر انتخابية بيروت الكبرى وبقيّة المناطق إلى ثلاث دوائر... نحن نقول بالدائرة الواحدة... وإذا لا يمكن تحقيق ذلك، فمن الخمس دوائر ونزولاً عددياً.. ونستطرد بالقول باعتماد النظام النسبي.. والنظام النسبي هو الذي ينصّ على ـــــ وبإيجاز قدر المستطاع ـــــ ويقول بأنّ كل لائحة انتخابية ـــــ ليس هناك من انتخاب فردي ــــــ والترشيح على أساس لوائح وطبعاً نحن ندعو إلى إلغاء الطائفية، لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النظام النسبي وإلغاء الطائفية.. والترشيح على أساس لوائح.. وكل لائحة تحصل على عدد من النوّاب بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها في الاقتراع... والنظام النسبي يمثّل في الحقيقة مرآة حقيقية تعكس إرادة الناخبين... أما في النظام الأكثري وفي لبنان دائرة واحدة، فتصبح في الحقيقة أشدّ خطورة.. فإذا نالت لائحة 51% من الأصوات، فإنها تحصل على كل المقاعد.. واللائحة التي حصلت على 49% لا تنال أيّ مقعد... وهذا حجب لتمثيل جميع الناس.. النظام النّسبي هو المرآة الحقيقية لإرادة الناخبين.... وهناك تساؤلات: فإذا لم يكن هناك من أحزاب سياسية على أساسها تتمّ الترشيحات، فماذا العمل؟ ينضمّ الأفراد المرشّحين إلى لوائح، تنتقل في ما بعد إلى تكتّلات نيابية، قد تفرز لاحقاً أحزاباً سياسية.. فالنظام النسبي يشجّع قيام الأحزاب، إن لم يكن فور الانتخاب أو أثناء الانتخاب، فبَعد الانتخاب.. ومن الجهة الثانية، هناك انتقاد يقول في النظام النسبي، الأحزاب الصغيرة تتحكّم في التركيبة الحكومية..... وتصبح الحكومة أسيرة هذا الحزب الصغير.. والتصحيح هو التالي: أي حزب ينال أقل من نسبة معيّنة: 5% مثلاً، لا يمثّل،....
هذا هو خيارنا الأفضل، ندعو إليه.. ويمكن أن يتمّ ويطبّق النظام النسبي حتى ولو لم تلغ الطائفية.... شرط أن تكون الدوائر الانتخابية كبيرة وليست صغيرة... والانتقاد الآخر هو التالي: قد يتّفق الإقطاعيون ويكوّنون لوائح في الشمال والآخر في الجنوب.. وفي البقاع.. ولكن على صعيد لبنان تصبح العملية أصعب.. وحتى ولو اتّفق هؤلاء فيتّفق الآخرون ويشكّلون شيئاً ما... ناحية أخرى، لا يجوز أن نقيس على كيفية إجراء الانتخابات الأخيرة... نحن نخطّط للمستقبل. ذلك أنّ قوى التغيير قد تتحالف لذلك في وجه الإقطاع السياسي، وتحصل على أربعين في المائة من المجلس هذا ليس شيئاً بسيطاً..
مداخلـــة
جوزيف مغيزل
.. شكراً للمركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا وللدكتور مصطفى دندشلي وللدكتور ضاهر غندور على هذا الملتقى الذي يسمح بمعالجة قضية حيويّة يتعلّق بها مستقبل النظام، نظام الحكم في لبنان، لقد عرض الزميل الأستاذ محمد قباني بشكل مفصّل وموسّع اللوحة العامة لما هي الحياة الانتخابية وما هي المقترحات المستحبّة دون البحث في الممكن وغير الممكن..
منذ عام 1943، نمارس العملية الانتخابية. وحتى هذا التاريخ لم ينشأ من هذه العملية الانتخابية نظام سياسي يرضي حاجات الشعب اللبناني. لماذا لم يقم القانون الانتخابي، النظام الانتخابي بما هو مطلوب منه، في الإصلاح السياسي؟!. إنّ الأسباب عديدة. ولعل السبب الأول هو كون القانون الانتخابي حتى الآن لم يقم على أساس الأحزاب السياسية. لا إصلاح سياسي دون خطّة سياسية، دون رؤية سياسية. ولا رؤية سياسية دون قوة سياسية كبرى، تستلم الحُكم. ودون قوة سياسية أصغر تعارض الحُكم. الأنظمة الائتلافية التي مارسناها حتى الآن، حالت دون قيام رؤية سياسية في الحكم في لبنان، دون وضع خطة سياسية يمكن أن تطبّق في مختلف حقول الحياة الوطنية. وما دُمنا نعاني من هذه القلّة في الحكم، في النظام السياسي، لا يمكن أن نتغلّب على المشاكل والمعضلات التي نعانيها منذ عشرات السنين.
كيف يمكن أن نبلغ الحياة الحزبية السياسية التي تقوم على أكثرية من جهة تستلم الحكم، وأقليّة تعارضها وتراقبها؟ الطريق التي اتّبعت في كل بلدان العالم هي كما ذكر إمّا من خلال التمثيل تمثيل الأكثرية السياسية الانتخابية أو من خلال التمثيل النسبي في كل من هذين النظامَيْن حسنات ومآخذ. النظام الأكثري يبقى شريحة كبيرة من المواطنين غير ممثّلة، ذلك أنّ النظام الانتخابي غايته الأولى هي التمثيل الشعبي. عندما تنجح الأكثرية بفارق بسيط، يبقى عدد كبير من المواطنين غير ممثّلين. وكلّنا نعاني الآن، في بعض المناطق اللبنانية، مثل هذه الحالة من جراء المقاطعة التي أدّت إلى انتخاب عدد ضئيل لِفِئة من النوّاب.
فالحكم الذي لا يقوم على أكثرية كبيرة لا يمكن أن يستقر ولا يمكن أن يخطّط ولا يمكن أن ينفّذ سياسة طويلة النفس.. التمثيل النسبي، لا شك أنّه يسمح بـأن يتمثّل في المجلس النيابي معظم التيّارات الصغيرة والوسطى والكبرى. ولكنه يفتح الباب أمام تفتّت القوى السياسية ويدفع الحكم بتوازنات الائتلاف التي قد لا تسمح هي بدورها باستقرار طويل الآن، وبالتالي بتخطيط طويل الآن، وبتنفيذ سياسة عامة تتطلّب سنوات وسنوات.
تجارب بعض البلدان من النظام الانتخابي الأكثري، مثل بريطانيا وفرنسا، أعطت نتائج استقرار سياسي. فالاستقرار السياسي ليس في النهاية وقفاً على أحد هذين النظامَيْن الأساسيّين.. والنظام النسبي موجود في عدد من البلدان، مثل ألمانيا وإيرلندا ومعظم البلدان الشمالية مثل الدانمرك وهولندا وسواهما. وفي هذه البلدان أيضاً استقرار سياسي. نحن لماذا لم نصل إلى مثل هذا الاستقرار، رغم ممارسة النظام الأكثري مدّة دورات عديدة ؟ سبب رئيسي كما قلت فقدان الأحزاب السياسية وسبب آخر لا يقلّ أهمية هو التمثيل الطائفي. لا يمكن أن تقوم الأحزاب السياسية الكبرى لا يمكن أن ينجح أي نظام انتخابي، مع التمثيل الطائفي، كما هو الحال الآن في لبنان. ربط العملية الانتخابية بالمواطنية، بعيداً عن القيود الطائفية شرط من شروط قيام الأحزاب وقيام أكثرية تحكم وأقلّية تُعارض، وهذا ما يطرح علينا الآن في أيّ محاولة للخروج من الحالة السياسية التي نعانيها. حالة الحُكم عندنا هي حُكم أفراد. يلتقون عرضاً على اتّفاقيات معظمها مصلحيّ، لا تؤدّي إلى وضع خطط سياسية وإلى تنفيذ أعمال إصلاحية بمختلف حقول الحياة الوطنية. هل يمكن أن نخرج من ذلك؟ لقد لحظ اتفاق الطائف إمكانية قيام انتخاب مجلس نواب غير طائفي، في مرحلة أولى، بعد قيام المجلس الحالي، وقيام المجلس الاقتصادي الاجتماعي، والسّير في عملية إلغاء الطائفية. وها قد انقضى عدة أشهر على الانتخابات النيابية، وليس في الأفق أي بحث في هذه النقاط الأساسية التي لحظ عناوينها الكبرى اتّفاق الطائف. الحكومة الحالية كما تعلمون هي حكومة أشخاص، أفراد، لا يربطهم في ما بينهم إطلاقاً شيء سوى العلاقات الشخصية. والمجلس النيابي الحالي، كما تعلمون، هو مجلس طائفي، فيه نواب غير طائفيّين بأخلاقهم، بسلوكهم ولكنهم طائفيون بواقعهم التمثيلي.. والمجلس الحالي لا يمكن أن يجمع على خطة إصلاح سياسية واحدة أو لا يمكن أن يجمع أكثرية أعضائه على خطة سياسية إصلاحية واحدة هذا المجلس فيه عشرات الاتجاهات والتكتّلات، والتكتّلات التي يتألّف منها صغيرة، وحجمها صغير جداً، لا يسعها أن تتولّى قيادة مؤثّرة على محمل المجلس النيابي. فنحن الآن في مأزق، سواء من حيث السلطة التنفيذية، أو من حيث السلطة التشريعية في ما يمكن أن نسمّيه الإصلاح السياسي. طبعاً، يعتقد بعض أعضاء الحكومة أنّ العجز في سير العملية الإصلاحية الكبرى هو عدم إعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات مجلس النواب التشريعية ولكن الحقيقة هي غير ذلك. سبب العجز في السّير بعملية إصلاحية كبيرة هو أنّ الحكم في لبنان بوجهيه التنفيذي والتشريعي أفراد أو تكتّلات صغيرة (تقوم حول أشخاص).
هل يمكن أن يخرجنا من هذا الواقع، نظام انتخابي على أساس المحافظات؟ إذا استمر الترشيح في الانتخابات حتى من ضمن المحافظات على صعيد الفردي أو المالي أو الإقطاعي لن يتغيّر شيء. أما إذا نشأت تكتّلات سياسية حزبية أو شبه حزبية، كما هو الحال في كتلة الإنقاذ والتغيير النيابية، إذا أمكن نشوء مثل هذه التجمّعات، عندئذ نكون قد دخلنا فعلاً في مرحلة تطوّر سياسي حقيقي، يمهّد للإصلاح السياسي. بالطبع إذا كان بالإمكان وضع قانون انتخاب يلحظ دائرة واحدة في كل لبنان ويقوم التنافس بين قائمتَيْن كبريَيْن، أو ثلاث قوائم، من الطبيعي بعد دورات عدّة أن تنشأ تكتّلات متجانسة يمكن أن تتطوّر إلى أحزاب. أو تبقى تكتّلات متقاربة فكرياً وسياسياً، تتولّى وضع خطة سياسية طويلة المدى.
ولكن اتّفاق الطائف يحول في نصّه الحالي دون تحويل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة. والآن هو المرشد السياسي في المرحلة المقبلة لا عملنا الوطني. اتّفاق الطائف، إلى سنوات عديدة، سيبقى المرشد السياسي الأساسي في العمل الوطني وفي الحياة السياسية..
إذن كيف يمكن أن ننشئ محافظات تتولّى هي بداية التغيير وبداية قيام تكتّلات حزبية وسياسية مُنسجة؟ التجربة عشناها، بعد الطائف، بيّنت أنّ النصوص التي جاءت في اتّفاق الطائف، ليست ملزمة في التصرّف الفعلي. فكلّنا عاش الانتخابات الماضية، وفيها كل ضروب الدوائر الانتخابية، شبه الفردية والصغرى والوسطى، والكبرى والأكبر، وقد أدّت في النهاية إلى بلبلة سياسية كبيرة ولم تتمكّن من إقامة قوة سياسية منسجة ذات أكثرية كافية، لتتولّى وضع الخطّة الإصلاحية المطلوبة.. الآن، الجدال قائم، كما ذكر الأستاذ قباني، هل يمكن أن توضع دوائر انتخابية غير طائفية كلياً كبيرة كفاية أم سنقع أيضاً في ما يشبه التوزيع الطائفي المغلّف؟! ما يجري في الكواليس هو زيادة عدد المحافظات، وليس إنقاصها لسوء الحظ.. لأنّ السيطرة السياسية الفعلية على مقدرات الحكم لا تزال في أيدي الذين لهم مصلحة في أن لا تقسم الدوائر الانتخابية إلى ثلاث أو أربع بل أن تزاد لكي يبقى لهم سيطرة كافية على عدد منهم. فلنكن واقعيّين ولا نأمل في المدى المنظور تطوّر نظام انتخابي يقرب ممّا نأمل به ونعمل نحن في إطارنا الصغير من أجله.
الأحزاب السياسية التي نشأت حتى الآن فشلت جميعها كما تعلمون، دون محاباة، فشلت إما لأنّها لم تستقطب عدداً كافياً من أبناء الشعب في تنظيماتها، إما لأنّها انجرفت أيام الحرب بالتكتّلات الفاشستية، أو في التكتّلات الطائفية... والآن ما يُطلب من الشعب اللبناني، وخصوصاً من شباب لبنان قيام أحزاب جديدة تتولّى هي على مدى عشرات السنين، نعم أقول عشرات السنين، تطوير الحياة السياسية في لبنان. وهذا أمر لم يبزغ فجره حتى الآن.. كلّنا نسعى من خلال المؤسّسات الثقافية لكي ننشر الأفكار المتقدّمة، لكي ننشر الأفكار الإصلاحية. ولكننا لم ندخل بعد في طور نشوء الحركات الحزبية الجديدة التي لا مجال خارجها من أي تخطيط إصلاحي طويل المدى. هل هنالك أمل في قيام مثل هذه الأحزاب؟ سأتكلم فقط عن المحاولة التي نقوم بها نحن في كتلة الإنقاذ والتغيير النيابية. إنّنا نحن الآن نواة لتكتّل نيابي غير بيروتي، فيه نائب من الشمال ونائب من البقاع.. وهذا التكتّل يسعى إلى زيادة عدد أعضائه وليس إلى إقامة حركة سياسية جديدة. لا يمكن أن تسمّى في المرحلة الأولى حزباً، ولكنها ستقترب أكثر ما يمكن من الحياة الحزبية. وهذا المسعى نأمل أن يكون أو أن يفتح الباب أمام تغيير الحياة السياسية اللبنانية ودفع تكتّلات أخرى أن تقوم وتعمل لإنشاء حركات سياسية أو حزبية جديدة.
إنّ تقدّم الحياة السياسية مرتبط بنجاح مثل هذه المحاولات. ونأمل نحن في كتلة الإنقاذ والتغيير النيابية أن ننجح، رغم أنّ هذا النجاح سيكون عملاً بنّاء بطيئاً، وتأمل الكتلة مع الزمن أن ننجح في إقامة مثل هذا التكتّل السياسي العام الذي سيتعدّى النواب إلى الأوساط الشعبية، ولا سيّما إلى أوساط الشباب. ومن هنا ننادي نحن بتخفيض السنّ الانتخابي إلى سن 18 سنة. لبنان أكثريته العظمى من الشباب. وإذا لم يتأطر هؤلاء، لن يتغيّر المسرح السياسي اللبناني. ولكي يتغيّر، ولكي يشارك هؤلاء الشباب في الحياة السياسية، وفي عملية التغيير، لابدّ من أن يشاركوا في الحياة الانتخابية، أي أن تنخفض سنّ الانتخاب إلى الثماني عشرة وهذا عمل ليس سهلاً، لأنّه يقتضي التغيير النص الدستوري.. السنّ الانتخابية في لبنان موجودة في الدستور ويجب أن تُعدّل لكي يدخل شباب لبنان في المعركة الانتخابية.
هذا التقديم، لما عرضه الأستاذ محمد قبّاني، أريد منه فقط أن يفتح الباب للنقاش بيننا وبين الحضور في القسم الثالث من اللقاء، قسم السؤال والجواب. وهذا ما أتركه لرئيس الجلسة الدكتور ضاهر غندور.
المناقشــــة
جواب من الأستاذ مغيزل حول سؤال عن موقف الكتلة من الحكومة: هل هي معارضة أم موالية؟ فقال:... إنّ الكتلة ليست إطلاقاً كما قيل في هذا النص.. يبدو لي أنّ كاتب هذه الأسطر يتصوّر أنّ المعارضة هي المعاداة وليست تقديم البدائل.. نحن نعارض كما قلنا منذ إنشاء الكتلة، معارضة إيجابية بنّاءة، بمعنى أننا لا نقف بشكل جامد في موقفنا السياسي ضد الحكومة، أحسنت أم أساءت. كما أنّنا ندرك أهمية الاستقرار السياسي في الوقت الحالي الذي تمرّ به البلاد بعد الحرب. والاستقرار السياسي أجاء عن طريقنا نحن في الحكم أو عن طريق أية قوة أخرى؟ مسألة نحن نعمل من أجلها. لذلك تقف تجاه الحكومة الحالية، منحناها الثقة ولا زلنا نمنحها الثقة، لا لأنّنا نوافق على كل ما تفعل ولكن لأنّنا نريد أن تعطي كل المدة اللازمة لتحاول ما وعدت به وفي الوقت نفسه، نوجّه إليها الأسئلة أو الانتقادات، لكي نصحّح ما أمكن من مسارها، وعندما يثبت لنا أنّ هذه الحكومة عاجزة نهائياً عن تنفيذ ما وعدت به، سوف نحدّد عندئذ ما هو الموقف الذي يجب أن تتّخذه، وإن كان أدّى إلى حجب الثقة عنها. موقفنا الآن هو مبني على قاعدتَيْن، كما قلت، المعارضة الإيجابية من جهة، وحاجة البلاد للاستقرار السياسي من جهة ثانية.. لذلك يمكن فهم مواقفنا بكل سهولة إذا علمنا هاتَيْن القاعدتَيْن في عمل كتلة الإنقاذ والتغيير... من جهة أخرى، إنّ من يقرأ الأسئلة التي وجّهناها وقد بلغت حوالي 15 أو 16 سؤالاً، نتناول قضايا أساسية، لا يتناول واحد منها أيّ شأن يشتمّ منه أيّ مصلحة شخصية لأحد من الكتلة. وهذا نمط جديد في عمل المعارضة في لبنان. المعارضة كانت في لبنان تقوم على مبدأ: "زيح حتى أقعد مطرحك" معارضتنا تقوم على تفتيش عن مكامن الضعف في تلبية مصالح البلاد الأساسية، ولفت النظر إليها والمطالبة بتصحيحها عند اللزوم.. وهذا النوع من المعارضة مهمّ لأنّه هو الركن الآخر للإصلاح السياسي الذي نعمل من أجله.
الإصلاح السياسي، كما قلنا، يقوم على أكثرية تحكم وأقليّة تعارض وتسعى بالطرق الديمقراطية السلمية للوصول للحكم. ونحن نبدأ في هذا النمط منذ الآن...
ســـؤال
اليازجي: 1) معرفة المرشّحين 2) ثقافة الشعب 3) هل التيار حالياً في الحكومة أو المعارضة يولّي اهتماماً كافياً لناحية التعليم في لبنان؟ ما هو المخطّط لرفع مستوى الجامعة اللبنانية؟
جــــواب
محمد قباني: أولاً بالنسبة لجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، كيف يمكن كمواطن من صيدا على سبيل المثال أن يختار مرشّحاً من عكار: الجواب بسيط الاختيار في النظام النسبي مع الدائرة الانتخابية الواحدة.
قبانـــي
إنّ السلطة التشريعية، هي سلطة أساسية في أي نظام ديمقراطي برلماني، وقد أصبحت اليوم في لبنان، لا سيما بعد "اتّفاق الطائف" أقوى ممّا كانت عليه في السابق... لقد كان النظام السياسي في لبنان، في الواقع، نظاماً رئاسياً قبل إعلان وثيقة الطائف.. ولم يكن في مطلق الأحوال نظاماً ديمقراطياً برلمانياً بكل ما تحمل الكلمة من معنى... ولعل أدقّ تعبير هو أنّ النظام السياسي أصبح الآن إلى حد كبير نظاماً "مجلسياً"، بمعنى أنّ مجلس النوّاب هو السلطة الأقوى... وهو يستطيع، بعد الطائف، أن يسحب الثقة من الحكومة في أيّ وقت... أما الحكومة فلم تعد باستطاعتها أن تحلّ مجلس النواب إلاّ في حالتَيْن شبه مستحيلتَيْن: أن يردّ مجلس النواب الموازنة برمّتها، أو يمتنع عن الانعقاد خلال دورتَيْن متتاليتَيْن، وكلا الحالتَيْن شبه مستحيل... هذا يعني أنّ المجلس النيابي أصبح في وضع أكثر استقراراً ممّا هي عليه الحكومة.
*... أصبح الآن إذن قانون الانتخابات النيابية أكثر أهمية وأكثر تأثيراً وفعلاً في عملية الإصلاح السياسي: فلا إصلاح سياسي، بدون وضع قانون انتخاب حقيقي وفعلي.
* واعتبر قباني، أنّ في المجلس النيابي الحالي بداية تكوّن مجموعات من النواب تعمل للتغيير وللإصلاح السياسي، بغضّ النظر عن موافقتنا أو عدم موافقتنا الأيديولوجيات السياسية لهذه التكتّلات النيابية... إنّ قانون الانتخابات الأخير، رغم كل الشوائب التي رافقته، إلاّ أنّه فسح مجال، ولو نسب قليلة لوصول نواب تغييريّين، حزبيّين وغير حزبيّين، الحزبيّون مثلاً هم نواب حزب الله والجماعة الإسلامية، ونواب الحزب السوري القومي ونواب كتلة الإنقاذ والتغيير.
*.... سيطرة رئيس الجمهورية على مجلس النواب والحياة السياسية برمّتها، كانت تتمّ عبر قانون الانتخابات النيابية أو البلدية، وتقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة تسمح لهذه السيطرة السياسية.... لقد كان دائماً قانون الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية أداة سيطرة بِيَد رئيس الجمهورية على المجلس النيابي وبالتالي على اللعبة السياسية، لأنّه من خلال هذه السيطرة على المجلس وباحتفاظه بالتالي بالأكثرية النيابية، كان يتحكّم بالحكومات اختياراً وبقاءاً وإسقاطاً.
* هناك إذن أمران أساسيان في عملية التحكّم بنتيجة الانتخابات النيابية من خلال قانون الانتخاب: أولاً، هناك تقسيم الدوائر الانتخابية، وهذا هو الأهم. وهناك ثانياً النظام الانتخابي نفسه وآليته..
* هناك اتّفاق على أنه لا إصلاح سياسي بدون وضع قانون انتخاب نيابي عصري يؤمّن أمرَيْن متكاملَيْن: الأمر الأول فسح المجال لوصول نوعية جديدة من النواب تغييريّين أولاً ولا طائفيّين ثانياً.. والأمر الثاني وهو الانتقال من العمل السياسي الفردي الذي طبع حياتنا السياسية والنيابية حتى اليوم، إلى العمل السياسي الحزبي...
لقد كان العمل السياسي الحزبي، بمعظمه يدور خارج الندوة النيابية أما داخل المجلس، فقد كان النواب أفراداً يلتفّون حول زعماء الإقطاع السياسي أو الزعامات الطائفية والمناطقية.. والنواب كانوا أشبه بالمخاتير يؤدّون خدمات مصلحيّة شخصية ونفعيّة.. فالمطلوب إذن الانتقال إلى نمط جديد من العمل السياسي، داخل المجلس النيابي وخارجه، هي التي تُحرّك وتُخطّط وتُحاسب.
* محطّة مهمّة اتفاقيّة الطائف... ولكنها لم تتطرّق إلى الآلية التفصيليّة، للانتخاب، وإنّما حدّدت أمراً مهماً وهو: 1) أنّ الدائرة الانتخابية يجب أن تكون على أساس المحافظة، 2) وأن تكون كبيرة الرقعة الجغرافية، 3) وأن تكون متنوّعة الوجود البشري، الطائفي والمذهبي، بمعنى أن تكون مختلطة طائفياً.. وهذا ما نصّ عليه اتّفاق الطائف أصبح جزءاً من الدستور، بشكل أرضية مهمّة جداً يجب أن نتمسّك بها كي ننطلق إلى النظام الانتخابي الأفضل.
* يرى محمد قباني أنه كلّما اتّسعت الدائرة الانتخابية وكَبُرت، استطاعت العملية الانتخابية أن تتغلّب على عنصر المال، وعلى عنصر الفردية والخدمات الشخصية وأن تؤمّن وصول نوعية جديدة من الذين يمكن أن نسمّيهم "رجال دولة".. ويعلن قباني اختياره الأخير واختيار الكتلة النيابية التي ينتمي إليها هو أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة وأن يعتمد النظام الانتخابي النسبي.. ولكن في الظروف الراهنة دعوتنا وتأكيدنا على أن تقسّم الدوائر الانتخابية، انطلاقاً مما هو موجود، على أساس الدوائر الأكبر مساحة والأقل عدداً، إلى أن تصبح ثلاث دوائر أو اثنتين أو أخيراً دائرة انتخابية واحدة وخيارنا الأخير الذي ندعو إليه هو أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة وتعتمد النظام الانتخابي النسبي وأن تلغى الطائفية، وحتى نصل إلى ذلك يمكن أن نتّبع الخطوات التدريجيّة التي تمهّد لذلك وذلك باتساع رقعة الدائرة الانتخابية والتقليل من عدد الدوائر الانتخابية إلى دائرتَيْن أو ثلاثة...
مداخلــــة مغيـــزل
* العلاقة بين العملية الانتخابية ووجود النظام السياسي المطلوب وإذا كان قد فشل قانون الانتخاب، أو القوانين الانتخابية المعمول بها في لبنان منذ عام 1943، في خلق نظام سياسي يرضي حاجات الشعب، فلذلك لأنّ هذه القوانين الانتخابية المتتالية لم تقم حتى الآن على أساس الأحزاب السياسية.. فلا إصلاح سياسي، دون خطة سياسية، ودون رؤية سياسية. ولا رؤية سياسية دون قوة سياسية كبرى تستلم الحكم وقوة سياسية أخرى تعارض الحكم...
الأنظمة الائتلافية التي مارسناها في الحكم حتى الآن، حالت دون قيام رؤية سياسية وحالت أيضاً دون وضع خطة سياسية متكاملة للإصلاح السياسي.
* وبعد عرض حسنات وسيّئات نظام الانتخاب الأكثري والنظام الانتخابي النسبي فالحكم الذي لا يقوم على أكثرية كبيرة، لا يمكن أن يستقر ولا يمكن أن يخطّط أو أن ينفّذ سياسة طويلة النفس. إنّ النظام الانتخابي النسبي، لا شك في أنه يسمح بأن يتمثّل في المجلس النيابي معظم التيّارات الصغيرة والوسطى والكبرى.... ولكنه يفتح الباب أمام تفتّت القوى السياسية، ويوقع الكَم بتوازنات الائتلاف التي قد لا تسمح بدورها بالاستقرار السياسي طويل الأمد وبالتالي بالتخطيط وبتنفيذ سياسة عامة..
* وإذا كنّا نحن في لبنان لم نصل إلى الاستقرار السياسي، رغم ممارستنا للنظام الأكثري، فيعود ذلك لسبب رئيسي وهو فقدان الأحزاب السياسية وعدم وجودها داخل المجلس النيابي واعتماد التمثيل الطائفي.. فلا يمكن أن ينجح أيّ نظام انتخابي مع وجود التمثيل الطائفي كما هو الحال في لبنان وربط العملية الانتخابية بالمواطنين، بعيداً عن القيود الطائفية، شرط من شروط قيام الأحزاب، وقيام أكثر تحكم وأقلية تعارض.
* حالة الحكم عندنا هي حكم الأفراد.. يلتقون عرضاً على اتفاقيّات، معظمها مصلحي، لا تؤدّي إلى وضع خطط سياسية أو إلى تنفيذ أعمال إصلاحيّة، في مختلف حقول الحياة الوطنية.
* لقد لحظ اتّفاق الطائف إمكانية انتخاب مجلس نواب غير طائفي، بعد مرحلة الانتخاب الأولى، وقيام المجل